العري كليب: قلة الملابس سر النجاح

العري كليب: قلة الملابس سر النجاح
غزة-دنيا الوطن
يرى الكثير من المهتمين بالشأن الفني في مصر والعالم العربي، أن بروز ظاهرة "العري كليب" أضحى بوابة عبور لبعض الفتيات يساهمن من خلالها في تدني الذائقة الفنية لدى الجمهور، وفي نشر فن يهيج الغرائز ويسيء للقيم والأخلاق.
وأحدى الجهات التي تقف خلف ترويج تلك الظاهرة، كما يرى الكثير من النقاد، بعض القنوات الفضائية التي فتحت شاشاتها لاستقبال "التأوهات" بعد ان أصبح المكان المفضل لتصوير هذه الأغنيات هو غرف النوم.
من البارزات حاليا على هذه الساحة "نجلاء" التي صرحت بالحرف الواحد انها قضت على "روبي" بالضربة القاضية، وقالت ان الفرق بيني وبينها أنني شخصيا أفضل الحصان عن الدراجة الرياضية التي استخدمتها في أغنيتها الأخيرة، فالدراجة من وجهة نظري لا يوجد بها إحساس، ولكن الحصان يوجد به إحساس كبير، وأكبر دليل على ذلك هو ان المخرج لم يستطع إظهار صورة الحصان بالكامل، وذلك لأن أعراض تأثره الجنسي كانت قد بدت عليه في المشاهد التي جمعتنا معا".
ونجلاء التي جاءت من تونس لاحتراف الرقص الشرقي في مصر، أوصدت رقابة المصنفات الفنية أبوابها بقرار منع الراقصات الأجانب من الرقص في مصر وإلغاء تصاريحهن، فلم تجد طريقا سوى طريق العري كليب لتحقيق الشهرة بدلا من العودة إلى تونس خائبة الرجا فاشلة في تحقيق هدفها المنشود الذي يعتمد على دغدغة غرائز المراهقين في المقام الأول .
نظرية "خف تعوم"
ولم تكد ثورة نجلاء تهدأ حتى ظهرت "غدير" لتقدم أغنية "تخف تعوم" وهذه الاغنية، حسب ما يراها المشاهد تكاد تكون منطبقة تماما على تخفيف ملابسها إلى أقصى درجة، وذكرت بالحرف الواحد: "اللي تقلع اكتر تنجح اكتر"، ولكنها استدركت قائلة "بس ما تكونش عريانة قوي .. ان الإثارة هي سر نجاح المطربات في هذا الزمن ولذلك رقصت على كليب "خف تعوم" على واحدة ونص طوال الأغنية.
وأضافت أيضا بقولها: "لم يعد الغناء بمفرده يحقق نجاحا مع جمهور الشباب خاصة بين الفنانات الجدد، ولا بد ان يكون هناك بعض من العري حتى يقبل الشباب على مشاهدة الفيديو كليب، ولكن ليس معنى ذلك ان تخلع المطربة كل ملابسها، وجمهور الشباب لا يحب إلا الأغنيات التي تغنيها مطربة مثيرة، أما غير ذلك فهو يغير المحطة على الفور ويبحث عن مطربة أخرى أكثر إثارة، وأنا لا اعرف سببا في مهاجمة المطربات المتحررات.. فلو صورت كليب وأنا محتشمة فلن يراني أو يسمعني احد".
ومن جهتها تؤكد روبي أنها حرة فيما ترتديه من ملابس خاصة عندما تقدمت لاختبارات لجنة القيد بنقابة الممثلين، مما استفز كلامها أعضاء اللجنة الذين وافقوا بالإجماع على رسوبها.
أما "مروة" اللبنانية التي رقصت بطريقة "مثيرة" على أغنية "أمه نعيمه" للمطربة الشعبية ليلى نظمي فادعت انها ليست دخيلة على الغناء وأنها تملك موهبة الغناء أفضل من مطربات كثيرات على الساحة.
نقابة في شهر العسل!
