227 برجاً سكنياً في غزة مخالفاً والسكان هم الضحايا
من يوقف فوضى الأبراج السكنية؟
227 برجاً سكنياً مخالفاً والسكان هم الضحايا
المسؤولون تساهلوا ورجال الأعمال أخلوا بالتزاماتهم
غزة-دنيا الوطن
لا تزال الأبراج السكنية المخالفة للقانون من القضايا المثيرة للجدل في الشارع الفلسطيني و لا زال الاف المواطنين يعانون من مخالفات رجال أعمال ومقاولين لم يلتزموا بالمواصفات السليمة والمطلوبة للمباني متعددة الطوابق , فلا إجراءات أمن تضمن الحفاظ على حياة المواطنين في حال الكوارث ،ولا ما يضمن حقوقهم اذا لم يلتزم المالك بالمواصفات المنصوص عليها في التراخيص ولا حتى التزام بعدد الأدوار المرخص بتشييدها .
وتزداد القضية تعقيداً مع مرور الوقت بعد أن عجزت الجهات المعنية عن معالجة القضية بالشكل النهائي .
ويقول الصحفي زكريا التلمس الذي يقع مكتبه في أحد ى العمارات المخالفة :أرتفع المالك بالبناء اكثر من المسموح به فاتخذت البلدية اجراء بمنح الشقق المرخصة خدمات مياه وكهرباء ومنعها عن الادوار المخالفة مما دفع سكان هذه الشقق الى تحميل التيار الكهربائي على العداد الرئيس للمبنى مما أحدث ضغطا عليه انتهى بانفجاره واندلاع حريق هائل كاد يقضي على سكان البرج بعد أن قضي على ممتلكاتهم .
وأكد أن إجراءات الأمن والسلامة اللازمة للحفاظ على حياة المواطنين،غير متوفرة مشيراً إلى أن المواطنين نجوا من الحريق بأعجوبة بعد ساعتين من اندلاعه.
واتهم التلمس الدفاع المدني بالتقصير في توفير هذه الإجراءات للسكان واستهتار البلدية في تركها لمثل هذا الوضع دون تدخل يحسم المشكلة ويحفظ حقوق المواطنين وارواحهم .
وقال أرسلت عشرات الشكاوى للمسؤولين و لم أتلق حتى الآن ردا عليها .
من جانبه أعرب المواطن أسامة زقوت عضو مجلس إدارة أحد الأبراج المخالفة المكونة من 15 طابقا وكل طابق يحوي أربع شقق اعرب عن تذمره وسكان البرج من عدم توفر أدنى الخدمات كالإنارة وسلالم الهروب والمناور وغرفة الحارس . وقال :دفعنا كل ما نملك فوجدنا في النهاية برجا غير جاهز فتوجهنا بشكاوى للعديد من الجهات ضد صاحب البرج دون جدوى نظرا لعدم وجود ترخيص نهائي وازداد وضعنا سوءا بعد فرار المالك بسبب تورطه بقضايا نصب، فكان رد المسئولين " القانون لا يحمي المغفلين" .
أبراج مخالفة
هذه ليست مشاكل خاصة بل هي نماذج لظاهرة يعاني منها آلاف المواطنين حسبما أكد د.إبراهيم أبو حميد المدير العام للتطوير الحضري بوزارة الإسكان والأشغال العامة مخالفة 227 برجا سكنيا في قطاع غزة لأسس التخطيط العمراني وخلوها من إجراءات الأمن والسلامة اللازمة للحفاظ على حياة المواطنين في حالات الكوارث ومخالفتها لعدد الطوابق المسموح بتشييدها.
ونفى أن يكون للوزارة أي مسؤولية عن تلك الأبراج مؤكدا أن المسؤولية تقع على عاتق البلدية والمهندس كونهما الجهات التي ينسق معها المقاولون.
وقال أن الوزارة تتحمل المسئولية عن الأبراج التي قامت ببنائها وهي مكتملة المواصفات.
مطلوب سن تشريعات
وعزا أبو حميد الفوضى في العمران إلى عدم وجود نظم و تشريعات فلسطينية تلزم الجميع بأسس معينة.
وقال أن المسؤول عن وضع هذه التشريعات ديوان الفتوى والتشريع واللجنة الوطنية في التشريعي والوزارة .
قانون تحت الدراسة
ولفت إلى أن الوزارة وضعت مؤخرا قانوناً لا زال تحت المراجعة يضع الأسس التطبيقية والهندسية اللازمة لتوجيه وتصحيح وتصويب وتطوير عمليات البناء في فلسطين.
