المحسوبية وفوضى المنح الدراسية الفلسطينية
المحسوبية وفوضى المنح الدراسية
غزة-دنيا الوطن
الطالب الفلسطيني يدرس في ظروف قد لا يعيشها سواه من طلبة العالم جراء العدوان الصهيوني المتواصل وممارسات الاحتلال الإرهابية من قصف وحصار وإغلاق واعتقال إلى اقتحام المدارس والجامعات وإطلاق النار على الطلبة والمدرسين والذي استشهد وأصيب واعتقل الآلاف منهم خلال انتفاضة الأقصى؛ تلك الممارسات الصهيونية التي تأتي في سياق حملة منظمة تهدف إلى تجهيل الشعب الفلسطيني.
بعد أن ينهي الطالب دراسته الثانوية يبدأ البحث عن كليته المفضلة في إحدى الجامعات الفلسطينية أو العربية أو الأجنبية؛ وفي ظل الأوضاع المأساوية التي يفرضها الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين والذين تحوّلوا إلى جيش من الفقراء بعد أن قطع عنهم الاحتلال سبل الحصول على الزرق من خلال تجريف الأراضي الزراعية وإغلاق المدن والقرى وتدمير البنية الأساسية للصناعة والتجارة، الأمر الذي ألقى بظلاله الثقيلة على واقع الطلبة وواقع التعليم العالي.
وفي كل عام تثار قضية المنح الدراسية ، ومن يستحقها ، والمعايير التي يتم على أساسها اختيار الطلاب كما ينتقد الكثيرون تعدد الأطراف المشرفة على إدارة المنح الدراسية وعدم توحيدها تحت إشراف وزارة التربية والتعليم العالي. كما انتقدوا دور السفارات والممثليات الفلسطينية في الخارج، والتي تتدخل بشكل سلبي يؤدي إلى توزيع المنح الدراسية على أساس المحسوبية دون اعتماد معايير واضحة تضمن التوزيع العادل لها وفقاً لمعيار الكفاءة .
تنوع المنح
وفي هذا السياق تشير وزارة التربية والتعليم العالي إلى أنها تقوم بتوفير عدد من البعثات الخارجية إلى بعض الدول في مجال الدراسات الجامعية وتحدد التخصصات وفق الإمكانات المتاحة في هذه الدول كما تحدد هذه الدول الشروط اللازم توفرها في المبعوثين من حيث المعدل والوثائق المطلوبة .
أما المنح الداخلية فهناك أنواع عدة منها :منح الرئيس وهي المساعدات المالية التي تعطى للطلبة الأوائل المتفوقين في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة ومنح الجامعات الفلسطينية، حيث تضع الجامعات والكليات الفلسطينية عددا من المقاعد معفاة من الأقساط تحت تصرف وزارة التعليم العالي ويستفيد الطلبة من هذه المقاعد وفق أسس تنافسية.
وهناك أيضاً مقاعد الجامعات الأردنية حيث تحصل وزارة التعليم العالي على ثلاث مئة مقعد دراسي في الجامعات الأردنية سنوياً وهذه المقاعد غير معفاة من الأقساط ويتم التنافس عليها حسب المعدل ومن المنح الداخلية مساهمة البنك العربي بتغطية عدد من المنح الدراسية للطلبة المتفوقين بالمحافظات والملتحقين بالجامعات الفلسطينية.
ويبين عبد الحفيظ حمدان ، مدير المنح في وزارة التربية والتعليم العالي آليات إدارة المنح الدراسية من قبل الوزارة ، مشيرا إلى أن القاعدة التي تعتمدها الوزارة هي توفير المنح التعليمية على أساس معيار الكفاءة ، وخاصة الدرجات التي يتحصل عليها الطلبة.
ويضيف أن الوزارة تقوم بالإعلان الرسمي وعبر الصحف الرسمية عن أية منح دراسية تصل إلى الوزارة ليتسنى لكافة المرشحين التقدم لها.