الغريب ان كل هذا يحدث أمام مرأى ومسمع من نقابة المهن الموسيقية المنوط لها حماية الذائقة الغنائية العربية من هذا الإسفاف والابتذال الذي لا يحق ان نطلق عليه كلمة غناء بعد ان أهانوا جسد المرأة إلى أقصى درجات المهانة، ومن هنا إذا كان نقيب الموسيقيين الملحن حسن أبو السعود قام برفع قضية ضد روبي، لأنها احترفت الغناء دون إذنه أو بمعنى أدق لم تحصل على تصريح نقابي بالغناء، وضربت بتعليمات النقابة عرض الحائط بعد أن قدمت عددا من الأغنيات كان أخرها "ليه ما تقدرش" فإذا بالنقيب ذاته يجد نفسه متورطا في تلحين أغنية نجلاء التونسية "أناها طلب أيدك بكرة" والتي كتبها شاعر غنائي كبير في قامة بهاء الدين محمد لم يبدي أدنى اعتراض عندما أمسكت "نجلاء" بقلمها لتخط من خلال بنات أفكارها كوبليها إضافيا
"خليعا ومبتذلا"، ومن هنا قام الملحن حسن أبو السعود بسحب تصريح الغناء من نجلاء عندما اشتد الهجوم عليه، وانه لم يعاملها مثل روبي الذي قام برفع دعوى قضائية ضدها، فماذا هو فاعل أيضا حيال المطربة غدير الذي سبق وان أشاد بصوتها ومنحها تصريحا بالغناء في يوليو 2002، وأنها معتمدة كمطربة في الإذاعة والتليفزيون في نفس العام، وماذا يفعل حيال المطربة جيهان راتب التي دخلت مؤخرا "نادي العري كليب" بأغنيتها "سيبك" والتي وضع ألحانها أشرف سالم وكتبها الشاعر أمير طعيمة، ومن هنا كان لابد من مواجهة حسن أبو السعود والذي بدوره أردف قائلا: "لن أتهاون في التصدي لهذه الظاهرة المتمثلة، في ظهور فتيات عرايا في الفيديو كليب ويظهرن كل مفاتن جسدهن ولا يخجلن من تصوير وإبراز أي شيء، وأؤكد ان جيهان راتب لو لم تكن عضوا في نقابة الموسيقيين سنقيم دعوى قضائية ضدها لمزاولتها مهنة الغناء دون تصريح، أما إذا كانت عضوة سنطلبها للتحقيق وقد يصل الأمر لشطبها من النقابة" .
وأضاف حسن أبو السعود: "الفيديو كليب ليس غناء فقط، فهناك عناصر أخرى تتدخل لترسم في النهاية صورة لكن للأسف البعض تفهم الموضوع بأسلوب خاطيء في محاولة منهم، لتحقيق الشهرة في وقت قصير عن طريق خلع الملابس وتصوير مشاهد ساخنة وعنصر الإخراج هو الأزمة من وجهة نظري".
وطلب أبو السعود من ممدوح الليثي بصفته نقيبا للسينمائيين بأن يتصدى بقوة لمثل هذه "التفاهات" عن طريق معاقبة كل مخرج يصور أغنية مليئة "بالعري والايحاءات الجنسية بالإضافة لمعاقبة أي فتاة تتبع النقابة وقامت بتصوير أغنية "بورنو كليب" .. و بالإضافة أيضا إلى السيطرة على القنوات الفضائية التي تتبارى في تقديم "العري كليب" والخلاعة دون مراعاة للذوق العام".
الانهيار بسرعة مخيفة !
أما الموسيقار الكبير حلمي بكر بدأ كلامه متسائلا "هل قيامنا بالتصدي لهذا الانهيار الغنائي هو تشجيع على تقديم المزيد من هذه النوعية من الأغاني "الخليعة"، فالمدعوة نجلاء التي قدمت فيديو كليب مليئا بالايحاءات الجنسية الصريحة، وتعرضت لانتقادات حادة تقوم الآن بتصوير فيديو كليب جديد سمعت عنه بأنه مليء بكل ما هو ممنوع، والآن نرى جيهان راتب وهي تقدم نفس النوعية" .
