جولة في مصنع الاباتشي
مصنع الأباتشي في عيد ميلادها العشرين
تحفة هندسية حربية بنظم إلكترونية متطورة وتقنياتها المتجددة دائما ستتيح للطائرة العمل في ميادين القتال حتى عام 2030
غزة-دنيا الوطن
يصادف هذا العام عيد الميلاد العشريني لـ «الأباتشي» طائرة الهليكوبتر الهجومية التي اكتسبت شهرة واسعة في حربي الخليج، وفي العمليات العسكرية القمعية التي تقوم بها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
صحفي زار في هذه المناسبة مصانعها في فيافي صحراء اريزونا في الولايات المتحدة واطلع على تقنياتها المتطورة والنسخ الجديدة منها التي ستبصر النور قريبا، والتي تشكل اختراقا كبيرا في عالم المستحدثات المتطورة، كما تحدث الى مهندسيها والطيارين الذين يختبرونها.
ويسلط التحقيق التالي الضوء على الناحية العلمية الصرفة، للاطلاع على احدث ما هو موجود اليوم في الترسانات الحربية.
كانت السيارة تقترب من مصنع «بوينغ» الذي شهد قبل 20 عاما ولادة طائرة «الأباتشي» الاولى من طراز «إيه إتش ـ 64 إيه» الذي ما يزال يبني اليوم الطراز الاخير من هذه الهليكوبتر الهجومية من طراز «إي إتش ـ 64 دي» الى جانب العديد من الانظمة الدفاعية المتكاملة، والمنتجات الكهربائية المتطورة ذات الاستخدامات الاستراتيجية، اضافة الى معامل «فانتوم»، حيث تطور الافكار والنماذج المستقبلية من الطائرات المدنية والحربية على السواء، كانت السيارة تقترب عندما لاح في الافق البعيد شبح طائرة سوداء، وهي تقوم بألعاب جوية ومناورات هجومية تخطف الابصار.
دخلنا ساحة المصنع ودنونا من مدرج الطيران فاذا هي «الأباتشي» تهبط في حفرة كبيرة ولم يعد يبدو منها شيء، حتى مراوحها الدوارة اختفت تماما، قبل ان تظهر مجددا وترتفع بسرعة كالفراشة الكبيرة.
بعد عدد من المناورات القتالية والالعاب الجوية المذهلة، هبطت امامنا ليخرج قائدها من مقصورتها ويقترب منا محييا وهو يخلع خوذته وبزة الطيران. انه طيار الاختبار «ريتش لي» الذي خدم في حرب فيتنام وحربي العراق الاولى والثانية، وفي العديد من مسارح العمليات في بلدان اميركا الوسطى واللاتينية قبل ان يلتحق بشركة «بوينغ» متخصصا في اختبارات «الأباتشي». وكان لنا معه ومع «ستوبارك» مدير تطوير العمليات الدولية الذي قاد هذه الطائرة ايضا في حرب افغانستان، والذي يعتبر من اهم خبرائها، لقاء وصفا خلاله مزايا هذا السلاح المتطور الذي تتهافت عليه الجيوش العالمية، لولا ان هناك عادة عائقين ينبغي دائما تذليلهما: الاول، ضرورة الحصول على الترخيص المسبق من الكونغرس الاميركي لتسويقه، والثاني سعر الطائرة المرتفع الذي يزيد اليوم عن 20 مليون دولار بالنسبة الى الطراز الحديث من طراز «إيه إتش ـ 64 دي لونغ بو».
ولقد صادفت زيارتنا عيد الميلاد العشريني لهذه الآلة السوداء المخيفة التي تبدو وكأنها تنتمي الى جيل مختلف تماما من الاسلحة المستقبلية. من هنا كانت المناسبة مناسبتين: الترحيب بنا وشرح مزايا هذا السلاح المتطور، والآخر بذكرى خروج اول طائرة من هذا النوع، وكانت من طراز «إيه إتش ـ 64 إيه»، التي احدثت فورا ضجة كبرى في عالم الاسلحة والعسكريات.
* تاريخ عريق يقول ريتش لي ان هناك اليوم اكثر من ألف طائرة «أباتشي» تعمل مع الجيش الاميركي والقوات الحليفة في العالم اجمع معظمها من النوع الحديث من طراز «إيه إتش ـ 64 دي لونغ بو»، وما زالت بوينغ مستمرة في تطوير هذه الآلة لكي تظل تحلق فوق ساحات القتال حتى عام 2030. لذلك فهي الآن تخوض محادثات مكثفة مع الجيش الاميركي لتعريفه بالنسخة الجديدة منها التي تطلق عليها تسمية «بلوك 3» التي سيجري ادخال تعديلات فنية كثيرة عليها تعزز من قدراتها وامكانياتها، تعديلات كانت حتى وقت قريب تعتبر شيئا من عالم الخيال العلمي يوم خرج الطراز الاول من هذه المركبة الجوية من خط التجميع عام 1983.
ان التعديلات الجديدة هذه ستتيح مثلا للطائرة ان تكون على اتصال مستمر مع جميع المركبات القتالية الاخرى من طائرات وسفن وعربات برية ومراكز قيادة وسيطرة، كما ستقدم «مساعدات رقمية» كثيرة لقائد الطائرة وتسهيل مهمته، خاصة في الاوقات الحرجة عندما يصبح ضغط العمل عليه شديدا، وبالتالي يتوجب عليه ادارة منظومات وبرامج عديدة في وقت واحد. ومن شأن هذه التعزيزات الرقمية الجديدة مساعدة طاقم الطائرة (المؤلف من اثنين: الطيار وضابط الاسلحة) التعرف على الاهداف واستيعابها وترتيبها حسب اهميتها وخطورتها.
