الفنان ماجد شلا :شبابيك من غزة هو المنفذ الوحد الذي نحاول من خلاله الاطلال على العالم
الفنان ماجد شلا :شبابيك من غزة هو المنفذ الوحد الذي نحاول من خلاله الاطلال على العالم
غزة-دنيا الوطن- سامي أبو سالم
الرئيس المحاصر ياسر عرفات والشيخ الشهيد أحمد ياسين أطلا برأسيهما من "شبابيك من غزة" على جدار الفصل العنصري الذي قسم صالة العرض في قرية الحرف والفنون إلى قسمين.
"شبابيك من غزة"، معرض للفن التشكيلي ضم بين جنباته لوحات فنية وأعمال إنشائية للفنانين ماجد شلا وباسل المقوسي وشريف سرحان، أقيم الثلاثاء الماضي برعاية "مؤسسة عبد المحسن القطان" التي لم يحضر منها أحد فعاليات الافتتاح.
قرية الحرف والفنون هي المحطة الأخيرة للمعرض الذي أهداه الفنانون إلى الفنان الشاب حسن حوراني الذي تاه في بحر يافا قبل أكثر من عام. قبل أن يحط في غزة، فتح المعرض شبابيكه على رام الله وبيت لحم والقدس والخليل.
غطاء الرأس الأبيض ودولاب الكرسي المتحرك تسلل من بينها دم الشهيد أحمد ياسين في صدر الرواق الشمالي للقرية، جاوره رمز الرئيس عرفات، الكوفية الفلسطينية بشكل خارطة فلسطين محاطة بالأسلاك الشائكة، عملان إنشائيان للفنان ماجد شلا جاورا مجموعة من اللوحات التي دمج فيها بين موهبته التشكيلية والتصوير الفوتوغرافي.
وقال شلا إن المعرض يتنقل منذ عام بين المدن الفلسطينية لينتهي هنا في غزة. منوهاً أن الأعمال الإنشائية لم تر النور الا في قرية الحرف والفنون بسبب منع قوات الاحتلال الاسرائيلي من نقلها.
جدار شلا لم يظهر في العمل الإنشائي فقط، فألواح الصبار جاورت فتاة باكية تطل من وراء شباك على بيت الجيران الذي فصله عنها الجدار. أما الأبواب الموصدة، فبقي نور خافت يتسلل إلى اللوحات التي غلب عليها الألوان القاتمة، دعا فيها شلا لكسر القيد عبر خروجه عن المألوف في لوحاته التي لم يلتزم فيها بحدود.
الفنان ماجد شلا قال إن "شبابيك من غزة" هو المنفذ الوحد الذي يحاول، وزميليه، من خلاله الاطلال على العالم والعكس، في محاولة لكسر الحصار الاسرائيلي الذي يقطع اوصال غزة ويفصلها عن باقي العالم.
في الوقت الذي كانت فيه المروحيات الاسرائيلية تدك حي الزيتون لفيف من الجمهور حضر افتتاح المعرض فيما أشبه بتحد في صراع من أجل البقاء. وسائل الإعلام كانت تتسابق في نقل تفاصيل سحق المقاومة الفلسطينية لستة جنود إسرائيليين، الأمر الذي جعل الفنان شريف سرحان يتحمس لفكرة تنفيذ عمل إنشائي "احتفاءً" بهذا الإنجاز.
في رده على عدم تنفيذ عمل لشهداء الزيتون بدلا من الجنود القتلى قال سرحان: "ان اعتراف الاحتلال بوقوع خسائر هو حدث غير مألوف ويثلج الصدر، بعكس أخبار الشهداء الفلسطينيين التي أصبحت للأسف مثل قهوة الصباح، فأضحى قتلنا عادة يومية، بجانب أنني أشفق على الجمهور المجبر على مواجهة القتل الإسرائيلي كل يوم، "لا أريد أن ألحقهم إياه في المعرض الفني أيضاً".
لقمة العيش المغمسة بالدم، عرضها الفنان شريف سرحان من خلال عمل إنشائي جسد فيه معبر بيت حانون "ايريز" الذي يمر من خلاله آلاف العمال الفلسطينيين كل صباح في ظروف لا تليق إلا بالبقر.
