تحية إلى دنيا الوطن بقلم: زكريا شاهين مدير اذاعة القدس سابقا

تحية إلى دنيا الوطن

بقلم: زكريا شاهين مدير اذاعة القدس سابقا

كثيرة هي المواقع التي تتابع تفاصيل النضال الذي يتبلور في سجون الاحتلال، كجزء من النضال الشامل للشعب الفلسطيني،لكن الفرق في الأمر، أن هنالك مواقع كالقابض على الجمر، نذرت نفسها كجزء من النضال العام ضد الاحتلال الصهيوني.من هذه المواقع، ما نراه في موقع" دنيا الوطن"، الذي يطل علينا في كل ساعة، بجديد التفاصيل ، وبنخبة من الكتاب الذين يستحقون الاحترام. تميز هذا الموقع، يضعه دائما تحت المجهر، فلطالما عانى العاملون فيه، خاصة المشرف الأستاذ عبدالله عيسى، من الكثير من المضايقات التي وصلت إلى حد التهديد بالقتل، ومع ذلك، ظل متمسكا لا يلين، " دنيا الوطن"، الموقع الذي يشارك وبكل فعالية مع حركة" الامعاء الخاوية"، يتابعها، يشخص أبعادها، يصحح توجهات الذين يحاولون المساس بقدسيتها.

آخر جديد الموقع:ربما كانت الفنانة المصرية فردوس عبد الحميد تحتفظ بمعنويات أعلى وهي تتحدث هاتفياً مع المتواجدين في إحدى خيام "الاعتصام " في الضفة الفلسطينية متضامنة مع إضراب المعتقلين في السجون الإسرائيلية والمعتقلين في وطنهم، وهكذا وصلنا مع صوتها صوت أغلبية المثقفين العرب في مصر والعراق وباقي أقطار الشتات.لكن وزير الثقافة الفلسطيني الذي كان في زيارة خاطفة لتلك الخيمة لم يبق على صمته وهو يظهر أمام الكاميرا ببدلته الرسمية اللامعة وربطة عنقه فنطق(وليته لم يفعل) من قبيل المجاملة لمصر ولفردوس عبد الحميد ليحدد- وهو وزير الثقافة! سقف المضربين عن الطعام بـ(تحسين ظروف الاعتقال) ولم أصدق أنني سمعت هذا السقف ألمطلبي من أي مسؤول فلسطيني لكن هذا ما حصل، رغم أن الخيمة المماثلة في بيروت حملت اسم(خيمة الحرية) إشارة للمعنى الأسمى وللفضاء الأوسع الذي يريده المناضلون، فهم ليسوا بمعتقلين في قضايا جنائية ليتضامن وزيرهم معهم في (تحسين ظروف الاعتقال) فهنالك سجناء عرب ومعتقلات عربية بحاجة لخيام(الاعتصام) في أوطانها لتحسين ظروف الاعتقال وإلا لما ظل مناضل لبناني مثل سمير القنطار طيلة هذه السنوات في(ظروف الاعتقال) وهو البعيد عن أسرته وشعبه ووطنه لا ينتظر زيارتهم له ولا يعول عليها، ولكن لا تحزني يا عين، فما أشبه اليوم بالبارحة وكأن الزمن توقف عند ظروف مشاهدة ومكابدة كثير ممن في الخيمة تلك في الكويت قبل نحو عشرين سنة، هو ذا أبو نسرين وذاك شهاب محمد – الاسم الحركي لشاعر- حيث أتحفنا هو الآخر بقصيدة قال فيها أنه يعرف أسرار الهزيمة ثم بخل علينا بها لأسباب استراتيجية وعسكرية خشية أن نعرف بالمقابل أسباب النصر، وهو ذا ألطفهم – وليد عبد السلام رئيس مديرية المسرح الفلسطيني التابع للوزارة – لكنه حقاً أتحفنا بأغنية حقاً جميلة بها إيقاعات الشيخ إمام ونبرة عوده، ولم يغير مقعده كما فعل (لضرورات البرتوكولات) أثناء حفل عشاء أقامه نقيب الفنانين الأردنيين في مطعم فاخر لمعازيم مهرجان المسرح السنة الماضية، لكن الحضور من الأسرى السابقين ويطلق عليهم أسرى محررون قالوا فعلاً كلاماً حمل المعنى قبل أن يصبحوا موظفين في وزارة الثقافة،أي ثقافة، عندما لفتوا الأنظار لأصغر سجين في العالم وفي التاريخ الذي ولد في المعتقل لأم محكومة بأربع سنوات سجن فأصبح الآن بعد مرور سنتين من محكوميتها عمره سنة وثلاثة شهور، أليس هذا موضوع محرج لكتاب إسرائيل ومثقفيها ومبدعي العالم ومخرجيه المسرحيين والسينمائيين؟ أما كان ممكناً لو تواجد في تلك الخيمة مثقفون حقيقيون أن يوجهوا رسائل مباشرة لشعراء العالم ولمحمود درويش في عمان ولكتاب إسرائيل مثل أوري أفنيري وعميرة هاس ومن طراز المرحوم سمير نقاش – الروائي العراقي- والمتعاطفين والمساندين للقضية الفلسطينية والقضية العراقية أيضاً، ثم أليس هذا في صميم مهمة وزير الثقافة نفسه؟

[email protected]

*صحيفة العرب الدولية

التعليقات