أردنيون متورطون مع الجلبي
أردنيون متورطون مع الجلبي
غزة-دنيا الوطن
القلق الذي يعتري الحكومة الأردنية من الدعوى التي اقامها أحمد الجلبي على الأردن امام محكمة أمريكية يستدعي حوارا من طراز خاص مع الدكتور جمال الضمور الذي شغل منصب المدعي العام في محكمة أمن الدولة في حينه، والذي كشف الخيط الأول في قضية الجلبي وبنك البتراء، وتولى جانبا من التحقيق فيها، ويشغل الآن رئيس لجنة الحريات العامة في مجلس النواب الأردني. القلق الحكومي يتجلى في اجراءات اتخذت لحصر الاتهامات التي وجهت للجلبي، والإدانات التي صدرت بحقه، والتحسب من احتمال أن تفتح دعواه ملفات ظلت مغلقة حتى الآن، وتطول شخصيات مازالت نافذة، لم تحل في حينه إلى التحقيق أو القضاء..!
ويؤكد الضمور صحة كل ما سبق، كاشفاً في ذات الآن أنه تعرض في حينه إلى ضغوط من قبل اصحاب القرار في حينه، بشأن هذه القضية، وغيرها من قضايا الفساد، ما دعاه إلى تقديم استقالته من وظيفته.
تم كشف الخيط الأول في هذه القضية صدفة، فكان أن طلب من الضمور عدم السير فيها لأسباب يصفها بأنها واهية. غير أنه بعد أن خلف مضر بدران سلفه زيد الرفاعي في رئاسة الوزراء قرر المضي قدما في فتح هذا الملف وغيره من ملفات الفساد.
لكن الضمور لا يكشف هنا كل شيء. فهو يؤكد وجود متورطين آخرين في قضية أحمد الجلبي كانوا نافذين، وتولوا تسهيل تهريبه إلى خارج الأردن، لكنه يصمت لدى توجيه اسئلة أخرى اليه، مكتفيا بالقول إن في فمه ماء. وحين نلح عليه بالأسئلة لا يتردد في القول إنه دفع الثمن سابقا، ولا يريد أن يكشف المزيد من قضايا واسرار هذه القضية، قائلا ليكشفها غيري. بل إنه يرفض أن يذكر الثمن الذي دفعه جراء دوره في اثارة أخطر قضايا الفساد المالي في الأردن، التي لا تزال سرا.. بل لغزا من الألغاز.
بدأنا الحوار بالسؤال:
< ما تقييمك للقضية التي رفعها أحمد الجلبي ضد الأردن امام محكمة أمريكية..؟ وما انتاجية هذه القضية..؟
- اولا هذه القضية ليست من اختصاص القضاء الأمريكي.
< لماذا..؟
- يوجد في القانون الدولي الخاص شيء اسمه الاختصاص، الذي يتعلق بالمكان والأشخاص. مكان البنك (البتراء) موضوع هذه القضية هو الأردن، والأشخاص المرفوعة عليهم الدعوى مكانهم أيضا هو الأردن. وبالتالي يجب أن ترد هذه القضية شكلا لعدم الاختصاص من حيث المكان والزمان والأشخاص.
< هذا ما تقوله قواعد القانون الدولي الخاص، ولكن ما الذي يقوله القانون الأمريكي في هذا الخصوص..؟
- القانون الأمريكي غير مختص. لا يدخل في اختصاص القانون الأمريكي الأشخاص الداخلون في قضايا تجارية، إن لم تكن تمت على الأراضي الأمريكية.
< هل يوجد نص في القانون الأمريكي من هذا القبيل..؟
- نعم.. نعم.
< لكن، مع ذلك، توجد تخوفات لدى الحكومة الأردنية من أن القضاء الأمريكي قد يقبل النظر في دعوى الجلبي. على ماذا تبنى هذه التخوفات..؟
- لا أعلم. قد تكون مبنية على عدم فهم القانون الأمريكي.
< ما هي الملفات التي قد تفتحها هذه القضية، ذلك أن الحكومة اتخذت اجراءات لجهة اعادة حصر التهم التي وجهت للجلبي والإدانات التي صدرت بحقه..؟
- أنا استخدم الآن مصطلح الحق للقوة، وليست القوة للحق. وبالتالي، فإنه لا يوجد لدى الولايات المتحدة ضوابط.