الحصان الهائج كاد يغتصب المطربة التونسية نجلاء. شعار المطربة غدير:" اللي تقلع اكتر تنجح اكتر
ويضيف بكر"تخلصنا من ورقة التوت الأخيرة تماما وأصبحنا ننهار بسرعة مخيفة، فالموضة الآن أصبحت لا تكمن في كيفية الترويج لفن جيد بل كيفية الترويج للدعارة والانهيار الأخلاقي، وللأسف فالخجل اختفى عند بعض الفتيات والخوف كل الخوف ان نصل للمرحلة التي تظهر فيها مطربة تغني وهي ترتدي ملابسها كاملة فيتم القبض عليها على أساس انها محترمة، وترفض تعرية جسدها، مثلما تفعل بعض الفتيات اللاتي فشلن في مهنة ما، فاتجهن إلى الغناء لتحقيق الشهرة.. ولا يهم أن يتعرين فالمهم عندهن هو الشهرة" .
ويؤكد بكر "ليس صحيحا ما يتردد من أن الفيديو كليب هو الطريق الأسهل للغناء بل هو الطريقة الأسرع لأشياء أخرى يعلمها بعض بائعي الكاسيت وعارضو "اللحم الأبيض" وأؤكد ان التسابق في العري هو مجرد سلعة سيئة عمرها قصير".
ويتساءل حلمي بكر مرة أخرى: ما هذا الانهيار الذي نستعذبه ونطالب بالإكثار منه، وهل معنى هذا أننا فقدنا كل ما أعطاه الله لنا من نعم التفكير والتميز بين الجيد والردئ.. وهل أصبحنا نتباهى ونتسابق في إثبات أننا لا نرتقي إلى ان نكون بشرا، ونستخدم حواسنا استخداما يغضب حتى "الحيوانات" .. وهل هانت على هذه الفتيات كرامتهن؟
ويردف بكر بقوله "ان كل جهة تريد دائما ان يكون لها دور أمام الناس لكن للأسف هذه الأدوار أصبحت شاغرة .. الرقابة والنقابات الفنية والإعلام .. كلها أدوار يتم تأجيرها "مفروش" والمطلوب من شاغلي هذه الأدوار ان يتحركوا في الاتجاه الصحيح، لان السلعة أصبحت لا تباع إلا عن طريق الاعتراض .. نحن نعترض وبعدها تباع السلعة الرديئة، فهل هذا شيء طبيعي؟!"
مؤلفون في قفص الاتهام
الشاعر بهاء الدين محمد يؤكد أن ما يحدث الآن هو "طوفان من أغاني البورنو كليب والسبب فيها هم الفنانون الكبار الذين يتركون الساحة أحيانا، وهم غير قادرين على الحفاظ على مكانتهم الكبيرة ويحاولون الآن البحث عن أنفسهم وسط ما يحدث وهذا شيء مخز ومحزن في آن واحد"
وينفي بهاء الدين تعرضه للخداع "لأنني لست طرفا ولا شريكا في مسؤولية تصوير الفيديو كليب ولا يوجد أي شاعر أو ملحن قادر على السيطرة على أسلوب تصوير أغانيه، وما يحدث الآن اعتبره ظاهرة غريبة، والخوف أن ينتهي الأمر بالبعض في السجن ولا يملك احد إيقاف العري كليب إلا المنتج والفضائيات والمخرجين".
وأضاف بهاء الدين محمد ان القنوات الفضائية لديها حرية في عرض ما يحلو لها ولا توجد سيطرة عليها، وما يحدث هو انفتاح مغلف بالجهل "وسوف اكتب أغنية أخرى لنجلاء غير أغنية (أنا حاطلب أيدك بكره) حتى اثبت للجميع أنني غير مسؤول عن تصوير الأغنية الأولى .. فكل فتاة من هذه الفتيات تعرف إنها لو خلعت ملابسها وأظهرت مفاتنها ستحقق النجاح وهذا مفهوم غريب علينا"
أما أمير طعيمة فقال "ليس لي أي علاقة بأسلوب تصوير الأغنية ومهمتي تنحصر في كتابة الكلمات، ولم أكن اعلم ان جيهان راتب ستصور أغنيتي "سيبك" بهذا الشكل واعترف بأن هذه الأغنية هي أسوأ فيديو كليب تم تقديمه من كلماتي واعترافي هذا يؤكد عدم مسؤوليتي عن تصوير الفيديو كليب". في حين اعترف ملحنها اشرف سالم بقوله "نعم تم توريطي في هذا العمل وظهرت وكأنني أساهم في موضة أغاني العري كليب، وأصبحت من تتعرى أكثر تنجح أكثر، وهذا شيء مؤسف ولو استمع الناس للحن الأغنية سيتأكدون بأنه جميل وبعيد عن الإسفاف".