المهندس قد يخالف
أما م.إبراهيم رضوان عضو نقابة المهندسين فقد أكد التزام الأبراج بالمواصفات المعمارية منذ أصدر الرئيس قانون المباني العالية عام 94 للحفاظ على حياة المواطنين وممتلكاتهم نتيجة عشوائية بناء الابراج مع بداية وصول السلطة حيث لم تراعى تلك الابراج الكثير من المواصفات الهندسية وإجراءات الأمن والسلامة .
وأعرب عن أسفه لعدم التزام جميع المهندسين نظرا لغياب آلية ضغط تلزمهم احترامه .
وقال: أن دور النقابة يقتصر على تدقيق المخططات الهندسية التي يقدمها المالك من الناحية الفنية والإنشائية والمعمارية استناداً إلى قانون المباني العالية والمواصفات الهندسية .
وشدد على أن الخلل يحدث في التنفيذ حين يتسلم المالك المخططات ويبدأ بالعمل حسب هواه بمساعدة بعض المهندسين وليس في النقابة التي تنتهي مهمتها بالموافقة على المخططات مشيراً إلى أن آلية عمل النقابة لا تلزمها بالمتابعة التي هي من مهام البلدية التي تعطي الموافقة بعد حصول المخططات على التراخيص اللازمة وأهمها ترخيص الدفاع المدني .
واستدرك : لاحظت النقابة ظاهرة عدم الالتزام بالمخططات المنصوص عليها سواء بمساعدة المهندس أو كنتيجة لعدم إشرافه على المشروع حتى النهاية فعممت على المكاتب الهندسية ضرورة متابعة المهندس للمشروع وهددت بان تنال الإجراءات العقابية كل مخالف، مشيراً إلى عدم محاسبة أحد حتى الآن نظرا لعدم وصول شكاوى .
وقال: أن البلدية تأخذ على المهندس تعهداً بالأشراف ولكن دون وضع آلية متابعة إذا كان المهندس التزم فعلا بتعهده أم لا.
مسؤولية المالك
وقال أن عدم احترام القانون وانتشار المحاباة والمحسوبية يزيد الظاهرة مؤكدا أن أي خلل يتحمل المسئولية عنه صاحب البرج لتعمده المخالفة ثم المهندس المشرف على المشروع لان ذلك جزء من مسئولياتهما وواجبهما تجاه مهنتهما و المواطنين الذين سيسكنون المباني .
ولفت إلي أن البلدية والدفاع المدني المتابعتان للمشروع تتحملان مسؤولية مماثلة ,لان البلدية يجب أن تتابع دورها الذي توقف منذ بدء الانتفاضة التي يتم تحميلها زوراً كل التجاوزات .
وفيما يتعلق بوضع المخططات التفصيلية لتوضيح الأماكن المناسبة لإقامة أبراج قال رضوان أن وضع المخططات من مسئولية البلدية والحكم المحلي, أما النقابة فهي تشارك إذا طلب منها المشاركة في لجان ولها عضو في لجنة التنظيم المركزية .
و نفى أن تكون التشريعات العمرانية مسئولية النقابة بقوله أنها مسئولية البلدية والحكم المحلي .
الأبراج المخالفة قديمة
أما المهندس فؤاد الشرفا مدير دائرة التطوير الحضري في بلدية غزة فقال أن المشكلة ظهرت عام 94 مع قدوم السلطة نظرا لحاجتنا الى وحدات سكنية حيث جرى انشاء 154 مبنى سكنياً في غزة قبل صدور أي نظام ودون انتظار ترخيص البلدية التي لم تكن قادرة على القيام بأي واجبات .
واستدرك :20 برجا منها فقط حصل على ترخيص والباقي جرى بناؤها بتشجيع من السلطة دون نظام ودون ترخيص فأدى ذلك إلى وجود مخالفات تنظيمية كبيرة جدا تشمل عدم وجود أرتدادات و اجراءات سلامة وخدمات كافية للسكان.
ولفت إلى أن البلدية حين لاحظت المشكلة أصدر الرئيس قانون المباني متعددة الطوابق عام94 وبعد صدوره اصبح العمل يجري حول كيفية الموائمة بين المباني القائمة والمباني الجديدة ومنذ ذلك الوقت حتى الآن جميع المباني بنيت وفق النظام .
وأضاف: شكلت البلدية بالتعاون مع الدفاع المدني لجنة المباني العالية بهدف منع الأبراج المخالفة وتصحيح وضعها , حيث تم تصحيح أوضاع بعضها .
وقال أن المباني التي أخلت بالشروط يتم التعامل معها على أساس مباني مخالفة وحين يريد تصحيح وضعه للحصول على خدمات يطبق عليه نظام الغرامات كل بناء اقيم بعد القانون تفرض عليه غرامة تصل مائة دولار للمتر الواحد اما ما قبل صدور النظام غرامة عادية 15 شيكلاً للمتر .
و اعترف الشرفا بوجود مخالفات في الارتفاع لكنه نفى استمرارها وقال أنها توقفت منذ عام 98 .
