مذكرات الراقصات تنافس كشوف صدام وتهدد بـ كشف المستور

لكل حديثٍ عندهن بشاشةٌ وكل قتيلٍ عندهن شهيدُ

مذكرات الراقصات تنافس"كشوف صدام" وتهدد بـ "كشف المستور"

غزة-دنيا الوطن

ماذا يحدث عندما تقرر امرأة تمتلك ناصية الأنوثة والفتنة والشهرة والمال والحياة العريضة التي مكنتها من الاطلاع على الكثير من "المستور" أن تتحدث فجأة ؟

تجيب على هذا السؤال تفاصيل المنافسة المشتعلة هذه الأيام بين عدد من الناشرين المصريين واللبنانيين حول استكتاب الراقصات لمذكراتهن وسيرهن

الذاتية، التي يبدو أنها ستكون حديث الشارع قريباً، ليس فقط لأن القارئ أصابه الملل من السياسة والحروب والكوارث، وليس أيضاً لما تحتويه هذه المذكرات من حكايات ومفاجآت مثيرة ومسلية، بل أيضاً لما سوف تتسبب فيه من حرج لكثير من المشاهير الذين لا يزالون على قيد الحياة من الساسة والفنانين والأثرياء والصحافيين وغيرهم.

وتعيد هذه الحرب الضروس بين دور النشر المصرية على مذكرات الراقصات إلى الأذهان أجواء رواية "الراقصة والسياسي" التي لعبت الفنانة نبيلة عبيد والراحل صلاح قابيل بطولتها سينمائياً باقتدار ، والتي أثارت ضجة كبيرة أثناء عرضها خاصة حين هددت الراقصة المسئول السياسي الكبير بفضح علاقته معها من خلال نشر مذكراتها عن طريق أحد الصحفيين ودارت أحداث الفيلم وجاءها من يعرض عليها الملايين حتى لا تذكر اسمه في مذكراتها ، الأمر الذي يطرح سؤالاً بديهياً عما إذا كان ذلك السيناريو سيتكرر، ولكن هذه المرة علي أرض الواقع.

كاريوكا

ويرى كثيرون أن المذكرات المزمعة للراقصات لن تكون أكثر أهمية وثراء من تلك التي نشرتها الفنانة الراحلة تحية كاريوكا، التي تناولت في مذكراتها قصة علاقاتها بجمال عبد الناصر والضباط الأحرار والشيوعيين، وكيف قادها إلى السجن توزيع منشورات كانت تصدرها التنظيمات اليسارية التي انخرطت فيها، وكيف حوكمت بتهم سياسية في الوقت الذي كانت تحاكم فيه زميلاتها بتهم الخروج على الآداب العامة، وتحدثت تحية أيضا عن علاقتها بالرئيس المصري السابق أنور السادات قبل وبعد توليه الحكم، وحكت عن زيجاتها الكثيرة وللأسف الشديد لم يحالفها الحظ أن تبرم قبل رحيلها اتفاقاً مع دار نشر، حتى قام شخص غير معروف بنشر كتاب يحمل عنوان "أوراق تحية كاريوكا"، ونشرته الدار التي احتكرت معظم أعمال يوسف إدريس ونجيب محفوظ ويحيي الطاهر عبد الله وكثيرين غيرهم، وكان طبيعياً أن تأتي النتيجة كتاباً هزيلاً، فهو لم يزد عن كونه مجرد حكايات متناثرة، وسلسلة من الأحاديث الصحافية التي لا يجمعها حتى سياق واحد، ولا تليق بفنانة في وزن تحية كاريوكا التي توفيت فقيرة قبل أعوام عن زهاء ثمانين سنة في إحدى مستشفيات القاهرة. لأنها أنفقت، بل وظلت تنفق كل ما تملكه على الفقراء الذين عاشت القسم الأخير من عمرها منحازة إلى قضاياهم بشهادة الكثيرين ممن عايشوها واقتربوا منها خاصة في الأيام الأخيرة لها.

