واشنطن تخطط لإنشاء مخابرات عراقية

واشنطن تخطط لإنشاء مخابرات عراقية

وحدة الاستماع والمتابعة

غزة-دنيا الوطن

كشفت صحيفة ديلي تليجراف البريطانية أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تخطط لإنشاء جهاز مخابرات؛ في محاولة جديدة لاقتلاع من تسميهم واشنطن بالـ"موالين للنظام البعثي" الذين تنسب إليهم دائمًا المسئولية عن الهجمات المستمرة على قوات "التحالف" بالعراق.

ونقلت الصحيفة البريطانية في موقعها على الإنترنت في 4-1-2004 عن مسئول سابق بالاستخبارات الأمريكية قوله بأن عمليات هذا الجهاز ستشبه عمليات الاغتيال والاختطاف التي تمت تحت إشراف البيت الأبيض في فيتنام عام 1967.

وتقول ديلي تليجراف: إنه بعد مرور قرابة 9 أشهر على سقوط نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ونظام مخابراته المرعب يبدو أن العراق على موعد مع نظام مخابرات مرة أخرى، ولكنه يشكل هذه المرة بمبادرة من واشنطن، الحاكم الفعلي بالعراق.

وأشارت إلى أن إجمالي تكلفة إنشاء هذه القوة المخابراتية الجديدة يبلغ 3 مليارات دولار أمريكي على مدى السنوات الثلاث القادمة، وسيتم استقطاعها من الميزانية الفيدرالية المخصصة لتمويل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه".

وسيتم تشكيل المناصب في تلك القوة من الأكراد والشيعة، وخاصة من كانوا منهم بالمنفى إبان عهد صدام حسين، بالإضافة إلى عملاء المخابرات العراقية السابقين الذين يعملون حاليًا مع الأمريكيين بالعراق.

ومن المنتظر أيضًا أن يكون لضباط المخابرات الأمريكية في العراق البالغ عددهم 275 فردًا دور رائد في توجيه عمليات تلك القوة، وذلك وفقًا لديلي تليجراف.

ونقلت الصحيفة عن ضابط مخابرات أمريكي سابق مطلع على تلك الخطة قوله: "إذا تم تشكيل هذه القوة، فإنها ستعمل بالتنسيق مع القوات الأمريكية، ولكنها ستحظى باستقلال نسبي، وسيكون لها بناؤها الخاص.. ومن المتوقع أن تتعامل مع بقايا صدام بكل حزم".

وسيكون هذا الجهاز الجديد آخر قوة أمن تشكلها قوات الاحتلال وحلفاؤها العراقيون السياسيون في محاولات فاشلة حتى الآن لقمع المقاومة. ورغم كونها محظورة رسميًّا من جانب إدارة الاحتلال الأمريكي بالعراق فإن ميليشيات عراقية مسلحة تجوب بالفعل مدنًا بأنحاء مختلفة من العراق. ويأمل البنتاجون في تنظيم تلك الجماعات المختلفة في إطار قوة موحدة على دراية بالواقع المحلي ولها الدافع والسلطة لتعقب رجال المقاومة البعثيين.

ونقلا عن مسئولين بوزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون فجهاز الاستخبارات الجديد المزمع إنشاؤه يمكن أن يصل قوامه في النهاية إلى 10 آلاف شخص، وسيتولى الـ"سي آي إيه" دفع رواتبهم بصفة مبدئية.

"برنامج فوينكس"

ويقول مسئولون سابقون بالـ"سي آي إيه": إن هذه العملية تشبه "برنامج فوينكس" الذي طبقته الولايات المتحدة في فيتنام والذي بدأ تنفيذه عام 1967.

يُذكر أن هذا البرنامج تم إعداده خصيصًا بهدف تدمير البنية المدنية التحتية الداعمة للفيتناميين المعارضين للولايات المتحدة عن طريق تدبير عمليات اختطاف واغتيال سرية بتفويض من واشنطن.

من جانبه قال فينسنت كانيسترارو الرئيس الأسبق بقسم مكافحة الإرهاب بالاستخبارات المركزية الأمريكية: "إنهم (الإدارة الأمريكية) يخططون بوضوح لتكوين فرق مشتركة لتنفيذ عمليات مشابهة لعمليات برنامج فوينكس في فيتنام"، وأضاف أن وحدات صغيرة من القوات الأمريكية الخاصة ستعمل مع نظراء عراقيين لها بمن فيهم عملاء سابقون للمخابرات العراقية في إطار عمليات سرية.