المالك يعرف المطلوب
ونفى جهل المالك بالشروط التنظيمية فقال حين يطلب الحصول على ترخيص توضع له جميع الشروط التنظيمية المطلوبة للبلدية ويحدد له الارتفاع والارتداد و خطوط التلفونات ومواقف سيارات ويقدم طلب ترخيص تتم دراسته من قبل قسم التراخيص وقسم التخطيط الحضري .
مضيفا أن البلدية تأخذ تعهداً خطياً على المهندس بالإشراف على المشروع نافيا قيامها بجولات تفتيشية للتأكد من متابعته وتواجده في الموقع اعتماداً على تعهده الخطي فقط , لكنه نفى اشتراط وجود مقاول مسجل لدى الاتحاد العام للمقاولين فالبلدية تترك الحرية للمالك للإتفاق مع أي مقاول فالبلدية تعتبرها مسألة قناعة تترك الحرية للمالك وحرية المنافسة الشريفة خارج البلدية ولكن صدرت تعليمات فيما بعد بهذا الشأن ولم يطبق ذلك حتى اليوم .
وقال أن عملية المتابعة تكون أثناء التنفيذ ولا يعطي المالك الترخيص مباشرة بل يحصل عليه عقب الشروع في مرحلة الاساسات بعد دفع الرسوم وبعدها التأكد من سلامتها يحصل على إذن اخر لأربعة ادوار ,ثم اذناً للادوار الاربعة التي تليها حسب المخططات .
وتابع :هناك أبراج مخالفة لعدد الأدوار تمنح لها خدمات للأدوار المرخصة وهذا سبب مشكلة لان السكان اخذوا من الساعة الرئيسة ما ادى الى زيادة الاحمال فانفجر واحدث حريقاً زاد من حدته عدم توفر اجراءات وقاية او امن , وهذا خلق اشكالية ان نكون جادين ولا نمنح خدمات أبدا لأبراج مخالفة وبين إعطاء الخدمات لسكان الطوابق المرخصة فيلجأ الباقون إلى الاستهلاك من الخط الرئيسي وندخل في مشاكل فنية فقرر المجلس البلدي منح السكان الخدمات لمن يرخص طابقه على أن يتم تنفيذ شروط الدفاع المدني،مشيراً الى تصحيح95 % من الأخطاء.
ترخيص مبدئي للمخالف
من جانبها قالت م. باسمة الإسي نائب مدير قسم الترخيص في بلدية غزة أن المالك لا يحصل على الموافقة من البلدية إلا بعد الحصول على التراخيص اللازمة و أهمها ترخيص الدفاع المدني و شركتي الاتصالات و الكهرباء إلى جانب توفر المواصفات المعمارية اللازمة لإقامة المبنى متعدد الطوابق وترخيص دائرتي الصحة والبيئة و الصرف الصحي في البلدية إضافة إلى اعتماد المخططات من قبل النقابة للحصول على الموافقة المبدئية .
ونفت حصول أي برج مخالف على ترخيص نهائي حتى اللحظة وقالت أن عدد الأبراج القانونية بالكامل 27 برجا من أصل 227 غير مكتملة المواصفات .
وقالت أن مسئولية المخالفات موزعة بين المالك الأصلي والمهندس الذي يفترض إشرافه على المشروع نظرا لتوقيعه على تعهد خطي بذلك مضيفة أن المخالفات الموجودة حاليا تنحصر في الارتفاع وإجراءات الأمن والسلامة .
وأكدت أن التجاوز يحدث بعد الحصول على إذن البناء الثاني لبناء الطوابق الأربعة الثانية حيث تتوقف متابعة البلدية , بالتالي يشيد المالك طوابق بشكل غير قانوني .
اشتراطات القانون رقم 3
من جانبه نفى اللواء الركن عبد الحي عبد الواحد مدير جهاز الأمن الصناعي والدفاع المدني حصول عدد كبير من الأبراج على تراخيص نهائية أو التزامها بالمواصفات كاملة , وقال أن 27 برجا فقط في قطاع غزة حصلوا على ترخيص نهائي نظرا لاستكمال مواصفاتها إضافة إلى 127 برج حصلت على موافقات مبدئية نظرا لعدم استكمالها للإجراءات التي اشترطها الدفاع المدني استنادا إلى قانون رقم 3 عام 98 والذي يتضمن 17 بندا كإجراءات تضمن حقوق المواطنين وتحافظ على ارواحهم وممتلكاتهم , فضلا عن 74 برجا غير حاصلة على أي ترخيص أبدا ولنا أن نتخيل حجم المخالفات فيها وقد تم تشييدها دون الرجوع إلى الدفاع المدني .