غير أنه انتقد الطلبة الراغبين في الحصول على تلك المنح ، وإجماعهم على التقدم لمنح الطب والهندسة فقط دون غيرها من التخصصات المختلفة ، والدور السلبي لأولياء أمور الطلبة في تحديد رغبات أبنائهم وعدم إعطاء الطلبة أنفسهم المجال للاختيار، ويؤكد قلة أعداد المنح المتوفرة للوزارة والتي لا تكفي لسد كافة احتياجات الطلبة الخريجين. كما أشار إلى ضياع العديد من الفرص بسبب عدم تعاون المرشحين مع الوزارة وعدم إبلاغهم للوزارة بتخليهم عن هذه المنح الدراسية ، ودعا إلى الاهتمام بالمنح التي تتوفر في التخصصات المهنية المختلفة.
فقدان الشفافية
الإدارات والمرجعيات المختلفة للمنح والبعثات الجامعية ، خلقت العديد من الإشكاليات في نزاهة التوزيع ودعا حسين أبو العلا أمين سر اللجنة العليا للبعثات والمنح الدراسية في السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى إعادة النظر بجدية في النظام القائم حالياً للبعثات والمنح الدراسية للطلاب الفلسطينيين في الخارج لما يواجهه هذا النظام من مشكلات وعقبات تفقده الشفافية والعدالة في توزيعها على الطلاب .
وقال أبو العلا : إن البعثات والمنح الدراسية تعاني من مشكلات متعددة من أجل التحاق أبنائنا الطلاب في الجامعات الخارجية وفي مقدمتها النظام السائد حتى الآن وهو الاعتماد على السفير أو الممثل الفلسطيني في تلك الدول حيث توزع المنح بناءً على رغبته الشخصية والمحسوبية وليس للمستحقين وهذه التجاوزات تسبب خللاً في النظام حيث يحصل الطلاب في خارج الوطن على 50% من إجمالي المنح تتحكم فيه البعثات الفلسطينية بالخارج في حين يعطى الطلاب من داخل الوطن نحو 50% الأخرى من القيمة الإجمالية للمنح ولكن عن طريق وزارة التربية والتعليم العالي التي تعمل بكل شفافية وعدالة بين الطلاب بناءً على معدل الثانوية العامة حيث تعتبر وزارة التربية والتعليم العالي هي المسؤولة الوحيدة عن الطلاب في الداخل ونحن نقوم بتنفيذ ما تعمله وتعده للالتحاق بهذه البعثات .
وأوضح السيد إسماعيل قرشولي، نائب رئيس اللجنة الفلسطينية العليا للمنح التعليمية، إلى دور اللجنة في الإشراف على المنح التعليمية الخاصة بمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وفلسطينيي الشتات . مشيرا إلى قيام اللجنة بتوزيع المنح المقدمة من الدول المختلفة بنسبة 50% توجه لوزارة التربية والتعليم العالي و50% توجه إلى الخريجين من فلسطينيي الشتات في الخارج. وانتقد دور السفارات والممثليات الفلسطينية في عدم تحويل كافة المنح الدراسية التي تحصل عليها إلى اللجنة الفلسطينية العليا للمنح الدراسية، لكي تقوم بأداء مهامها على أكمل وجه، وعلى أساس المساواة في توزيعها بين الطلبة في الداخل والخارج.
مساهمة المنظمات الأهلية
الجمعيات والمنظمات الأهلية تسهم أيضاً في تقديم المنح الدراسية للطلبة ، ولتلك الجمعيات معايير تعتمد كثيراً على الحالة الاجتماعية للطالب وأسرته ويشير عبد العزيز أبو القرايا، مدير عام جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة ، إلى تجربة الجمعية في تأسيس صندوق دعم الطالب، والموجه لدعم الطلبة الدارسين في الجامعات المحلية والخارجية.