من حيث المبدأ هذه الدعوى تقع خارج النصوص القانونية والدستورية التي تحكم العلاقة بين الدولة والشعوب. موضوع الجلبي يختص فيه القانون الأردني جملة وتفصيلاً.. اشخاصه ومكانه والعمليات التي تمت في اطاره.
< لقد انتهينا من هذه المسألة، لكنه بالرغم من ذلك، فإن لدى الحكومة الأردنية مخاوف..؟
- الحكومة الأردنية معنية، ذلك أن القضاء الأمريكي قد يقرر النظر في دعوى الجلبي رغم عدم اختصاصه. لذلك، فإن الحكومة الأردنية يجب أن تحضر جميع ملفاتها ودفاعها في هذا الخصوص.
< الحكومة الأردنية تحضر دفاعها في ضوء مخاوف من أن يؤدي النظر في هذه القضية إلى فتح ملفات مغلقة. ما هي هذه الملفات المغلقة..؟
- قد.. قد يتطرق الجلبي لذكر اشخاص لم يتم ذكرهم في التحقيقات التي جرت في الأردن.
< مثل من..؟
- لا استطيع أن اذكر لك. وقد يتطرق إلى اشخاص وشركات، وقد يتطرق إلى ذكر أسماء متورطين معه لم يتم الكشف عنهم في السابق.
< أنت كنت المدعي العام في هذه القضية..
- أنا كنت المدعي العام خلال العام الأول، غير أن التحقيقات التي اجريتها انحصرت مع شخص واحد.
< من هو..؟
- حسن عبدالعزيز، وذلك بتاريخ 1987/9/23.
< لماذا حصرت مهامك في التحقيق فقط مع هذا المتهم..؟
- لأنني أول من فتح ملف بنك البتراء.
< كيف..؟
- كنت أحقق في قضية أخرى ، وذكرت بشكل عرضي قضية فرعية عن بنك الاستثمار الإسلامي، فاستدعيت شخصا للتحقيق معه في تلك القضية، فإذا به يفتح قضية بنك البتراء حين تحدث عن 22 حالة ما بين اختلاس وتبديد اموال.
< من هنا كانت قضية بنك البتراء..؟
- هذه كانت البداية، أو لنقل الشرارة.
< هل تعرضت في حينه إلى ضغوط..؟
- استطيع أن أقول لك نعم.
< من الذي مارس الضغط عليك..؟
- اصحاب القرار في ذلك الوقت. الضغوط كانت تنطلق من وجوب اغلاق الملف لأن هذا ليس وقته، وأننا غير معنيين بهذه القضية، وكنت يومها مدعيا عاما في محكمة أمن الدولة.. مدعي عام عرفي.. كانت الحجج واهية.
< ما هي الاستخلاصات التي خلصت إليها من هذه الضغوط..؟ ماذا فهمت..؟
- لقد فهمت الكثير.
< ومن بين هذا الكثير..؟
- ستكشفه سطور وبينات الجلبي، إن كانت لديه بينات.
< هذا كلام خطير..؟
- نعم.
< في تقديرك إذن أن الجلبي لم يكن المتهم الوحيد في تلك القضية..؟
- الجلبي وجد تسهيلات وحصل على امتيازات حركية لم تعط لأحد.
< ما السبب..؟
- لأنه كان في حينه يوجد شخص قوي اسمه أحمد الجلبي.
< ما مصدر قوته..؟
- مصدر قوته يعلمه الجلبي نفسه.
< أنت ما تقديرك..؟
- اللبيب بالإشارة يفهم.
< هل كان مصدر قوته اسباب سياسية أم تعاملات مالية..؟
- الاثنان معا.
< التعاملات المالية بإمكاننا أن نخمنها، أما الأسباب السياسية، فهل كانت متصلة باتفاقات تتعلق بالمستقبل السياسي للعراق.
- لا. لا ..الجلبي كان في الأردن أقوى من رئيس الوزراء.
< جراء علاقاته السياسية والمالية..؟
- جراء هذا، وكذلك نفوذه واستغلال علاقاته السياسية واشخاص كان يستخدمهم من أجل مصالحه ومآربه.
< من كان رئيس الوزراء حين تكشفت قضية الجلبي..؟
- زيد الرفاعي.