وشدد على أهمية تنفيذ الشروط السبعة عشر الواردة في القانون كونها تهدف الى الحفاظ على حياة المواطنين وممتلكاتهم خاصة بعد حدوث عدة حرائق في الأبراج تزايدت حدتها وخطرها بسبب عدم توافر هذه الاجراءات وكادت أن تودي بحياة عدد من المواطنين .
وقال أن أهم الإجراءات هي سلالم الهروب التي تم تركيبها خارج البرج في بعض الأحيان كحل للمشكلة .
اللواء يعد
ووعد اللواء الركن بتوفير إجراءات تغطية رأسية وجانبية لهذه السلالم لتصبح سهلة الاستعمال في حال الحاجة اليها تفاديا لعيوبها الموجودة حاليا .
ونفى أن يكون أي برج غير مطبق لجميع بنود القانون قد حصل على ترخيص نهائي أما من طبق 80 % منها فيحصل على ترخيص مبدئي فقط .
وحمل مسئولية عدم توفير هذه الإجراءات الهامة للمالك مطالبا السكان بالتقدم بشكوى للنائب العام وحصل أن تقدم العديد من المواطنين بشكاوى ضد أصحاب أبراج لم يلتزموا بالمواصفات في أبراجهم وأجبروا على اتمامها .
الجهات المتهاونة
أما رئيس الاتحاد العام للمقاولين بشير دلول فقد شن هجوما عنيفا على الجهات التي وصفها بالمتهاونة في أدائها ولا تتدخل بشكل فاعل لإلزام المالك على احترام حقوق المواطنين .
وقال نعمل الآن على قضية بين السكان وإحدى الشركات لم يلتزم فيها المقاول بالمواصفات المطلوبة وتضرروا بعد السكن و نحن نحمل المقاول تبعية الإصلاحيات واحتسبناها ماليا لإجباره على تعديل تجاوزاته .
وقال أن المقاول لا يلتزم أحيانا ببعض المواصفات في المواد الخام وبعض التمديدات الصحية وإجراءات الآمن والسلامة التي يختصر منها المقاول لتحقيق أعلى ربح له وللمالك .
ووجه لوما شديدا للبلدية لعدم اشتراطها الحصول على شهادة تثبت أن المقاول مصنف في الاتحاد العام للمقاولين وقال أنه من المفترض تقديم عطاء ليرسى على مقاول مصنف معترف به للابتعاد عن اشكاليات الطمع الا ان البلدية لم تلتزم بذلك .
وحمل دلول البلدية المسؤولية الكاملة عن كل التجاوزات كونها توفر الخدمات للأبراج المخالفة وتمنحها التراخيص بعد أن يتم تشييد عدة طوابق أكثر من المنصوص عليها أو المخالفة للمواصفات وإجراءات الأمن والسلامة والخدمات مشيراً إلى أهمية عدم تزويد الابراج المخالفة بالخدمات قبل تعديل الخلل و إزالة الطوابق الزائدة حفاظا على حقوق المواطنين .
خدمات للمباني المخالفة ؟
وقال أن الأبراج المخالفة في عدد الطوابق تمنح خدمات فقط للادوار المرخصة ولا تمنح للطوابق غير المرخصة وبالتالي يلجا المالك لتوفيرها للسكان من العداد الرئيس للبرج وهذا يخلق ضغطا على الشبكة التي يضاف اليها عبء فوق طاقتها وينذر بالخطر على ممتلكات المواطنين الذين يبدأون بالشكوى دون فائدة .
وأكد أن الدفاع المدني بدأ يشدد على إجراءات الأمن والسلامة في الأبراج السكنية بعد حدوث عدة حالات حرائق فلجأ المالك إلى تجاوز العقبة بوضع سلم طوارىء غير مكتمل المواصفات ولا يخدم كل الادوار غالبا .
الفساد هو السبب
وعزا التسيب في معالجة الظاهرة إلى ما وصفه الواسطة والمحسوبية بعد أن عمت هذه الظواهر بحيث أصبحت عادية.
وحمل المسئولية بالدرجة الأولى للبلدية التي تمنح ترخيصا لأبراج ضخمة يخدمها مصعد واحد ولا تحتوي سلم هروب وخدماتها لا تكفي حاجة السكان الذين يبدأون بالمعاناة ثم يتحملها بالدرجة الثانية المالك الذي خالف في المواصفات مستغلا غياب الرقابة مشددا على ضرورة متابعة الدفاع المدني لإجراءات الأمن والسلامة .
أيا كانت الجهة المسئولة عن الخلل القائم نبقى أمام حقيقة معاناة سكان ينبغي العمل بشكل مسؤول ومدروس لوقفها وتصحيح الأوضاع القائمة وفقا للقانون من جانب , ومن جانب آخر تشديد إجراءات الرقابة منعا للفساد الذي استشرى وتسبب في وجود هذه التجاوزات التي لم نفلح في علاجها حتى اللحظة .
