كتاب الإستراتيجية الأمنية و الحل النهائي للعميد محمد المصري

غزة-دنيا الوطن
منذ التوقيع على اتفاق أوسلو في 13 أيلول 1993 و إقامة السلطة الفلسطينية في عام 1994 و التوقيع على سلسلة من الاتفاقيات الفلسطينية –الإسرائيلية و رحلة طويلة من المفاوضات على مدى عشر سنوات حتى الآن, تواجه عملية السلام أزمة متواصلة عنوانها الإستراتيجية و المفاهيم الأمنية الإسرائيلية.
و نظرا لأهمية هذا الموضوع فقد ألف العميد محمد المصري كتاب "الإستراتيجية الأمنية و الحل النهائي"و صدر مطبوعا عن مؤسسة التنوير و الدراسات في غزة.
و من الواضح أن السلطة الفلسطينية أعطت اهتماما واضحا لهدا الموضوع و الكتاب الذي تناوله, حيث قدم له محمود عباس " أبو مازن " رئيس الوزراء الفلسطيني.
و قال أبو مازن في مقدمة الكتاب:"كانت قضية الأمن إحدى القضايا الأساسية التي واجهتها مسيرة السلام منذ التوقيع على اتفاق أوسلو في 13 أيلول 1993 بواشنطن,حتى استطاعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تحويلها إلى ذريعة أصبحت مكشوفة, فابتعدت القضية عن المعالجة المطلوبة لتحقيق السلام و الأمن و الاستقرار لكافة الأطراف, إلى الاستخدام الإعلامي التحريضي على حساب القضية ذاتها مما أدى لانعكاسات خطيرة على المسيرة السلمية".
و أضاف أبو مازن في مقدمته:"و قد اطلعت على هذا الكتاب "الإستراتيجية الأمنية و الحل النهائي" للعقيد محمد المصري, و رأيت فيه دراسة تكتسب أهمية خاصة, لان كاتبها متخصص في مجالي الأمن و الإعلام, مما يساعد في رسم السياسات الإستراتيجية ,من خلال الاستفادة من هذه الدراسة التي جاءت في وقت تقترب فيه من مفاوضات الحل النهائي .
و المواضيع التي تناولها الكاتب مثير للجدل, مثل العلاقات الأمنية الفلسطينية-الإسرائيلية, و فيها توضيح دقيق لاهداف الحملة الإعلامية الإسرائيلية التي استهدفت المساس بالمؤسسة الأمنية الفلسطينية,فخلص الكاتب إلى استنتاجات منطقية بناء على معطيات جديرة بالاهتمام.و أتوقف في هذه الدراسة عند سؤال هام طرحه الكاتب: هل أن الدولة الفلسطينية المستقلة تشكل تهديد إستراتيجي على دولة إسرائيل؟ و قد حاول الكاتب الإجابة على هذا السؤال بأسلوب موضوعي.و الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية أخذت حيزا هاما في البحث و هي ما تسمى بـ"نظرية الأمن الإسرائيلي",القائمة منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 و التي لم يطرأ عليها تغيير يذكر, و بقيت القاعدة التي تنطلق منها المفاوضات الاسرائيلية-الفلسطينية و العربية, رغم أن هذه النظرية تعرضت لتحديات عديدة في مراحل مختلفة, أثبتت جميعها فشل هذه النظرية التي تعتمد على أسس احتلالية بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية نابعة من الفكر التوراتي اليهودي اليميني,بلا مضمون امني استراتيجي".
و قال أبو مازن في مقدمة للكتاب"هذا الخلل أصاب الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية منذ عام 1973, لم يصل بعد بالقناعة الكافية لدى بعض القيادات الاسرائيلية خاصة اليمينية, بان السلام هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن و الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط و يضمن حق كافة شعوب المنطقة بالعيش بأمان.العقيد محمد المصري استعرض في هذا الكتاب معظم جوانب نظرية الأمن الإسرائيلية و قدم ردا منطقيا و تحليليا يتسم بالموضوعية بلغة أمنية علمية,لم يخضعها للعاطفة, خاطب فيها العقل و المنطق.