وأضاف أن الجمعية قدمت حوالي مليوني دولار للطلبة خلال السنوات الثلاثة الماضية. وأشار إلى أن هناك معايير تعتمدها الجمعية في صرف المنح للطلبة الدارسين في الجامعات المحلية والخارج. وهناك آليات تضمن الشفافية في تقديم المنح الجامعية للطلبة.
وانتقد أداء بعض الجامعات التي بادرت الجمعية للتنسيق والتعاون معها في تقديم المنح الدراسية، خاصة مخالفتها لمعيار الحالة الاجتماعية للمرشحين، حيث تبين تقديم العديد من الحالات غير المستحقة.
تأخير في صرف المستحقات
مشاكل وعقبات أخرى تقف في وجه الطالب بعد حصوله على المنحة الدراسية ومنها عدم صرف مستحقات هذه المنحة من الجهة المقدمة لها أو من وزارة المالية في موعدها ، ويقول الطالب محمد يونس من مدينة دير البلح : إنه حصل على منحة كاملة عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية لدراسة المهن الطبية في جامعة الأزهر تخصص أشعة ولكنه وفي كل فصل دراسي يتأخر حصوله على مستحقات المنحة التي يعتمد عليها في رسوم ومصاريف الدراسة ، فتضطر عائلته لدفعها لحين الحصول على المنحة .
ويقول أبو العلا : إن العقبة تتمثل في تأخير دفع المستحقات للطلاب من قبل وزارة المالية أيضاً التي أحياناً لا يتم صرفها لهم مطلقاً، مشيراً إلى أن بعثة الجزائر العام الماضي على سبيل المثال والتي كانت تتكون من 150 طالباً بتكلفة لا تتجاوز ألفي دولار عجزت وزارة المالية عن دفعها بحجة عدم وجود ميزانية مبررة ذلك بأن الأولوية في الميزانية لرواتب الموظفين ثم الصحة فالتعليم .
وأوضح أن الأسباب الكامنة وراء تلك القضية كثيرة ومعقدة حيث أصبحت تتحكم في هذه البعثات الدول الأوروبية التي أصرت على أن تكون هذه المنح جزءًا لا يتجزأ من المساعدات التي تقدمها للسلطة الوطنية .
ونوه أبو العلا بأن أبناء الشهداء والأسرى والمعتقلين والعشرة الأوائل تكون منحهم الدراسية من حصة الرئيس عرفات لتتمكن من الالتحاق بالجامعات في الخارج وقال : إن الدول الأوروبية بدأت تمنح طلابنا مقاعد دراسية في جامعاتها وتعتبر فرنسا من الدول التي تحرص دائماً على تقديم الدعم والمساعدة للطلاب الفلسطينيين .
المنحة السعودية
توزيع آخر للمنح أيضاً تم داخل الجامعات الفلسطينية ضمن آليات معينة ،لتضمن العدالة كما يقول القائمون عليها، فاللجنة السعودية قدمت منحاً لـ(4236) من طلبة جامعة النجاح ، وتحدث الأستاذ رشيد الكخن المدير المالي في الجامعة عن آليات توزيع تلك المنح بما يضمن وصول الأموال إلى مستحقيها وقال :" امتدت مرحلة التأكد من حاجة المتقدمين للمنحة إلى شهرين ، وعمل فيها مئات الأكاديميين وجيش من السكرتيرات والعاملين على تفريغ البيانات على الكمبيوتر فنحن نعلم مدى حاجة الطلبة إلى المنحة ، نتحدث عن طلبة تردت حالاتهم وحالات أسرهم المادية إلى الحد الذي أصبح عليهم فيه تخير وسيلة أنفاق ما بيدهم من المال بين تعليم أبنائهم وتوفير لقمة العيش لهم، من هنا كانا متشددين جدا في تطبيق مبدأ الشفافية والحرص على استفادة الأولى وهو الأحوج.
ويضيف الكخن :" حتى لجنة فرز الأسماء شكلت لضمان هذا الجانب، فحسب تعليمات إدارة الجامعة ضمت اللجنة الدائرة المالية وعمادة شؤون الطلبة ومجلس الطلبة ليكون الطلاب مطلعين بأنفسهم على آلية التوزيع ومشاركين فيها".