لقد صممت «الأباتشي» وشيدت في الاصل لتدمير الدبابات والمدرعات السوفياتية في المسرح الاوروبي ابان الحرب الباردة، ثم تطورت لجمع المعلومات والاستخبارات في الوقت الحقيقي للقيادات الميدانية، مع توفير الدعم الناري للقوات الارضية، مع القدرة على اختراق الخطوط المعادية في العمق وتسديد ضربات كبيرة لمحطات الرادار والتحصينات الارضية ومرابض المدفعية وتمهيد الارض لدخول القوات البرية. وهي في ذلك تستخدم صواريخ «هيلفاير» التكتيكية بعيدة المدى.
ولا بد من الاشارة هنا الى ان «بوينغ» تقوم حاليا بتطوير نسخة من «الأباتشي» لخفر السواحل قادرة على التصدي للزوارق الهجومية الصغيرة من النوع الذي دمر المدمرة الاميركية «كول» في اليمن.
والمعلوم انه خلال العقدين الاخيرين خاضت «الأباتشي» معظم الحروب والنزاعات الاميركية، آخرها في افغانستان والعراق. وكانت «الأباتشي» طائرة الهليكوبتر الوحيدة في العالم التي تمكنت من العمل فوق الجبال الافغانية التي ترتفع الى ما يزيد عن ثلاثة الاف متر. لكن دورها في حرب كوسوفو (حيث منعت من التحليق تماما) وحرب العراق كان موضع تساؤل، لا سيما فوق بعض المدن العراقية التي كانت مكتظة بالدفاعات الارضية. من هنا فإن الجيش الاميركي و«بوينغ» تلقيا دروسا مهمة عن حرب المدن في العراق، خاصة بعدما برهنت الطائرة انها قادرة على تحمل الكثير من العقاب، وتلقي قذائف يصل عيارها حتى عشرين مليمترا من دون ان تسقط. ولهذا السبب فإن 11 دولة غير الولايات المتحدة تملك هذه الطائرة، في حين تقوم عشر دول اخرى، لا سيما بعد الحرب على العراق بتقييم النوع المعدل منها، اي الاخير من طراز «إيه إتش ـ 64 دي لونغ بو» ذات القبة الرادارية فوق مراوحها الدوارة، التي تشيدها بوينغ منذ عام 1997 تمهيدا لشرائها.
ان القبة الرادارية هذه تحتوي على آخر الانظمة الرادارية الحديثة التي تساعد طاقم الطائرة على تمييز الاهداف واستيعابها من مسافات بعيدة ومهاجمتها بدقة الجراح. ثم ان هذه المركبة مجهزة بآخر صيحات وسائل الرؤية الليلية للعمل ليلا في الظلام الدامس، وبصوت هامس لا يسمعه العدو في غالب الاحيان.
«الأباتشي لونغ بو» هي الهليكوبتر القتالية الوحيدة قيد الخدمة في العالم اليوم ذات القدرة على تقصي الاهداف العدوة وتصنيفها وادراجها على سلم الاولويات ثم الاشتباك معها سواء كانت اهدافا ثابتة، او متحركة من مسافات بعيدة في جميع الاحوال الجوية.
* سلاح متعدد الأغراض ولكن ماذا عن هذا الطراز
* الحديث «أباتشي إيه إتش ـ 64 دي لونغ بو» المستخدم حاليا في الترسانة الاميركية.
يقول ريتش لي طيار الاختبار: ان الأباتشي تحولت الآن الى سلاح متعدد الاغراض صالح لكل الاشتباكات سواء لقصف الدبابات والدروع، او لضرب التحصينات او حتى لملاحقة الافراد على الارض. وهي قادرة على اختراق المناطق المعادية لاعماق بعيدة مما يعتبر سلاحا استراتيجيا ايضا الى جانب كونها سلاحا تكتيكيا. وهي صالحة لاعمال الاستطلاع والدوريات وتوفير غطاء جوي للقوات الارضية ومواكبتها في المناطق الخطرة.
وكانت «الأباتشي» الى جانب طائرة الهجوم الخفية التي لا يكشفها الرادار «إف ـ 117» اول من افتتح العمليات العسكرية ابان حربي عاصفة الصحراء وغزو العراق، خاصة انها قادرة على التحليق في جميع الظروف الجوية ليلا ونهارا.
على صعيد الاسلحة، فإنها تشكل ترسانة كاملة متنوعة بحد ذاتها، مجهزة اولا بمدفع رشاش دقيق عيار 30 مليمترا على جانب كبير من الفعالية حتى ضد الاهداف الصلبة. وهو مجهز بشريط من القذائف يبلغ عددها 1200 يمكن اطلاقها اما فرديا، رصاصة رصاصة، او بشكل اوتوماتيكي او اختيار صلية مؤلفة من عدد من الرصاصات، او اكثر، حسب الطلب، في كل اطلاق (كبسة على الزناد).
يبلغ مدى هذا المدفع اربعة كيلومترات، لكنه اكثر فعالية على مسافة كيلومترين بالنسبة للاهداف الارضية الطرية كالشاحنات والآليات.
ثانيا: تحمل الطائرة حاضنة من الصواريخ التي تسدد بالنظر، يبلغ قطر الواحد منها 70 مليمترا، وهي تسدد عادة الى مساحة محددة يتبعثر فيها الجنود والآليات المعادية. وهذه الصواريخ فعالة اذا لاحظ قائد الطائرة ان هناك في الارض من يحمل صاروخا مضادا للجو يطلق من الكتف. اذ ان اطلاق واحد منها، او اثنين كفيل بجعله يختبئ، او ينبطح ارضا وتفويت الفرصة عليه.