و الرحلة القادمة هي مرحلة المفاوضات الأصعب و المتعلقة بالحل النهائي تحتاج لآراء الجميع, للتوصل إلى الحل الذي يضمن لشعبنا الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة,و هي مرحلة صعبة يمكن تجاوزها بالوحدة الوطنية,و أرى في هذا الكتاب مساهمة جادة بالرأي تستحق التقدير".
و يتضمن كتاب"الاستراتيجية الأمنية و الحل النهائي"سبعة فصول إضافة إلى ملاحق سياسية و أمنية مثل مذكرة التفاهم الأمنية الفلسطينية-الإسرائيلية و اتفاق"واي بلانتيشن".
و يتناول الفصل الأول من الكتاب و هو بعنوان "اتفاق اوسلو و الأمن الإسرائيلي"مرحلة الانتفاضة الأولى و بدء مسلسل العمليات الاستشهادية و تقدم حزب العمل في الانتخابات الاسرائيلية بعد سقوط حكومة الليكود بزعامة شامير و ذلك بعدم دفع المفاوضات و تحقيق السلام, و استعرض الفصل الأول إنجازات حكومة العمل مثل التوقيع على اتفاق اوسلو و التوقيع علة معاهدة السلام الإسرائيلية-الأردنية و انسحاب إسرائيل من معظم قطاع غزة و الضفة الغربية,و إقامة السلطة الفلسطينية تحقيق بعض الخطوات في المفاوضات.
و يرى الكاتب بان الانتكاسة حصلت بعد أن بدأت حكومة العمل في إسرائيل بإثارة قضية الأمن و مطالبة السلطة الفلسطينية بالعمل على منع العمليات الاستشهادية التي نفذتها القوى الإسلامية الفلسطينية المعارضة لاتفاق اوسلو.
و يقول لكاتب بان حزب العمل الإسرائيلي اعتبر بان ما أنجزه كان كافيا للدخول إلى العالم العربي و فتح الأسواق و العلاقات العربية مع إسرائيل و في الوقت نفسه وقعت حكومة العمل في نفس الوقت المفاهيم الخاطئة لليكود حول قضية الأمن".
و في الفصل الثاني تناول الكاتب موضوع الأمن بعنوان"الإستراتيجية الأمنية الاسرائيلية" بتفصيل عناصر أساسية لهذه النظرية أو الاستراتيجية من حيث مدة الإنذار المبكر و حاجة إسرائيل لوقت لا يتجاوز 48 ساعة لتعبئة الاحتياط و في نظر الإسرائيليين هذه الأمور تتطلب الاحتفاظ بأماكن و مرتفعات في الضفة الغربية,و مساحة جغرافية لا يمكن توفيرها في الخط الأخضر بنفس الفاعلية.
و في هذه النظرية يرى الإسرائيليون بان الضفة الغربية حاجز طبيعي يمنح الجيش الإسرائيلي الوقت المطلوب لنقل قوات الاحتياط إلى الجبهة, كما ترى النظرية الاسرائيلية بان المستوطنات التي أقيمت على قمم الجبال في الضفة الغربية و خاصة جبال نابلس و رام الله, بها محطات للإنذار المبكر توفر لإسرائيل إمكانية مراقبة تحركات أي جيش عربي قادم من الشرق و بدونها تصبح إسرائيل عمياء.
و في الفصل الثالث بعنوان" الأمن و السلام" استعرض الكاتب مفاهيم إسرائيلية للسلام قائمة على الأمن أولا, حيث شبه نتنياهو جبال الضفة الغربية يسور الصين العظيم خلال زيارته إلى بكين 1998.و قد رفض الرئيس الصيني مصطلح نتنياهو و قال له:" هذا التشبيه غير معقول, لان ظروف العصر تغيرت, و سور الصين العظيم اصبح الآن للاستجمام و الزيارات,
و مفهوم الأمن الحقيقي و ضمانه في الشرق الأوسط يكمن في تحقيق السلام العادل و الدائم".