توصيات
في ورشة عمل نظمها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، حول آلية إدارة المنح الدراسية ، خلص المشاركون إلى عدد من التوصيات التي تضمن الاستغلال الأمثل للمنح الدراسية المتوفرة، وتؤمن حصول المرشحين على قاعدة الكفاءة والدرجات العلمية ، ومن بين هذه التوصيات :
- عقد لقاء موسع بين وزارة التربية والتعليم العالي واللجنة الفلسطينية العليا للمنح التعليمية ورؤساء الجامعات وممثلي المنظمات الأهلية للارتقاء بإدارة المنح الدراسية وتحديد آليات موحدة للتعامل مع المنح التعليمية المحلية والخارجية.
- النزول بنظام المنح التعليمية إلى مراحل ما قبل التعليم الثانوي.
- إصدار موازين لحصر كافة المنح الدراسية الواردة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وتوزيعها بشكل عادل.
- فتح ملف المنح الخاصة بالدراسات العليا ومناقشته على مستوى علني.
- إعداد دليل بالخيارات التي تساعد الطالب على تحديد خياراته، وتوزيعه على خريجي الثانوية العامة.
- تشكيل صندوق وطني لدعم الطالب الفلسطيني تشرف عليه الأطر الطلابية ووزارة التربية والتعليم العالي واللجنة الفلسطينية العليا للمنح التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني المختصة في تقديم المنح الدراسية للطلبة.
- تطوير آليات الرقابة على المنح الدراسية ونشرها العلني في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب.
- قيام وزارة التربية والتعليم العالي بحملة توعية، تشارك فيها كافة الجهات والأطرف ذات العلاقة بإدارة المنح التعليمية، تساعد الطلبة الخريجين على تحديد احتياجاتهم، وبما يتلائم مع استراتيجية تنموية شاملة تخدم أهداف التنمية الفلسطينية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الفلسطيني.
غزة-دنيا الوطن
الطالب الفلسطيني يدرس في ظروف قد لا يعيشها سواه من طلبة العالم جراء العدوان الصهيوني المتواصل وممارسات الاحتلال الإرهابية من قصف وحصار وإغلاق واعتقال إلى اقتحام المدارس والجامعات وإطلاق النار على الطلبة والمدرسين والذي استشهد وأصيب واعتقل الآلاف منهم خلال انتفاضة الأقصى؛ تلك الممارسات الصهيونية التي تأتي في سياق حملة منظمة تهدف إلى تجهيل الشعب الفلسطيني.
بعد أن ينهي الطالب دراسته الثانوية يبدأ البحث عن كليته المفضلة في إحدى الجامعات الفلسطينية أو العربية أو الأجنبية؛ وفي ظل الأوضاع المأساوية التي يفرضها الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين والذين تحوّلوا إلى جيش من الفقراء بعد أن قطع عنهم الاحتلال سبل الحصول على الزرق من خلال تجريف الأراضي الزراعية وإغلاق المدن والقرى وتدمير البنية الأساسية للصناعة والتجارة، الأمر الذي ألقى بظلاله الثقيلة على واقع الطلبة وواقع التعليم العالي.
وفي كل عام تثار قضية المنح الدراسية ، ومن يستحقها ، والمعايير التي يتم على أساسها اختيار الطلاب كما ينتقد الكثيرون تعدد الأطراف المشرفة على إدارة المنح الدراسية وعدم توحيدها تحت إشراف وزارة التربية والتعليم العالي. كما انتقدوا دور السفارات والممثليات الفلسطينية في الخارج، والتي تتدخل بشكل سلبي يؤدي إلى توزيع المنح الدراسية على أساس المحسوبية دون اعتماد معايير واضحة تضمن التوزيع العادل لها وفقاً لمعيار الكفاءة .