< الأحكام التي صدرت بحق الجلبي هل كانت كلها صحيحة، أم أنه يوجد قولان بشأنها..؟
- من حيث القانون صحيحة.
< ما الذي يؤكد صحة الاتهامات، أو لنقل صحة التجريم..؟
- الأوراق التي عثرت عليها لجان التحقيق، ولجان تصفية البنك.
< هل كانت هناك تفاصيل غامضة في قضية الجلبي أثناء المحاكمة..؟
- لم تكن هناك تفاصيل غامضة. لقد شاركت في هذه القضية كمدع عام، ثم كمحام.
< بعد أن كنت مدعيا عاماً خرجت في الخدمة واصبحت محاميا في ذات القضية..؟
- لا. لقد أصبحت محاميا بعد ثلاث سنوات، لأنني قدمت استقالتي.
< لماذا استقلت.
- في فمي ماء..!
< هل تخرجه..؟
- لقد بلعته.
< سأنشر هذا الكلام حرفيا..؟
- انشره.
< ألا تريد أن تتكلم..؟
- لا.
< هل تتعلق اسباب استقالتك بقضية الجلبي..؟
- ليس وحدها. مثلت قضية الجلبي أحد اسباب الاستقالة.
< كانت هناك قضايا أخرى إذاً..؟
- نعم.
< إذا هنالك متورطون في قضية الجلبي لم يحاكموا..؟
- تقريباً.
< ما عددهم..؟ لا نريد الأسماء..
- لا استطيع..
< لا نريد الأسماء.. فقط الأرقام..؟
- لا استطيع، قد تخونني الذاكرة.
< يعني 2، 3، 4، 5.. هكذا..؟
- والله، يعلمهم الجلبي علم اليقين.
< ألم يعلمهم القضاء الأردني..؟
- يعني.. لم يقدموا للقضاء. القضاء يعلم ما يقدم إليه.
< عمن ترافعت أنت في هذه القضية..؟
- ترافعت عن المرحوم زعيم البرغوثي.
< ماذا كانت قضيته، أو التهمة التي وجهت إليه..؟
- كان متهما وحصل على براءة، وكنت محاميا كذلك عن شخص آخر من آل طهبوب، نسيت اسمه
الأول.
< الأشخاص الذين هربوا الجلبي إلى خارج الأردن، هل هم انفسهم الذين تورطوا في القضية ولم يحاكموا فيها..؟
- هم من المتنفذين الذين كانت تربطهم بالجلبي مصالح مشتركة.
< ولا بد أن يكون هؤلاء من ذوي النفوذ..؟
- بالتأكيد.
< هل طالبت في حينه (اثناء النظر في القضية) بالتحقيق في هذه المسألة..؟
- طالبت كثيرا، لكنني في فمي ماء بلعته. ليكشف غيري. أنا اكتفيت بما قمت به في ذلك الوقت، ودفعت ثمنه.
< ما الثمن الذي دفعته..؟
- دفعت ثمنه.. لا أريد أن اتحدث الآن. لقد لملمت جراحاتي.
< لتحدثنا فقط عن الثمن الذي دفعته..؟
- دفعت الثمن.. دفعت الثمن..!
< هل كان من دور لعبه عبدالكريم الكباريتي في هذه القضية، حيث كان نائبا لمدير عام البنك..؟
- لا.
< على الإطلاق..؟
- اطلاقاً.
< لماذا يتهم الجلبي الآن كلا من مضر بدران والدكتور محمد سعيد النابلسي بالذات في القضية التي يرفعها في أمريكا، بأنهما سعيا إلى تشويه صورته..؟
- مضر بدران هو الرجل الجريء الذي أصر على فتح ملف الجلبي، وكان يعتقد أنني سأتابع التحقيق في القضية، لكنه فوجىء بأنني كنت قد تقدمت باستقالتي. وأنا اعتبر مضر بدران الشخصية الأردنية الوطنية المخلصة لقيادته ووطنه وأمته وشعبه.
< وماذا عن النابلسي..؟
- النابلسي أيضا رجل شريف ونظيف وطاهر. وانا الذي نورت الدكتور محمد سعيد النابلسي عندما طلب مني المغفور له الأمير زيد بن شاكر أن اقابله وأن أنوره حول قضية بنك البتراء، وكان قراره صائبا وجريئا.