و في الفصل الرابع بعنوان"التنسيق الأمني الفلسطيني-الإسرائيلي"يستعرض الكاتب التوجهات الأمنية الاسرائيلية في مناطق السلطة الفلسطينية, كما تناول التضليل الإعلامي الإسرائيلي الناطق بالعربية في تناوله للتنسيق الأمني الفلسطيني-الإسرائيلي,بصورة مشوه حيث تعمدت وسائل الإعلام الاسرائيلية نقل هذا المفهوم للشارع الفلسطيني بان ما يدور يتعلق"بشريط حدودي متعاون مع إسرائيل".
و تحدث الكاتب عن الشكر العلني الذي كانت تقدم إسرائيل لمسئولي السلطة حول جهودهم في قضية ما و إن هذا الشكر كان يحمل مخالطات للرأي العام الفلسطيني.
و تحدث الكاتب عن الضغوطات الأمنية التي مارستها إسرائيل على السلطة و المسؤولين الفلسطينيين".
و في الفصل الخامس وهو بعنوان" مكافحة التجسس الإسرائيلي " تناول الكاتب نشاطات و سياسة أجهزة الأمن الفلسطينية في مكافحة التجسس الإسرائيلي في مناطق السلطة الفلسطينية و مكافحة العملاء
و بين الكاتب أشكال المعالجة لهذا الملف الخطير و التحديات التي واجهت سبل المعالجة الفلسطينية لملف العملاء".
و في الفصل السادس بعنوان"الدولة الفلسطينية و التهديد الإستراتيجي" تناول الكاتب المفاهيم الإسرائيلية التي تتحدث عن أن "الدولة الفلسطينية المستقلة خطرا إستراتيجي يهدد بقاء دولة إسرائيل".
و أوضح الكاتب كيف أن الحكومات الإسرائيلية خاصة الليكود قد استخدمت هذا الشعار لتضليل الرأي العام الإسرائيلي و العالمي بهدف إحباط مسالة إقامة الدولة الفلسطينية.
و تناول الكاتب في الفصل السابع و هو بعنوان" مكافحة الإرهاب" قضية الإرهاب و مكافحة الإرهاب.
و تحدث الكاتب عن تعريف الإرهاب و تناول بالتفصيل القوى اليهودية المتطرفة و التي تمارس أعمالا إرهابية ضد الفلسطينيين بحماية القانون الإسرائيلي.
و أوضح الكاتب بان توجهات إسرائيلية بدأت في أواخر عهد رابين تهدف إلى مكافحة نشاط القوى اليهودية المتطرفة قبل أن تندم على اغتياله, و سرعان ما ازداد نشاطها بعد اغتيال رابين برعاية الجيش و الأمن الإسرائيلي.
و قال العميد المصري مؤلف كتاب الإستراتيجية الأمنية و الحل النهائي لدنيا الوطن:"رغم أهمية هذا الموضوع الذي تناولته في كتب " الإستراتيجية الأمنية و الحل النهائي" لم أجد دراسات أو كتب فلسطينية تعالج هذه المسالة الخطيرة التي أفشلت مسيرة السلام و كل جولات المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية,و رأيت نقصا في المكتبة الفلسطينية تحديدا و العربية بشكل عام لكتب تناول هذه المسالة,و حاولت من خلال هذا الجهد المتواضع أن أرد على النظرية الأمنية الإسرائيلية بكل تفاصيلها و أكاذيبها,بتوضيح معطيات و معلومات تخاطب عقل القارئ بأسلوب هادئ ترتضيه النفس, لان الرد على النظرية الإسرائيلية لا يحتاج إلى شعارات و طرح قناعاتنا مجردة".
و أضاف العميد محمد المصري:"و بعد أن أنجزت الكتاب قبل طباعته عرضته على الأخ محمود عباس "ابن مازن" رئيس الوزراء الفلسطيني فاعجب بفكرة الكتاب و قال هذا بحث نحتاجه في مفاوضاتنا,و شجعني على طباعته لتعميم المعرفة,ووافق مشكورا على أن يقدم الكتاب , و أترى في إسهام الأخ أبو مازن بالمقدمة تقدير مبعث اعتزاز لي, و آمل أن يبلغ الكتاب غايته في تعميم الفائدة للقارئ الفلسطيني و العربي".

التعليقات