وتحاول «بوينغ» حاليا توجيه هذه الصواريخ بواسطة الليزر لزيادة دقتها، لكون بعض الاهداف لا تستحق قصفها بصواريخ «هيلفاير» الموجهة راداريا، او ليزريا، السلاح الرئيسي «للأباتشي» ذات الفعالية العالية جدا، لأن الصواريخ الصغيرة تكفي لتدمير الهدف شرط زيادة دقتها كما اسلفنا، ثم ان الاخيرة متدنية التكلفة جدا مقارنة بصواريخ «هيلفاير» التي يبلغ سعر الواحد منها 50 الف دولار. من هنا لا يعقل ان تطلق مثل هذه الصواريخ الغالية الثمن لتدمير شاحنة عسكرية لا يتعدى سعرها الثلاثين الف دولار مثلا.
ويبلغ مدى هذه الصواريخ الصغيرة ستة كيلومترات، وبامكانها ان تغطي مساحة واسعة اذا ما اطلقت دفعة واحدة.
صواريخ «هيلفاير» من جهتها هي من النوع «الذي تطلقه وتنسى» وهي تتعامل مع الاهداف الثقيلة الصلبة الهيكل كالدبابات والدروع ومرابض المدفعية والتحصينات القوية. ويمكن توجيهها اما راداريا او بواسطة اشعة الليزر بعد اضاءة الهدف بها. رأسه الحربي يأتي بنوعين: متفجر بشظايا قاتلة، وقد جرى تطويره اخيرا، وآخر خارق للدروع. ويبلغ مدى هذا الصاروخ ثمانية كيلومترات.
واخيرا هناك اربعة صواريخ جو ـ جو مركبة على رأسي الجناحين الصغيرين للتصدي للطائرات المعادية ويبلغ مداها عشرة كيلومترات.
تعمل «الأباتشي» شأنها شأن المقاتلات الحربية المتطورة بواسطة السلك، اي انه لا توجد اي وصلات سلكية ميكانيكية بين الانظمة المختلفة، او بين معدات القيادة واجهزتها، بل يحل الكومبيوتر محلها زيادة في الدقة والكفاءة والسرعة. من هنا بمقدور قائد الطائرة تشغيل معداتها كافة، بما في ذلك اجهزة الاتصال وادارة الاسلحة وتسديدها من دون ان يرفع يديه وقدميه عن ادوات القيادة.
وقبل قيام طاقم الطائرة المؤلف من الطيار وضابط الاسلحة بمهمة ما يجري تلقيم الكومبيوتر الرئيسي بكافة المعلومات المتعلقة بالمهمة، مثل التوجيهات والمسافة الى الهدف، والسرعة، والارتفاع المطلوبين، ونوع الهدف، وموجات الاتصال اللاسلكي، والتضاريس الارضية المحيطة بالمنطقة وجغرافيتها، الى آخر التفاصيل الاخرى بواسطة قرص مدمج «سي دي». اي ان هذه العملية تغني الطيار ومساعده عن حمل حقيبة من المستندات والمعلومات الورقية. ثم ان كل ذلك يظهر على شاشات رقمية ملونة اشبه بالشاشات التلفزيونية، مع محطات وغرافات ورسومات بيانية احيانا.
وتظهر على احدى الشاشات معلومات مفصلة عن موقع الطائرة وموقع الطائرات الاخرى الصديقة والمعادية، بحيث يكون الطاقم ملما بالوضع تماما على مدار الساعة.
* المسح الإلكتروني الشامل
* لعل اكثر ما يميز هذه الطائرة هي القبة الرادارية الواقعة فوق الاجنحة الدوارة التي تتيح مسح الارض امامها على ثلاث مراحل، كل مرحلة تمسح 50 كيلومترا مربعا خلال ست ثوان، او 150 كيلومترا مربعا خلال 18 ثانية، على نطاق 270 درجة امام الطائرة.
وبمقدور الرادار ان يكشف اكثر من الف هدف عارضا 256 منها على الشاشة، ومصنفا 16 منها حسب خطرها بغية الاشتباك معها. وبمقدور الطاقم القفز طبعا على سلم الاولويات ان شاء ذلك، هذا في ما يتعلق بالاهداف الارضية، اما الاهداف الجوية المعادية، فإن القبة الرادارية الصغيرة تكشفها على نطاق 360 درجة، اي بدائرة كاملة حول الطائرة مغطية مساحة 200 كيلو متر مربع.
وتستطيع الطائرة الاختباء وراء الاكمة او تلة صغيرة تحجبها عن الهدف المراد تدميره، وما عليها سوى رفع قبتها الرادارية فوقها لمدة ست ثوان فقط لكشف الهدف واستيعاب معطياته التي تلقم اوتوماتيكيا في الكومبيوتر المركزي، ثم تهبط ثانية محتمية وراء التلة. ويقوم الكومبيوتر هذا باختيار السلاح الذي سيستخدم اوتوماتيكيا، وعلى الغالب يكون صاروخ «هيلفاير» لينطلق ذاتيا مرتفعا فوق التلة قبل ان يصيب هدفه ويدمره. كل ذلك يجري اوتوماتيكيا حسب مبدأ «اطلق النار وانس».
وهناك نوع آخر من صواريخ «هيلفاير» تحمله «الأباتشي» ايضا يعمل بأشعة الليزر. اذ يكفي اضاءة الهدف به ليقوم الصاروخ بضربه اوتوماتيكيا.