أجسام طينية تراصت كالسردين المعلب على أرضية سوداء أمام بوابة حديدية أحاطت بها الأسلاك الشائكة التي تناثرت حولها المعلبات وصناديق السجائر الفارغة. غلاف من الأسود القاتم غلف مسيرة العمال الذين ما انفكوا ينتظرون أمام بوابة الذل محكمة الإغلاق.
أضاف سرحان أن معاناة العمال التي لا تنتهي تلقي بظلالها على كل شرائح الشعب الفلسطيني، "فالأمل المفقود في انفراج وضعهم القاهر أيضاً يحاكي أمل الفنانين في ايجاد من يلتفت اليهم بشكل كافٍ".
شمس الحرية ألقت بنورها على طائرة ورقية حولتها رصاصات الاحتلال إلى غربال، عمل إنشائي للفنان باسل المقوسي الذي قال ان هذا العمل هو اهداء للطفل الذي مزقته رصاصات الاحتلال بينما كان يلهو بطائرته الورقية مع زميله الذي كان يصطاد العصافير شرق مدينة غزة قبل عدة أشهر. أما اطار السيارة المهترئ الذي كان جزءاً من العمل فكان رفضاً لبعض الظواهر التي لم يجد لها الفنان تفسيراً- ولا أنا.
دوامات البحر الغادر التي ابتلعت الفنان حسن حوراني جمعها الفنان المقوسي في باقة من الزهرات الزرقاء بالوان صافية. جاورها فلسطين منتصبة على حبل غسيل تحمل نعشها- اعتقدت أنه ربطة عنق- على كتفها وتمشي تائهة في طريق ذات اتجاه واحد.
وعبر المقوسي عن امتعاظه بسبب عدم تمكنه من حضور افتتاح المعرض في المدن الفلسطينية القريبة منه في الوقت الذي يستطيع فيه حضور معارض أخرى من العالم- إن سمح له الاحتلال.
السلّم، رمز اشترك فيه الفنانون الثلاثة، لا أعلم ان كانت بمحض الصدفة أم لا، فسلالم الفنان شلا ظهرت في جل لوحاته، كما ظهر الجدار، في رسالة لتحدي الصعاب، أما المقوسي فالتصق هذه المرة سلمه "اللزومي" متسربلاً بالدم في عمل إنشائي آخر للشخ الشهيد.
أما سلم سرحان فتعربشت به حبات البرتقال التي تسللت رائحة عفنها من تحت ستار بلاستيكي شفاف، عبقت الرواق الشمالي من صالة العرض. قال سرحان انها احتجاجاً على الحصار الذي جعل "ريحتنا تطلع".
الدكتور جمال الشريف، محاضر اللغة الانجليزية في جامعة الأزهر، قال ان اقامة معرض من هذا القبيل في الوقت الذي تقصف فيه طائرات الاحتلال منازل المواطنين هو تحد واضح لكل محاولات اللاأنسنة التي يتبعها الاحتلال. "غريزة الاصرار على الحياة والابداع بجانب مواجهة الموت الاسرائيلي المستمر، سلوك سوي بحت بعيد كل البعد عن الشيزوفرينيا،" قال الدكتور الشريف.
"باقون على صدوركم كالجدار، the wall must fall، رغم الحصار سينهار الجدار، Apartheid wall of apartheid gove
ment ، لن تمنعنا الأسوار،..." وشعارات أخرى كثيرة بلغات أخرى كثيرة، بألوان كثيرة، تسابق عدد من الشبان والفتيات في رسمها بشتى أنواع الخطوط على الجدار الفاصل في المعرض.
الطالب الجامعي محمود الهرباوي ، لم يخفِ تحرجه بسبب عدم معرفته بالفنان حوراني، كما لم يخفِ استغرابه من غياب بعض المسؤولين الذين يفترض تواجدهم في مناسبة من هذا القبيل. وعبر الهرباوي عن أمله في أن تلتفت جامعات غزة إلى تخصص الفنون الجميلة كغيرها من العلوم.
بضعة أطفال كانوا يلهون في بركة الأسماك والنافورة التي توسطت القرية، قال أحدهم، وسيم حامد (9 أعوام)، انه اتى إلى المعرض "مع ماما... فش صور، في ألوان وطائرة ورقية مع عجل سيارة وخلص".
الآنسة منى الخطيب، التي تهوى الفن التشكيلي، قالت إن الأعمال الإنشائية لفتت إنتباهها أكثر من اللوحات التشكيلية، كما عبرت عن تمنياتها في أن يخرج الفنانون من بوتقة التظلم من الاحتلال والالتفتات إلى قضايا أخرى.
