النص الكامل للورقة الأمنية الفلسطينية للتعامل مع المبادرة المصرية

النص الكامل للورقة الأمنية الفلسطينية للتعامل مع المبادرة المصرية

غزة-دنيا الوطن

وافق الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على المقترحات التي سبق أن تقدم بها الوزير عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية، وتقضي بتوحيد الأجهزة الأمنية العائدة للسلطة الفلسطينية في ثلاثة أجهزة، واستبدال قادة الأجهزة الحاليين بآخرين اقترحهم سليمان من بين الذين ينسجمون مع التوجهات السلمية، وذلك وفقا لنص الورقة الأمنية التي اقرها مجلس الأمن القومي الفلسطيني وسلمت للمسؤول المصري لدى زيارته السابقة لرام الله المحتلة، ويفترض أن يكون قد قدم وجهة نظره فيها خلال زيارته لرام الله المحتلة، التي بدأت أمس.

تقول الورقة التي حصلت (الوطن) على نصها إن السلطة الفلسطينية، كي تتمكن من تحمل مهامها الأمنية عند تنفيذ الانسحابات التي تتضمنها خطة شارون، قررت توحيد الجهود الأمنية للأجهزة الأمنية الفلسطينية ووضعها تحت قيادة موحدة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتنسيق عملها من خلال غرف عمليات مركزية في رام الله المحتلة وغزة، وغرف عمليات فرعية في المدن والقرى الأخرى.

وأكدت الورقة، وهي احدى ورقتين ثانيتهما سياسية تم تسليمهما للوزير سليمان، على ضرورة الضغط على اسرائيل لرفع الحصار عن الرئيس عرفات. وقالت إن نقطة الانطلاق الأساسية لوضع حد للمواجهات اليومية، وما ينتج عنها من زيادة تعقيد الأوضاع وتضييع الوقت هي اعلان وقف مشترك غير مشروط لإطلاق النار يهيىء للعودة إلى تنفيذ ما ورد في مشروع خارطة الطريق.

غير أن الأهم من كل ما ورد في الورقة الأمنية هو ما لم يرد فيها لجهة المرجعية التي ستتبعها الأجهزة الثلاثة، حيث تم اغفال ذلك بشكل كلي، ما يعني بقاء مرجعية عرفات على حالها، بالضد من المقترحات والضغوط الأميركية ـ الإسرائيلية، وكذلك العربية، التي تريد اتباع هذه الأجهزة لوزير داخلية جديد أقوى المرشحين لشغله اللواء نصر يوسف، الذي يطالبون أن تكون مرجعيته رئيس الوزراء.

هنا نص الورقة الأمنية:

بناء على الموافقة غير المشروطة للسلطة الوطنية الفلسطينية على خطة خارطة الطريق وقرارها بالعمل على تنفيذ ما ورد فيها من الالتزامات، باشرت السلطة الوطنية الفلسطينية تنفيذ خطة اصلاح الأجهزة الأمنية التي وضعها مجلس الأمن القومي على الشكل التالي:

ـ العمل على توحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية في اطار ثلاثة أجهزة تمارس مهامها تحت قيادة واحدة، هذه الأجهزة هي:

ـ جهاز الأمن الوطني.

ـ جهاز الأمن العام.

ـ جهاز الأمن السياسي.

أولا: يقوم جهاز الأمن الوطني بحماية الحدود والشواطىء والمياه الإقليمية والموانىء والمطارات والفضاء الخارجي، كما يقوم بأعمال الدفاع المدني واعمال الإنقاذ عند وقوع حوادث وكوارث عامة أو كوارث طبيعية، كما يقوم بالمساعدة على تعزيز الأمن الداخلي عند الحاجة.

ثانيا: يقوم جهاز الأمن العام بالأعمال الشرطية كاملة من تأمين النظام العام وسيادة القانون، وتنفيذ الأحكام القضائية والعدلية، وحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقتنياتهم، وحماية المؤسسات العامة والدوائر الرسمية، واشاعة جو من الطمأنينة والشعور بالأمان.

ثالثا: يقوم جهاز الأمن السياسي بالعمل على تحقيق الاستقرار السياسي وفق المهام المنوطة به من مكافحة العنف والارهاب واعمال التجسس، والمساعدة على تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي، وتأمين المعابر الدولية بالتعاون مع جهاز الأمن العام.

تشمل اعادة الهيكلة: اعادة ترتيب الأوضاع الداخلية لكل جهاز بما يشمل حجم القوات وبنيتها الداخلية وتسليحها وتجهيزها وتحديثها وتحديد مهامها ونوعية تدريبها ومستواه، وانتشارها في الأراضي الفلسطينية.

كما تشمل امكانية تسمية قيادات جديدة للأجهزة الثلاثة تتمتع بالكفاءة والسيرة الحميدة والايمان بالسلام والتعايش السلمي.