ومما يساعد على كل هذه العمليات ان خوذة الطيار ومساعده مجهزة بمنظار قرب العين اليمنى التي تعرض معطيات الهدف ومواصفاته ومداه تسهيلا له، ثم ان المدفع الرشاش يدور ايضا مع دوران رأس الطيار الحامل للخوذة تسهيلا في استخدامه.
بالنسبة الى مدى الطائرة فهو يعتمد على نوعية المهمة، وبالتالي توزيع نسبة الوقود الى الاسلحة. فالمعلوم ان للطائرة اربعة حوامل للاسلحة باستثناء المدفع الرشاش، وهذه يمكن استخدامها ايضا لحمل خزانات وقود اضافية لاطالة مدى الطائرة، اذ يمكن تخصيص حاملين مثلا لحمل خزانات الوقود وحاملين لحمل تشكيلة مختارة من الاسلحة، او يمكن تخصيص الحوامل الاربعة كلها لحمل الوقود الاضافي للسماح لها ان تقطع مسافة 1648 كيلومترا بقوة محركاتها في حال نشرها في مناطق بعيدة. وهي في حال تزويدها بالوقود جوا، فإنه يمكن اطالة هذا المدى ايضا.
وعن طريق تجهيز الطيارين بمناظير الرؤية الليلية، فضلا عن اجهزة الملاحة المتطورة المجهزة بها، يمكنها التحليق ليلا كما في ضوء النهار. وهي خلال ذلك تكون على اتصال مستمر مع طائرات التجسس او الاستطلاع الالكتروني، كالاواكس والـ «يو 2» وغيرها.
وبايجاز فإن طاقم الطائرة يكون طول الوقت على دراية تامة بما يدور حوله في ساحة العمليات.
واخيرا تقول بوينغ ان طراز «بلوك 3» الجديد من الأباتشي الذي تعمل عليه كمشروع خاص والذي تأمل ان يلاقي مستقبلا هوى لدى البنتاغون سيكون ابداعا هندسيا بكل معنى الكلمة على الصعد كافة. بعض مزايا هذا الطراز من مزايا كثيرة انه سيمكن طاقم الطائرة من ارسال روبوتات طائرة لا يقودها طيار الى المناطق المعادية الشديدة الخطورة لتمهيد الوضع هناك بغية تمكين الاباتشي لاحقا من التعامل مع الاهداف المعادية على طريقتها الخاصة. وسيجري توجيه هذه الروبوتات او الطائرات التي لا يقودها طيار من داخل الأباتشي ذاتها.
ان التحسين المستمر لهذه الآلة المقاتلة سيمكنها من العمل حتى عام 2030 كما تقول مصادر بوينغ.
* منقاش والأباتشي
* عندما سألنا المسؤولين عن انتاج الأباتشي في شركة «بوينغ» عن علي عبيد منقاش بأنه اسقط طائرة الهليكوبتر ببندقية «برنو» ابان الحرب الاخيرة في العراق، ثم كذب بعد ذلك اقواله ، رفضوا بابتسامة ذات مغزى الدخول في اي تفاصيل بسبب انها مصنفة سرية مكتفين بالقول ان هبوط الطائرة الاضطراري على الارض كان لأسباب مختلفة كليا عن قصة هذه البندقية البدائية التي لا يزيد عيارها عن 7.62 مليمتر، والتي تلقم يدويا، في حين ان الأباتشي تستطيع تحمل مدافع سريعة الطلقات من عيار 23 مليمترا.
* توزيع الأهداف المعادية
* قائد السرب وافراد سربه على دراية دائما بموقعه وموقع الطائرات والمركبات الاخرى الصديقة والعدوة عن طريق ظهورها بالالوان والاشارات على شاشات الكترونية في مقصورة القيادة التي تدرج ايضا الاهداف المراد قصفها مع سلم الاولويات في التعامل معها. من هنا يمكن لقائد السرب عن طريق مؤشر الشاشة (كيرسور) على الكومبيوتر تقسيم هذه الاهداف على الشاشة بين سائر طائرات السرب لتعامل كل واحدة منها على حدة مع الاهداف المخصصة لها منعا للفوضى والارتباك بفعل اشتراك طائرتين او اكثر في مهاجمة هدف واحد مما يترك الباقي يفلت من دون عقاب.
الأباتشي في سطور من مزاياها الكثيرة
ـ اجنحة دوارة عالية الكفاءة. الطرازات الجديدة ستزود بأجهزة قابلة للطي تسهيلا للشحن.
ـ مقصورة القيادة اشبه بمكتب حديث كامل التجهيز، خاصة على صعيد الاتصالات ومعرفة ما يدور في الخارج على مدار الساعة.
ـ مجهزة بصواريخ «هيلفاير» الموجهة راداريا وليزريا الشديدة الفعالية التي تعمل وفق مبدأ «اطلق النار وانس».
ـ مجهزة بصواريخ جو ـ جو للقتال الجوي.
ـ مجهزة بصواريخ تكتيكية تسدد بالنظر عيار 70 ملم.
ـ يمكن تجهيزها بخزانات وقود اضافية تركب على حوامل الاسلحة والذخائر لزيادة المدى.
ـ مجهزة بمدفع دقيق عيار 30 مليمترا خارق للآليات.
ـ هيكل الطائرة متين جدا من الكيفلار والتاتيانيوم والالياف الكربونية قادر على تحمل قذائف مدفعية عيار 23 مليمترا. فضلا عن الكثير من العقاب.
ـ مجهزة بمحركين مستقلين قوة كل منهما 2000 حصان، ويمكنها بكل سهولة العمل على محرك واحد عند الضرورة.
ـ الاجهزة والمعدات كافة ومنصة القيادة تعمل جميعها بالتقنية الرقمية.