لغة الجسد والثقافة الاستهلاكية
وفي النهاية يرى مدير مركز بحوث الرأي العام والأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة د. عاطف عدلي العبد من خلال عدد من الدراسات التي أجراها مؤخرا، وفيما يخص أغنيات الفيديو كليب العارية.. يرى ان جسد المطربة وكم العري من أهم عوامل نجاحها، ويقول "لقد جاءت أغاني الفيديو كليب كأحد خصائص الثقافة الاستهلاكية حيث تركز على أجساد الفتيات لما
هذه الأغنيات أشعلت الرغبات الجنسية لدى الأطفال والمراهقين
للحركات الايحائية التي تتم من خلال الجسد من تأثير مباشر على حواس المشاهد وشهواته، وساعد الإقبال المتزايد على مشاهدتها على بدء قنوات فضائية غنائية فقط، بل أصبحت تتكاثر كالأمراض السرطانية الخبيثة التي تنمو بشكل متزايد وفي أسرع وقت، فالربح مضمون والتكلفة منخفضة والأغاني مهداة مجانا لهذه القنوات، وأصبحن نرى الراقصات مطربات وكأن جسد الراقصة بداية المتعة ونهايتها أيضا.. حتى أشارت بعض البحوث الميدانية إلى ان هناك فئات كالأطفال والمراهقين والشباب يجلسون طوال اليوم، واغلب الليل مشدودين ويقارنون بين جسد تلك وجسد الأخرى، فالكلمات لا تهم واللحن لا داعي له طالما هناك أجساد تتلوى قادرة على جذب مزيد من الرسائل النصية أو المصورة .. فانتشرت مراكز تجميل الجسد وظهرت موضات النيولوك وعري أكثر تنجح أسرع، فالجمهور يسمع بعينيه قبل أذنيه، ولذلك زاد تركيز المصور على مناطق تجذب المراهقين الصغار والكبار معا في جسد المرأة، سواء وهي تغني في التليفزيون أو تتعرى على المسرح في حفلات الهواء الطلق، بعد ان أصبح جسد المطربة وكم العري أهم عامل في نجاحها، وامتد تأثيرها إلى تقليد الأزياء التي ترتديها وارتداء ملابس عليها كتابات لها دلالة جنسية عند الذين صنعوها، مما زاد من الإقبال عليها وإشعال الرغبات الجنسية لدى الأطفال والمراهقين الذين نموا قبل مراحل نموهم العادية كما تحددها كتب علم نفس النمو، ولمزيد من تخدير وتغيب هؤلاء أصبحت مسابقات ملكات الجمال لا تقام مرة واحدة وإنما تم تخصيص قناة لها تبث من على قمر عربي فتيات شبه عاريات أو بملابس أكثر إثارة من العري نفسه .. تشاهدهن في نومهن ويقظتهن وداخل غرف نومهن طالما ان ذلك سيدفعك للتصويت وتحقيق الربح المادي الخيالي من وراء رغبات مكبوتة.
ويختم د. العبد كلامه "وللأسف تخلو مواثيق الشرف الإذاعية من أية مواد حول هذه الأغاني المصورة، ولا تهتم الجهات العامة والموكل لها تنظيم مهنة الإعلام بتلك الآثار البالغة الخطورة، ولم نسمع عن اجتماع للجنة التنسيق بين الفضائيات العربية خصص لدراسة أثر هذا العري، وتسليع جسد المرأة على مستقبل أطفالنا وكذلك المراهقين وهم نصف الحاضر والمستقبل".