*الدار
227 برجاً سكنياً مخالفاً والسكان هم الضحايا
المسؤولون تساهلوا ورجال الأعمال أخلوا بالتزاماتهم
غزة-دنيا الوطن
لا تزال الأبراج السكنية المخالفة للقانون من القضايا المثيرة للجدل في الشارع الفلسطيني و لا زال الاف المواطنين يعانون من مخالفات رجال أعمال ومقاولين لم يلتزموا بالمواصفات السليمة والمطلوبة للمباني متعددة الطوابق , فلا إجراءات أمن تضمن الحفاظ على حياة المواطنين في حال الكوارث ،ولا ما يضمن حقوقهم اذا لم يلتزم المالك بالمواصفات المنصوص عليها في التراخيص ولا حتى التزام بعدد الأدوار المرخص بتشييدها .
وتزداد القضية تعقيداً مع مرور الوقت بعد أن عجزت الجهات المعنية عن معالجة القضية بالشكل النهائي .
ويقول الصحفي زكريا التلمس الذي يقع مكتبه في أحد ى العمارات المخالفة :أرتفع المالك بالبناء اكثر من المسموح به فاتخذت البلدية اجراء بمنح الشقق المرخصة خدمات مياه وكهرباء ومنعها عن الادوار المخالفة مما دفع سكان هذه الشقق الى تحميل التيار الكهربائي على العداد الرئيس للمبنى مما أحدث ضغطا عليه انتهى بانفجاره واندلاع حريق هائل كاد يقضي على سكان البرج بعد أن قضي على ممتلكاتهم .
وأكد أن إجراءات الأمن والسلامة اللازمة للحفاظ على حياة المواطنين،غير متوفرة مشيراً إلى أن المواطنين نجوا من الحريق بأعجوبة بعد ساعتين من اندلاعه.
واتهم التلمس الدفاع المدني بالتقصير في توفير هذه الإجراءات للسكان واستهتار البلدية في تركها لمثل هذا الوضع دون تدخل يحسم المشكلة ويحفظ حقوق المواطنين وارواحهم .
وقال أرسلت عشرات الشكاوى للمسؤولين و لم أتلق حتى الآن ردا عليها .
من جانبه أعرب المواطن أسامة زقوت عضو مجلس إدارة أحد الأبراج المخالفة المكونة من 15 طابقا وكل طابق يحوي أربع شقق اعرب عن تذمره وسكان البرج من عدم توفر أدنى الخدمات كالإنارة وسلالم الهروب والمناور وغرفة الحارس . وقال :دفعنا كل ما نملك فوجدنا في النهاية برجا غير جاهز فتوجهنا بشكاوى للعديد من الجهات ضد صاحب البرج دون جدوى نظرا لعدم وجود ترخيص نهائي وازداد وضعنا سوءا بعد فرار المالك بسبب تورطه بقضايا نصب، فكان رد المسئولين " القانون لا يحمي المغفلين" .
أبراج مخالفة
هذه ليست مشاكل خاصة بل هي نماذج لظاهرة يعاني منها آلاف المواطنين حسبما أكد د.إبراهيم أبو حميد المدير العام للتطوير الحضري بوزارة الإسكان والأشغال العامة مخالفة 227 برجا سكنيا في قطاع غزة لأسس التخطيط العمراني وخلوها من إجراءات الأمن والسلامة اللازمة للحفاظ على حياة المواطنين في حالات الكوارث ومخالفتها لعدد الطوابق المسموح بتشييدها.
ونفى أن يكون للوزارة أي مسؤولية عن تلك الأبراج مؤكدا أن المسؤولية تقع على عاتق البلدية والمهندس كونهما الجهات التي ينسق معها المقاولون.
وقال أن الوزارة تتحمل المسئولية عن الأبراج التي قامت ببنائها وهي مكتملة المواصفات.
مطلوب سن تشريعات
وعزا أبو حميد الفوضى في العمران إلى عدم وجود نظم و تشريعات فلسطينية تلزم الجميع بأسس معينة.
وقال أن المسؤول عن وضع هذه التشريعات ديوان الفتوى والتشريع واللجنة الوطنية في التشريعي والوزارة .
قانون تحت الدراسة
ولفت إلى أن الوزارة وضعت مؤخرا قانوناً لا زال تحت المراجعة يضع الأسس التطبيقية والهندسية اللازمة لتوجيه وتصحيح وتصويب وتطوير عمليات البناء في فلسطين.
المهندس قد يخالف
أما م.إبراهيم رضوان عضو نقابة المهندسين فقد أكد التزام الأبراج بالمواصفات المعمارية منذ أصدر الرئيس قانون المباني العالية عام 94 للحفاظ على حياة المواطنين وممتلكاتهم نتيجة عشوائية بناء الابراج مع بداية وصول السلطة حيث لم تراعى تلك الابراج الكثير من المواصفات الهندسية وإجراءات الأمن والسلامة .
