عاجل

  • في أحدث حصيلة: ارتفاع عدد الشهداء إلى أربعة وعدد من الجرحى جراء غارة للاحتلال على مخيم النصيرات

  • (القناة 13) الإسرائيلية: السبب في إقالة المتحدث باسم رئيس الوزراء عمر دوستري علاقته المتوترة مع سارة زوجة نتنياهو

  • وسائل إعلام إسرائيلية: تبادل إطلاق نار بين قوات الجيش الإسرائيلي ومسلحين فلسطينيين شرق خانيونس

  • قناة (كان): نتنياهو أقال المتحدث باسمه عومر دوستري

الإصلاحات المالية في السلطة الوطنية الفلسطينية

الإصلاحات المالية في السلطة الوطنية الفلسطينية

غزة-دنيا الوطن

لا يخلوا حديث عن الإصلاح داخل السلطة الوطنية الفلسطينية إلا وتحتل قضية الإصلاحات المالية جانباً كبيراً منه، ورغم ما لاقته عملية الإصلاحات المالية التي انطلقت منذ منتصف عام 2002 م وقادها وزير المالية الفلسطيني سلام فياض من عقبات في سبيل تحقيقها لأهدافها إلا أنها استطاعت أن تظهر العديد من النتائج الإيجابية التي شكلت منعطفا رئيسيا في إطار وصول النظام المالي الفلسطيني إلى وضع يعيد إليه الثقة والشفافية والوضوح والانضباط.

فخلال عام ونصف من العمل الجاد استطاعت عملية الإصلاح المالي أن تعيد للنظام المالي الفلسطيني ثقة الجهات الدولية المختلفة وعلى رأسها الجهات المانحة وكذلك القطاع الخاص، إضافة للشارع الفلسطيني الذي بات راضيا للمرة الأولى عن الأداء المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية، وهو ما انعكس بشكل إيجابي جدا على هذا الأداء.

وتناول التقرير بالتفصيل الإجراءات التي اتبعتها السلطة الوطنية الفلسطينية ممثلة في وزارة المالية لتحقيق وترسيخ الإصلاحات المالية، منطلقين من الوضع المالي السائد قبل بداية عملية الإصلاحات والظروف التي مهدت لانطلاقها، والتعرف على الفلسفة التي اتبعتها وزارة المالية الفلسطينية لتطبيق هذه الإصلاحات، ثم التعرف على الإجراءات التي تم تنفيذها، والعقبات التي وقفت في طريق الإصلاحات وموقف الرأي العام الفلسطيني منها.

الوضع المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية

قبل بداية الإصلاحات

يمكن تلخيص المشاكل التي عانت منها السلطة الوطنية الفلسطينية في الجانب المالي منذ نشأتها على النحو التالي:

1. انخراط السلطة الفلسطينية في نشاطات تجارية تفتقر كثيرا للشفافية.

2. العجز في السيوله لدى وزارة المالية والصعوبات العملية الناجمة عن ذلك.

3. حصول زيادة سريعة في حجم الإنفاق الجاري خاصة على الرواتب والأجور، والناجم عن التوسع الكبير جدا في التعيينات الحكومية.

4. جميع موجودات السلطة ونشاطاتها التجارية كانت تدار بطريقة غير علنية.[1]

5. جزء كبير من موارد السلطة الفلسطينية التي تعتمد عليها في ميزانيتها بقي مرتبطا بالجانب الإسرائيلي، وبخاصة أن تمويل الخزينة الفلسطينية طوال عمر السلطة الوطنية الفلسطينية اعتمد بشكل كبير على الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على الواردات التي تقوم إسرائيل حسب برتوكول باريس الاقتصادي بجبايتها لصالح السلطة.

6. تعدد القنوات التي تؤول إليها الموارد، حيث لم يكن هناك حساب موحد للخزانة تؤول إليه كل الواردات.

7. عدم وجود سياسة مالية واضحة تنتهجها السلطة الفلسطينية.

