البنتاغون يدفع للجلبي 340 ألف دولار شهريا مقابل معلومات استخبارية عن العراق

البنتاغون يدفع لتنظيم الجلبي 340 ألف دولار شهريا مقابل «معلومات استخبارية» عن العراق


غزة-دنيا الوطن

اكد مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان الوزارة لا تزال تدفع مبلغ 340 ألف دولار شهريا للمؤتمر الوطني العراقي الذي يرأسه أحمد الجلبي، عضو مجلس الحكم الانتقالي الذي تربطه علاقات وطيدة بادارة الرئيس جورج بوش، مقابل جمع «معلومات استخبارية».

وتدير هذا البرنامج السري وكالة استخبارات الدفاع (الاستخبارات العسكرية) منذ صيف 2002 وهو استمرار لشراكة وتعاون قديمين بين البنتاغون والمؤتمر الوطني العراقي الذي يسعى سعيا حثيثا للوصول الى السلطة في المستقبل. وقد توصلت المراجعة الحكومية الداخلية الى ان أغلب المعلومات التي وفرها المؤتمر قبل الغزو الأميركي للعراق العام الماضي كانت غير مفيدة ومضللة ان لم تكن مختلقة كليا.

ويقول المسؤولون الحكوميون الاميركيون الذين اطلعوا على تفاصيل اتفاقية غير عادية بهذا الشأن، ان وكالة المخابرات المركزية «سي. آي. ايه» ملزمة بموجب الاتفاقية بالاستئذان مسبقا من البنتاغون قبل ان تستجوب المخبرين الذين ينتمون الى المؤتمر الوطني العراقي. وكانت الوكالة تتعاون مع حركة عراقية أخرى هي حركة الوفاق الوطني، للمساعدة في انشاء أجهزة مخابرات عراقية مستقلة. وربما يكون هذا جزءا من الأسباب في ان علاقات الجلبي مع «سي. آي. ايه» ظلت متوترة منذ عدة سنوات. ولكن مسؤولا أميركيا يقول ان اقامة قناة مستقلة للصلة بين وكالة استخبارات الدفاع وبين الجلبي لا تعرقل عمل «سي. آي. ايه» في انشاء الأجهزة الأمنية العراقية المستقلة.

ومن ضمن الأشخاص الذين قدمتهم منظمة الجلبي الى مسؤولين استخباريين أميركيين، هناك واحد على الاقل وصفته وكالة استخبارات الدفاع رسميا بانه «مزور معلومات». وقالت الوكالة عن آخرين انهم دربوا بواسطة المنظمة على تزويد الوكالة بمعلومات اعتبرت وقتها خطيرة عن نظام صدام حسين. وقد توصل المسؤولون الذين فحصوا تلك المعلومات من وكالة استخبارات الدفاع ومن المجلس القومي للاستخبارات الى انها غير نافعة اطلاقا.

والمدفوعات المالية التي يتلقاها المؤتمر الوطني العراقي من أجل «برنامج جمع المعلومات الاستخبارية» أجيزت من قبل الكونغرس عام 1998 بموجب قانون تحرير العراق. ولكن حقيقة ان البرنامج ظل مستمرا بعد عام من تحرير العراق، كشفته الشهر الماضي، صحف «نايت رايدر». وقد دافع مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية عن استمرار العلاقة مع المؤتمر الوطني العراقي بالقول ان هذه العلاقة أصبحت أكثر فائدة الآن مما كانت عليه قبل الحرب، خاصة ان الوكالة تبذل حاليا مجهودات أكبر للتوثق من صحة المعلومات.

وصرح مسؤولون حكوميون بان بعض المسؤولين في الكونغرس حصلوا، بعد سقوط حكومة صدام حسين في أبريل (نيسان) الماضي، على وثائق احتوت على معلومات غزيرة، وان وكالة استخبارات الدفاع احتفظت بهذه الوثائق مما خيب آمال المسؤولين في «سي. آي. ايه». وقال مسؤولو وزارة الدفاع ان الوكالة الاستخبارية التابعة للبنتاغون منحت صلاحية مراجعة الوثائق وليس الاحتفاظ بها.

وقال مسؤول آخر من خارج البنتاغون، ممن كانوا يعارضون هذه العلاقة من قبل، انها ربما تكون قد اصبحت مفيدة حاليا. وقال هذا المسؤول: «هذه (المؤتمر الوطني) منظمة لديها علاقات واسعة، وهي تعرف البلاد وتتحدث اللغة العربية وعلينا ان نأخذ منها المعلومات ما دمنا حذرين في تعاملنا معها».

ولكن الترتيب القائم مع المؤتمر الوطني يثير بعض الاعتراضات والانتقادات في الكونغرس. وفي جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة الثلاثاء الماضي، وجهت السناتورة هيلاري رودهام كلينتون سؤالا مباشرا الى نائب الأدميرال لويل جاكوبي، مدير استخبارات الدفاع، عما اذا كانت هذه المدفوعات المالية مستمرة حتى الآن. ولكن الأدميرال جاكوبي رفض مناقشة الأمر في جلسة مفتوحة.

وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة «سي. بي. اس»، في برنامج «60 دقيقة»، الذي أذيع يوم الأحد الماضي، دافع أحمد الجلبي عن قيمة المعلومات التي وفرتها منظمته. ولكنه أضاف ان الوكالات الاستخبارية الأميركية كان عليها ان تميز بين الصحيح وغير الصحيح، كما انه رفض تحمل المسؤولية الشخصية عن المعلومات الخاطئة. وقال انه يأمل في الظهور أمام لجنة استخبارات مجلس الشيوخ حتى يبرئ اسمه من الاتهامات. قال الجلبي: «كان من المفترض ان يتصرف المسؤولون في الاستخبارات بصورة أفضل في خدمة وطنهم وحكومتهم، ولكنهم لم يفعلوا شيئا من هذا القبيل».

وكانت «سي. آي. ايه» قد قطعت علاقاتها مع مجموعة الجلبي عام 1995، وكان من ضمن الأسباب لذلك شكوكها حول صحة المعلومات التي توفرها المجموعة. وعندما سألت هيلاري كلينتون مدير «سي. آي. ايه» جورج تينيت الأسبوع الماضي حول ملاحظات الجلبي، اختار كلماته بحذر وقال: «السيد الجلبي رجل مثير للاهتمام. وله تاريخ مثير للاهتمام، واعتقد ان الاستماع اليه أمر مثير للاهتمام كذلك. ولكني لا أملك تعليقا عليه أيتها السناتورة العزيزة. ولندع المسألة في هذه الحدود».

ومن الجانب الآخر أفاد الأدميرال جاكوبي بان المعلومات التي وفرها المؤتمر الوطني العراقي كانت متفاوتة القيمة. وقال: «هناك بعض المواقف اتضح فيها صدق المعلومات بفحصها من عدة مصادر. كما ان هناك مواقف اخرى نعتقد ان المعلومات كانت اما منقولة بتصرف أو مختلقة كليا. وهو وضع نصادفه في تصرفات انسانية اخرى، حيث تغطي المعلومات حيزا زمنيا ومكانيا ضخما، وعلينا ان نتصرف هنا كما نتصرف في المواقف الانسانية الأخرى: أي ان نتعامل معها وعيوننا مفتوحة تماما».

التعليقات