اسلحة الجيش العراقي.. في اسرائيل

اسلحة الجيش العراقي.. في اسرائيل!

عرفات حجازي

لم يكن احد يحتاج الى دليل ليقف على حقيقة استقواء اميركا واسرائيل على العرب والمسلمين من اجل شن حرب على العراق وتدميره وسحق بنيته التحتية حتى تستطيع اسرائيل تحقيق اطماعها واهدافها وتنفيذ مؤامراتها التي بدأت منذ ضرب مفاعل تموز النووي قبل ثلاثين عاما من اجل تهيئة المنطقة كلها للمشاركة في شن الحرب على العراق!!

فضائح الجلبي

ولعل فضائح احمد الجلبي الذي سخرته المخابرات الامريكية واقامت له علاقات وثيقة مع اسرائيل التي زارها ونسق معها اعطت الف دليل على ان المخابرات المعادية للعرب والمسلمين هي التي انفقت الاموال الطائلة من اجل خلق معارضة عراقية كان هدفها تشويه سمعة النظام العراقي السابق الذي رفض الانحناء للولايات المتحدة ورفض كل وساطات وضغوط الدنيا لترك اي مجال لليهود ان يحققوا أي هدف من اهدافهم في العراق الذي يعتبر وجدان العرب والمسلمين!

وكانت الولايات المتحدة وكذلك اسرائيل لا تخشى من قوة عربية او اسلامية الا القوة العسكرية والمعنويات العالية للعراقيين والجيش العراقي ولهذا اقاموا ذلك الحشد الذي لم يوجه ضد أي عدو في حروب التاريخ ولكن العبقرية العراقية استطاعت اخفاء معظم اسلحة الجيش الذي لا يمكن ان يكون بقدرته مواجهة القوات الغازية مهما بلغت استعداداته، كما استطاعت تلك العبقرية ادخار معنويات الجيش المتدفقة باخفائها حتى لا تواجه الصدمة الكبرى واستطاع الجيش بمعنوياته وسلاحه ان يحول النصر الذي حققه المرتزقة والعملاء الى هزيمة عار اكدت ان المقاومة مهما كانت محدودة وان اسلحتها مهما كانت متواضعة الا انها قادرة على قلب الوقائع وتحويل نصر المرتزقة الى هزيمة يتندر بها العالم اليوم الذي يتابع الورطة الامريكية في العراق وكيف انها تحولت الى استجداء كل قوى العالم لنجدتها واستبدال جنودها الذين اصبحوا وقودا لمعركة التحرير بجنود مرتزقة اخرين يقبلون ان يقتلوا بدلا من جنود الجيش الامريكي الذين يتأهبون للهرب من معركة وهم لا يقدرون على المواجهة فيها وهي معركة المقاومة التي زلزلزت قيادات التحالف وكان من اول بواكير فضائحها ان هوى »ازنار« عن عرش اسبانيا لينتظر بقية قادة المتحالفين الذين ينتظرون ذات السقوط لانهم دخلوا معركة ولم يستطيعوا ان ينالوا من جيشها الحقيقي ولم يقدروا على امتلاك اهم سلاحها السري!!

الخردة في اسرائيل

ولكن الايام كشفت ان الذين استفادوا من هذه الحرب هم الذين كانوا يتأهبون للفوز بغنيمة سقوط النظام السابق وهم علماء الاثار اليهود الذين كانوا يحيطون بكل متاحف ومكتبات العراق الوطنية فدخلوها قبل اي جندي وطأت اقدامه ابوابها وقاموا باعظم عملية نهب لاثار وكنوز حاضرة العباسيين التي كانت تعتبر ذاكرة التاريخ في عظمة هذه الأمة وهذه الديار التي شهدت ولادة الحضارة قديمها وحديثها بين جنباتها كما وتوجهت في ذات الوقت جماعات من خبراء الصناعات العسكرية الاسرائيلية للاستيلاء على اسلحة الجيش العراقي وامتلاك اسراره ولانهم لم يستطيعوا الوصول الى السلاح الحقيقي الذي اختفى. كما اختفت تشكيلات المقاومة العراقية فقد عقدوا اتفاقا مع الادارة الامريكية لاستيلاء اسرائيل على كل ما اطلقوا عليه اسم »الخردة« وهو حطام اسلحة الجيش العراقي السابق وما يمكن العثور عليه من آليات صالحة ولقد تمكنت اسرائيل من نقل الوف الشحنات من العراق الى اسرائيل الى ان افتضح امرها مؤخرا عندما اخذ الاردن يكشف عن وجود مواد مشعة في تلك »الخردة« التي يجري نقلها الى اسرائيل عبر الاراضي الاردنية!!