غزة-دنيا الوطن
يرى الكثير من المهتمين بالشأن الفني في مصر والعالم العربي، أن بروز ظاهرة "العري كليب" أضحى بوابة عبور لبعض الفتيات يساهمن من خلالها في تدني الذائقة الفنية لدى الجمهور، وفي نشر فن يهيج الغرائز ويسيء للقيم والأخلاق.
وأحدى الجهات التي تقف خلف ترويج تلك الظاهرة، كما يرى الكثير من النقاد، بعض القنوات الفضائية التي فتحت شاشاتها لاستقبال "التأوهات" بعد ان أصبح المكان المفضل لتصوير هذه الأغنيات هو غرف النوم.
من البارزات حاليا على هذه الساحة "نجلاء" التي صرحت بالحرف الواحد انها قضت على "روبي" بالضربة القاضية، وقالت ان الفرق بيني وبينها أنني شخصيا أفضل الحصان عن الدراجة الرياضية التي استخدمتها في أغنيتها الأخيرة، فالدراجة من وجهة نظري لا يوجد بها إحساس، ولكن الحصان يوجد به إحساس كبير، وأكبر دليل على ذلك هو ان المخرج لم يستطع إظهار صورة الحصان بالكامل، وذلك لأن أعراض تأثره الجنسي كانت قد بدت عليه في المشاهد التي جمعتنا معا".
ونجلاء التي جاءت من تونس لاحتراف الرقص الشرقي في مصر، أوصدت رقابة المصنفات الفنية أبوابها بقرار منع الراقصات الأجانب من الرقص في مصر وإلغاء تصاريحهن، فلم تجد طريقا سوى طريق العري كليب لتحقيق الشهرة بدلا من العودة إلى تونس خائبة الرجا فاشلة في تحقيق هدفها المنشود الذي يعتمد على دغدغة غرائز المراهقين في المقام الأول .
نظرية "خف تعوم"
ولم تكد ثورة نجلاء تهدأ حتى ظهرت "غدير" لتقدم أغنية "تخف تعوم" وهذه الاغنية، حسب ما يراها المشاهد تكاد تكون منطبقة تماما على تخفيف ملابسها إلى أقصى درجة، وذكرت بالحرف الواحد: "اللي تقلع اكتر تنجح اكتر"، ولكنها استدركت قائلة "بس ما تكونش عريانة قوي .. ان الإثارة هي سر نجاح المطربات في هذا الزمن ولذلك رقصت على كليب "خف تعوم" على واحدة ونص طوال الأغنية.
وأضافت أيضا بقولها: "لم يعد الغناء بمفرده يحقق نجاحا مع جمهور الشباب خاصة بين الفنانات الجدد، ولا بد ان يكون هناك بعض من العري حتى يقبل الشباب على مشاهدة الفيديو كليب، ولكن ليس معنى ذلك ان تخلع المطربة كل ملابسها، وجمهور الشباب لا يحب إلا الأغنيات التي تغنيها مطربة مثيرة، أما غير ذلك فهو يغير المحطة على الفور ويبحث عن مطربة أخرى أكثر إثارة، وأنا لا اعرف سببا في مهاجمة المطربات المتحررات.. فلو صورت كليب وأنا محتشمة فلن يراني أو يسمعني احد".
ومن جهتها تؤكد روبي أنها حرة فيما ترتديه من ملابس خاصة عندما تقدمت لاختبارات لجنة القيد بنقابة الممثلين، مما استفز كلامها أعضاء اللجنة الذين وافقوا بالإجماع على رسوبها.
أما "مروة" اللبنانية التي رقصت بطريقة "مثيرة" على أغنية "أمه نعيمه" للمطربة الشعبية ليلى نظمي فادعت انها ليست دخيلة على الغناء وأنها تملك موهبة الغناء أفضل من مطربات كثيرات على الساحة.
نقابة في شهر العسل!
