قراءة الطالع في لبنان.. استثمار لأسماء السياسيين
قراءة الطالع في لبنان.. استثمار لأسماء السياسيين وأهل الفن وطغيان في وسائل الإعلام
يحكى أن أحد نجوم السياسة لا يقابل أحداً ما لم يراجع قارئة طالع وعرف ان لها باباً خاصاً في مكتبه لا يدخله إلا المقربون
غزة-دنيا الوطن
«هل كان عالم الفلك ميشال حايك على علم بكارثة طائرة كوتونو التي اودت بحياة اكثر من مائة لبناني ليقول انه تنبأ بذلك قبل اربعة ايام او بسقوط الطائرة المصرية في شرم الشيخ»؟ بهذا السؤال خرج الرئيس اللبناني السابق الياس الهراوي ليصرح للصحافيين بعد زيارة الى البطريرك الماروني نصر الله صفير، ويكذب عالم الفلك ميشال حايك الذي توقع لصفير الاصابة بعارض صحي. ودعا الهراوي ايضاً الشباب اللبناني الى التخفيف من التشاؤم وألا يتأثروا كثيراً بكلام المنجمين الذين طالعونا بتوقعاتهم السيئة والخطيرة لهذا العام، اذ رأوا فيه عام الانقلابات والفيضانات والهزات الارضية والزلازل الطبيعية في بلدان عديدة خصوصاً في الشرق الأوسط واوروبا وآسيا.
فقد تنامت ظاهرة التنجيم والتبصير وازداد شيوعها في العالم، وهي تحمل الكثير من الدلائل التي لا تصب في صالح المجتمعات حيث تطغى، لانها دليل هزيمة وجهل، وفي الآن عينه تحمل دلائل على اوضاع لا يملك المواطن معها القدرة على التغيير او التعبير. وقد انتشرت هذه الظاهرة في وسائل الاعلام فأصبح لكل محطة تلفزيونية عالمها الفلكي او «عالمتها» ولكل جريدة او مجلة باب ثابت للابراج، وتداول القراء الكتب الفلكية التي سجلت ارقاماً قياسية في المبيعات سواء في معارض الكتب او في المكتبات.
ويدعي المنجمون انهم يملكون معرفة الحدث قبل وقوعه بشكل ما، فبعضهم يكشف ذلك من معرفة تاريخ الميلاد. فالمولودون في برج ما، في سنة ما، هم مواليد احد اربعة طبائع هي: المائي والترابي والهوائي والناري، ولكل طابع منهم مزاجه الخاص ومسلكه الخاص ومستقبله الخاص، الذي لا يملك معه القدرة على التغيير، فالامور مرسومة بالقضاء والقدر خطتها الانجُم لحظة الميلاد، وكتبتها الكواكب في سجل محفوظ، لا يقرأه الا الضالعون في علم الفلك وعالمه. ويطلق المنجمون على انفسهم القاباً فخمة ضخمة منتفخة يرفقونها دائماً بالعلم، مثل «دكتور» او «عالم فلكي» او «عالم روحاني» او «خبير فلك»، فيخلطون بين الفلك والتبصير و«البارابسيكولوجيا» اي علم التخاطر، وهو فرع من علم النفس يحتاج الى اختصاص معمق. وتحمل هذه الالقاب في طياتها الكثير من المراوغة والخداع، وتنتقل بين الناس، فليجأون الى هؤلاء العرّافين لقراءة الطالع والمستقبل.
والاقدمون عرفوا التبريج، فكان لكل ملك منجم، ولكل حاكم مبصّر، ولكل قائد عالم يستشير الفلك ويؤدي النصيحة، ومما يذكر في هذا المجال ان المعتصم العباسي استشار منجم الخلافة في الحرب على الروم، فأشار عليه محذراً من ان نجمه لا يناسب الحرب الآن، فعصاه، وكان فتح عمورية، وبذلك قال ابو تمام: «السيف اصدق انباء من الكتب.. في حدّه الحد بين الجد واللعب.. بيض الصفائح لا سود الصحائف.. في متونهن جلاء الشك والريب». وعرف عند الاقدميين المنجم باسم «الرائي» اي الذي يرى المستقبل، وكان احياناً ذا سلطة وأهمية حتى اكثر من الملك نفسه.