8. التأخير المستمر في تقديم الميزانية للمجلس التشريعي، وافتقار الميزانية المقدمة للكثير من المعلومات وعدم توافقها مع قانون الموازنة العامة رقم 7 لعام 1998 م.

و منذ بداية إنتفاضة الأقصى تأزم الوضع المالي للسلطة الفلسطينية وازدادت حدة المشاكل المالية حيث عانت ميزانية السلطة من عجز مالي كبير على الرغم من تقديم العديد من الجهات مبالغ مالية كبيرة لدعم ميزانياتها و بخاصة خلال العام الأول من عمر الانتفاضة.

ونتيجة لهذا الانخفاض الحاد في الإيرادات فقد تأثر إنفاق السلطة الوطنية الفلسطينية على الاحتياجات الأساسية بشكل سلبي، وهو ما تزامن مع ازدياد احتياجات المجتمع الفلسطيني لنفقات الطوارئ والمساعدات الاجتماعية، وبخاصة مع ارتفاع معدل الاعتداءات الإسرائيلية على مختلف المناطق والقطاعات في المناطق الفلسطينية المختلفة.

وتمثل النهج التقشفي الذي اتبعته السلطة الوطنية الفلسطينية في تخفيض النفقات الجارية إلى حوالي 80 مليون دولار شهريا في عام 2002، وذلك بالمقارنة مع 93 مليون دولار في عام 2001 و100 مليون دولار في عام 2000[2].

ويعزى العجز المالي الذي تعاني منه السلطة الفلسطينية إلى تزامن تراجع الإيرادات العامة من 90 مليون دولار شهريا قبل الانتفاضة إلى 20 مليون دولار وزيادة المصروفات بسبب زيادة الأعباء الإضافية الأمر الذي جعل السلطة الفلسطينية تضطر للاقتراض لمواجهة النفقات الطارئة والوفاء بالتزاماتها المالية وتأمين رواتب الموظفين، فخلال الثمانية أشهر الأولى من إنتفاضة الأقصى بلغ حجم ما تم اقتراضه 209 مليون دولار أي ما يعادل أكثر من 40% من إجمالي قيمة الدين العام على مدار السنوات الماضية[3].

كما أن الفاقد المالي الكبيرة التي تعرض له الاقتصاد الفلسطيني بمختلف فروعه ساهم بشكل كبير في تعميق هذه الأزمة، فبنهاية عام 2002 تقلص إجمالي الدخل القومي الحقيقي بنسبة 38 %من المستوى الذي كان عليه في عام 1999، وبلغت البطالة في نهاية عام 2002 نسبة 37 %من القوى العاملة، بعد أن بلغت ذروتها بنسبة 45 % في الربع الثالث[4].

بداية عملية الإصلاح

مع تزايد المطالب والتوجهات الداخلية والتي تزامنت مع ضغوط خارجية على السلطة الوطنية الفلسطينية، قام الرئيس ياسر عرفات بتشكيل حكومة جديدة ضمت وزراء من ذوي الاتجاهات الإصلاحية على رأسهم د.سلام فياض الذي تولى وزارة المالية، وبجانب ذلك طبقت العديد من الخطوات الإصلاحية، وفي مقدمتها موافقة واعتماد الرئيس على قوانين رئيسية مثل القانون الأساسي وقانون السلطة القضائية في شهر مايو 2002.

ورغم أن الوزارة قدمت استقالتها في وقت لاحق من نفس العام وتلتها خمس وزارات أخرى في أكثر من عام بقليل فأن عملية الإصلاح المالي استمرت على نفس الوتيرة، ويرجع الفضل في ذلك إلى استمرار الوزير سلام فياض كوزير للمالية في كافة الوزارات التي شكلت في تلك الفترة، إضافة إلى وجود رغبة حقيقية لدى القيادة الفلسطينية في استمرار هذه العملية، وبتوجيه من الرئيس عرفات.