نجوى

أما الراقصة نجوى فؤاد فقد رفضت كل العروض التي قدمتها لها بعض القنوات الفضائية من أجل تحويل قصة حياتها الي عمل فني أو برنامج ترويه بنفسها، وأكدت نجوي أن حياتها لن تدفعها ثمنا لحاجتها المالية، لأنها ملك لها وليس للناس، خاصة أنها قامت بتسجيلها على شرائط كاسيت لنفسها، وتقول إن هذه المذكرات اذا اتيحت لها فرصة النشر بدون تحريف سوف تسقط الاقنعة عن وجوه كثيرة لا تزال تعيش بيننا، وتعلق نجوي فؤاد علي ذلك قائلة: لم أرتبط في حياتي بأي شخص من اصحاب النفوذ والسلطة ليكون لمذكراتي هذا الشأن .. فقصة حياتي لا تخرج عن سر لحياة فنانة عادية مكافحة بدأت حياتها من الصفر حتي وصلت للقمة باجتهادها واصرارها على النجاح بعزم وإرادة وموهبة، على حد تعبيرها.

ورغم إنكارها الأمر إلا أن هناك أنباء عن قبولها عرضاً قدمته إحدى دور النشر اللبنانية لنشر مذكراتها التي ستنتهي منها ـ كما قالت ـ نهاية العام الحالي ، ويبدو أن في جعبتها الكثير والمثير من القصص الهامة ، التي منحتها الحق في وضع شروط خاصة في العقد تتعلق بالدعاية الكبيرة، وفخامة الورق والطباعة والصور والإخراج وغيرها.

وكانت نجوى فؤاد قد ألمحت في أحاديث صحافية نشرت لها مؤخراً أنها في حاجة إلى "فضفضة صريحة" مع جمهورها تروي فيها تفاصيل دقيقة حول قصة اعتلائها عرش الرقص الشرقي لدرجة رقصت أمام الملوك والرؤساء بناء على طلبهم" وأكدت نجوى فؤاد أنها "ستكشف الكثير من المفاجآت وما ينقصها الآن هو العثور على من تأتمنه عليها لتخرج بالصورة التي تتمناها" ونحن بانتظار فضفضة "ست نجوى".

فيفي

ودائماً تبقى فيفي عبده هكذا صريحة لدرجة صادمة، فقد تندرت ساخرة في معرض تعقيبها على فكرة تدوين سيرتها الذاتية قائلة بطريقتها المعروفة إن "حياتها تصلح مادة درامية لأكثر من عشرة أفلام سينمائية طويلة على الأقل، غير انها لا تعتزم تدوين سيرتها، ولن تسمح بنشر شئ منها في حياتها".

ورغم هذا النفي الصريح، إلا أنه يتردد في القاهرة أن فيفي عبده قد شرعت بالفعل في كتابة مذكراتها منذ نهاية العام الماضي ، من خلال صحافي متخصص في الشئون الفنية ، وقد روت في الفصول الأولى لمذكراتها قصصا مريرة عن هروبها من أهلها وعملها المتواصل في عشرات الأماكن ، والصعاب التي واجهتها بصلابة منذ صغرها حتى دخلت مصاف الراقصات المشهورات ، كما تحدثت عن الرجال في حياتها وأسرار زيجاتها المتعددة ، فضلاً عن علاقاتها المتعددة بالسياسيين وكبار رجال الأعمال العرب.

لوسي

تبقى الفنانة لوسي التي قالت إن مذكراتها ستكون مأساوية الطابع ، لأنها ستتضمن عذابات كثيرة قابلتها في مشوارها الحياتي والفني حتى وصلت إلى النجومية ، لكن لوسي تعترض علي الصورة النمطية التي قدمتها نبيلة عبيد في فيلم "الراقصة والسياسي" وتقول إنها صورة مبالغ فيها إلى درجة "كاريكاتورية" ، وأن الفيلم في مجمله لم يكن مشرفاً للراقصات ، بل رسخ في أذهان الناس صورة سلبية تؤكد أنها مجافية للحقيقة ، وألمحت إلى أنها ربما تستعين بأصدقائها المثقفين ليس فقط في الصياغة ، بل وفي الرؤية العامة للأحداث والمواقف والشخصيات على حد تعبيرها.