تحفة هندسية حربية بنظم إلكترونية متطورة وتقنياتها المتجددة دائما ستتيح للطائرة العمل في ميادين القتال حتى عام 2030
غزة-دنيا الوطن
يصادف هذا العام عيد الميلاد العشريني لـ «الأباتشي» طائرة الهليكوبتر الهجومية التي اكتسبت شهرة واسعة في حربي الخليج، وفي العمليات العسكرية القمعية التي تقوم بها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
صحفي زار في هذه المناسبة مصانعها في فيافي صحراء اريزونا في الولايات المتحدة واطلع على تقنياتها المتطورة والنسخ الجديدة منها التي ستبصر النور قريبا، والتي تشكل اختراقا كبيرا في عالم المستحدثات المتطورة، كما تحدث الى مهندسيها والطيارين الذين يختبرونها.
ويسلط التحقيق التالي الضوء على الناحية العلمية الصرفة، للاطلاع على احدث ما هو موجود اليوم في الترسانات الحربية.
كانت السيارة تقترب من مصنع «بوينغ» الذي شهد قبل 20 عاما ولادة طائرة «الأباتشي» الاولى من طراز «إيه إتش ـ 64 إيه» الذي ما يزال يبني اليوم الطراز الاخير من هذه الهليكوبتر الهجومية من طراز «إي إتش ـ 64 دي» الى جانب العديد من الانظمة الدفاعية المتكاملة، والمنتجات الكهربائية المتطورة ذات الاستخدامات الاستراتيجية، اضافة الى معامل «فانتوم»، حيث تطور الافكار والنماذج المستقبلية من الطائرات المدنية والحربية على السواء، كانت السيارة تقترب عندما لاح في الافق البعيد شبح طائرة سوداء، وهي تقوم بألعاب جوية ومناورات هجومية تخطف الابصار.
دخلنا ساحة المصنع ودنونا من مدرج الطيران فاذا هي «الأباتشي» تهبط في حفرة كبيرة ولم يعد يبدو منها شيء، حتى مراوحها الدوارة اختفت تماما، قبل ان تظهر مجددا وترتفع بسرعة كالفراشة الكبيرة.
بعد عدد من المناورات القتالية والالعاب الجوية المذهلة، هبطت امامنا ليخرج قائدها من مقصورتها ويقترب منا محييا وهو يخلع خوذته وبزة الطيران. انه طيار الاختبار «ريتش لي» الذي خدم في حرب فيتنام وحربي العراق الاولى والثانية، وفي العديد من مسارح العمليات في بلدان اميركا الوسطى واللاتينية قبل ان يلتحق بشركة «بوينغ» متخصصا في اختبارات «الأباتشي». وكان لنا معه ومع «ستوبارك» مدير تطوير العمليات الدولية الذي قاد هذه الطائرة ايضا في حرب افغانستان، والذي يعتبر من اهم خبرائها، لقاء وصفا خلاله مزايا هذا السلاح المتطور الذي تتهافت عليه الجيوش العالمية، لولا ان هناك عادة عائقين ينبغي دائما تذليلهما: الاول، ضرورة الحصول على الترخيص المسبق من الكونغرس الاميركي لتسويقه، والثاني سعر الطائرة المرتفع الذي يزيد اليوم عن 20 مليون دولار بالنسبة الى الطراز الحديث من طراز «إيه إتش ـ 64 دي لونغ بو».
ولقد صادفت زيارتنا عيد الميلاد العشريني لهذه الآلة السوداء المخيفة التي تبدو وكأنها تنتمي الى جيل مختلف تماما من الاسلحة المستقبلية. من هنا كانت المناسبة مناسبتين: الترحيب بنا وشرح مزايا هذا السلاح المتطور، والآخر بذكرى خروج اول طائرة من هذا النوع، وكانت من طراز «إيه إتش ـ 64 إيه»، التي احدثت فورا ضجة كبرى في عالم الاسلحة والعسكريات.
* تاريخ عريق يقول ريتش لي ان هناك اليوم اكثر من ألف طائرة «أباتشي» تعمل مع الجيش الاميركي والقوات الحليفة في العالم اجمع معظمها من النوع الحديث من طراز «إيه إتش ـ 64 دي لونغ بو»، وما زالت بوينغ مستمرة في تطوير هذه الآلة لكي تظل تحلق فوق ساحات القتال حتى عام 2030. لذلك فهي الآن تخوض محادثات مكثفة مع الجيش الاميركي لتعريفه بالنسخة الجديدة منها التي تطلق عليها تسمية «بلوك 3» التي سيجري ادخال تعديلات فنية كثيرة عليها تعزز من قدراتها وامكانياتها، تعديلات كانت حتى وقت قريب تعتبر شيئا من عالم الخيال العلمي يوم خرج الطراز الاول من هذه المركبة الجوية من خط التجميع عام 1983.
ان التعديلات الجديدة هذه ستتيح مثلا للطائرة ان تكون على اتصال مستمر مع جميع المركبات القتالية الاخرى من طائرات وسفن وعربات برية ومراكز قيادة وسيطرة، كما ستقدم «مساعدات رقمية» كثيرة لقائد الطائرة وتسهيل مهمته، خاصة في الاوقات الحرجة عندما يصبح ضغط العمل عليه شديدا، وبالتالي يتوجب عليه ادارة منظومات وبرامج عديدة في وقت واحد. ومن شأن هذه التعزيزات الرقمية الجديدة مساعدة طاقم الطائرة (المؤلف من اثنين: الطيار وضابط الاسلحة) التعرف على الاهداف واستيعابها وترتيبها حسب اهميتها وخطورتها.