فلسفــة الإصــلاح

أول ما واجهته جهود الإصلاح المالي والاقتصادي التي بذلتها السلطة الوطنية الفلسطينية هو إيجاد سياسة واضحة للممارسات المالية والاقتصادية تخدم المصلحة الفلسطينية ويبنى عليها الإجراءات المختلفة في هذا السياق.

ومن هذا المنطلق فأن الإصلاحات المالية جاءت في سياق خطة الإصلاح التي قامت بها الحكومة الفلسطينية منذ منتصف عام 2002 والتي كانت ترتكز على ضرورتين ملحتين هما:

1- الحاجة إلى إعادة بناء النظام الفلسطيني على أسس سليمة، بما في ذلك البناء المؤسسي الذي يعتمد على الكفاءة والصدق والكفاية.

2- الحاجة إلى إجراءات وبرامج تهدف إلى إصلاح أوجه الخلل والفساد وتكريس العدالة والشفافية في الأداء الإداري والمالي.

خطوات في سبيل الإصلاح

من خلال تتبع الجهود التي بذلت في سبيل تحقيق الإصلاحات المالية داخل مؤسسة السلطة الفلسطينية فإننا يمكن أن نلمح مجموعة من الخطوات التي مثلت تغيراً كبيراً في الوضع الذي كان سائداً قبل بدء الإصلاحات ، ومن أهم المحاور التي اتخذت فيها هذه الخطوات :

الموازنـــة:

لم تلتزم الحكومات الفلسطينية في الغالب حتى عام 2002 بتقديم الموازنة للمجلس التشريعي في موعدها المحدد، أي قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية، كما لم تلتزم خلال هذه الفترة بكل المواصفات التي يجب أن تتوفر في الموازنة وينص عليها القانون، مما أدى لتوتر العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية أثناء مناقشة قوانين الموازنة في المجلس التشريعي بعد أن وجه النواب لهذه الموازنات انتقادات جوهرية وهو ما تسبب في تأخر اعتماد بعض الموازنات لفترات طويلة.

لكن مع تولى الوزير سلام فياض وزارة المالية فقد استطاع تقديم مشروع موازنة لعام 2003 تتفق مع القواعد التي نص عليها قانون الموازنة رقم 7 لعام 1998 على الرغم من التأخر في موعد تقديمها، حيث عرض على المجلس التشريعي الفلسطيني بتاريخ 31/12/2002، ونالت هذه الموازنة ثقة المجلس التشريعي الذي صفق أعضائه لأول مرة لموازنة مقدمه من السلطة التنفيذية.

وقد وضع قانون الموازنة مجموعة من القيود على الأداء المالي للوزارات المختلفة من أهمها عدم جواز اللجوء إلى الاقتراض من سلطة النقد الفلسطينية أو من صندوق التأمين والمعاشات لتمويل تنفيذ الموازنة، وكذلك عدم السماح لأي مركز مسؤولية وردت موازنته في هذا القانون الاقتراض والسحب على المكشوف من أي بنك محلي أو مؤسسة مالية تحت طائلة المسؤولية إلا بعد الحصول على قرار من مجلس الوزراء بناءاً على تنسيب وزير المالية. بجانب ما أكدت عليه المادة 7 من ضرورة توريد جميع الإيرادات والمساعدات والمنح ومصادر التمويل الأخرى التي يتم الحصول عليها إلى حساب الخزانة العامة في وزارة المالية في ذات اليوم الذي تحصل فيه.

ورغم بعض الصعوبات التي واجهة تطبيق موازنة عام 2003 وبخاصة مع استمرار الإجراءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني من إغلاق وحصار وهدم للبنى التحتية للاقتصاد فإن الوضع المالي للسلطة الفلسطينية شهد تحسناً خلال عام 2003 حيث تمكنت الخزينة من تمويل الاحتياجات والنفقات أولا بأول وبصورة منتظمة وأن لم يتحقق التمويل الذاتي للنفقات، وانتظمت عملية صرف الرواتب وتسديد التزامات السلطة وتحويل المخصصات المقررة في الموازنة للوزارات المختلفة.