«كذب المنجمون ولو صدقوا»، يؤكد هذا الحديث الشريف زيف ادعاءات المنجمين وقد يكون صدق المنجمين مصادفة، او رمية من غير رام. ورغم ادراك الجميع بذلك الا ان «الملوّع يتمسك بحبال الهوا»، لكن الملاحظ ان نسبة لا بأس بها من اللبنانيين باتت لا تقدم على اي عمل او اي خطوة قبل استشارة المنجمين الذين يعتمدون على العموميات في تنبؤاتهم، فيلتفون على المستقبل بحتميات لا بد حاصلة، فكل انسان يفرح ويبكي ويمرض ويشعر بألم في الرأس والظهر وفي المفاصل، وكل انسان يسافر ويتنقل من مكان الى آخر.. فهم يبشرون المستطلعين بهذا، ليس الاّ، مما يجعل تنبؤاتهم واقعاً، ويجعل من كلامهم صدقاً. والامثلة كثيرة على هؤلاء وقد لا تنتهي، ففي لبنان اسماء فاقت شهرتها شهرة السياسيين والفنانين. اما عالمة الفلك جمانة قبيسي فقالت لـ«الشرق الأوسط»: «ان هذا العام سيشهد انقلابات خطيرة في العالم العربي، وابدت تخوفها على رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي اميل لحود ونبيه بري من هذا العام، الذي لن يكون طالعه جيداً عليهما، لكنها طمأنت رئيس الحكومة رفيق الحريري فقالت ان طالعه حسن عليه وسيحمل له الكثير من الايجابيات، ورفضت الدخول في التنبؤات السياسية لأن هناك من هددها بعد ان كشفت الكثير من اسراره». مضيفة «انها تستقبل العديد من الشخصيات السياسية المعروفة التي لا تبدأ نهارها قبل التزود بالاستشارة». والاشارة الى السياسيين ونجوم الفن من قبل المبصرين ظاهرة عالمية، ومن خلالها يحصل المنجم على شهرة ومصداقية مزيفة، ويقصده اصحاب السلطة فيتمكن من معرفة تفاصيل قد يستخدمها لإبهار زبونه، او في بعض الاحيان يبيع معلومة كان قد سمعها الى زبون متعطش لمعرفتها، مما يعزز وضعه ومعلوماته ويجعله قبلة للباحثين عن المجد بواسطة تسخير القوى غير المرئية.
ويحكى في الكواليس ان احد نجوم السياسة لا يقابل احداً في الصباح ما لم يراجع قارئة طالع اكتسبت شهرتها من هذه الحظوة، وعرف ان لها باباً خاصاً في مكتب النجم السياسي لا يدخله الا المقربون.
كما يحكى ان بعض العاملين في هذا «الكار» بارعون في قراءة ملامح الوجه وتعابيره وطريقة لفظ الزبون، وكأن الامر تحليل لشخصيته نابع من علم الفراسة، كما يساعد على جره الى اعطاء المعلومات التي يحسب فيما بعد ان قارئ الطالع عرفها بشطارته.