د. محمد سعيد النابلسي، ومضر بدران لاحقاً هما اللذان قررا فتح ملف بنك البتراء والتحقيق في قضيته، واستبعاد الجلبي من الساحة المصرفية.
< قلت إن زيد الرفاعي كان رئيس الحكومة لدى فتح ملف هذه القضية..؟
- نعم.. حين تم الكشف عن وجود تجاوزات في بنك البتراء كان زيد الرفاعي رئيسا للوزراء.
< من الذي خلف الرفاعي..؟
- مضر بدران، وهو الذي حرك القضية، واعطاها قوة دفع.
< هل استمر النظر في هذه القضية بقوة الدفع الذاتي الناجم عن قرار مضر بدران، أم أنها تلقت دفعة جديدة من حكومة الأمير زيد بن شاكر..؟
- حين فتح ملف هذه القضية كان المرحوم الأمير زيد بن شاكر رئيسا للأركان.
< هل كان له دور في هذه القضية بأي شكل من الأشكال..؟
- لم يكن يتدخل في البنوك. الفضل، وأضع تحتها خطان حمراوان، الفضل في احالة هذه القضية إلى القضاء وتشكيل لجان تصفية وتحقيق يعود لمضر بدران ومحمد سعيد النابلسي. كانا بطلان دافعا دفاعا مستميتا عن موقفهما حيال الجلبي، ووجوب احالته وكامل الملف للتحقيق.
حقيقة أنه في عهد حكومة مضر بدران كان هناك تصد للفساد بشكل قوي جداً، ولدي شواهد على ذلك من خلال عملي كمدع عام احيلت إلي عدة قضايا منها قضايا ضريبة الدخل، والبندورة، وبنك الأردن والخليج.. ومجموعة من المؤسسات المالية. كان بدران صارما كحد السيف في التصدي لقضايا الفساد. واستطيع القول أنه هو من وضع البنية التحتية لمكافحة الفساد في الأردن.
< كم مرة زار أحمد الجلبي الأردن بعد أن هرب منه..؟!
- لا علم لي بذالك.
< ألم تسمع مطلقاً أنه زار الأردن.
- لا علم لي بذلك.
*شاكر الجوهري-الشرق القطرية
غزة-دنيا الوطن
القلق الذي يعتري الحكومة الأردنية من الدعوى التي اقامها أحمد الجلبي على الأردن امام محكمة أمريكية يستدعي حوارا من طراز خاص مع الدكتور جمال الضمور الذي شغل منصب المدعي العام في محكمة أمن الدولة في حينه، والذي كشف الخيط الأول في قضية الجلبي وبنك البتراء، وتولى جانبا من التحقيق فيها، ويشغل الآن رئيس لجنة الحريات العامة في مجلس النواب الأردني. القلق الحكومي يتجلى في اجراءات اتخذت لحصر الاتهامات التي وجهت للجلبي، والإدانات التي صدرت بحقه، والتحسب من احتمال أن تفتح دعواه ملفات ظلت مغلقة حتى الآن، وتطول شخصيات مازالت نافذة، لم تحل في حينه إلى التحقيق أو القضاء..!
ويؤكد الضمور صحة كل ما سبق، كاشفاً في ذات الآن أنه تعرض في حينه إلى ضغوط من قبل اصحاب القرار في حينه، بشأن هذه القضية، وغيرها من قضايا الفساد، ما دعاه إلى تقديم استقالته من وظيفته.
تم كشف الخيط الأول في هذه القضية صدفة، فكان أن طلب من الضمور عدم السير فيها لأسباب يصفها بأنها واهية. غير أنه بعد أن خلف مضر بدران سلفه زيد الرفاعي في رئاسة الوزراء قرر المضي قدما في فتح هذا الملف وغيره من ملفات الفساد.
لكن الضمور لا يكشف هنا كل شيء. فهو يؤكد وجود متورطين آخرين في قضية أحمد الجلبي كانوا نافذين، وتولوا تسهيل تهريبه إلى خارج الأردن، لكنه يصمت لدى توجيه اسئلة أخرى اليه، مكتفيا بالقول إن في فمه ماء. وحين نلح عليه بالأسئلة لا يتردد في القول إنه دفع الثمن سابقا، ولا يريد أن يكشف المزيد من قضايا واسرار هذه القضية، قائلا ليكشفها غيري. بل إنه يرفض أن يذكر الثمن الذي دفعه جراء دوره في اثارة أخطر قضايا الفساد المالي في الأردن، التي لا تزال سرا.. بل لغزا من الألغاز.