الغريب ان كل هذا يحدث أمام مرأى ومسمع من نقابة المهن الموسيقية المنوط لها حماية الذائقة الغنائية العربية من هذا الإسفاف والابتذال الذي لا يحق ان نطلق عليه كلمة غناء بعد ان أهانوا جسد المرأة إلى أقصى درجات المهانة، ومن هنا إذا كان نقيب الموسيقيين الملحن حسن أبو السعود قام برفع قضية ضد روبي، لأنها احترفت الغناء دون إذنه أو بمعنى أدق لم تحصل على تصريح نقابي بالغناء، وضربت بتعليمات النقابة عرض الحائط بعد أن قدمت عددا من الأغنيات كان أخرها "ليه ما تقدرش" فإذا بالنقيب ذاته يجد نفسه متورطا في تلحين أغنية نجلاء التونسية "أناها طلب أيدك بكرة" والتي كتبها شاعر غنائي كبير في قامة بهاء الدين محمد لم يبدي أدنى اعتراض عندما أمسكت "نجلاء" بقلمها لتخط من خلال بنات أفكارها كوبليها إضافيا
"خليعا ومبتذلا"، ومن هنا قام الملحن حسن أبو السعود بسحب تصريح الغناء من نجلاء عندما اشتد الهجوم عليه، وانه لم يعاملها مثل روبي الذي قام برفع دعوى قضائية ضدها، فماذا هو فاعل أيضا حيال المطربة غدير الذي سبق وان أشاد بصوتها ومنحها تصريحا بالغناء في يوليو 2002، وأنها معتمدة كمطربة في الإذاعة والتليفزيون في نفس العام، وماذا يفعل حيال المطربة جيهان راتب التي دخلت مؤخرا "نادي العري كليب" بأغنيتها "سيبك" والتي وضع ألحانها أشرف سالم وكتبها الشاعر أمير طعيمة، ومن هنا كان لابد من مواجهة حسن أبو السعود والذي بدوره أردف قائلا: "لن أتهاون في التصدي لهذه الظاهرة المتمثلة، في ظهور فتيات عرايا في الفيديو كليب ويظهرن كل مفاتن جسدهن ولا يخجلن من تصوير وإبراز أي شيء، وأؤكد ان جيهان راتب لو لم تكن عضوا في نقابة الموسيقيين سنقيم دعوى قضائية ضدها لمزاولتها مهنة الغناء دون تصريح، أما إذا كانت عضوة سنطلبها للتحقيق وقد يصل الأمر لشطبها من النقابة" .
وأضاف حسن أبو السعود: "الفيديو كليب ليس غناء فقط، فهناك عناصر أخرى تتدخل لترسم في النهاية صورة لكن للأسف البعض تفهم الموضوع بأسلوب خاطيء في محاولة منهم، لتحقيق الشهرة في وقت قصير عن طريق خلع الملابس وتصوير مشاهد ساخنة وعنصر الإخراج هو الأزمة من وجهة نظري".
وطلب أبو السعود من ممدوح الليثي بصفته نقيبا للسينمائيين بأن يتصدى بقوة لمثل هذه "التفاهات" عن طريق معاقبة كل مخرج يصور أغنية مليئة "بالعري والايحاءات الجنسية بالإضافة لمعاقبة أي فتاة تتبع النقابة وقامت بتصوير أغنية "بورنو كليب" .. و بالإضافة أيضا إلى السيطرة على القنوات الفضائية التي تتبارى في تقديم "العري كليب" والخلاعة دون مراعاة للذوق العام".
الانهيار بسرعة مخيفة !
أما الموسيقار الكبير حلمي بكر بدأ كلامه متسائلا "هل قيامنا بالتصدي لهذا الانهيار الغنائي هو تشجيع على تقديم المزيد من هذه النوعية من الأغاني "الخليعة"، فالمدعوة نجلاء التي قدمت فيديو كليب مليئا بالايحاءات الجنسية الصريحة، وتعرضت لانتقادات حادة تقوم الآن بتصوير فيديو كليب جديد سمعت عنه بأنه مليء بكل ما هو ممنوع، والآن نرى جيهان راتب وهي تقدم نفس النوعية" .