وأعرب عن أسفه لعدم التزام جميع المهندسين نظرا لغياب آلية ضغط تلزمهم احترامه .
وقال: أن دور النقابة يقتصر على تدقيق المخططات الهندسية التي يقدمها المالك من الناحية الفنية والإنشائية والمعمارية استناداً إلى قانون المباني العالية والمواصفات الهندسية .
وشدد على أن الخلل يحدث في التنفيذ حين يتسلم المالك المخططات ويبدأ بالعمل حسب هواه بمساعدة بعض المهندسين وليس في النقابة التي تنتهي مهمتها بالموافقة على المخططات مشيراً إلى أن آلية عمل النقابة لا تلزمها بالمتابعة التي هي من مهام البلدية التي تعطي الموافقة بعد حصول المخططات على التراخيص اللازمة وأهمها ترخيص الدفاع المدني .
واستدرك : لاحظت النقابة ظاهرة عدم الالتزام بالمخططات المنصوص عليها سواء بمساعدة المهندس أو كنتيجة لعدم إشرافه على المشروع حتى النهاية فعممت على المكاتب الهندسية ضرورة متابعة المهندس للمشروع وهددت بان تنال الإجراءات العقابية كل مخالف، مشيراً إلى عدم محاسبة أحد حتى الآن نظرا لعدم وصول شكاوى .
وقال: أن البلدية تأخذ على المهندس تعهداً بالأشراف ولكن دون وضع آلية متابعة إذا كان المهندس التزم فعلا بتعهده أم لا.
مسؤولية المالك
وقال أن عدم احترام القانون وانتشار المحاباة والمحسوبية يزيد الظاهرة مؤكدا أن أي خلل يتحمل المسئولية عنه صاحب البرج لتعمده المخالفة ثم المهندس المشرف على المشروع لان ذلك جزء من مسئولياتهما وواجبهما تجاه مهنتهما و المواطنين الذين سيسكنون المباني .
ولفت إلي أن البلدية والدفاع المدني المتابعتان للمشروع تتحملان مسؤولية مماثلة ,لان البلدية يجب أن تتابع دورها الذي توقف منذ بدء الانتفاضة التي يتم تحميلها زوراً كل التجاوزات .
وفيما يتعلق بوضع المخططات التفصيلية لتوضيح الأماكن المناسبة لإقامة أبراج قال رضوان أن وضع المخططات من مسئولية البلدية والحكم المحلي, أما النقابة فهي تشارك إذا طلب منها المشاركة في لجان ولها عضو في لجنة التنظيم المركزية .
و نفى أن تكون التشريعات العمرانية مسئولية النقابة بقوله أنها مسئولية البلدية والحكم المحلي .
الأبراج المخالفة قديمة
أما المهندس فؤاد الشرفا مدير دائرة التطوير الحضري في بلدية غزة فقال أن المشكلة ظهرت عام 94 مع قدوم السلطة نظرا لحاجتنا الى وحدات سكنية حيث جرى انشاء 154 مبنى سكنياً في غزة قبل صدور أي نظام ودون انتظار ترخيص البلدية التي لم تكن قادرة على القيام بأي واجبات .
واستدرك :20 برجا منها فقط حصل على ترخيص والباقي جرى بناؤها بتشجيع من السلطة دون نظام ودون ترخيص فأدى ذلك إلى وجود مخالفات تنظيمية كبيرة جدا تشمل عدم وجود أرتدادات و اجراءات سلامة وخدمات كافية للسكان.
ولفت إلى أن البلدية حين لاحظت المشكلة أصدر الرئيس قانون المباني متعددة الطوابق عام94 وبعد صدوره اصبح العمل يجري حول كيفية الموائمة بين المباني القائمة والمباني الجديدة ومنذ ذلك الوقت حتى الآن جميع المباني بنيت وفق النظام .
وأضاف: شكلت البلدية بالتعاون مع الدفاع المدني لجنة المباني العالية بهدف منع الأبراج المخالفة وتصحيح وضعها , حيث تم تصحيح أوضاع بعضها .
وقال أن المباني التي أخلت بالشروط يتم التعامل معها على أساس مباني مخالفة وحين يريد تصحيح وضعه للحصول على خدمات يطبق عليه نظام الغرامات كل بناء اقيم بعد القانون تفرض عليه غرامة تصل مائة دولار للمتر الواحد اما ما قبل صدور النظام غرامة عادية 15 شيكلاً للمتر .
و اعترف الشرفا بوجود مخالفات في الارتفاع لكنه نفى استمرارها وقال أنها توقفت منذ عام 98 .