بدأنا الحوار بالسؤال:
< ما تقييمك للقضية التي رفعها أحمد الجلبي ضد الأردن امام محكمة أمريكية..؟ وما انتاجية هذه القضية..؟
- اولا هذه القضية ليست من اختصاص القضاء الأمريكي.
< لماذا..؟
- يوجد في القانون الدولي الخاص شيء اسمه الاختصاص، الذي يتعلق بالمكان والأشخاص. مكان البنك (البتراء) موضوع هذه القضية هو الأردن، والأشخاص المرفوعة عليهم الدعوى مكانهم أيضا هو الأردن. وبالتالي يجب أن ترد هذه القضية شكلا لعدم الاختصاص من حيث المكان والزمان والأشخاص.
< هذا ما تقوله قواعد القانون الدولي الخاص، ولكن ما الذي يقوله القانون الأمريكي في هذا الخصوص..؟
- القانون الأمريكي غير مختص. لا يدخل في اختصاص القانون الأمريكي الأشخاص الداخلون في قضايا تجارية، إن لم تكن تمت على الأراضي الأمريكية.
< هل يوجد نص في القانون الأمريكي من هذا القبيل..؟
- نعم.. نعم.
< لكن، مع ذلك، توجد تخوفات لدى الحكومة الأردنية من أن القضاء الأمريكي قد يقبل النظر في دعوى الجلبي. على ماذا تبنى هذه التخوفات..؟
- لا أعلم. قد تكون مبنية على عدم فهم القانون الأمريكي.
< ما هي الملفات التي قد تفتحها هذه القضية، ذلك أن الحكومة اتخذت اجراءات لجهة اعادة حصر التهم التي وجهت للجلبي والإدانات التي صدرت بحقه..؟
- أنا استخدم الآن مصطلح الحق للقوة، وليست القوة للحق. وبالتالي، فإنه لا يوجد لدى الولايات المتحدة ضوابط.
من حيث المبدأ هذه الدعوى تقع خارج النصوص القانونية والدستورية التي تحكم العلاقة بين الدولة والشعوب. موضوع الجلبي يختص فيه القانون الأردني جملة وتفصيلاً.. اشخاصه ومكانه والعمليات التي تمت في اطاره.
< لقد انتهينا من هذه المسألة، لكنه بالرغم من ذلك، فإن لدى الحكومة الأردنية مخاوف..؟
- الحكومة الأردنية معنية، ذلك أن القضاء الأمريكي قد يقرر النظر في دعوى الجلبي رغم عدم اختصاصه. لذلك، فإن الحكومة الأردنية يجب أن تحضر جميع ملفاتها ودفاعها في هذا الخصوص.
< الحكومة الأردنية تحضر دفاعها في ضوء مخاوف من أن يؤدي النظر في هذه القضية إلى فتح ملفات مغلقة. ما هي هذه الملفات المغلقة..؟
- قد.. قد يتطرق الجلبي لذكر اشخاص لم يتم ذكرهم في التحقيقات التي جرت في الأردن.
< مثل من..؟
- لا استطيع أن اذكر لك. وقد يتطرق إلى اشخاص وشركات، وقد يتطرق إلى ذكر أسماء متورطين معه لم يتم الكشف عنهم في السابق.
< أنت كنت المدعي العام في هذه القضية..
- أنا كنت المدعي العام خلال العام الأول، غير أن التحقيقات التي اجريتها انحصرت مع شخص واحد.
< من هو..؟
- حسن عبدالعزيز، وذلك بتاريخ 1987/9/23.
< لماذا حصرت مهامك في التحقيق فقط مع هذا المتهم..؟
- لأنني أول من فتح ملف بنك البتراء.
< كيف..؟
- كنت أحقق في قضية أخرى ، وذكرت بشكل عرضي قضية فرعية عن بنك الاستثمار الإسلامي، فاستدعيت شخصا للتحقيق معه في تلك القضية، فإذا به يفتح قضية بنك البتراء حين تحدث عن 22 حالة ما بين اختلاس وتبديد اموال.