ولكن، ونظرا للظروف الراهنة والتطورات الدراماتيكية التي استجدت بعد اعلان خطة خارطة الطريق لم تتمكن السلطة الوطنية الفلسطينية من استكمال تنفيذ خطة اصلاح الأجهزة الأمنية وهيكلتها، وذلك بسبب ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من تدمير للبنية التحتية لتلك الأجهزة، وتدمير مقراتها ومصادرة معداتها واسلحتها، ومنعها من القيام بمهامها الأمنية المقررة.

لقد جرى ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه أجهزة الأمن الفلسطينية في اطار الحصار العام الذي تفرضه بشكل دائم لتلك القوات على المناطق والمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وفي ظل القيود التي وضعتها على حركة المواطنين الفلسطينيين وبضائعهم ومنتجاتهم، وما تمارسه عليهم من اهانات وعرقلات، بالإضافة إلى ما تمارسه من الأعمال العسكرية في المناطق الفلسطينية واستخدامها للقوة الزائدة وقيامها بأعمال الاغتيال المنهجي وتدمير منازل المواطنين في اماكن مختلفة ومصادرة الأراضي وتدمير المزروعات والاستمرار بالتدمير المنهجي للبنية التحتية الفلسطينية.

لقد زادت أعمال بناء الجدار الفاصل من صعوبات الأوضاع الفلسطينية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية لما تسببت به من مصادرة مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية وتدمير للمزروعات، واقتلاعها للأشجار، وما نجم عن مسار الجدار من حصار للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، واغلاقه لعدد كبير من الطرق الرئيسية، وفصله لأراض زراعية عن اصحابها ومصادر المياه عن التجمعات السكانية التي تعود لها.

بعد اعلان شارون عن خطته للانفصال احادي الجانب وعن نيته حسب هذه الخطة الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وبعض مناطق الضفة الغربية، ونظراً لوصول عملية الإصلاح واعادة الهيكلة إلى حالة الجمود، قامت السلطة الوطنية الفلسطينية، وحسب خطة من مجلس الأمن القومي الفلسطيني بإعادة تنظيم مؤقت للأجهزة الأمنية الفلسطينية على الصعيد الميداني بهدف العمل على استعادة السيطرة الأمنية تدريجيا في المناطق الفلسطينية بالرغم من استمرار الاحتلال، ولمواجهة أية مواقف سلبية قد تنجم عن الانسحابات المفاجئة للقوات الإسرائيلية غير المنسقة مع الجانب الفلسطيني، ولتتمكن السلطة الفلسطينية من تحمل مهامها الأمنية عند تنفيذ تلك الانسحابات، تشمل اعادة التنظيم التكتيكية هذه توحيد الجهود الأمنية للأجهزة الأمنية الفلسطينية ووضعها تحت قيادة موحدة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتنسيق عملها من خلال غرف عمليات مركزية في مدينتي غزة ورام الله المحتلة، وغرف عمليات فرعية في المدن والقرى الأخرى. هذا وسيعود العمل لاستكمال الهيكلة للأجهزة الأمنية حسب الخطة المعتمدة فور الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية.

لقد حققت اجراءات اعادة التنظيم المؤقت تقدما ملحوظا ونجاحات مهمة في الشهرين الماضيين على صعيد الأمن الداخلي، وفي ضبط حالة الفلتان الأمني، ومنع العمليات الانتحارية، والعودة التدريجية للحضور الأمني الرسمي الفلسطيني واستعادة السيطرة الفلسطينية الأمنية وتحقيق النظام العام، ولقد ساعد على ذلك ما اتخذته حركة فتح كبرى الحركات السياسية الفلسطينية من خطوات جدية لمساندة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على الصعيد الشعبي في انجازها لمهامها الأمنية.

ومن الجدير بالذكر، ولانجاح خطتي العمل السياسي والأمني، لابد من الضغط على اسرائيل لرفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات لتمكينه من الحركة الحرة غير المقيدة في المناطق الفلسطينية ومنها وإليها، والتوقف عن توجيه الاتهامات الإسرائيلية الباطلة له لتبرير الإستمرار في عزله ولإبقاء الأوضاع كما هي عليه الآن، قلقة وغير مستقرة، وحتى تبقى اسرائيل تعمل لوحدها بإبعادها للشريك الفلسطيني. هذا مع التأكيد على أن رفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات سيساعد حتما على تحقيق التهدئة العامة واعادة ضبط الأمور والتمهيد لاستعادة الثقة المتبادلة الفلسطينية ـ الإسرائيلية والعودة إلى مائدة المفاوضات في مناخ ايجابي لما يتمتع به الرئيس الفلسطيني من مكانة واحترام في اوساط الشعب الفلسطيني.