لقد صممت «الأباتشي» وشيدت في الاصل لتدمير الدبابات والمدرعات السوفياتية في المسرح الاوروبي ابان الحرب الباردة، ثم تطورت لجمع المعلومات والاستخبارات في الوقت الحقيقي للقيادات الميدانية، مع توفير الدعم الناري للقوات الارضية، مع القدرة على اختراق الخطوط المعادية في العمق وتسديد ضربات كبيرة لمحطات الرادار والتحصينات الارضية ومرابض المدفعية وتمهيد الارض لدخول القوات البرية. وهي في ذلك تستخدم صواريخ «هيلفاير» التكتيكية بعيدة المدى.
ولا بد من الاشارة هنا الى ان «بوينغ» تقوم حاليا بتطوير نسخة من «الأباتشي» لخفر السواحل قادرة على التصدي للزوارق الهجومية الصغيرة من النوع الذي دمر المدمرة الاميركية «كول» في اليمن.
والمعلوم انه خلال العقدين الاخيرين خاضت «الأباتشي» معظم الحروب والنزاعات الاميركية، آخرها في افغانستان والعراق. وكانت «الأباتشي» طائرة الهليكوبتر الوحيدة في العالم التي تمكنت من العمل فوق الجبال الافغانية التي ترتفع الى ما يزيد عن ثلاثة الاف متر. لكن دورها في حرب كوسوفو (حيث منعت من التحليق تماما) وحرب العراق كان موضع تساؤل، لا سيما فوق بعض المدن العراقية التي كانت مكتظة بالدفاعات الارضية. من هنا فإن الجيش الاميركي و«بوينغ» تلقيا دروسا مهمة عن حرب المدن في العراق، خاصة بعدما برهنت الطائرة انها قادرة على تحمل الكثير من العقاب، وتلقي قذائف يصل عيارها حتى عشرين مليمترا من دون ان تسقط. ولهذا السبب فإن 11 دولة غير الولايات المتحدة تملك هذه الطائرة، في حين تقوم عشر دول اخرى، لا سيما بعد الحرب على العراق بتقييم النوع المعدل منها، اي الاخير من طراز «إيه إتش ـ 64 دي لونغ بو» ذات القبة الرادارية فوق مراوحها الدوارة، التي تشيدها بوينغ منذ عام 1997 تمهيدا لشرائها.
ان القبة الرادارية هذه تحتوي على آخر الانظمة الرادارية الحديثة التي تساعد طاقم الطائرة على تمييز الاهداف واستيعابها من مسافات بعيدة ومهاجمتها بدقة الجراح. ثم ان هذه المركبة مجهزة بآخر صيحات وسائل الرؤية الليلية للعمل ليلا في الظلام الدامس، وبصوت هامس لا يسمعه العدو في غالب الاحيان.
«الأباتشي لونغ بو» هي الهليكوبتر القتالية الوحيدة قيد الخدمة في العالم اليوم ذات القدرة على تقصي الاهداف العدوة وتصنيفها وادراجها على سلم الاولويات ثم الاشتباك معها سواء كانت اهدافا ثابتة، او متحركة من مسافات بعيدة في جميع الاحوال الجوية.
* سلاح متعدد الأغراض ولكن ماذا عن هذا الطراز
* الحديث «أباتشي إيه إتش ـ 64 دي لونغ بو» المستخدم حاليا في الترسانة الاميركية.
يقول ريتش لي طيار الاختبار: ان الأباتشي تحولت الآن الى سلاح متعدد الاغراض صالح لكل الاشتباكات سواء لقصف الدبابات والدروع، او لضرب التحصينات او حتى لملاحقة الافراد على الارض. وهي قادرة على اختراق المناطق المعادية لاعماق بعيدة مما يعتبر سلاحا استراتيجيا ايضا الى جانب كونها سلاحا تكتيكيا. وهي صالحة لاعمال الاستطلاع والدوريات وتوفير غطاء جوي للقوات الارضية ومواكبتها في المناطق الخطرة.
وكانت «الأباتشي» الى جانب طائرة الهجوم الخفية التي لا يكشفها الرادار «إف ـ 117» اول من افتتح العمليات العسكرية ابان حربي عاصفة الصحراء وغزو العراق، خاصة انها قادرة على التحليق في جميع الظروف الجوية ليلا ونهارا.
على صعيد الاسلحة، فإنها تشكل ترسانة كاملة متنوعة بحد ذاتها، مجهزة اولا بمدفع رشاش دقيق عيار 30 مليمترا على جانب كبير من الفعالية حتى ضد الاهداف الصلبة. وهو مجهز بشريط من القذائف يبلغ عددها 1200 يمكن اطلاقها اما فرديا، رصاصة رصاصة، او بشكل اوتوماتيكي او اختيار صلية مؤلفة من عدد من الرصاصات، او اكثر، حسب الطلب، في كل اطلاق (كبسة على الزناد).
يبلغ مدى هذا المدفع اربعة كيلومترات، لكنه اكثر فعالية على مسافة كيلومترين بالنسبة للاهداف الارضية الطرية كالشاحنات والآليات.
ثانيا: تحمل الطائرة حاضنة من الصواريخ التي تسدد بالنظر، يبلغ قطر الواحد منها 70 مليمترا، وهي تسدد عادة الى مساحة محددة يتبعثر فيها الجنود والآليات المعادية. وهذه الصواريخ فعالة اذا لاحظ قائد الطائرة ان هناك في الارض من يحمل صاروخا مضادا للجو يطلق من الكتف. اذ ان اطلاق واحد منها، او اثنين كفيل بجعله يختبئ، او ينبطح ارضا وتفويت الفرصة عليه.