تنوع المنح
وفي هذا السياق تشير وزارة التربية والتعليم العالي إلى أنها تقوم بتوفير عدد من البعثات الخارجية إلى بعض الدول في مجال الدراسات الجامعية وتحدد التخصصات وفق الإمكانات المتاحة في هذه الدول كما تحدد هذه الدول الشروط اللازم توفرها في المبعوثين من حيث المعدل والوثائق المطلوبة .
أما المنح الداخلية فهناك أنواع عدة منها :منح الرئيس وهي المساعدات المالية التي تعطى للطلبة الأوائل المتفوقين في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة ومنح الجامعات الفلسطينية، حيث تضع الجامعات والكليات الفلسطينية عددا من المقاعد معفاة من الأقساط تحت تصرف وزارة التعليم العالي ويستفيد الطلبة من هذه المقاعد وفق أسس تنافسية.
وهناك أيضاً مقاعد الجامعات الأردنية حيث تحصل وزارة التعليم العالي على ثلاث مئة مقعد دراسي في الجامعات الأردنية سنوياً وهذه المقاعد غير معفاة من الأقساط ويتم التنافس عليها حسب المعدل ومن المنح الداخلية مساهمة البنك العربي بتغطية عدد من المنح الدراسية للطلبة المتفوقين بالمحافظات والملتحقين بالجامعات الفلسطينية.
ويبين عبد الحفيظ حمدان ، مدير المنح في وزارة التربية والتعليم العالي آليات إدارة المنح الدراسية من قبل الوزارة ، مشيرا إلى أن القاعدة التي تعتمدها الوزارة هي توفير المنح التعليمية على أساس معيار الكفاءة ، وخاصة الدرجات التي يتحصل عليها الطلبة.
ويضيف أن الوزارة تقوم بالإعلان الرسمي وعبر الصحف الرسمية عن أية منح دراسية تصل إلى الوزارة ليتسنى لكافة المرشحين التقدم لها.
غير أنه انتقد الطلبة الراغبين في الحصول على تلك المنح ، وإجماعهم على التقدم لمنح الطب والهندسة فقط دون غيرها من التخصصات المختلفة ، والدور السلبي لأولياء أمور الطلبة في تحديد رغبات أبنائهم وعدم إعطاء الطلبة أنفسهم المجال للاختيار، ويؤكد قلة أعداد المنح المتوفرة للوزارة والتي لا تكفي لسد كافة احتياجات الطلبة الخريجين. كما أشار إلى ضياع العديد من الفرص بسبب عدم تعاون المرشحين مع الوزارة وعدم إبلاغهم للوزارة بتخليهم عن هذه المنح الدراسية ، ودعا إلى الاهتمام بالمنح التي تتوفر في التخصصات المهنية المختلفة.
فقدان الشفافية
الإدارات والمرجعيات المختلفة للمنح والبعثات الجامعية ، خلقت العديد من الإشكاليات في نزاهة التوزيع ودعا حسين أبو العلا أمين سر اللجنة العليا للبعثات والمنح الدراسية في السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى إعادة النظر بجدية في النظام القائم حالياً للبعثات والمنح الدراسية للطلاب الفلسطينيين في الخارج لما يواجهه هذا النظام من مشكلات وعقبات تفقده الشفافية والعدالة في توزيعها على الطلاب .
وقال أبو العلا : إن البعثات والمنح الدراسية تعاني من مشكلات متعددة من أجل التحاق أبنائنا الطلاب في الجامعات الخارجية وفي مقدمتها النظام السائد حتى الآن وهو الاعتماد على السفير أو الممثل الفلسطيني في تلك الدول حيث توزع المنح بناءً على رغبته الشخصية والمحسوبية وليس للمستحقين وهذه التجاوزات تسبب خللاً في النظام حيث يحصل الطلاب في خارج الوطن على 50% من إجمالي المنح تتحكم فيه البعثات الفلسطينية بالخارج في حين يعطى الطلاب من داخل الوطن نحو 50% الأخرى من القيمة الإجمالية للمنح ولكن عن طريق وزارة التربية والتعليم العالي التي تعمل بكل شفافية وعدالة بين الطلاب بناءً على معدل الثانوية العامة حيث تعتبر وزارة التربية والتعليم العالي هي المسؤولة الوحيدة عن الطلاب في الداخل ونحن نقوم بتنفيذ ما تعمله وتعده للالتحاق بهذه البعثات .
