عاجل

  • شهداء وجرحى جرّاء تدمير طيران الاحتلال منزلاً في مخيم خانيونس جنوب قطاع غزة

ذاكِرَة في مهب الرِّيح

ذاكِرَة في مهب الرِّيح

بقلم: مارون سامي عزّام

*مع الافتتاح المذهل والرّائع للألعاب الأولمبية في اليونان والتي كما هو معروف تاريخياً عادت إلى بيتها الأصلي، انطلقت الألعاب المختلفة على ملاعب اليونان ومدرَّجاتها، وانطلقت أيضاً ألسن المعلقون الرياضيون انطلاقة حماسيّة رهيبة من كافة الفضائيّات العالميَّة والعربية على وجه التحديد، تعدو لاهثةً خلف مراحل الافتتاح مادحةً تقنياته العالية والتجسيد التاريخي التسلسلي لتاريخ اليونان، وكأن الأولمبياد أصبح صرحاً لزعيمٍ عربي، يعمل المعلِّقين العرب كل جهدهم على تأليهه، "أنجق تقول مطوَّبة الأولمبيادة على اسمهم".

وكالعادة كانت قناة "الجزيرة الرِّياضيَّة" الرَّائدة في نقل الافتتاح وما يشتق منه من ألعابٍ مختلفة، تحتاج إلى مهارة عالية جداً، بصراحة أنا لست خبيراً في مجال الرِّياضة، لكن حتّى التعليق الرياضي يحتاج إلى مهارة معلوماتية في مجالات أخرى، وما فعله المعلق الرِّياضي لهذه القناة الذي أخذ يوصف مسهباً ماذا حصل في الكواليس وماذا يحصل ميدانيّا على الشّاشة، يحكي لنا "إشي كان وإشي ما كان" لا يُصدَّق وغير قابل للتشكيك أبداً، ولا يجوز أن يحصل لمعلقٍ رياضي يحترم القناة ويحترم نفسه ومهنته، إذ طفق يُعدِّد كبار الضيوف الذين حضروا إلى اليونان من كافة أنحاء العالم، ومن بين هؤلاء الضيوف ذكر اسم الممثلة الإيطاليَّة العالمية "صوفيا لورين"، نحن لم نشاهدها ولكنني أعلق على ذمَّة المعلق، الذي راح يصف جمالها، (وستبلغ السبعون)، و"زوَّدنا" ببعض "المعلومات المفيدة" عن تاريخها الفني العريق، ويبدو أن هذا المعلق "القدير" قد أصابه جمالها بمرض النسيان، ومحت ذاكرته كلياً، عندما قال عنها بتلهف شديد، بأنها قد مثَّلت الفيلم المعروف عالمياً والرّائع "ذهب مع الرِّيح"!!!.

لم أصدق ما قاله المعلق الرِّياضي لقناة "الجزيرة الرِّياضية"، أنا لم أنتبه لاسمه، لأنه لم يخطر ببالي أن يصعقنا بنيزك معلومة مدمِّرة للذاكرة البشرية، واعتقدت أنه سوف يُصلِّح خطأه، ولكن للأسف استمر في تكرار خطأه الفادح، ولم ينبهه مخرج البرنامج ولم ينتبه له أعتقد معظم المشاهدين العرب، لأنهم كانوا "منسطلين على الآخِر" من عَظَمَة الافتتاح، فمثل هذا الخطأ يخجل به أي معلقٍ رياضي أو غير رياضي، فكيف يجرؤ على قول مثل هذه المعلومة التي لا أساس لها من الصحة، فإذا كان غير متأكد منها فيجب ألاّ يقولها "من أصلو"، لأنه ليس هذا المكان الذي يقال فيه مثل هذه المعلومة، ولا حاجة أن يزيد المشاهد العربي جهلاً على جهله، لأن فيلم "ذهب مع الرِّيح" مثله كل من "كلارك غيبل" و"فيفيان لي" والذي أنتِجَ في عام 1939، أي أن النجمة "صوفيا لورين" كان عمرها (5) سنوات عندما مثلت الفيلم، فهي وُلدت في 20/9/1934، أي بدأت ترضع الفن السِّينمائي، منذ نعومة أظافرها "يا ساتر"...

والله "هنيئاً" للنجمة القديرة "صوفيا لورين" على "دورها" العظيم الذي أدَّته في فيلم "ذهب مع الريح، "يعني لم يكذب "أبو عنتر" عندما قال في مسلسل "صح النّوم الشَّهير، "كل عمري في السينما وأوَّل صف"!!، هذا حقاً دليل على المعلومة "القيِّمة جداً" التي أضافها للمشاهد العربي، فهو يكفيه ما يعانيه من شح معلوماتي رهيب، منذ تكاثر خلايا الفضائيّات الغنائية العربية المسلية، وبرامج تلفزيون الواقع التي لا تعكس أبداً الواقع العربي المرير، والذي أضافه مرارةً ما بعدها مرارةً، تعليق المعلق الرِّياضي لقناة "الجزيرة الرِّياضيّة" الذي "أظهر" للعالم العربي مفتخراً، عضلات معلوماته المنفوخة بفضل إبَر سيليكون الجهل والغباوة، والمصيبة الكبرى، أن أوتاره الصوتية، تكاد أن تغدو مبحوحةً، فمثل هذه المعلومة لو حصلت في أي دولة محترمة تحترم مشاهديها، لكانت وبَّخته توبيخاً شديداً، وقدَّمت فيه تقريراً إلى إدارة قناة التلفزيون، مثلما يحصل في إسرائيل في بعض الأحيان مع العديد من مقدمي البرامج التلفزيونية والإذاعية المعروفين، ولكن حتى الصحافة العربية المعروفة والتي تسبح في الإنترنت، لم تعلق على ما قاله هذا المعلق، لأنها تقول علناً ومن دون أن تستحي من نفسها، "عنّا من الخرّوب سدِّة ملانة"...

(شفاعمرو)

التعليقات