وبتاريخ 3/12/2003م قدمت السلطة الوطنية الفلسطينية مشروع موازنة عام 2004م للمجلس التشريعي لإقراره، حيث اعتمد المشروع على الافتراض بأن الظروف السياسية والاقتصادية التي سادت في الأعوام السابقة سوف تستمر، وهو ما يعني حسب معطيات مشروع الموازنة حدوث تراجع طفيف في النمو الاقتصادي لحوالي 3.5% في الناتج المحلي الإجمالي في كلا من عامي 2004 و2005.

الأنشطة التجارية للسلطة الفلسطينية:

يمكن أن نلخص الأنشطة التجارية التي مارستها السلطة الوطنية الفلسطينية في مظهرين أساسيين هما:

استثمارات السلطة في شركات القطاع الخاص:

شكلت إدارة الاستثمارات المملوكة كليا أو جزئيا للسلطة الفلسطينية في القطاع الخاص نقطة خلافيه ومثيره، وبخاصة أن هذه الاستثمارات كانت تدار بشكل منفصل ودون الإعلان عن قيمتها أو أرباحها، وبعيدا عن الرقابة أو التدقيق.

ويؤخذ على هذه الاستثمارات أن اربحاها لا تصب في خزينة وزارة المالية، مما فتح الباب واسعا أمام إثارة الشكوك والانتقادات لهذه الاستثمارات وآلية إدارتها، واتخاذ القرارات المتعلقة بها والامتيازات الإضافية التي قد تحصل عليها المشاريع التي تشارك فيها السلطة دون حق .[5]

وقررت السلطة الوطنية تأسيس صندوق الاستثمار الفلسطيني سنة 2000، ليحل محل الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية في إدارة ممتلكات واستثمارات السلطة الوطنية وبشفافية تامة

إلا أن جهود تأسيس الصندوق ظلت متعثرة حتى تولى الوزير سلام فياض حقيبة المالية، حيث أعطى أولوية في خطة الإصلاح المالي لإنشاء صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي يمثل إطارا قانونيا وتنظيميا يمكن من خلاله أن تتم المساءلة وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات عن الأموال المملوكة بشكل كامل أو جزئي للسلطة الوطنية الفلسطينية على اعتبار أنها أموال عامة.

وتم توكيل مؤسسة "ستاندر أند بورز" و"المجلس الديمقراطي" من الولايات المتحدة، لتقديم النصيحة الإستراتيجية لعمل الصندوق وإجراء تقييم وتشخيص الشفافية لكل الموجودات

ومع نهاية شهر فبراير 2003 كشف وزير المالية سلام فياض خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة القدس تقريراً مفصلاً يحصر كافة النشاطات الاقتصادية والاستثمارات الخاصة بالسلطة الوطنية الفلسطينية، وقدر التقرير المكون من 345 صفحة هذه الاستثمارات بما يزيد عن 600 مليون دولار مقسمة على 79 استثمارا تجاريا، وحسابات بنكية مقدرة بحوالي 73 مليون دولار.

الاحتكارات العامـــة:

مارست السلطة الوطنية الفلسطينية سياسة احتكار التجارة في بعض السلع الأساسية، عبر هيئات وشركات حكومية ومن أهمها احتكار استيراد الأسمنت من إسرائيل إلى المناطق الفلسطينية، وهيئة البترول التي تشرف على استيراد مشتقات النفط حيث منحت السلطة عبرها احتكار توريد النفط من إسرائيل لشركة إسرائيلية.

وقد وضع وزير المالية الفلسطيني سلام فياض في أولويات خطة الإصلاح التي قادها القضاء على هذه الاحتكارات التي تسببت في خسائر كبيرة للخزانة الفلسطينية، ومن أول الاحتكارات التي تم تصفيتها الهيئة العامة للبترول.