وأوضح السيد إسماعيل قرشولي، نائب رئيس اللجنة الفلسطينية العليا للمنح التعليمية، إلى دور اللجنة في الإشراف على المنح التعليمية الخاصة بمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وفلسطينيي الشتات . مشيرا إلى قيام اللجنة بتوزيع المنح المقدمة من الدول المختلفة بنسبة 50% توجه لوزارة التربية والتعليم العالي و50% توجه إلى الخريجين من فلسطينيي الشتات في الخارج. وانتقد دور السفارات والممثليات الفلسطينية في عدم تحويل كافة المنح الدراسية التي تحصل عليها إلى اللجنة الفلسطينية العليا للمنح الدراسية، لكي تقوم بأداء مهامها على أكمل وجه، وعلى أساس المساواة في توزيعها بين الطلبة في الداخل والخارج.
مساهمة المنظمات الأهلية
الجمعيات والمنظمات الأهلية تسهم أيضاً في تقديم المنح الدراسية للطلبة ، ولتلك الجمعيات معايير تعتمد كثيراً على الحالة الاجتماعية للطالب وأسرته ويشير عبد العزيز أبو القرايا، مدير عام جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة ، إلى تجربة الجمعية في تأسيس صندوق دعم الطالب، والموجه لدعم الطلبة الدارسين في الجامعات المحلية والخارجية.
وأضاف أن الجمعية قدمت حوالي مليوني دولار للطلبة خلال السنوات الثلاثة الماضية. وأشار إلى أن هناك معايير تعتمدها الجمعية في صرف المنح للطلبة الدارسين في الجامعات المحلية والخارج. وهناك آليات تضمن الشفافية في تقديم المنح الجامعية للطلبة.
وانتقد أداء بعض الجامعات التي بادرت الجمعية للتنسيق والتعاون معها في تقديم المنح الدراسية، خاصة مخالفتها لمعيار الحالة الاجتماعية للمرشحين، حيث تبين تقديم العديد من الحالات غير المستحقة.
تأخير في صرف المستحقات
مشاكل وعقبات أخرى تقف في وجه الطالب بعد حصوله على المنحة الدراسية ومنها عدم صرف مستحقات هذه المنحة من الجهة المقدمة لها أو من وزارة المالية في موعدها ، ويقول الطالب محمد يونس من مدينة دير البلح : إنه حصل على منحة كاملة عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية لدراسة المهن الطبية في جامعة الأزهر تخصص أشعة ولكنه وفي كل فصل دراسي يتأخر حصوله على مستحقات المنحة التي يعتمد عليها في رسوم ومصاريف الدراسة ، فتضطر عائلته لدفعها لحين الحصول على المنحة .
ويقول أبو العلا : إن العقبة تتمثل في تأخير دفع المستحقات للطلاب من قبل وزارة المالية أيضاً التي أحياناً لا يتم صرفها لهم مطلقاً، مشيراً إلى أن بعثة الجزائر العام الماضي على سبيل المثال والتي كانت تتكون من 150 طالباً بتكلفة لا تتجاوز ألفي دولار عجزت وزارة المالية عن دفعها بحجة عدم وجود ميزانية مبررة ذلك بأن الأولوية في الميزانية لرواتب الموظفين ثم الصحة فالتعليم .
وأوضح أن الأسباب الكامنة وراء تلك القضية كثيرة ومعقدة حيث أصبحت تتحكم في هذه البعثات الدول الأوروبية التي أصرت على أن تكون هذه المنح جزءًا لا يتجزأ من المساعدات التي تقدمها للسلطة الوطنية .