الحصان الهائج كاد يغتصب المطربة التونسية نجلاء. شعار المطربة غدير:" اللي تقلع اكتر تنجح اكتر
ويضيف بكر"تخلصنا من ورقة التوت الأخيرة تماما وأصبحنا ننهار بسرعة مخيفة، فالموضة الآن أصبحت لا تكمن في كيفية الترويج لفن جيد بل كيفية الترويج للدعارة والانهيار الأخلاقي، وللأسف فالخجل اختفى عند بعض الفتيات والخوف كل الخوف ان نصل للمرحلة التي تظهر فيها مطربة تغني وهي ترتدي ملابسها كاملة فيتم القبض عليها على أساس انها محترمة، وترفض تعرية جسدها، مثلما تفعل بعض الفتيات اللاتي فشلن في مهنة ما، فاتجهن إلى الغناء لتحقيق الشهرة.. ولا يهم أن يتعرين فالمهم عندهن هو الشهرة" .
ويؤكد بكر "ليس صحيحا ما يتردد من أن الفيديو كليب هو الطريق الأسهل للغناء بل هو الطريقة الأسرع لأشياء أخرى يعلمها بعض بائعي الكاسيت وعارضو "اللحم الأبيض" وأؤكد ان التسابق في العري هو مجرد سلعة سيئة عمرها قصير".
ويتساءل حلمي بكر مرة أخرى: ما هذا الانهيار الذي نستعذبه ونطالب بالإكثار منه، وهل معنى هذا أننا فقدنا كل ما أعطاه الله لنا من نعم التفكير والتميز بين الجيد والردئ.. وهل أصبحنا نتباهى ونتسابق في إثبات أننا لا نرتقي إلى ان نكون بشرا، ونستخدم حواسنا استخداما يغضب حتى "الحيوانات" .. وهل هانت على هذه الفتيات كرامتهن؟
ويردف بكر بقوله "ان كل جهة تريد دائما ان يكون لها دور أمام الناس لكن للأسف هذه الأدوار أصبحت شاغرة .. الرقابة والنقابات الفنية والإعلام .. كلها أدوار يتم تأجيرها "مفروش" والمطلوب من شاغلي هذه الأدوار ان يتحركوا في الاتجاه الصحيح، لان السلعة أصبحت لا تباع إلا عن طريق الاعتراض .. نحن نعترض وبعدها تباع السلعة الرديئة، فهل هذا شيء طبيعي؟!"
مؤلفون في قفص الاتهام
الشاعر بهاء الدين محمد يؤكد أن ما يحدث الآن هو "طوفان من أغاني البورنو كليب والسبب فيها هم الفنانون الكبار الذين يتركون الساحة أحيانا، وهم غير قادرين على الحفاظ على مكانتهم الكبيرة ويحاولون الآن البحث عن أنفسهم وسط ما يحدث وهذا شيء مخز ومحزن في آن واحد"
وينفي بهاء الدين تعرضه للخداع "لأنني لست طرفا ولا شريكا في مسؤولية تصوير الفيديو كليب ولا يوجد أي شاعر أو ملحن قادر على السيطرة على أسلوب تصوير أغانيه، وما يحدث الآن اعتبره ظاهرة غريبة، والخوف أن ينتهي الأمر بالبعض في السجن ولا يملك احد إيقاف العري كليب إلا المنتج والفضائيات والمخرجين".
وأضاف بهاء الدين محمد ان القنوات الفضائية لديها حرية في عرض ما يحلو لها ولا توجد سيطرة عليها، وما يحدث هو انفتاح مغلف بالجهل "وسوف اكتب أغنية أخرى لنجلاء غير أغنية (أنا حاطلب أيدك بكره) حتى اثبت للجميع أنني غير مسؤول عن تصوير الأغنية الأولى .. فكل فتاة من هذه الفتيات تعرف إنها لو خلعت ملابسها وأظهرت مفاتنها ستحقق النجاح وهذا مفهوم غريب علينا"
أما أمير طعيمة فقال "ليس لي أي علاقة بأسلوب تصوير الأغنية ومهمتي تنحصر في كتابة الكلمات، ولم أكن اعلم ان جيهان راتب ستصور أغنيتي "سيبك" بهذا الشكل واعترف بأن هذه الأغنية هي أسوأ فيديو كليب تم تقديمه من كلماتي واعترافي هذا يؤكد عدم مسؤوليتي عن تصوير الفيديو كليب". في حين اعترف ملحنها اشرف سالم بقوله "نعم تم توريطي في هذا العمل وظهرت وكأنني أساهم في موضة أغاني العري كليب، وأصبحت من تتعرى أكثر تنجح أكثر، وهذا شيء مؤسف ولو استمع الناس للحن الأغنية سيتأكدون بأنه جميل وبعيد عن الإسفاف".