مجلس الحكم.. لا يحكم!

وعندما ارتفعت الاصوات من كل مكان تطالب بوقف شحن هذه الخردة من العراق الى اسرائيل تبين ان مجلس الحكم العراقي السابق ليس باستطاعته ان يتدخل في اتفاقية ابرمها الحاكم الامريكي، كما ان الحكومة العراقية الجديدة المؤقتة لا قدرة لها على الغاء اتفاقية ابرمها السادة الامريكان مع اسرائيل وهكذا فان السؤال الذي يبقى مطروحا هو لماذا اختارت قيادة الحكم الامريكي في العراق ابرام اتفاقية في وقت مبكر مع اسرائيل وحدها لبيعها »الخردة« وقد ثبت بان هذه »الخردة« ما هي الا مخلفات الاسلحة العراقية بل ومن بين هذه الخردة. كما ثبت قطع كاملة من اسلحة عراقية صالحة للاستعمال وقد حدث كل ذلك دون ان يجرؤ اعضاء مجلس الحكم ان يعترضوا او حتى يتساءلوا لماذا هذا الامتياز تعطيه ادارة الاحتلال لاسرائيل وحدها؟!

والمطلوب من الاردن الان ان يبقى على موقفه الحازم بعدم فتح حدوده لنقل هذه »الخردة« التي ثبت انها تحتوي على مواد اشعاعية قد تشكل خطرا على المواطن الاردني ولكن قد تكون وسيلة من وسائل نهب الثروات والقدرات العراقية العسكرية التي كان يتمتع بها العراق والتي تحاول اسرائيل الوصول اليها والسيطرة عليها وبشكل خاص كل ما يتعلق بالسلاح العراقي الذي اصبح معظم ما امكن العثور عليه قد جرى نقله لاسرائيل التي تستفيد منه في ابحاثها ودراساتها وفي اعادة تصنيعه سلاحا جديدا لقتل المواطن العربي والمسلم وكل من رفض الاستسلام لارادة وسياسة امريكا واسرائيل..

اوقفوا هذه المأساة!

واذا كان الاجراء الاردني الحازم والمسؤول الذي كشف عن ان منطقة الموقر الاردنية قد تجمعت على اراضيها كميات هائلة من معدات الجيش العراقي من دبابات وطائرات وسيارات وآليات عسكرية مختلفة وانه قرر اغلاق هذه المنطقة حرصا على سلامة المواطنين الاردنيين الذين ارتفعت صرخاتهم في الاونة الاخيرة وهي تشكو من انبعاث اشعاعات سامة ملوثة لا يدري احد حتى الان مدى ما ستلحقه من اضرار بحياة المواطنين وان الحكومة ستعمل على انشاء منطقة خاصة على الحدود مع العراق تصل مساحتها الى الف دونم لاستقبال المواد الخردة التي كان يستعملها الجيش العراقي والتي سيجري نقلها الى اسرائيل!!

واذا كان مجلس الحكم العراقي المؤقت وحكومته المؤقتة التي كان يختار رؤساؤها واعضاؤها الحاكم الامريكي بريمر الذي وجه اهتمامات الرأي العام الى تأجيج النقمة ضد النظام السابق واختلاق قضايا القتل والمقابر الجماعية والتعذيب لالهاء الشعب العراقي عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال وما يخططه لالغاء عروبة العراق وعن المقابر الجماعية القديمة التي جرى انشاؤها لاخفاء جرائم بوش الاب الذي قتل عشرات الالاف من العراقيين في حربه الاولى على العراق وقام بعده بوش الابن بتدمير العراق وقتل عشرات الالاف من ابنائه وفتح المقابر الجماعية الجديدة لهم لاستكمال تفريغ احقاد الحروب الصليبية في ابناء الرافدين الذين كان لهم باستمرار وقفة خالدة مشرفة في التاريخ. وليس اكثر استهانة بعقول العراقيين ما اعلنه هذا الاسبوع وزير خارجية العراق الجديد الذي قال ان محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين ستبدأ قريبا وستكون اول الاتهامات الموجه له تدميره للبنية التحتية للعراق!!