وبعض الرموز لا تتغير لدى المبصرين لا سيما في فنجان القهوة، حيث الثعبان عدو والفأرة سرقة والسمكة رزق كثير والحصان عز ومجد واشارة 7 تعني النصر. وهذه الظاهرة تعم كل الشرائح والطبقات الاجتماعية، من سكان القصور الى الذين يعانون ضيق الحال والبطالة، علّ زيارة هؤلاء تعطيهم بصيص نور وأملاً في إيجاد عمل واستعادة خسارة. ولعل هذا الاقبال يفسر حرص كل محطة تلفزيونية فضائية او ارضية على تخصيص فترة صباحية يومية للفلك والابراج والاسئلة المباشرة على الهواء من قبل المشاهدين الذين يعرضون مشاكلهم الحميمة احياناً وكأنهم في عيادة طبيب. لكن اللافت في هذا الامر هو النصائح التي تعطى على الهواء مباشرة من قبل المنجمين، او بعبارة ادق المنجمات، لأنهن الغالبات، ومعظمهن يظهرن على الشاشة بكامل الاناقة ووسائل التزيين والتسريحة المراعية للموضة مع مبالغة مفرطة، فهذه النصائح قد تؤدي بالسائل الى التهلكة اذا لم يكن قد اوضح فعلاً مشكلة من خلال عرضها، واحياناً تكون هذه المشكلة صحية وتستدعي معاينة طبيب وليس استشارة بصارة. لكن المثير للسخرية هو تعهد بعض البصارات بفك المربوط واعادة المياه الى مجاريها بين العشاق المتخاصمين وتأمين حصول العانس على فارس احلامها وما الى ذلك من مواضيع حساسة تتعلق بسعادة الانسان وعواطفه وغرائزه. ومقابل هذا التعهد نجد ان البصارة لا تستطيع الحصول على زوج يقيها مهانة التدجيل لتأمن لقمة العيش او قد يكون زوجها قد غرر بها وطلقها بعد ان سرقها وخانها ربما مع احدى زبوناتها. والمضحك المبكي من قصص العرافين، ان صفحات الحوادث الامنية في الصحف لا تخلو من اخبار دجالين احتالوا على اناس بسطاء، كأن يعدوهم بتحويل المعدن الى ذهب او بكشف الكنوز او بشفاء المريض. واحياناً تتحول جلسة تحضير الارواح الى اعتداءات جنسية بعد تحذير الضحايا اللواتي يسهل التغرير بهن لدخولهن في لعبة التدجيل والتبصير. لكن بعض القصص يشكل مأساة كما حدث مع ام ثكلى فقدت ولديها خلال الحرب اللبنانية بقذيفة اصابت منزلها، فقدت معهما البصر والادراك ولجأت الى احد الدجالين الذي وعدها باعادة ولديها الى الحياة عن طريق ملوك الجان ومن اجل ذلك فقدمت له ما جمعه الزوج بتعب وكدّ وغربة، ولم يستطع هذا الزوج تحمل الخسارتين فلحق بولديه باكراً.
هذه الحادثة الحقيقية، ليست منعزلة بل تذكرنا بأسطورة «العود الابدي» التي نحتفل بها رأس كل سنة جديدة، وكل على طريقته، ويتسمّر اغلب المواطنين امام شاشات التلفزة يتسابقون لمعرفة طالعهم في السنة الجديدة، وما تحمل لهم من احداث، فيتنقل المشاهد من محطة الى اخرى ليتعرف على ما يقوله عالم كل محطة، فربما بذلك يطمئن الى مستقبله.
ماغي فرح: لست منجمة بل أعتمد على دراسات علمية
الاعلامية ماغي فرح تقول عن هذه الظاهرة: «الذين يقدمون قراءات عن المستقبل لا علاقة لهم بالفلك والابراج، وللأسف فأن بعض الناس يصدقونها ويأخذونها على محمل الجد».
وتضيف فرح التي اشتهرت بعلم الابراج: «انا لست منجمة مثل غيري، انما اعتمد على دراسات علمية تتعلق بالفلك والكواكب والابراج وهذه الدراسة تأخذ وقتاً طويلاً لما فيها من حسابات». مضيفة انها «توقعت السنة الماضية نشوب الحرب في العراق، وانتشار وباء خطير (سارس) وحدوث خلافات سياسية في لبنان». وحذرت فرح من العام الحالي 2004، موضحة أنه عام القرد حسب التقويم الصيني وهو سيئ ومصيري ويحمل احداثاً تاريخية قد تغير مجرى الامور في العالم وقد تترك بصماتها على السنوات الآتية في مختلف القطاعات، وفي معظم الاماكن من العالم، كما سنشهد هذه السنة خطف طائرات واغتيالات لشخصيات مهمة، وانهيارات على الصعيد السياسي، وعلى صعيد البورصة العالمية.
وتوقعت فرح لأصحاب برج الجدي «ازمات ومتاعب تفقدهم السيطرة على الامور، ومن اصحاب هذا البرج الرئيس اللبناني الحالي اميل لحود، وتوقعت لأصحاب برج العقرب ان يكونوا الاوفر حظاً هذا العام وسيواجهون تغييرات ايجابية جداً، ومن اصحاب هذا البرج رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري».