لغة الجسد والثقافة الاستهلاكية
وفي النهاية يرى مدير مركز بحوث الرأي العام والأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة د. عاطف عدلي العبد من خلال عدد من الدراسات التي أجراها مؤخرا، وفيما يخص أغنيات الفيديو كليب العارية.. يرى ان جسد المطربة وكم العري من أهم عوامل نجاحها، ويقول "لقد جاءت أغاني الفيديو كليب كأحد خصائص الثقافة الاستهلاكية حيث تركز على أجساد الفتيات لما
هذه الأغنيات أشعلت الرغبات الجنسية لدى الأطفال والمراهقين
للحركات الايحائية التي تتم من خلال الجسد من تأثير مباشر على حواس المشاهد وشهواته، وساعد الإقبال المتزايد على مشاهدتها على بدء قنوات فضائية غنائية فقط، بل أصبحت تتكاثر كالأمراض السرطانية الخبيثة التي تنمو بشكل متزايد وفي أسرع وقت، فالربح مضمون والتكلفة منخفضة والأغاني مهداة مجانا لهذه القنوات، وأصبحن نرى الراقصات مطربات وكأن جسد الراقصة بداية المتعة ونهايتها أيضا.. حتى أشارت بعض البحوث الميدانية إلى ان هناك فئات كالأطفال والمراهقين والشباب يجلسون طوال اليوم، واغلب الليل مشدودين ويقارنون بين جسد تلك وجسد الأخرى، فالكلمات لا تهم واللحن لا داعي له طالما هناك أجساد تتلوى قادرة على جذب مزيد من الرسائل النصية أو المصورة .. فانتشرت مراكز تجميل الجسد وظهرت موضات النيولوك وعري أكثر تنجح أسرع، فالجمهور يسمع بعينيه قبل أذنيه، ولذلك زاد تركيز المصور على مناطق تجذب المراهقين الصغار والكبار معا في جسد المرأة، سواء وهي تغني في التليفزيون أو تتعرى على المسرح في حفلات الهواء الطلق، بعد ان أصبح جسد المطربة وكم العري أهم عامل في نجاحها، وامتد تأثيرها إلى تقليد الأزياء التي ترتديها وارتداء ملابس عليها كتابات لها دلالة جنسية عند الذين صنعوها، مما زاد من الإقبال عليها وإشعال الرغبات الجنسية لدى الأطفال والمراهقين الذين نموا قبل مراحل نموهم العادية كما تحددها كتب علم نفس النمو، ولمزيد من تخدير وتغيب هؤلاء أصبحت مسابقات ملكات الجمال لا تقام مرة واحدة وإنما تم تخصيص قناة لها تبث من على قمر عربي فتيات شبه عاريات أو بملابس أكثر إثارة من العري نفسه .. تشاهدهن في نومهن ويقظتهن وداخل غرف نومهن طالما ان ذلك سيدفعك للتصويت وتحقيق الربح المادي الخيالي من وراء رغبات مكبوتة.
ويختم د. العبد كلامه "وللأسف تخلو مواثيق الشرف الإذاعية من أية مواد حول هذه الأغاني المصورة، ولا تهتم الجهات العامة والموكل لها تنظيم مهنة الإعلام بتلك الآثار البالغة الخطورة، ولم نسمع عن اجتماع للجنة التنسيق بين الفضائيات العربية خصص لدراسة أثر هذا العري، وتسليع جسد المرأة على مستقبل أطفالنا وكذلك المراهقين وهم نصف الحاضر والمستقبل".
التعليقات