وقالت الصحيفة البريطانية: إن دورًا كبيرًا من المنتظر أن تقوم به تلك القوة لصالح واشنطن في العراق، وأشارت إلى أن كلا من البنتاجون والـ" سي آي إيه" نقلا إلى البيت الأبيض أن جهاز الاستخبارات الجديد سيساعد الولايات المتحدة على إحكام سيطرتها على إدارة العراق في وقت تستعد فيه لتسليم السلطة للشعب العراقي خلال العام الحالي.

كان مجلس الحكم قد قدم إلى مجلس الأمن الدولي في 25-11-2003 وثيقة قام مسئولون أمريكيون وبريطانيون بوضع بنودها في منتصف أكتوبر 2003، يقر فيها جدولا زمنيًّا لنقل السلطة إلى الشعب العراقي. وتنص الوثيقة على نقل السلطة إلى العراقيين بحلول منتصف سنة 2004، وإجراء انتخابات قبل نهاية 2005.

كما تنص أيضًا على التوصل بحلول نهاية مارس 2004 إلى اتفاقات أمنية تحدد وضع قوات الاحتلال في العراق، تاركة في الوقت نفسه هامشًا واسعًا لقوات الاحتلال يسمح ببقائها بعد نقل السلطة "ما دام الأمن لم يستتب".

وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد قال في 13-11-2003 بأنه يريد الإسراع بتسليم السلطة للعراقيين، وذلك بعد تصاعد هجمات المقاومة العراقية على القوات الأمريكية في البلاد التي أسفرت عن مقتل نحو 200 جندي أمريكي منذ إعلان انتهاء العمليات العسكرية في الأول من مايو 2003، حسب الإحصاء الأمريكي.

من جهة أخرى قال جون بايك الخبير في الميزانيات العسكرية بمنظمة الأمن العالمية ومقرها واشنطن للـ"ديلي تليجراف": إن الأموال المخصصة لذلك الجهاز ستؤخذ من قسم "المخصصات الأخرى" الذي يتبع ميزانية القوات الجوية الأمريكية، مشيرًا إلى أن هذا القسم هو ما يمول منه جهاز الاستخبارات الأمريكية.

إستراتيجية عامة

وأضاف بايك أن تشكيل جهاز مخابرات داخل العراق وهو بالفعل فرع من الـ"سي آي إيه" يعد جزءا من إستراتيجية عامة.

وقال بايك: "وجود مخابرات بالعراق موالية للأمريكيين سيعني أن أي نظام سياسي عراقي لن يفكر في الخروج عن الإطار الذي تريده الولايات المتحدة".

وأضاف أنه بصفة مبدئية "فالحكومة العراقية ستملك (مثل الملك) ولن تحكم".

ويتوقع مسئولو الـ"سي آي إيه" أن وجود جهاز أمن قوي من شأنه أن يخيف المدنيين الذين يوجهون الدعم حاليًا للمقاومين، ويدفعهم في المقابل إلى رفض المقاومة وقطع الدعم عن البعثيين الذين تنسب واشنطن دائمًا إليهم المسئولية عن هجمات ضد قواتها بالعراق.

يشار إلى أنه بالرغم من اعتقال الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين منذ ما يقرب من شهر؛ فإن الهجمات ضد قوات الاحتلال الأمريكي والمتعاملين معها بالعراق لا تزال مستمرة، وقد أدت حتى الآن إلى مقتل نحو 331 جنديًّا أمريكيًّا منذ بدء الحرب على العراق.

وقالت ديلي تليجراف: إنه من المتوقع أن تلقى هذه الخطة دعمًا قويًّا من جانب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني الذي كان من أشد المؤيدين للحرب الأمريكية الأخيرة على العراق.

فبعد الاتفاق في نوفمبر 2003 على تسريع نقل السلطة السياسية للعراقيين في غضون العام الحالي أبدى عدد من كبار المسئولين الأمريكيين ومن بينهم تشيني اهتمامًا بضرورة ألا يقع العراق تحت سيطرة "راديكالية إسلامية"، أو انزلاقه إلى مستنقع الحرب الأهلية.

التعليقات