*تصوير: سامي أبو سالم
غزة-دنيا الوطن- سامي أبو سالم
الرئيس المحاصر ياسر عرفات والشيخ الشهيد أحمد ياسين أطلا برأسيهما من "شبابيك من غزة" على جدار الفصل العنصري الذي قسم صالة العرض في قرية الحرف والفنون إلى قسمين.
"شبابيك من غزة"، معرض للفن التشكيلي ضم بين جنباته لوحات فنية وأعمال إنشائية للفنانين ماجد شلا وباسل المقوسي وشريف سرحان، أقيم الثلاثاء الماضي برعاية "مؤسسة عبد المحسن القطان" التي لم يحضر منها أحد فعاليات الافتتاح.
قرية الحرف والفنون هي المحطة الأخيرة للمعرض الذي أهداه الفنانون إلى الفنان الشاب حسن حوراني الذي تاه في بحر يافا قبل أكثر من عام. قبل أن يحط في غزة، فتح المعرض شبابيكه على رام الله وبيت لحم والقدس والخليل.
غطاء الرأس الأبيض ودولاب الكرسي المتحرك تسلل من بينها دم الشهيد أحمد ياسين في صدر الرواق الشمالي للقرية، جاوره رمز الرئيس عرفات، الكوفية الفلسطينية بشكل خارطة فلسطين محاطة بالأسلاك الشائكة، عملان إنشائيان للفنان ماجد شلا جاورا مجموعة من اللوحات التي دمج فيها بين موهبته التشكيلية والتصوير الفوتوغرافي.
وقال شلا إن المعرض يتنقل منذ عام بين المدن الفلسطينية لينتهي هنا في غزة. منوهاً أن الأعمال الإنشائية لم تر النور الا في قرية الحرف والفنون بسبب منع قوات الاحتلال الاسرائيلي من نقلها.
جدار شلا لم يظهر في العمل الإنشائي فقط، فألواح الصبار جاورت فتاة باكية تطل من وراء شباك على بيت الجيران الذي فصله عنها الجدار. أما الأبواب الموصدة، فبقي نور خافت يتسلل إلى اللوحات التي غلب عليها الألوان القاتمة، دعا فيها شلا لكسر القيد عبر خروجه عن المألوف في لوحاته التي لم يلتزم فيها بحدود.
الفنان ماجد شلا قال إن "شبابيك من غزة" هو المنفذ الوحد الذي يحاول، وزميليه، من خلاله الاطلال على العالم والعكس، في محاولة لكسر الحصار الاسرائيلي الذي يقطع اوصال غزة ويفصلها عن باقي العالم.
في الوقت الذي كانت فيه المروحيات الاسرائيلية تدك حي الزيتون لفيف من الجمهور حضر افتتاح المعرض فيما أشبه بتحد في صراع من أجل البقاء. وسائل الإعلام كانت تتسابق في نقل تفاصيل سحق المقاومة الفلسطينية لستة جنود إسرائيليين، الأمر الذي جعل الفنان شريف سرحان يتحمس لفكرة تنفيذ عمل إنشائي "احتفاءً" بهذا الإنجاز.
في رده على عدم تنفيذ عمل لشهداء الزيتون بدلا من الجنود القتلى قال سرحان: "ان اعتراف الاحتلال بوقوع خسائر هو حدث غير مألوف ويثلج الصدر، بعكس أخبار الشهداء الفلسطينيين التي أصبحت للأسف مثل قهوة الصباح، فأضحى قتلنا عادة يومية، بجانب أنني أشفق على الجمهور المجبر على مواجهة القتل الإسرائيلي كل يوم، "لا أريد أن ألحقهم إياه في المعرض الفني أيضاً".
لقمة العيش المغمسة بالدم، عرضها الفنان شريف سرحان من خلال عمل إنشائي جسد فيه معبر بيت حانون "ايريز" الذي يمر من خلاله آلاف العمال الفلسطينيين كل صباح في ظروف لا تليق إلا بالبقر.
أجسام طينية تراصت كالسردين المعلب على أرضية سوداء أمام بوابة حديدية أحاطت بها الأسلاك الشائكة التي تناثرت حولها المعلبات وصناديق السجائر الفارغة. غلاف من الأسود القاتم غلف مسيرة العمال الذين ما انفكوا ينتظرون أمام بوابة الذل محكمة الإغلاق.