وقد حققت الوزارة نتائج ممتازة من خلال هذه الإصلاحات حيث ارتفع استهلاك المحروقات بكافة أنواعها ففي شهر يوليو 2003 أي بعد شهر واحد من سيطرة وزارة المالية الفلسطينية على هذا القطاع تضاعف استهلاك البنزين من 4.706.254 إلى 8.904.536 لتر فيما ارتفعت مبيعات الديزل إلى 350% لتسجل نحو 23.7 مليون لتر مقارنة مع نحو 5.81 مليون لتر في مايو 2003، وبلغت العائدات الضريبية من المحروقات 67 مليون شيقل خلال شهر يوليو2003 مقارنة بـ37 مليون شيقل خلال شهر مايو.[6]

توحيـــد الخزينـــة :

شكل توحيد إيرادات السلطة الوطنية الفلسطينية في حساب واحد بالخزينة تحت سيطرة ورقابة وزير المالية، وتصب فيه كل فروع المدخولات الفلسطينية من ضرائب ومنح ومساعدات وأرباح لاستثمارات السلطة المختلفة نقطة تحول كبيرة في سبيل إصلاح الوضع المالي، فقد حرمت الخزينة الفلسطينية من مبالغ طائلة طوال الفترة السابقة بسبب تعدد مراكز تجميع الإيرادات، وعدم توريد بعض الهيئات والجهات التابعة للسلطة لما تجنيه من رسوم إلى الخزينة مما أدى إلى مشاكل في السيولة المتوفرة وإلى حدوث أرباك في الأنفاق العام وزيادة في الاقتراض من البنوك لتغطية العجز وتراكم المتأخرات.

الرواتـــــب:

شكلت قضية الرواتب التي تمس بشريحة كبيرة من المواطنين الفلسطينيين إشكالية في كبيرة أمام وزارة المالية الفلسطينية وبخاصة مع بداية الانتفاضة الفلسطينية .

وقد قامت وزارة المالية بعدد من الخطوات منذ تولى الوزير سلام فياض مسؤولية الوزارة للقضاء على مشاكل الرواتب منها:-

1. دفع رواتب الموظفين بانتظام و بشكل دوري في بداية كل شهر.

2. إلغاء الاستقطاعات التي كانت تخصم من رواتب الموظفين كل شهر .

3. وضع جدول زمني لتطبيق الشق المالي من قانون الخدمة المدنية الصادر في عام 1998 .

4. البدء في الدفع المباشر لرواتب العسكريين والأجهزة الأمنية مباشرة عبر البنوك

5. وقف تام وشامل للتعيينات الجديدة في السلطة الوطنية لحين الانتهاء من إعداد واعتماد الهياكل التنظيمية وفقاً لأحكام المادة (4) من قانون الخدمة المدنية،

6. إصدار قرار من مجلس الوزراء في جلسته التي انعقدت بتاريخ17/5/2003 ينص على إنهاء خدمات الموظفين (في السلك المدني) الذي تجاوزت أعمارهم الستين عاماً مع صرف راتب تقاعدي يساوي 75% من الراتب الأصلي وعلاوة المهنة .

استرداد الأموال المحتجزة لدى إسرائيل

ومع اندلاع انتفاضة الأقصى أوقفت إسرائيل تحويل كافة مستحقات السلطة الفلسطينية المالية، وهو ما تسبب في حدوث عجز كبير في الميزانية الفلسطينية التي وقفت عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب الفلسطيني، وبخاصة مع تزايد احتياجات الطوارئ.

ومع تولي الوزير فياض لوزارة المالية وبعد جهود واتصالات مكثفه مع العديد من الأطراف الدولية والإسرائيلية وافقت السلطات الإٍسرائيلية في نهاية شهر يوليو 2002 على تحويل مبالغ من الأموال المحتجزة لديها ، وساهمت عودة التحويلات إلى الانتظام و قيام إسرائيل بتحويل مبالغ من الأموال المحتجزة في دعم خطة الإصلاح المالي، وبخاصة في مجال انتظام سير العمل بالموازنة الفلسطينية لعام 2003، وقيام وزارة المالية الفلسطينية بتسديد جزء كبير من الديون والمستحقات والمتأخرات التي تراكمت عليها للقطاع الخاص.