*الشرق الاوسط
يحكى أن أحد نجوم السياسة لا يقابل أحداً ما لم يراجع قارئة طالع وعرف ان لها باباً خاصاً في مكتبه لا يدخله إلا المقربون
غزة-دنيا الوطن
«هل كان عالم الفلك ميشال حايك على علم بكارثة طائرة كوتونو التي اودت بحياة اكثر من مائة لبناني ليقول انه تنبأ بذلك قبل اربعة ايام او بسقوط الطائرة المصرية في شرم الشيخ»؟ بهذا السؤال خرج الرئيس اللبناني السابق الياس الهراوي ليصرح للصحافيين بعد زيارة الى البطريرك الماروني نصر الله صفير، ويكذب عالم الفلك ميشال حايك الذي توقع لصفير الاصابة بعارض صحي. ودعا الهراوي ايضاً الشباب اللبناني الى التخفيف من التشاؤم وألا يتأثروا كثيراً بكلام المنجمين الذين طالعونا بتوقعاتهم السيئة والخطيرة لهذا العام، اذ رأوا فيه عام الانقلابات والفيضانات والهزات الارضية والزلازل الطبيعية في بلدان عديدة خصوصاً في الشرق الأوسط واوروبا وآسيا.
فقد تنامت ظاهرة التنجيم والتبصير وازداد شيوعها في العالم، وهي تحمل الكثير من الدلائل التي لا تصب في صالح المجتمعات حيث تطغى، لانها دليل هزيمة وجهل، وفي الآن عينه تحمل دلائل على اوضاع لا يملك المواطن معها القدرة على التغيير او التعبير. وقد انتشرت هذه الظاهرة في وسائل الاعلام فأصبح لكل محطة تلفزيونية عالمها الفلكي او «عالمتها» ولكل جريدة او مجلة باب ثابت للابراج، وتداول القراء الكتب الفلكية التي سجلت ارقاماً قياسية في المبيعات سواء في معارض الكتب او في المكتبات.
ويدعي المنجمون انهم يملكون معرفة الحدث قبل وقوعه بشكل ما، فبعضهم يكشف ذلك من معرفة تاريخ الميلاد. فالمولودون في برج ما، في سنة ما، هم مواليد احد اربعة طبائع هي: المائي والترابي والهوائي والناري، ولكل طابع منهم مزاجه الخاص ومسلكه الخاص ومستقبله الخاص، الذي لا يملك معه القدرة على التغيير، فالامور مرسومة بالقضاء والقدر خطتها الانجُم لحظة الميلاد، وكتبتها الكواكب في سجل محفوظ، لا يقرأه الا الضالعون في علم الفلك وعالمه. ويطلق المنجمون على انفسهم القاباً فخمة ضخمة منتفخة يرفقونها دائماً بالعلم، مثل «دكتور» او «عالم فلكي» او «عالم روحاني» او «خبير فلك»، فيخلطون بين الفلك والتبصير و«البارابسيكولوجيا» اي علم التخاطر، وهو فرع من علم النفس يحتاج الى اختصاص معمق. وتحمل هذه الالقاب في طياتها الكثير من المراوغة والخداع، وتنتقل بين الناس، فليجأون الى هؤلاء العرّافين لقراءة الطالع والمستقبل.
والاقدمون عرفوا التبريج، فكان لكل ملك منجم، ولكل حاكم مبصّر، ولكل قائد عالم يستشير الفلك ويؤدي النصيحة، ومما يذكر في هذا المجال ان المعتصم العباسي استشار منجم الخلافة في الحرب على الروم، فأشار عليه محذراً من ان نجمه لا يناسب الحرب الآن، فعصاه، وكان فتح عمورية، وبذلك قال ابو تمام: «السيف اصدق انباء من الكتب.. في حدّه الحد بين الجد واللعب.. بيض الصفائح لا سود الصحائف.. في متونهن جلاء الشك والريب». وعرف عند الاقدميين المنجم باسم «الرائي» اي الذي يرى المستقبل، وكان احياناً ذا سلطة وأهمية حتى اكثر من الملك نفسه.