أضاف سرحان أن معاناة العمال التي لا تنتهي تلقي بظلالها على كل شرائح الشعب الفلسطيني، "فالأمل المفقود في انفراج وضعهم القاهر أيضاً يحاكي أمل الفنانين في ايجاد من يلتفت اليهم بشكل كافٍ".
شمس الحرية ألقت بنورها على طائرة ورقية حولتها رصاصات الاحتلال إلى غربال، عمل إنشائي للفنان باسل المقوسي الذي قال ان هذا العمل هو اهداء للطفل الذي مزقته رصاصات الاحتلال بينما كان يلهو بطائرته الورقية مع زميله الذي كان يصطاد العصافير شرق مدينة غزة قبل عدة أشهر. أما اطار السيارة المهترئ الذي كان جزءاً من العمل فكان رفضاً لبعض الظواهر التي لم يجد لها الفنان تفسيراً- ولا أنا.
دوامات البحر الغادر التي ابتلعت الفنان حسن حوراني جمعها الفنان المقوسي في باقة من الزهرات الزرقاء بالوان صافية. جاورها فلسطين منتصبة على حبل غسيل تحمل نعشها- اعتقدت أنه ربطة عنق- على كتفها وتمشي تائهة في طريق ذات اتجاه واحد.
وعبر المقوسي عن امتعاظه بسبب عدم تمكنه من حضور افتتاح المعرض في المدن الفلسطينية القريبة منه في الوقت الذي يستطيع فيه حضور معارض أخرى من العالم- إن سمح له الاحتلال.
السلّم، رمز اشترك فيه الفنانون الثلاثة، لا أعلم ان كانت بمحض الصدفة أم لا، فسلالم الفنان شلا ظهرت في جل لوحاته، كما ظهر الجدار، في رسالة لتحدي الصعاب، أما المقوسي فالتصق هذه المرة سلمه "اللزومي" متسربلاً بالدم في عمل إنشائي آخر للشخ الشهيد.
أما سلم سرحان فتعربشت به حبات البرتقال التي تسللت رائحة عفنها من تحت ستار بلاستيكي شفاف، عبقت الرواق الشمالي من صالة العرض. قال سرحان انها احتجاجاً على الحصار الذي جعل "ريحتنا تطلع".
الدكتور جمال الشريف، محاضر اللغة الانجليزية في جامعة الأزهر، قال ان اقامة معرض من هذا القبيل في الوقت الذي تقصف فيه طائرات الاحتلال منازل المواطنين هو تحد واضح لكل محاولات اللاأنسنة التي يتبعها الاحتلال. "غريزة الاصرار على الحياة والابداع بجانب مواجهة الموت الاسرائيلي المستمر، سلوك سوي بحت بعيد كل البعد عن الشيزوفرينيا،" قال الدكتور الشريف.
"باقون على صدوركم كالجدار، the wall must fall، رغم الحصار سينهار الجدار، Apartheid wall of apartheid gove
ment ، لن تمنعنا الأسوار،..." وشعارات أخرى كثيرة بلغات أخرى كثيرة، بألوان كثيرة، تسابق عدد من الشبان والفتيات في رسمها بشتى أنواع الخطوط على الجدار الفاصل في المعرض.
الطالب الجامعي محمود الهرباوي ، لم يخفِ تحرجه بسبب عدم معرفته بالفنان حوراني، كما لم يخفِ استغرابه من غياب بعض المسؤولين الذين يفترض تواجدهم في مناسبة من هذا القبيل. وعبر الهرباوي عن أمله في أن تلتفت جامعات غزة إلى تخصص الفنون الجميلة كغيرها من العلوم.
بضعة أطفال كانوا يلهون في بركة الأسماك والنافورة التي توسطت القرية، قال أحدهم، وسيم حامد (9 أعوام)، انه اتى إلى المعرض "مع ماما... فش صور، في ألوان وطائرة ورقية مع عجل سيارة وخلص".
الآنسة منى الخطيب، التي تهوى الفن التشكيلي، قالت إن الأعمال الإنشائية لفتت إنتباهها أكثر من اللوحات التشكيلية، كما عبرت عن تمنياتها في أن يخرج الفنانون من بوتقة التظلم من الاحتلال والالتفتات إلى قضايا أخرى.
*تصوير: سامي أبو سالم
التعليقات