< من هنا كانت قضية بنك البتراء..؟
- هذه كانت البداية، أو لنقل الشرارة.
< هل تعرضت في حينه إلى ضغوط..؟
- استطيع أن أقول لك نعم.
< من الذي مارس الضغط عليك..؟
- اصحاب القرار في ذلك الوقت. الضغوط كانت تنطلق من وجوب اغلاق الملف لأن هذا ليس وقته، وأننا غير معنيين بهذه القضية، وكنت يومها مدعيا عاما في محكمة أمن الدولة.. مدعي عام عرفي.. كانت الحجج واهية.
< ما هي الاستخلاصات التي خلصت إليها من هذه الضغوط..؟ ماذا فهمت..؟
- لقد فهمت الكثير.
< ومن بين هذا الكثير..؟
- ستكشفه سطور وبينات الجلبي، إن كانت لديه بينات.
< هذا كلام خطير..؟
- نعم.
< في تقديرك إذن أن الجلبي لم يكن المتهم الوحيد في تلك القضية..؟
- الجلبي وجد تسهيلات وحصل على امتيازات حركية لم تعط لأحد.
< ما السبب..؟
- لأنه كان في حينه يوجد شخص قوي اسمه أحمد الجلبي.
< ما مصدر قوته..؟
- مصدر قوته يعلمه الجلبي نفسه.
< أنت ما تقديرك..؟
- اللبيب بالإشارة يفهم.
< هل كان مصدر قوته اسباب سياسية أم تعاملات مالية..؟
- الاثنان معا.
< التعاملات المالية بإمكاننا أن نخمنها، أما الأسباب السياسية، فهل كانت متصلة باتفاقات تتعلق بالمستقبل السياسي للعراق.
- لا. لا ..الجلبي كان في الأردن أقوى من رئيس الوزراء.
< جراء علاقاته السياسية والمالية..؟
- جراء هذا، وكذلك نفوذه واستغلال علاقاته السياسية واشخاص كان يستخدمهم من أجل مصالحه ومآربه.
< من كان رئيس الوزراء حين تكشفت قضية الجلبي..؟
- زيد الرفاعي.
< الأحكام التي صدرت بحق الجلبي هل كانت كلها صحيحة، أم أنه يوجد قولان بشأنها..؟
- من حيث القانون صحيحة.
< ما الذي يؤكد صحة الاتهامات، أو لنقل صحة التجريم..؟
- الأوراق التي عثرت عليها لجان التحقيق، ولجان تصفية البنك.
< هل كانت هناك تفاصيل غامضة في قضية الجلبي أثناء المحاكمة..؟
- لم تكن هناك تفاصيل غامضة. لقد شاركت في هذه القضية كمدع عام، ثم كمحام.
< بعد أن كنت مدعيا عاماً خرجت في الخدمة واصبحت محاميا في ذات القضية..؟
- لا. لقد أصبحت محاميا بعد ثلاث سنوات، لأنني قدمت استقالتي.
< لماذا استقلت.
- في فمي ماء..!
< هل تخرجه..؟
- لقد بلعته.
< سأنشر هذا الكلام حرفيا..؟
- انشره.
< ألا تريد أن تتكلم..؟
- لا.
< هل تتعلق اسباب استقالتك بقضية الجلبي..؟
- ليس وحدها. مثلت قضية الجلبي أحد اسباب الاستقالة.
< كانت هناك قضايا أخرى إذاً..؟
- نعم.
< إذا هنالك متورطون في قضية الجلبي لم يحاكموا..؟
- تقريباً.
< ما عددهم..؟ لا نريد الأسماء..
- لا استطيع..
< لا نريد الأسماء.. فقط الأرقام..؟
- لا استطيع، قد تخونني الذاكرة.
< يعني 2، 3، 4، 5.. هكذا..؟
- والله، يعلمهم الجلبي علم اليقين.
< ألم يعلمهم القضاء الأردني..؟
- يعني.. لم يقدموا للقضاء. القضاء يعلم ما يقدم إليه.
< عمن ترافعت أنت في هذه القضية..؟
- ترافعت عن المرحوم زعيم البرغوثي.
< ماذا كانت قضيته، أو التهمة التي وجهت إليه..؟
- كان متهما وحصل على براءة، وكنت محاميا كذلك عن شخص آخر من آل طهبوب، نسيت اسمه
الأول.