وتحاول «بوينغ» حاليا توجيه هذه الصواريخ بواسطة الليزر لزيادة دقتها، لكون بعض الاهداف لا تستحق قصفها بصواريخ «هيلفاير» الموجهة راداريا، او ليزريا، السلاح الرئيسي «للأباتشي» ذات الفعالية العالية جدا، لأن الصواريخ الصغيرة تكفي لتدمير الهدف شرط زيادة دقتها كما اسلفنا، ثم ان الاخيرة متدنية التكلفة جدا مقارنة بصواريخ «هيلفاير» التي يبلغ سعر الواحد منها 50 الف دولار. من هنا لا يعقل ان تطلق مثل هذه الصواريخ الغالية الثمن لتدمير شاحنة عسكرية لا يتعدى سعرها الثلاثين الف دولار مثلا.
ويبلغ مدى هذه الصواريخ الصغيرة ستة كيلومترات، وبامكانها ان تغطي مساحة واسعة اذا ما اطلقت دفعة واحدة.
صواريخ «هيلفاير» من جهتها هي من النوع «الذي تطلقه وتنسى» وهي تتعامل مع الاهداف الثقيلة الصلبة الهيكل كالدبابات والدروع ومرابض المدفعية والتحصينات القوية. ويمكن توجيهها اما راداريا او بواسطة اشعة الليزر بعد اضاءة الهدف بها. رأسه الحربي يأتي بنوعين: متفجر بشظايا قاتلة، وقد جرى تطويره اخيرا، وآخر خارق للدروع. ويبلغ مدى هذا الصاروخ ثمانية كيلومترات.
واخيرا هناك اربعة صواريخ جو ـ جو مركبة على رأسي الجناحين الصغيرين للتصدي للطائرات المعادية ويبلغ مداها عشرة كيلومترات.
تعمل «الأباتشي» شأنها شأن المقاتلات الحربية المتطورة بواسطة السلك، اي انه لا توجد اي وصلات سلكية ميكانيكية بين الانظمة المختلفة، او بين معدات القيادة واجهزتها، بل يحل الكومبيوتر محلها زيادة في الدقة والكفاءة والسرعة. من هنا بمقدور قائد الطائرة تشغيل معداتها كافة، بما في ذلك اجهزة الاتصال وادارة الاسلحة وتسديدها من دون ان يرفع يديه وقدميه عن ادوات القيادة.
وقبل قيام طاقم الطائرة المؤلف من الطيار وضابط الاسلحة بمهمة ما يجري تلقيم الكومبيوتر الرئيسي بكافة المعلومات المتعلقة بالمهمة، مثل التوجيهات والمسافة الى الهدف، والسرعة، والارتفاع المطلوبين، ونوع الهدف، وموجات الاتصال اللاسلكي، والتضاريس الارضية المحيطة بالمنطقة وجغرافيتها، الى آخر التفاصيل الاخرى بواسطة قرص مدمج «سي دي». اي ان هذه العملية تغني الطيار ومساعده عن حمل حقيبة من المستندات والمعلومات الورقية. ثم ان كل ذلك يظهر على شاشات رقمية ملونة اشبه بالشاشات التلفزيونية، مع محطات وغرافات ورسومات بيانية احيانا.
وتظهر على احدى الشاشات معلومات مفصلة عن موقع الطائرة وموقع الطائرات الاخرى الصديقة والمعادية، بحيث يكون الطاقم ملما بالوضع تماما على مدار الساعة.
* المسح الإلكتروني الشامل
* لعل اكثر ما يميز هذه الطائرة هي القبة الرادارية الواقعة فوق الاجنحة الدوارة التي تتيح مسح الارض امامها على ثلاث مراحل، كل مرحلة تمسح 50 كيلومترا مربعا خلال ست ثوان، او 150 كيلومترا مربعا خلال 18 ثانية، على نطاق 270 درجة امام الطائرة.
وبمقدور الرادار ان يكشف اكثر من الف هدف عارضا 256 منها على الشاشة، ومصنفا 16 منها حسب خطرها بغية الاشتباك معها. وبمقدور الطاقم القفز طبعا على سلم الاولويات ان شاء ذلك، هذا في ما يتعلق بالاهداف الارضية، اما الاهداف الجوية المعادية، فإن القبة الرادارية الصغيرة تكشفها على نطاق 360 درجة، اي بدائرة كاملة حول الطائرة مغطية مساحة 200 كيلو متر مربع.
وتستطيع الطائرة الاختباء وراء الاكمة او تلة صغيرة تحجبها عن الهدف المراد تدميره، وما عليها سوى رفع قبتها الرادارية فوقها لمدة ست ثوان فقط لكشف الهدف واستيعاب معطياته التي تلقم اوتوماتيكيا في الكومبيوتر المركزي، ثم تهبط ثانية محتمية وراء التلة. ويقوم الكومبيوتر هذا باختيار السلاح الذي سيستخدم اوتوماتيكيا، وعلى الغالب يكون صاروخ «هيلفاير» لينطلق ذاتيا مرتفعا فوق التلة قبل ان يصيب هدفه ويدمره. كل ذلك يجري اوتوماتيكيا حسب مبدأ «اطلق النار وانس».
وهناك نوع آخر من صواريخ «هيلفاير» تحمله «الأباتشي» ايضا يعمل بأشعة الليزر. اذ يكفي اضاءة الهدف به ليقوم الصاروخ بضربه اوتوماتيكيا.