المالك يعرف المطلوب
ونفى جهل المالك بالشروط التنظيمية فقال حين يطلب الحصول على ترخيص توضع له جميع الشروط التنظيمية المطلوبة للبلدية ويحدد له الارتفاع والارتداد و خطوط التلفونات ومواقف سيارات ويقدم طلب ترخيص تتم دراسته من قبل قسم التراخيص وقسم التخطيط الحضري .
مضيفا أن البلدية تأخذ تعهداً خطياً على المهندس بالإشراف على المشروع نافيا قيامها بجولات تفتيشية للتأكد من متابعته وتواجده في الموقع اعتماداً على تعهده الخطي فقط , لكنه نفى اشتراط وجود مقاول مسجل لدى الاتحاد العام للمقاولين فالبلدية تترك الحرية للمالك للإتفاق مع أي مقاول فالبلدية تعتبرها مسألة قناعة تترك الحرية للمالك وحرية المنافسة الشريفة خارج البلدية ولكن صدرت تعليمات فيما بعد بهذا الشأن ولم يطبق ذلك حتى اليوم .
وقال أن عملية المتابعة تكون أثناء التنفيذ ولا يعطي المالك الترخيص مباشرة بل يحصل عليه عقب الشروع في مرحلة الاساسات بعد دفع الرسوم وبعدها التأكد من سلامتها يحصل على إذن اخر لأربعة ادوار ,ثم اذناً للادوار الاربعة التي تليها حسب المخططات .
وتابع :هناك أبراج مخالفة لعدد الأدوار تمنح لها خدمات للأدوار المرخصة وهذا سبب مشكلة لان السكان اخذوا من الساعة الرئيسة ما ادى الى زيادة الاحمال فانفجر واحدث حريقاً زاد من حدته عدم توفر اجراءات وقاية او امن , وهذا خلق اشكالية ان نكون جادين ولا نمنح خدمات أبدا لأبراج مخالفة وبين إعطاء الخدمات لسكان الطوابق المرخصة فيلجأ الباقون إلى الاستهلاك من الخط الرئيسي وندخل في مشاكل فنية فقرر المجلس البلدي منح السكان الخدمات لمن يرخص طابقه على أن يتم تنفيذ شروط الدفاع المدني،مشيراً الى تصحيح95 % من الأخطاء.
ترخيص مبدئي للمخالف
من جانبها قالت م. باسمة الإسي نائب مدير قسم الترخيص في بلدية غزة أن المالك لا يحصل على الموافقة من البلدية إلا بعد الحصول على التراخيص اللازمة و أهمها ترخيص الدفاع المدني و شركتي الاتصالات و الكهرباء إلى جانب توفر المواصفات المعمارية اللازمة لإقامة المبنى متعدد الطوابق وترخيص دائرتي الصحة والبيئة و الصرف الصحي في البلدية إضافة إلى اعتماد المخططات من قبل النقابة للحصول على الموافقة المبدئية .
ونفت حصول أي برج مخالف على ترخيص نهائي حتى اللحظة وقالت أن عدد الأبراج القانونية بالكامل 27 برجا من أصل 227 غير مكتملة المواصفات .
وقالت أن مسئولية المخالفات موزعة بين المالك الأصلي والمهندس الذي يفترض إشرافه على المشروع نظرا لتوقيعه على تعهد خطي بذلك مضيفة أن المخالفات الموجودة حاليا تنحصر في الارتفاع وإجراءات الأمن والسلامة .
وأكدت أن التجاوز يحدث بعد الحصول على إذن البناء الثاني لبناء الطوابق الأربعة الثانية حيث تتوقف متابعة البلدية , بالتالي يشيد المالك طوابق بشكل غير قانوني .
اشتراطات القانون رقم 3
من جانبه نفى اللواء الركن عبد الحي عبد الواحد مدير جهاز الأمن الصناعي والدفاع المدني حصول عدد كبير من الأبراج على تراخيص نهائية أو التزامها بالمواصفات كاملة , وقال أن 27 برجا فقط في قطاع غزة حصلوا على ترخيص نهائي نظرا لاستكمال مواصفاتها إضافة إلى 127 برج حصلت على موافقات مبدئية نظرا لعدم استكمالها للإجراءات التي اشترطها الدفاع المدني استنادا إلى قانون رقم 3 عام 98 والذي يتضمن 17 بندا كإجراءات تضمن حقوق المواطنين وتحافظ على ارواحهم وممتلكاتهم , فضلا عن 74 برجا غير حاصلة على أي ترخيص أبدا ولنا أن نتخيل حجم المخالفات فيها وقد تم تشييدها دون الرجوع إلى الدفاع المدني .