«كذب المنجمون ولو صدقوا»، يؤكد هذا الحديث الشريف زيف ادعاءات المنجمين وقد يكون صدق المنجمين مصادفة، او رمية من غير رام. ورغم ادراك الجميع بذلك الا ان «الملوّع يتمسك بحبال الهوا»، لكن الملاحظ ان نسبة لا بأس بها من اللبنانيين باتت لا تقدم على اي عمل او اي خطوة قبل استشارة المنجمين الذين يعتمدون على العموميات في تنبؤاتهم، فيلتفون على المستقبل بحتميات لا بد حاصلة، فكل انسان يفرح ويبكي ويمرض ويشعر بألم في الرأس والظهر وفي المفاصل، وكل انسان يسافر ويتنقل من مكان الى آخر.. فهم يبشرون المستطلعين بهذا، ليس الاّ، مما يجعل تنبؤاتهم واقعاً، ويجعل من كلامهم صدقاً. والامثلة كثيرة على هؤلاء وقد لا تنتهي، ففي لبنان اسماء فاقت شهرتها شهرة السياسيين والفنانين. اما عالمة الفلك جمانة قبيسي فقالت لـ«الشرق الأوسط»: «ان هذا العام سيشهد انقلابات خطيرة في العالم العربي، وابدت تخوفها على رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي اميل لحود ونبيه بري من هذا العام، الذي لن يكون طالعه جيداً عليهما، لكنها طمأنت رئيس الحكومة رفيق الحريري فقالت ان طالعه حسن عليه وسيحمل له الكثير من الايجابيات، ورفضت الدخول في التنبؤات السياسية لأن هناك من هددها بعد ان كشفت الكثير من اسراره». مضيفة «انها تستقبل العديد من الشخصيات السياسية المعروفة التي لا تبدأ نهارها قبل التزود بالاستشارة». والاشارة الى السياسيين ونجوم الفن من قبل المبصرين ظاهرة عالمية، ومن خلالها يحصل المنجم على شهرة ومصداقية مزيفة، ويقصده اصحاب السلطة فيتمكن من معرفة تفاصيل قد يستخدمها لإبهار زبونه، او في بعض الاحيان يبيع معلومة كان قد سمعها الى زبون متعطش لمعرفتها، مما يعزز وضعه ومعلوماته ويجعله قبلة للباحثين عن المجد بواسطة تسخير القوى غير المرئية.
ويحكى في الكواليس ان احد نجوم السياسة لا يقابل احداً في الصباح ما لم يراجع قارئة طالع اكتسبت شهرتها من هذه الحظوة، وعرف ان لها باباً خاصاً في مكتب النجم السياسي لا يدخله الا المقربون.
كما يحكى ان بعض العاملين في هذا «الكار» بارعون في قراءة ملامح الوجه وتعابيره وطريقة لفظ الزبون، وكأن الامر تحليل لشخصيته نابع من علم الفراسة، كما يساعد على جره الى اعطاء المعلومات التي يحسب فيما بعد ان قارئ الطالع عرفها بشطارته.