ومما يساعد على كل هذه العمليات ان خوذة الطيار ومساعده مجهزة بمنظار قرب العين اليمنى التي تعرض معطيات الهدف ومواصفاته ومداه تسهيلا له، ثم ان المدفع الرشاش يدور ايضا مع دوران رأس الطيار الحامل للخوذة تسهيلا في استخدامه.
بالنسبة الى مدى الطائرة فهو يعتمد على نوعية المهمة، وبالتالي توزيع نسبة الوقود الى الاسلحة. فالمعلوم ان للطائرة اربعة حوامل للاسلحة باستثناء المدفع الرشاش، وهذه يمكن استخدامها ايضا لحمل خزانات وقود اضافية لاطالة مدى الطائرة، اذ يمكن تخصيص حاملين مثلا لحمل خزانات الوقود وحاملين لحمل تشكيلة مختارة من الاسلحة، او يمكن تخصيص الحوامل الاربعة كلها لحمل الوقود الاضافي للسماح لها ان تقطع مسافة 1648 كيلومترا بقوة محركاتها في حال نشرها في مناطق بعيدة. وهي في حال تزويدها بالوقود جوا، فإنه يمكن اطالة هذا المدى ايضا.
وعن طريق تجهيز الطيارين بمناظير الرؤية الليلية، فضلا عن اجهزة الملاحة المتطورة المجهزة بها، يمكنها التحليق ليلا كما في ضوء النهار. وهي خلال ذلك تكون على اتصال مستمر مع طائرات التجسس او الاستطلاع الالكتروني، كالاواكس والـ «يو 2» وغيرها.
وبايجاز فإن طاقم الطائرة يكون طول الوقت على دراية تامة بما يدور حوله في ساحة العمليات.
واخيرا تقول بوينغ ان طراز «بلوك 3» الجديد من الأباتشي الذي تعمل عليه كمشروع خاص والذي تأمل ان يلاقي مستقبلا هوى لدى البنتاغون سيكون ابداعا هندسيا بكل معنى الكلمة على الصعد كافة. بعض مزايا هذا الطراز من مزايا كثيرة انه سيمكن طاقم الطائرة من ارسال روبوتات طائرة لا يقودها طيار الى المناطق المعادية الشديدة الخطورة لتمهيد الوضع هناك بغية تمكين الاباتشي لاحقا من التعامل مع الاهداف المعادية على طريقتها الخاصة. وسيجري توجيه هذه الروبوتات او الطائرات التي لا يقودها طيار من داخل الأباتشي ذاتها.
ان التحسين المستمر لهذه الآلة المقاتلة سيمكنها من العمل حتى عام 2030 كما تقول مصادر بوينغ.
* منقاش والأباتشي
* عندما سألنا المسؤولين عن انتاج الأباتشي في شركة «بوينغ» عن علي عبيد منقاش بأنه اسقط طائرة الهليكوبتر ببندقية «برنو» ابان الحرب الاخيرة في العراق، ثم كذب بعد ذلك اقواله ، رفضوا بابتسامة ذات مغزى الدخول في اي تفاصيل بسبب انها مصنفة سرية مكتفين بالقول ان هبوط الطائرة الاضطراري على الارض كان لأسباب مختلفة كليا عن قصة هذه البندقية البدائية التي لا يزيد عيارها عن 7.62 مليمتر، والتي تلقم يدويا، في حين ان الأباتشي تستطيع تحمل مدافع سريعة الطلقات من عيار 23 مليمترا.
* توزيع الأهداف المعادية
* قائد السرب وافراد سربه على دراية دائما بموقعه وموقع الطائرات والمركبات الاخرى الصديقة والعدوة عن طريق ظهورها بالالوان والاشارات على شاشات الكترونية في مقصورة القيادة التي تدرج ايضا الاهداف المراد قصفها مع سلم الاولويات في التعامل معها. من هنا يمكن لقائد السرب عن طريق مؤشر الشاشة (كيرسور) على الكومبيوتر تقسيم هذه الاهداف على الشاشة بين سائر طائرات السرب لتعامل كل واحدة منها على حدة مع الاهداف المخصصة لها منعا للفوضى والارتباك بفعل اشتراك طائرتين او اكثر في مهاجمة هدف واحد مما يترك الباقي يفلت من دون عقاب.
الأباتشي في سطور من مزاياها الكثيرة
ـ اجنحة دوارة عالية الكفاءة. الطرازات الجديدة ستزود بأجهزة قابلة للطي تسهيلا للشحن.
ـ مقصورة القيادة اشبه بمكتب حديث كامل التجهيز، خاصة على صعيد الاتصالات ومعرفة ما يدور في الخارج على مدار الساعة.
ـ مجهزة بصواريخ «هيلفاير» الموجهة راداريا وليزريا الشديدة الفعالية التي تعمل وفق مبدأ «اطلق النار وانس».
ـ مجهزة بصواريخ جو ـ جو للقتال الجوي.
ـ مجهزة بصواريخ تكتيكية تسدد بالنظر عيار 70 ملم.
ـ يمكن تجهيزها بخزانات وقود اضافية تركب على حوامل الاسلحة والذخائر لزيادة المدى.
ـ مجهزة بمدفع دقيق عيار 30 مليمترا خارق للآليات.
ـ هيكل الطائرة متين جدا من الكيفلار والتاتيانيوم والالياف الكربونية قادر على تحمل قذائف مدفعية عيار 23 مليمترا. فضلا عن الكثير من العقاب.
ـ مجهزة بمحركين مستقلين قوة كل منهما 2000 حصان، ويمكنها بكل سهولة العمل على محرك واحد عند الضرورة.
ـ الاجهزة والمعدات كافة ومنصة القيادة تعمل جميعها بالتقنية الرقمية.
التعليقات