وشدد على أهمية تنفيذ الشروط السبعة عشر الواردة في القانون كونها تهدف الى الحفاظ على حياة المواطنين وممتلكاتهم خاصة بعد حدوث عدة حرائق في الأبراج تزايدت حدتها وخطرها بسبب عدم توافر هذه الاجراءات وكادت أن تودي بحياة عدد من المواطنين .
وقال أن أهم الإجراءات هي سلالم الهروب التي تم تركيبها خارج البرج في بعض الأحيان كحل للمشكلة .
اللواء يعد
ووعد اللواء الركن بتوفير إجراءات تغطية رأسية وجانبية لهذه السلالم لتصبح سهلة الاستعمال في حال الحاجة اليها تفاديا لعيوبها الموجودة حاليا .
ونفى أن يكون أي برج غير مطبق لجميع بنود القانون قد حصل على ترخيص نهائي أما من طبق 80 % منها فيحصل على ترخيص مبدئي فقط .
وحمل مسئولية عدم توفير هذه الإجراءات الهامة للمالك مطالبا السكان بالتقدم بشكوى للنائب العام وحصل أن تقدم العديد من المواطنين بشكاوى ضد أصحاب أبراج لم يلتزموا بالمواصفات في أبراجهم وأجبروا على اتمامها .
الجهات المتهاونة
أما رئيس الاتحاد العام للمقاولين بشير دلول فقد شن هجوما عنيفا على الجهات التي وصفها بالمتهاونة في أدائها ولا تتدخل بشكل فاعل لإلزام المالك على احترام حقوق المواطنين .
وقال نعمل الآن على قضية بين السكان وإحدى الشركات لم يلتزم فيها المقاول بالمواصفات المطلوبة وتضرروا بعد السكن و نحن نحمل المقاول تبعية الإصلاحيات واحتسبناها ماليا لإجباره على تعديل تجاوزاته .
وقال أن المقاول لا يلتزم أحيانا ببعض المواصفات في المواد الخام وبعض التمديدات الصحية وإجراءات الآمن والسلامة التي يختصر منها المقاول لتحقيق أعلى ربح له وللمالك .
ووجه لوما شديدا للبلدية لعدم اشتراطها الحصول على شهادة تثبت أن المقاول مصنف في الاتحاد العام للمقاولين وقال أنه من المفترض تقديم عطاء ليرسى على مقاول مصنف معترف به للابتعاد عن اشكاليات الطمع الا ان البلدية لم تلتزم بذلك .
وحمل دلول البلدية المسؤولية الكاملة عن كل التجاوزات كونها توفر الخدمات للأبراج المخالفة وتمنحها التراخيص بعد أن يتم تشييد عدة طوابق أكثر من المنصوص عليها أو المخالفة للمواصفات وإجراءات الأمن والسلامة والخدمات مشيراً إلى أهمية عدم تزويد الابراج المخالفة بالخدمات قبل تعديل الخلل و إزالة الطوابق الزائدة حفاظا على حقوق المواطنين .
خدمات للمباني المخالفة ؟
وقال أن الأبراج المخالفة في عدد الطوابق تمنح خدمات فقط للادوار المرخصة ولا تمنح للطوابق غير المرخصة وبالتالي يلجا المالك لتوفيرها للسكان من العداد الرئيس للبرج وهذا يخلق ضغطا على الشبكة التي يضاف اليها عبء فوق طاقتها وينذر بالخطر على ممتلكات المواطنين الذين يبدأون بالشكوى دون فائدة .
وأكد أن الدفاع المدني بدأ يشدد على إجراءات الأمن والسلامة في الأبراج السكنية بعد حدوث عدة حالات حرائق فلجأ المالك إلى تجاوز العقبة بوضع سلم طوارىء غير مكتمل المواصفات ولا يخدم كل الادوار غالبا .
الفساد هو السبب
وعزا التسيب في معالجة الظاهرة إلى ما وصفه الواسطة والمحسوبية بعد أن عمت هذه الظواهر بحيث أصبحت عادية.
وحمل المسئولية بالدرجة الأولى للبلدية التي تمنح ترخيصا لأبراج ضخمة يخدمها مصعد واحد ولا تحتوي سلم هروب وخدماتها لا تكفي حاجة السكان الذين يبدأون بالمعاناة ثم يتحملها بالدرجة الثانية المالك الذي خالف في المواصفات مستغلا غياب الرقابة مشددا على ضرورة متابعة الدفاع المدني لإجراءات الأمن والسلامة .
أيا كانت الجهة المسئولة عن الخلل القائم نبقى أمام حقيقة معاناة سكان ينبغي العمل بشكل مسؤول ومدروس لوقفها وتصحيح الأوضاع القائمة وفقا للقانون من جانب , ومن جانب آخر تشديد إجراءات الرقابة منعا للفساد الذي استشرى وتسبب في وجود هذه التجاوزات التي لم نفلح في علاجها حتى اللحظة .
*الدار
التعليقات