في ذكرى النكبة.. اللاجئة "أم خطاب" تروي جمال يافا وكلها أمل بالعودة إليها
تاريخ النشر : 2022-05-16
في ذكرى النكبة.. اللاجئة "أم خطاب" تروي جمال يافا وكلها أمل بالعودة إليها
الحاجة أم خطاب


خاص دنيا الوطن- هاني الإمام
"متنكرين بزي الجيش العراقي ووسط تصفيق من الجيران"، هكذا تخفى الإسرائيليون في غزوهم لفلسطين، حيث فتحوا نيران رشاشاتهم صوب الجماهير المُصفقة.

تروي لنا الحاجة أم خطاب صاحبة عمر الـ (88 عاماً)، تفاصيل النكبة وهي حزينةٌ: "لم نكن نعلم بأنهم إسرائيليون، كانوا متخفين بزي الجيش العراقي الذي يميزه الحطة الحمراء والعقال، ما خدع أهل الحارة والجيران فكانوا مهللين فرحين لم تكف أيدهم عن التصفيق، ولكن سرعان ما تفاجأنا بنيتهم السوداء التي بدأت بإطلاق النار علينا".

وتكمل: "لم تكف نيران الرشاشات شرها إلا وأصيب أخي بها وحُمل من قبل أصدقائه نحو البحر، صراخُ وبكاءُ أمي، جعلنا نلحق بهم مسرعين لمعرفة مصيره، وإذا بمراكب وسفن تحمل الهاربين نحو مدينة بور سعيد المصرية، التي لم يبقى لنا سبيل سوى هذا السبيل فهربنا والجميع".

وما أصعبها حينما رأت ذاك المشهد الذي لا يمكنها نسيانه، كانت على متن القارب، فتوفي ابن شقيقتها، وتوقف المركب عن السير، "فاضطررنا لرميه في البحر، كان مشهداً مؤلماً حين شاهدنا الطفل وهو يطفو، وتتقاذفه الأمواج".

وتبحر لنا في ذكرياتها قائلةً: "فور وصولنا لبور سعيد نُقلنا مجددًا نحو صحراء سيناء ومن ثم إلى مخيم المغازي في قطاع غزة، واستمر التنقل إلا أن وصلنا لمنطقة السرايا التي تواجدت به الخيام".

وتستمر معاناة اللاجئة أم خطاب التي بحثت عن الاستقرار ولم تجده سوى في غرفتين بمعسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، شبابيكهم وأبوابهم من تنك السمنة دون توفر أي من خدمات الكهرباء والمياه، جالسين على الرمل مباشرة بحالة لا يرثى عليها ومليئة من الذل، وتجد "طوابير" من الناس التي خرجت بهدف تعبئة جرة مياه.  



وتضيف: "لم أشعر للحظة بأن هجرتنا ستكون طويلة لتمتد إلى اليوم، حكوا لنا جمعة وراح ترجعوا، وعلى هذا الأمل خرجنا وتركنا بيوتنا ولو كنا نعلم ذلك لما خرجنا ولو بالقوة، تركنا البيوت والمال والحال وهربنا حافيين بملابسنا وغيارنا فقط، وها نحن حتى الآن في بيت معسكر الشاطئ قاطنين".

ولسان المهاجرة أم خطاب يقول: "فلسطين مالك حزينة لا فيك فرحة ولا زينة، الأم في بلد والأب في بلد والأخ في بلد والأخت في بلد، والله يجازي الظالمين إلي خلونا مشردين ومفرقين، فلسطين ياما ماتوا فيكِ شباب كلهم على شانك في الجهاد، حنرجعلك يا فلسطين مهما طال البعاد".

وتستكمل: "فلسطين بتنادي أهاليها هيهم هيهم هيهم، لو لفيت العالم كله مش حتلاقي زيهم، يا فلسطين جاينلك جاين على أبوابك واقفين، على حدودك مرابطين".

وتأمل أم خطاب أن تكحل عيونها مجدداً برؤية يافا وشوارعها وحواريها القديمة، إذ إن التغييرات التي حصلت بفعل الاحتلال الإسرائيلي هي تغييرات شكلية، لا يمكنها تغيير روح وجوهر مدينة يافا العتيقة، مختتمة حديثها بالقول بلهجتها الفلسطينية: "اللي بينسى أرضه بينسى عرضه، وإحنا مش رح ننسى".