زيزي

وفي سيرة حياة الراقصة زيزي مصطفى تروي قصة سمعناها أو قرأناها من قبل لعشرات الراقصات، لكن منذ أكثر من عشرة أعوام انقلبت حياتها رأسا على عقب، إذ اعتزلت الرقص والتمثيل وارتدت الحجاب، وافتتحت مطعما للساندوتشات في حي المهندسين بالجيزة.

وبعد أحد عشر عاما من الاعتزال عادت زيزي مصطفى لتعلن عودتها للفن ممثلة لا راقصة هذه المرة وبالحجاب، وجاءت عودة زيزي للفن بعد عمل ابنتها الوحيدة منة شلبي بالتمثيل السينمائي والتليفزيوني.

وتروي زيزي تفاصيل مثيرة عن حياتها وهروبها من أسرتها والزيجات المتعددة في حياتها، وقصص الفنانين الخفية، والرقص والصداقة والحجاب، فتقول: "كنت طفلة حزينة بائسة فقيرة مات والدي وعمري ستة أعوام فأخذني عمي للعيش معه فقد كانت أسرة ابي من أسيوط بصعيد مصر حيث التقاليد تفرض القيود على البنات•• لكن زوجة عمي اساءت معاملتي خاصة بعد زواج امي من رجل آخر، كانت زوجة عمي تلبسني ملابس خادمتها وتجعلني اغسل ملابس عائلة كبيرة وتعاملني كخادمة، وفي يوم جاء عمي بعريس لي من أسيوط، رجل طويل وعريض•• وكنت صغيرة جدا فرفضت وهربت من البيت وبحثت عني أمي كثيرا واستطاعت ان تعيدني لبيت عمي من جديد فحلق ليّ عمي شعري بالشفرة والبسوني الايشارب وعدت للخدمة من جديد لكنني انتظرت عامين حتى طال شعري وهربت للأبد.

وتواصل زيزي قائلة : "لطمتني الحياة وعملت عاملة في بوتيك بحي شبرا ثم سعيت للعمل في شارع الهرم كراقصة، وكنت حلوة وذات جسد فارع وجميل، وقال ليّ صاحب الكازينو انت فرسة وعليك بالرقص ووافقت مقابل خمسين قرشا في الليلة وفرحت فهو مبلغ يسد جوعي وجوع امي التي جاءت للعيش معي بعد طلاقها من زوجها الجديد ثم جاء اخوتي السبعة للعيش معنا فقد كنت الكبرى بينهم".

وتمضي زيزي في سرد حكايتها قائلة "عشت في شقة مفروشة فوق سينما قصر النيل بوسط القاهرة إيجارها ثلاثون جنيها في الشهر وكان ذلك عام 1968، هذه الشقة دخلتها وكان اسمي زينب علي عبدالعال وصرت فيها زيزي مصطفى وزارني بها عبدالحليم حافظ وعادل امام وسعيد صالح ونور الشريف وسعاد حسني والسيدة وسيلة بورقيبة حرم الرئيس التونسي الراحل، كما تزوجت في هذه الشقة ستة رجال، وكان الرجل الذي يقترب مني ويهمس في اذني بكلمات الحب المعسولة اطلب منه الزواج".

وأخيراً فما زال عدد من الناشرين يواصلون جهودهم من خلال وسطاء صحافيين وشخصيات عامة إلى الحصول على مذكرات الراقصات المعتزلات ، وفي مقدمتهن سهير زكي وسحر حمدي وغيرهن ، إلا أن أياً منهن لم تعلن عن اعتزامها الإقدام على هذه الخطوة بعد.

*ايلاف

التعليقات