أسماء غريبة بمقاهي القاهرة:ليلي علوي تعني القهوة الحلوة

أسماء غريبة بمقاهي القاهرة:فانيلا مكحل تعني القرفة بالحليب وليلي علوي للقهوة الحلوة

غزة-دنيا الوطن

للمقاهي في القاهرة عالمها الخاص وغرائبها الأكثر خصوصية التي لا ينتبه لها بالعادة المواطنون لكن يرصدها الزوار والضيوف في بلد تكتسي مقاهيه بطابع بريد سياحي، فعلي أنغام تصادم الكؤوس والفناجين وإيقاع تبادل العبارات والإشارات الطريفة في المقاهي تصاغ واحدة من أسرار سحر العاصمة المصرية. ويبدو ان للعاملين في المقاهي ايضا عالمهم الخاص بالمقابل، فهم يديرون عملا معقدا وسريعا بكلمات قليلة ليست مفهومة في اغلب الأحيان، وثمة قاموس متعارف عليه من المفردات للعاملين في المقاهي وثمة ايقاع غريب يربط العلاقة بين النادل الذي يجمع الطلبات من الزبائن والرجل الذي يستجيب للطلبات ويعد المشروبات.

ومن المفارقات ان مشروب القرفة علي سبيل المثال يسجل صوتيا وليس ورقيا بعبارة مسموعة يقول فيها النادل لصديقه الذي يحضر الطلبيات عندك واحد فانيليا مكحل وصاية يا ريس وبعد الإستفسار نفهم بان كلمة مكحل تعني الحليب او اللبن بالمصرية، وعند الإستزادة نكتشف بان فانيلا هي القرفة في بيوت المصريين، أما كلمة وصاية فهي تستعمل عندما يكون الزبون غريبا لإثبات حسن النوابا ولإظهار الإهتمام الإضافي.

وفي نفس القاموس تعني عبارة واحد شاي فلكس كأس شاي عادي وخفيف من حيث السكر، أما واحد شاي فتلة فهو ليبتون ومخلوط يعني شاي سيلاني تقليدي وشاي مكحل يعني شاي بالحليب ويصف النوادل في المقاهي مشروب الكاكاو احيانا بانه كريما ويوصف السحلب بانه بندق دون ادني معرفة بأصل الربط بين الكلمتين.

وفيما يتعلق بالأراجيل لا تستخدم الكلمات في اغلب الأحيان بل الإشارات المماثلة لإشارات الصم والبكم وبطبيعة الحال إحتمال الخطأ اقل من 1% فالشخص الذي يجهز الأراجيل يركز عيونه فقط علي يدي زميله المختص ولا يلتفت اصلا للزبون وبسلسلة إيماءات سريعة الإيقاع تنقل الطلبات بخصوص الأراجيل دون ضجيج وبطريقة سهلة للغاية وسط دهشة الزبون الذي لايعرف كيف يصل طلبه رغم ان النادل لم يتحرك من أمامه.

وفي عوالم إشارات الأراجيل فالإيماءة بخمسة اصابع ملتفة حول بعضها البعض يعني ارجيلة بطعم التفاح أما لف ثلاثة اصابع حول بعضها فيعني واحدة بطعم الفراولة وعرض اليد علي شكل بيضاوي مع تسطيحها يعني ارجيلة بطعم الشمام اما الدائرة الأفقية عبر الاصابع فتدلل علي ان المطلوب المعسل العادي ثقيل الوزن الخالي من اي نكهات ومحسنات وهو ما يفضله دوما المصريون.

والغريب ان عيني وأذني العامل البعيد في نهاية رواق القهوة حساستان للغاية تجاه ايماءات او كلمات الزملاء في بدايات الصالة او اواسطها وحتي الأن لا يوجد دليل علي طريقة الإذن الحساسة جدا التي تلتقط الكلمات عن بعد ثم تباشر بالتنفيذ بسرعة ودون ارتباك وفي الكثير من الأحيان دون ان يسمع الزبون الكلمات التي رددت وفي كل الأحوال دون ان يفهم ما يجري.

وفي بعض المقاهي تتجلي الإثارة فالعاملون في نفس المكان يتفقون فيما بينهم علي قاموس صغير خاص جدا بهم فقط فتسمي الأشياء هنا بأسماء خاصة جدا وغير مألوفة ومحسوبة فقط علي المقهي نفسه فالقهوة مع سكر إضافي في هذه الحالة تصبح مثلا ليلي علوي التي تمثل في وجدان المصريين المرأة الحلوة، والخالية من السكر تسمي واحد باز نسبة الي المستشار ضئيل الحجم اسامه الباز فيما تسمي القهوة من عيار سكر خفيف بواحد سالوسة نسبة للمثلة انعام سالوسة.

وفي إطار هذه القواميس الإنفرادية يسمي الشاي بالحليب شاي بالزفر وزجاجة البيبسي من المنتج المحلي واحد نوال نسبة الي نوال الزغبي التي تظهر كثيرا في دعايات بيبسي اما الشاي السيلاني الثقيل فيقال له واحد عجوة او واحد زول نسبة الي القاموس السوداني. وعالم مقاهي القاهرة مليء بالمفارقات فجميع المقاهي تقريبا تضع يافطة كتب عليها ممنوع التدخين لمن يقل عمره عن 18 سنة لكن في الواقع يندر زيارة مقهي لا تراقب فيه مراهقا يتلذذ بدخان النرجيلة التي تكون غالبا أطول منه مما يعني ان احدا لا يلتزم بهذه التحذيرات التي يبدو انها توضع بأوامر من السلطات الصحية. وجميع المقاهي تقريبا يتجول فيها الباعة المتجولون ما بين إمرأة عجوز تبيع المناديل الورقية او فتاة صغيرة السن لم تصل بعد سن المدرسة تبيع طبعات الصحف المسائية، او شاب يعرض خدمات المحمول بستين قرشا للدقيقة وينافس شركات الإتصالات الكبري بهذا المجال.

وبالتأكيد لن يخل اي مقهي من صورة واحدة او مجموعة صور لكبار الفن والموسيقي معلقة علي الجدران واغلب الصور لأم كلثوم وللراحلين الكبار مثل فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ولا يمكن مشاهدة اي صورة لأي مطرب حديث.

*القدس العربي

التعليقات