< الأشخاص الذين هربوا الجلبي إلى خارج الأردن، هل هم انفسهم الذين تورطوا في القضية ولم يحاكموا فيها..؟
- هم من المتنفذين الذين كانت تربطهم بالجلبي مصالح مشتركة.
< ولا بد أن يكون هؤلاء من ذوي النفوذ..؟
- بالتأكيد.
< هل طالبت في حينه (اثناء النظر في القضية) بالتحقيق في هذه المسألة..؟
- طالبت كثيرا، لكنني في فمي ماء بلعته. ليكشف غيري. أنا اكتفيت بما قمت به في ذلك الوقت، ودفعت ثمنه.
< ما الثمن الذي دفعته..؟
- دفعت ثمنه.. لا أريد أن اتحدث الآن. لقد لملمت جراحاتي.
< لتحدثنا فقط عن الثمن الذي دفعته..؟
- دفعت الثمن.. دفعت الثمن..!
< هل كان من دور لعبه عبدالكريم الكباريتي في هذه القضية، حيث كان نائبا لمدير عام البنك..؟
- لا.
< على الإطلاق..؟
- اطلاقاً.
< لماذا يتهم الجلبي الآن كلا من مضر بدران والدكتور محمد سعيد النابلسي بالذات في القضية التي يرفعها في أمريكا، بأنهما سعيا إلى تشويه صورته..؟
- مضر بدران هو الرجل الجريء الذي أصر على فتح ملف الجلبي، وكان يعتقد أنني سأتابع التحقيق في القضية، لكنه فوجىء بأنني كنت قد تقدمت باستقالتي. وأنا اعتبر مضر بدران الشخصية الأردنية الوطنية المخلصة لقيادته ووطنه وأمته وشعبه.
< وماذا عن النابلسي..؟
- النابلسي أيضا رجل شريف ونظيف وطاهر. وانا الذي نورت الدكتور محمد سعيد النابلسي عندما طلب مني المغفور له الأمير زيد بن شاكر أن اقابله وأن أنوره حول قضية بنك البتراء، وكان قراره صائبا وجريئا.
د. محمد سعيد النابلسي، ومضر بدران لاحقاً هما اللذان قررا فتح ملف بنك البتراء والتحقيق في قضيته، واستبعاد الجلبي من الساحة المصرفية.
< قلت إن زيد الرفاعي كان رئيس الحكومة لدى فتح ملف هذه القضية..؟
- نعم.. حين تم الكشف عن وجود تجاوزات في بنك البتراء كان زيد الرفاعي رئيسا للوزراء.
< من الذي خلف الرفاعي..؟
- مضر بدران، وهو الذي حرك القضية، واعطاها قوة دفع.
< هل استمر النظر في هذه القضية بقوة الدفع الذاتي الناجم عن قرار مضر بدران، أم أنها تلقت دفعة جديدة من حكومة الأمير زيد بن شاكر..؟
- حين فتح ملف هذه القضية كان المرحوم الأمير زيد بن شاكر رئيسا للأركان.
< هل كان له دور في هذه القضية بأي شكل من الأشكال..؟
- لم يكن يتدخل في البنوك. الفضل، وأضع تحتها خطان حمراوان، الفضل في احالة هذه القضية إلى القضاء وتشكيل لجان تصفية وتحقيق يعود لمضر بدران ومحمد سعيد النابلسي. كانا بطلان دافعا دفاعا مستميتا عن موقفهما حيال الجلبي، ووجوب احالته وكامل الملف للتحقيق.
حقيقة أنه في عهد حكومة مضر بدران كان هناك تصد للفساد بشكل قوي جداً، ولدي شواهد على ذلك من خلال عملي كمدع عام احيلت إلي عدة قضايا منها قضايا ضريبة الدخل، والبندورة، وبنك الأردن والخليج.. ومجموعة من المؤسسات المالية. كان بدران صارما كحد السيف في التصدي لقضايا الفساد. واستطيع القول أنه هو من وضع البنية التحتية لمكافحة الفساد في الأردن.
< كم مرة زار أحمد الجلبي الأردن بعد أن هرب منه..؟!
- لا علم لي بذالك.
< ألم تسمع مطلقاً أنه زار الأردن.
- لا علم لي بذلك.
*شاكر الجوهري-الشرق القطرية
التعليقات