من هدم البنية التحتية؟

وكل الدنيا تعرف ان العراق كان الى ما قبل الاحتلال بلد الخير وبلد الماء والبترول والخدمات وبلد العروبة والاسلام والشرف والدفاع عن الاوطان ولان الحرب التي شنها الرئيس بوش كانت حربا حاقدة وكما اعترف رامسفيلد وزير الدفاع امام اللجنة العسكرية في الكونغرس الامريكي بانه جرى فعلا استعمال اسلحة نووية ضد العراقيين وبالعودة الى الذاكرة لن نجد صعوبة في تذكر الغارات الليلية التي كانت تشن على مدينة بغداد وحدها والتي كانت تتضمن صواريخ توما هوك وانه كان يتساقط على عاصمة العباسيين في كل ليلة اكثر من الف صاروخ وانه بعد سقوط العراق كان العراقي قد افتقد الماء والكهرباء والوقود وحتى الغذاء وجرى تدمير البنية التحتية والفوقية بفعل هذه الحرب الحاقدة العنصرية الصليبية على العراق وبعد ذلك يأتي وزير خارجية العراق اليوم الذي عينه الاحتلال الامريكي ليعلن ان محاكمة الرئيس العراقي صدام ستبدأ بتوجيه الاتهام له بتحطيمه البنية التحتية للعراق من اجل تحميل النظام السابق مسؤولية الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الامريكي للعراق!!

منذ ان بدأ العدوان الغاشم على العراق بدأت معه حرب الاكاذيب لتشويه صورة العراق العربي المسلم حتى يسهل عليهم الغاء عروبته واسلامه وحتى يسهل نقل كل خبراته والسيطرة على كل مقدراته كما يفعلون اليوم اذ ان العراقي لا يجد اليوم قدرا من الوقود لاضاءة سراج في بيته بينما النفط العراقي بلغ اليوم اعلى طاقات انتاجه وتصديره واخذت صادراته تعيد للنفط العراقي عصره الذهبي ولكن بدلا من ان تعود الواردات للشعب العراقي. كما كانت في السابق انحصرت اليوم لتدخل جيوب تشيني ورامسفيلد وبقية الحاقدين على العروبة والاسلام.. اما ترويج ما تبقى من اكاذيب عن النظام السابق فهو من اجل نقل ما يستطيعون الحصول عليه من اسلحة وضمها الى الترسانة الاسرائيلية التي لن يرضيها الا ان يبقى العراقيون اسرى اوهام خلقها لهم الاعداء وروجها الحاقدون من العملاء!!

القرار للشعب العراقي!!

لم نسمع وعيدا وتهديدا واتهاما من احد ضد الرئيس صدام والبعث والقيادة العراقية كما سمعناه من احمد الجلبي الذي حمل المنجل وهو يهدد باجتثاث الجميع.. ولكن لان الاوطان لا تقوم على ايدي العملاء عادت اميركا وكشفت عن جانب من مرتزقتها وكشفت عن مهمة الجلبي ورجاله وتقاريره والمنجل الذي يهدد به باجتثاث الشعب العراقي من اصوله العربية والاسلامية الى ان جاءت نهايته باسرع مما كان يتصور لان العملاء عادة ليس لهم ما يسندهم الا استمرار عمالتهم اما عندما يفقدون هذه المؤهلات فانهم يتساقطون وحدهم دون اي جهد يبذله احد المواطنين الشرفاء..

وامثال الجلبي الذي انحصرت مهمتهم في محاولة تغطية الشمس بغربال من اجل توجيه الانظار عن المجرمين الحقيقيين الذين يدمرون العراق ويسرقون ثرواته وتاريخه فان الشعب الذي يقود اليوم اعظم مقاومة ورطت الولايات المتحدة بعار جديد فهي الكفيلة ان تؤدب العملاء. كما هي كل يوم تعطي دروسا للمحتلين بان الارض لن يحرثها الا عجولها وان العراق لن يحميه الا ابناؤه المجاهدون وان العملاء سيقدمهم الشعب للمحاكمة حتى يعود الاعتبار للوطن وللاشراف من المواطنين.

التعليقات