ونوه أبو العلا بأن أبناء الشهداء والأسرى والمعتقلين والعشرة الأوائل تكون منحهم الدراسية من حصة الرئيس عرفات لتتمكن من الالتحاق بالجامعات في الخارج وقال : إن الدول الأوروبية بدأت تمنح طلابنا مقاعد دراسية في جامعاتها وتعتبر فرنسا من الدول التي تحرص دائماً على تقديم الدعم والمساعدة للطلاب الفلسطينيين .
المنحة السعودية
توزيع آخر للمنح أيضاً تم داخل الجامعات الفلسطينية ضمن آليات معينة ،لتضمن العدالة كما يقول القائمون عليها، فاللجنة السعودية قدمت منحاً لـ(4236) من طلبة جامعة النجاح ، وتحدث الأستاذ رشيد الكخن المدير المالي في الجامعة عن آليات توزيع تلك المنح بما يضمن وصول الأموال إلى مستحقيها وقال :" امتدت مرحلة التأكد من حاجة المتقدمين للمنحة إلى شهرين ، وعمل فيها مئات الأكاديميين وجيش من السكرتيرات والعاملين على تفريغ البيانات على الكمبيوتر فنحن نعلم مدى حاجة الطلبة إلى المنحة ، نتحدث عن طلبة تردت حالاتهم وحالات أسرهم المادية إلى الحد الذي أصبح عليهم فيه تخير وسيلة أنفاق ما بيدهم من المال بين تعليم أبنائهم وتوفير لقمة العيش لهم، من هنا كانا متشددين جدا في تطبيق مبدأ الشفافية والحرص على استفادة الأولى وهو الأحوج.
ويضيف الكخن :" حتى لجنة فرز الأسماء شكلت لضمان هذا الجانب، فحسب تعليمات إدارة الجامعة ضمت اللجنة الدائرة المالية وعمادة شؤون الطلبة ومجلس الطلبة ليكون الطلاب مطلعين بأنفسهم على آلية التوزيع ومشاركين فيها".
توصيات
في ورشة عمل نظمها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، حول آلية إدارة المنح الدراسية ، خلص المشاركون إلى عدد من التوصيات التي تضمن الاستغلال الأمثل للمنح الدراسية المتوفرة، وتؤمن حصول المرشحين على قاعدة الكفاءة والدرجات العلمية ، ومن بين هذه التوصيات :
- عقد لقاء موسع بين وزارة التربية والتعليم العالي واللجنة الفلسطينية العليا للمنح التعليمية ورؤساء الجامعات وممثلي المنظمات الأهلية للارتقاء بإدارة المنح الدراسية وتحديد آليات موحدة للتعامل مع المنح التعليمية المحلية والخارجية.
- النزول بنظام المنح التعليمية إلى مراحل ما قبل التعليم الثانوي.
- إصدار موازين لحصر كافة المنح الدراسية الواردة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وتوزيعها بشكل عادل.
- فتح ملف المنح الخاصة بالدراسات العليا ومناقشته على مستوى علني.
- إعداد دليل بالخيارات التي تساعد الطالب على تحديد خياراته، وتوزيعه على خريجي الثانوية العامة.
- تشكيل صندوق وطني لدعم الطالب الفلسطيني تشرف عليه الأطر الطلابية ووزارة التربية والتعليم العالي واللجنة الفلسطينية العليا للمنح التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني المختصة في تقديم المنح الدراسية للطلبة.
- تطوير آليات الرقابة على المنح الدراسية ونشرها العلني في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب.
- قيام وزارة التربية والتعليم العالي بحملة توعية، تشارك فيها كافة الجهات والأطرف ذات العلاقة بإدارة المنح التعليمية، تساعد الطلبة الخريجين على تحديد احتياجاتهم، وبما يتلائم مع استراتيجية تنموية شاملة تخدم أهداف التنمية الفلسطينية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الفلسطيني.
التعليقات