مخابرات صدام لا تزال تعمل بنجاعة

في العراق، مخابرات صدام لا تزال تعمل بنجاعة



الكمين الذي تعرضت له القوات الأميركية في سامراء، ومقتل الضباط الأسبان يكشف عن صعوبة في كشف شبكات التجسس العراقية القديمة.

غزة-دنيا الوطن

استيقظ العراقيون مرة أخرى الاثنين على مزيد من مشاهد الخراب التي تمثلت في سيارات سحقتها الدبابات وحوائط شقق سكنية اخترقتها مئات الرصاصات وفتيان يرقدون في المستشفيات وجراحهم مغطاة بضمادات ملوثة بالدماء.

غير أن سامراء التي تقع شمال بغداد لم تتحول إلى ساحة قتال نتيجة انفجار سيارة ملغومة بل بسبب معركة شرسة بالاسلحة النارية بين القوات الامريكية ومسلحين هاجموا قوافل عسكرية أمريكية في موقعين مختلفين بالمدينة.

ورد الامريكيون على الهجمات بكل ما أوتوا من أسلحة بما في ذلك قذائف الدبابات والمدافع الرشاشة الثقيلة.

ومازال عدد القتلى الذين سقطوا في المعركة غير واضح. فقد ذكر الجيش الامريكي أنه قتل 54 عراقيا بينهم 46 على الاقل من المهاجمين. غير أن مسئولين في المدينة أشاروا إلى مقتل ثمانية مدنيين وإصابة عشرات آخرين من بينهم سيدات وأطفال.

وربما يكون كلا الطرفين على صواب من وجهة نظره حيث أن الجيش الامريكي لا يحصي عادة القتلى المدنيين في حين لا يرغب العراقيون في الاعتراف بوقوع خسائر في صفوف مقاتليهم.

وكانت هجمات المقاومة متزامنة بشكل يدعو إلى الدهشة ومن الواضح أنهم كانوا على علم مسبق بالمكان الذي ستمر به قوافل الامدادات الامريكية داخل المدينة.

وربما تكون المعلومات قد وصلتهم من مصدر قريب من القوات الامريكية حيث يعتمد الامريكيون على كثير من المترجمين المحليين على سبيل المثال. ويمكن أن يكون المهاجمون قد حصلوا على ما يريدون من معلومات من خلال مراقبة التحركات الروتينية للقوات الامريكية.

وصار السؤال المطروح حاليا بعد الهجمات الاخيرة هو أين يكمن مصدر تسريب المعلومات.

ووصفت وسائل الاعلام الاسبانية مقتل سبعة من كبار ضباط الاستخبارات الاسبان على بعد 30 كيلومتر تقريبا جنوب بغداد بأنه هجوم متعمد ومخطط جيدا.

وذكرت صحيفة الموندو "إن شبكة المخبرين في العراق مراوغة .. إنها مليئة بأشخاص كانوا يعملون في أجهزة الاستخبارات العراقية".

يشار إلى أنه كان هناك تعاون كبير بين جهازي الاستخبارات الاسباني والعراقي قبل اندلاع الحرب.

واعتاد رجال مخابرات صدام حسين على تزويد زملائهم الاسبان بمعلومات عن أنشطة المتشددين الاسلاميين في أوروبا حيث كان نظام حكم صدام- بعكس مزاعم واشنطن قبل اندلاع الحرب- نظاما علمانيا معارضا للاصوليين الاسلاميين.

وأعربت الحكومة الاسبانية عن تأييدها الرسمي الكامل للحرب عندما اندلعت.

ولكن عملاء الاستخبارات الاسبان وجدوا أنفسهم فجأة في موقع العدو في مواجهة زملائهم القدامى في العراق.

وتشتبه صحيفة نيويورك تايمز بأن خطأ استخباراتيا كان أيضا السبب وراء الهجوم على فندق الرشيد ببغداد حيث كان يقيم نائب وزير الدفاع الامريكي بول وولفيتز في أواخر تشرين الاول/أكتوبر الماضي.

وذكرت الصحيفة نقلا عن ضباط استخبارات أمريكيين أن موظفا واحدا على الاقل في الفندق كان يعمل في جهاز المخابرات في عهد صدام حسين. وبالتالي كان من الممكن بسهولة تسريب معلومات بشأن إقامة وولفيتز عبر هذا الشخص.

ويتفق المحللون على أن أجهزة المخابرات كانت هي الهيئة الوحيدة التي تعمل بكفاءة ودقة في عهد صدام حسين.

وفقد الآلاف من عملاء المخابرات وظائفهم ورواتبهم منذ سقوط نظام صدام ويرجح أن كثيرين منهم يعملون الان في صفوف المقاومة بل ويقودونها.

وفي الوقت ذاته لا يستطيع الامريكيون بما لديهم من معدات متطورة وأقمار تجسس كشف هذه الشبكات السرية المترسخة والتي تكبد قوات الاحتلال خسائر كبيرة اعتمادا على معلومات محلية ووسائل تجسس قديمة مثل المراقبة والانتظار والمتابعة والتنصت.

التعليقات