الديون المستحقة على السلطة:

من بين المشاكل المزمنة التي تعهد وزير المالية بتسديدها ضمن موازنة العام 2003 الديون المستحقة على السلطة الوطنية الفلسطينية للقطاع الخاص البالغة 450 مليون دولار أمريكي وخلال الثمانية اشهر الأولى من عام 2003م تم تسديد جزء كبير من هذه الديون قدر بحوالي 130 مليون دولار، وهو ما كان له اثر ايجابي على مصداقية النظام المالي الفلسطيني، إلا أن عملية التسديد قد تعرقلت بعد ذلك بسبب الضائقة المالية التي عانت منها السلطة الفلسطينية.

رســـوم المعابـــر :

بعد تكرار الشكوى من التجار الفلسطينيين الذين عانوا لسنوات بسبب الرسوم المحصلة منهم على معبري المنطار وصوفيا التجاريين، اتخذ وزير المالية قرار بوقف تحصيل الرسوم التي تفرض على الشاحنات من الجانب الفلسطيني، وهو ما انعكس بشكل ايجابي على حركة التجارة الفلسطينية وبالتالي ساهم في تخفيض الأٍسعار بالنسبة للمواطن العادي.

ومن خلال هذا التقرير يمكن الخروج بمجموعة من النتائج الهامة:

1. نجحت وزارة المالية في رسم سياسيات واضحة للنظام المالي الفلسطيني تتفق مع المصلحة الوطنية الفلسطينية وتستجيب للمتغيرات التي تطرأ على الساحة الفلسطينية.

2. الإصلاحات المالية جاءت استجابة لمطالب فلسطينية داخلية، قبل أن تكون استجابة لضغط أو متطلبات خارجية.

3. استطاعت خطة الإصلاحات المالية أن تنجح في التعامل مع العديد من الملفات الحساسة التي كانت تسبب مشاكل في النظام المالي الفلسطيني وتقلل إلى درجة كبيرة من مصداقيته وشفافيته، مثل ملف استثمارات السلطة التجارية وتوحيد الخزينة، والقضاء على الاحتكارات وديون السلطة للقطاع الخاص وغيرها.

4. هناك رضا متنامي وملحوظ في الشارع الفلسطيني عن التطور في الأداء المالي للسلطة الفلسطينية، وقد جاء هذا الرضا كانعكاس مباشر لشعور رجل الشارع بنتائج هذه الإصلاحات على مجموعة من الأمور الحياتية التي يعيشها، مثل انخفاض أسعار بعض السلع الأساسية كمشتقات البترول، إضافة لاستقرار صرف الرواتب والزيادة التي طرأت عليها بعد تطبيق الشق المالي من قانون الخدمة المالية.

5. أصحبت الحقائق والمعلومات الخاصة بالوضع المالي للسلطة الفلسطينية متاحة للجميع، من خلال عرض وزارة المالية عبر موقعها على شبكة الإنترنت لتقارير شهرية عن حجم النفقات والإيرادات والتمويل الخارجي، إضافة لمعلومات كامل عن الموازنة، وبعض المؤشرات الاقتصادية الهامة.

6. نالت خطة الإصلاحات ثقة المجتمع الدولي، والمؤسسات الدولية المعنية بمراقبة الأداء المالي للسلطة مثل البنك الدولي، وهو ما بدا واضحا في اجتماع قمة الدول السبع الصناعية الأخير.

7. نجحت وزارة المالية في الاستجابة والتعامل مع عدد من المتغيرات التي طرأت على الافتراضات التي بنت على أساسها موازنة عام 2003م، وعلى رأسها الانخفاض في حجم التمويل الخارجي لدعم الموازنة.

8. قطعت وزارة المالية خطوات أساسية في سبيل مأسسة عملية الإصلاحات المالية لضمان استمرارها، وعدم توقفها على شخص واحد تنتهي بتركة لمنصبة.

*مركز الاعلام والمعلومات

التعليقات