وبعض الرموز لا تتغير لدى المبصرين لا سيما في فنجان القهوة، حيث الثعبان عدو والفأرة سرقة والسمكة رزق كثير والحصان عز ومجد واشارة 7 تعني النصر. وهذه الظاهرة تعم كل الشرائح والطبقات الاجتماعية، من سكان القصور الى الذين يعانون ضيق الحال والبطالة، علّ زيارة هؤلاء تعطيهم بصيص نور وأملاً في إيجاد عمل واستعادة خسارة. ولعل هذا الاقبال يفسر حرص كل محطة تلفزيونية فضائية او ارضية على تخصيص فترة صباحية يومية للفلك والابراج والاسئلة المباشرة على الهواء من قبل المشاهدين الذين يعرضون مشاكلهم الحميمة احياناً وكأنهم في عيادة طبيب. لكن اللافت في هذا الامر هو النصائح التي تعطى على الهواء مباشرة من قبل المنجمين، او بعبارة ادق المنجمات، لأنهن الغالبات، ومعظمهن يظهرن على الشاشة بكامل الاناقة ووسائل التزيين والتسريحة المراعية للموضة مع مبالغة مفرطة، فهذه النصائح قد تؤدي بالسائل الى التهلكة اذا لم يكن قد اوضح فعلاً مشكلة من خلال عرضها، واحياناً تكون هذه المشكلة صحية وتستدعي معاينة طبيب وليس استشارة بصارة. لكن المثير للسخرية هو تعهد بعض البصارات بفك المربوط واعادة المياه الى مجاريها بين العشاق المتخاصمين وتأمين حصول العانس على فارس احلامها وما الى ذلك من مواضيع حساسة تتعلق بسعادة الانسان وعواطفه وغرائزه. ومقابل هذا التعهد نجد ان البصارة لا تستطيع الحصول على زوج يقيها مهانة التدجيل لتأمن لقمة العيش او قد يكون زوجها قد غرر بها وطلقها بعد ان سرقها وخانها ربما مع احدى زبوناتها. والمضحك المبكي من قصص العرافين، ان صفحات الحوادث الامنية في الصحف لا تخلو من اخبار دجالين احتالوا على اناس بسطاء، كأن يعدوهم بتحويل المعدن الى ذهب او بكشف الكنوز او بشفاء المريض. واحياناً تتحول جلسة تحضير الارواح الى اعتداءات جنسية بعد تحذير الضحايا اللواتي يسهل التغرير بهن لدخولهن في لعبة التدجيل والتبصير. لكن بعض القصص يشكل مأساة كما حدث مع ام ثكلى فقدت ولديها خلال الحرب اللبنانية بقذيفة اصابت منزلها، فقدت معهما البصر والادراك ولجأت الى احد الدجالين الذي وعدها باعادة ولديها الى الحياة عن طريق ملوك الجان ومن اجل ذلك فقدمت له ما جمعه الزوج بتعب وكدّ وغربة، ولم يستطع هذا الزوج تحمل الخسارتين فلحق بولديه باكراً.
هذه الحادثة الحقيقية، ليست منعزلة بل تذكرنا بأسطورة «العود الابدي» التي نحتفل بها رأس كل سنة جديدة، وكل على طريقته، ويتسمّر اغلب المواطنين امام شاشات التلفزة يتسابقون لمعرفة طالعهم في السنة الجديدة، وما تحمل لهم من احداث، فيتنقل المشاهد من محطة الى اخرى ليتعرف على ما يقوله عالم كل محطة، فربما بذلك يطمئن الى مستقبله.
ماغي فرح: لست منجمة بل أعتمد على دراسات علمية
الاعلامية ماغي فرح تقول عن هذه الظاهرة: «الذين يقدمون قراءات عن المستقبل لا علاقة لهم بالفلك والابراج، وللأسف فأن بعض الناس يصدقونها ويأخذونها على محمل الجد».
وتضيف فرح التي اشتهرت بعلم الابراج: «انا لست منجمة مثل غيري، انما اعتمد على دراسات علمية تتعلق بالفلك والكواكب والابراج وهذه الدراسة تأخذ وقتاً طويلاً لما فيها من حسابات». مضيفة انها «توقعت السنة الماضية نشوب الحرب في العراق، وانتشار وباء خطير (سارس) وحدوث خلافات سياسية في لبنان». وحذرت فرح من العام الحالي 2004، موضحة أنه عام القرد حسب التقويم الصيني وهو سيئ ومصيري ويحمل احداثاً تاريخية قد تغير مجرى الامور في العالم وقد تترك بصماتها على السنوات الآتية في مختلف القطاعات، وفي معظم الاماكن من العالم، كما سنشهد هذه السنة خطف طائرات واغتيالات لشخصيات مهمة، وانهيارات على الصعيد السياسي، وعلى صعيد البورصة العالمية.
وتوقعت فرح لأصحاب برج الجدي «ازمات ومتاعب تفقدهم السيطرة على الامور، ومن اصحاب هذا البرج الرئيس اللبناني الحالي اميل لحود، وتوقعت لأصحاب برج العقرب ان يكونوا الاوفر حظاً هذا العام وسيواجهون تغييرات ايجابية جداً، ومن اصحاب هذا البرج رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري».
*الشرق الاوسط
التعليقات