من خفايا الخطة الأميركية لاحتلال العراق

من خفايا الخطة الأميركية لاحتلال العراق:
إنتصار مخابراتي رغم الإخفاق العسكري
وكم هائل من المعلومات عن سورية وإيران
غزة-دنيا الوطن
كشفت معلومات حديثة وردت من العراق أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)شكلت فرق عمل خاصة بكل قسم من اقسام المخابرات العراقية المتخصصة في الشؤون الإيرانية والسورية وأوربا والولايات المتحدة، وبدأت بعد اسابيع قليلة من إحتلال بغداد الإتصال بضباط مخابرات عراقيين وعقدت إجتماعات معهم في مناطق آمنة. وركز الإجتماع الأول نحو الكشف عن هوية ضباط المخابرات العراقية وجواسيسها في الولايات المتحدة وأوربا.

ورغم أن المخططين الإستراتيجيين الأميركيين، من عسكريين وسياسيين وإعلاميين وإقتصاديين، أنفقوا أكثر من عامين في إعداد الخطط لإحتلال العراق وبدائلها وتعديلاتها ووسائل تعزيزها السياسي والاعلامي والعسكري على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، إلا النتائج تؤكد أن هذه الخطط أخفقت.

وأسفر تحليل الحالة العراقية عن نتيجة مؤداها أن الولايات المتحدة الأميركية أخفقت، رغم إسقاط النظام الحاكم وإحتلال العراق، في تحقيق الإنتصار الناجز الذي يحدده مبدأ "الصدمة والترويع" الذي إستخدام قوة مفرطة لإخضاع الخصم وإستسلامه المطلق، مثلما حدث في اليابان عام 1945 بعد القاء قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي. وإشتد عود المقاومة العراقية المسلحة، مهما كانت تسميتها أو جذورها ودوافعها، ونجحت في تكبيد القوات المحتلة خسائر موجعة أجبرت سلطات الإحتلال والإدارة الأميركية على تعديل الخطة الأساسية وإدخال بند تشكيل حكومة مؤقتة وتأجيل إقرار الدستور لفترة لاحقة.

في الوقت نفسه، أخفق مجلس الحكم الانتقالي الذي عينته سلطات الإحتلال الأميركية على أسس طائفية وعرقية ودينية مشرذمة، في كسب شرعية عراقية داخلية أو إقليمية عربية باستثناءات قليلة، أو دولية، وتحول العراق الى أرض خصبة لجذب أو ظهور مجموعات متشددة ومتطرفة، بعضها خارجي والآخر داخلي تشكل لأسباب عديدة أهمها أساليب القمع الأميركية للمواطنين العاديين أثناء عمليات الدهم والتفتيش والتجاوز على المشاعر الدينية والقيم الإجتماعية.

وكان المخططون الإستراتيجيون الأميركيون، من عسكريين وسياسيين وإعلاميين وإقتصاديين، أنفقوا أكثر من عامين في إعداد الخطط لإحتلال العراق وبدائلها وتعديلاتها ووسائل تعزيزها السياسي والإعلامي والعسكري على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية. وسار تنفيذ تلك الخطط على عدة مسارات متوازية ومتكافلة لتحقيق هدف رئيسي بإسقاط نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وصياغة نظام حكم جديد في العراق وفق مفاهيم أميركية حددتها مجموعة اليمين المسيحي المتطرف الأميركية.

وإفترض المخططون أن العراقيين، لمقتهم الشديد لممارسات النظام السابق القمعية، سيستقبلون القوات المحتلة بالورود وينخرطوا مع قوات الإحتلال في ترسيخ المفهوم الجديد لنظام صديق للولايات المتحدة الأميركية يساهم بثرواته النفطية في إستقرار وتعزيز الرفاه الإقتصادي الأميركي مع دور فاعل وإيجابي في عملية السلام في الشرق الاوسط والقبول باسرائيل دولة رئيسية وقائدة في المحيط الإقليمي مع إستخدام صيغة النظام الجديد في إحداث تغييرات في انظمة المنطقة السياسية وإتجاهاتها بما ينسجم مع المصلحة الأميركية (الإسرائيلية) تحت مسميات نشر الديمقراطية والحرية وإحترام إختيار الشعوب والإنفتاح الديني والاجتماعي والإقتصادية.

غير ان التخطيط الأميركي حقق نجاحا باهرا في المجال الإستخباري أيضا، فقد إستولت القوات المحتلة على كنز من المعلومات الإستخبارية والكوادر البشرية الإستخبارية الضرورية للمخطط الإستراتيجي الأميركي وبالتحديد فيما يتعلق بايران وسوريا.

وأكدت أحدث المعلومات الواردة من العراق ان وكالة المخابرات المركزية شكلت فرق عمل خاصة بكل قسم من اقسام المخابرات العراقية المتخصصة بالشؤون الإيرانية والسورية والأوروبية والأميركية. وبدأت بعد أسابيع قليلة من إحتلال بغداد بالإتصال بضباط مخابرات عراقيين وعقدت إجتماعات معهم في مناطق آمنة. وكان هدف تلك الإجتماعات الأول هو الكشف عن هوية ضباط المخابرات العراقية وجواسيسها في الولايات المتحدة وأوربا.

وتردد إسم ضابط المخابرات صالح الدليمي، معاون مدير المخابرات للشؤون الاوربية، على أنه الأكثر أهمية خصوصا أنه كان رئيسا لمحطة المخابرات العراقية في العاصمة البريطانية حتى تشرين أول من عام 1990 عندما غادر مع الدبلوماسيين العراقيين المطرودين من بريطانيا عقب إحتلال العراق الكويت. كما ان معلومات الدكتور جاسم محمود الذي عمل في ممثلية العراق في الأمم المتحدة بنيويورك حتى عام 2000 ذات فائدة كبيرة للمخابرات الأميركية التي تقول المصادر العربية في نيويورك أنها منعت عودته الى مقر عمله بعد زيارة قصيرة في عام 2000 الى العراق لنجاحه في ترتيب زيارة ضابط الإستخبارات السابق ومفتش الأسلحة الأميركي ريتر للعراق.

وتقول الأخبار المتسربة أن عددا كبيرا من ضباط المخابرات المختصين بالولايات المتحدة وبريطانيا، ومنهم رئيس قسم أوربا ورئيس شعبة بريطانيا، أعيدوا الى العمل لتزويد المخابرات الأميركية بالمعلومات المتيسرة لديهم.

ولعل الإنتصار المخابراتي المهم الآخر هو خزين المعلومات والعمليات والنشطاء من الجواسيس العراقيين وغير العراقيين في سوريا وايران. وتشير المعلومات الواردة من العراق أن عددا كبيرا من ضباط المخابرات العراقية المتخصصين بإيران وسوريا يعملون بشكل منتظم مع ضباط المخابرات الأميركية وتبادلوا معهم المعلومات المتيسرة عن المواقع الحيوية والشخصيات الرئيسية والخطوط المخابراتية في الدولتين. وأصبح الان بحوزة المخابرات الأميركية ملفات مخابراتية واسعة عن منشات حساسة وشخصيات نافذة سياسيا وإستخباريا وأجهزة سورية وإيرانية يقول المحللون أن الجهات الأميركية ستستخدمها في مواجهة البلدبن من جهة وفي حربها ضد الارهاب من جهة اخرى. وأعادت سلطات الإحتلال بعضهم الى العمل بينما تعقد إجتماعات دورية مع ضباط اخرين لاستكمال المعلومات وتحليلها.

التعليقات