إن نقطة الإنطلاق الأساسية لوضع حد للمواجهات اليومية وما ينتج عنها من زيادة تعقيد الأوضاع وتضييع للوقت، هي في اعلان وقف مشترك غير مشروط لإطلاق النار حيث يمكن بعد ذلك العودة إلى تنفيذ ما ورد في خطة خارطة الطريق. وفي هذا الإطار يجب أن يلتزم الطرفان بعد الإعلان عن وقف اطلاق النار بالتوقف التام عن القيام بردود الفعل في حال وقوع بعض الحوادث المنعزلة، وذلك لتعزيز وقف اطلاق النار ولايجاد أجواء ايجابية تمهد لعودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي كشريكين كاملين إلى مائدة المفاوضات في جو من الثقة والإلتزام والإحترام.

وفي مجال وقف اطلاق النار ترحب السلطة الوطنية الفلسطينية بوجود طرف مراقب ثالث موثوق به من الطرفين وبالتنسيق مع اللجنة الرباعية لمتابعة الأوضاع بعد اعلان وقف اطلاق النار ولتعزيز هذا الوقف واستمراره، ولايجاد المناخ الملائم لعودة التنسيق الأمني المشترك الفلسطيني الإسرائيلي، تمهيدا للعودة إلى المفاوضات ولكسب الوقت وانجاز خطة خارطة الطريق في الوقت المحدد لها.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن انجاز الموضوع الأمني يحتاج إلى تعاون من اسرائيل بقيامها بتنفيذ التزاماتها كاملة، حسبما ورد في خطة خارطة الطريق، وتوقف قواتها عن ممارساتها في الأراضي الفلسطينية ضد الشعب الفلسطيني، واتخاذها قرارا حقيقيا بوقف الاستيطان وتجميد توسيع المستعمرات القائمة والعمل على انهاء الاحتلال الذي مضي عليه ما يقارب الأربعين عاما، وادراكها أن السلام هو أفضل وسيلة لتحقيق الأمن.

وكان الوزير المصري شدد خلال زيارته السابقة لرام الله المحتلة على ضرورة وجود ثلاثة اجهزة امنية هي الأمن الوطني والأمن السياسي ووزارة الداخلية (الأمن العام)، واعتبر أنه وجد علامات مشجعة لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بخصوص وضع حد لحصار الرئيس الفلسطيني.

وتتكون الخطة المصرية التي نقلها سليمان لعرفات وشارون في زيارته السابقة من ثلاث مراحل هي، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية في وقت سابق:

المرحلة الأولى: تبدأ بجولة سليمان وتستهدف الاتفاق على الضمانات الكفيلة بتنفيذ الخطة من جانب كل طرف مع التزام صارم بعدم وقوع أي انتهاكات، وضع برنامج زمني لتنفيذ ما يتم الإتفاق عليه.

المرحلة الثانية: تتضمن البدء في الانسحاب من غزة وتفكيك المستعمرات بما فيها المستعمرات الثلاث بالضفة الغربية.

المرحلة الثالثة: عودة إلى مائدة التفاوض بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وفي اطار تنفيذ خارطة الطريق. وتوقعت أن يبدأ التنفيذ العملي لمراحل الخطة أو للإجراءات التمهيدية اللازمة لها في نوفمبر المقبل.

وإلى جانب تأكيد الوزير سليمان على ضرورة منح صلاحيات اضافية لأحمد قريع (أبو علاء) رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، فإنه اقترح كذلك اسماء محددة للاختيار من بينها من يتولى قيادة الأجهزة الأمنية الثلاثة بعد توحيدها: العقيد محمد دحلان، اللواء نصر يوسف، اللواء صائب العاجز، اللواء عبد الحي عبد الواحد، العقيد محمد الهندي، وابقاء العميد جبريل الرجوب في موقعه الحالي مستشاراً للرئيس لشؤون الأمن القومي، ما يعني الإطاحة بجميع قادة الأجهزة الأمنية الحاليين الموالين لعرفات، والمدانين بالفساد.

وكانت حركتا الجهاد الإسلامي وحماس طالبتا بعدم تقديم السلطة الفلسطينية أي التزامات امنية مقابل الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من قطاع غزة، فيما يطالب قادة وكوادر ومناضلو كتائب شهداء الأقصى، وغيرها من الفصائل المقاتلة المنبثقة عن حركة فتح بأن يشاركوا في الحوار الوطني الفلسطيني، وأخذ رأيهم في القضايا المصيرية، مع ملاحظة أن الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني سيبدأ هذه المرة، وفقا لما حددته القاهرة منتصف الشهر المقبل، وبعد اتفاق السلطة تفصيليا مع اسرائيل من خلال مصر على الوضعين الأمني والسياسي، بما من شأنه وضع الفصائل الفلسطينية الأخرى امام الأمر الواقع، وجعل مهمة الحوار المقبل احتواء الخلافات والتباينات التي ستنشأ عن اقرار المبادرة المصرية، بدلاً من التحاور على صياغة موقف موحد منها.

التعليقات