تقرير: الاحتلال يقصف المدنيين في غزة بقذائف تحمل غازات سامة.. وكيف يتم التعامل معها؟
تاريخ النشر : 2021-05-19
تقرير: الاحتلال يقصف المدنيين في غزة بقذائف تحمل غازات سامة.. وكيف يتم التعامل معها؟
آثار حريق في مصنع للإسفنج بفعل القذائف الحارقة


خاص دنيا الوطن
أكدت أوساط طبية ومحلية في كثير من محافظات قطاع غزة، استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لقذائف مدفعية تنبعث منها بعد انفجارها سحب دخانية بيضاء، هي عبارة عن غازات سامة.

ووصل عشرات المصابين إلى مشافي القطاع يعانون من ضيق في التنفس، وتشنجات عصبية، حيث أكدت وزارة الصحة بغزة، بأنها أرسلت عينات لفحصها في مختبرات الوزارة برام الله، لتقدير نوع المادة السامة المستخدمة في هذا العدوان.

وأكد الدفاع المدني في قطاع غزة، في بيان له، أنه رصد إطلاق قوات الاحتلال ثماني قذائف فسفورية حارقة، وأخرى دخانية، الإثنين الماضي، في شمال القطاع، أدت إلى اشتعال حريق كبير في أحد مصانع الإسفنج. 

دليل إفلاس

وأوضح الخبير العسكري من غزة فتحي رمضان، أن هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي أسلحةً محرمة دولياً، فقد سبق أن أطلق تلك الأسلحة في الاعتداءات الثلاثة السابقة على القطاع أعوام 2008، 2012، 2014.

وأوضح رمضان لـ "دنيا الوطن"، أن تقرير غولدستون في عدوان 2008 - 2009، دان الجيش الإسرائيلي لاستخدامه قذائف الفوسفور الأبيض على نطاق واسع في قطاع غزة، وهذا ما رصدته عدسات الفضائيات على الهواء مباشرةً.

ولفت إلى أن هذا دليل إفلاس وتخبط وعجز عن مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية، التي تواصل مسيرة الدفاع عن الشعب الفلسطيني بثبات وبقوة نارية.

وبحسب ما أعلنت وزارة الصحة في غزة، يوم الخميس الماضي، فقد وصل عدد من الشهداء، إلى مُجمّع الشفاء الطبي بمدينة غزة، بسبب اختناقهم بعد استنشاقهم لغازات سامة. 

وقالت الوزارة، في تصريح لها وصل "دنيا الوطن" نسخة عنه، : "تبين من خلال معاينة الطب الشرعي أن سبب الوفاة المباشر هو الاختناق، مع وجود أعراض ظاهرية تؤشر إلى احتمالية تعرضهم لاستنشاق غازات سامة".

خشية من آثارها

من جانبه، بيَّن المواطن أحمد أبو خليل، من بلدة عبسان شرق خان يونس، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يطلق يومياً قذائف دخانية بيضاء تحدث حالات اختناق لدى استنشاقها.

وقال أبو خليل لـ "دنيا الوطن": "الاحتلال يتعمد إطلاق تلك القذائف الدخانية ليلاً في الغالب أو مع ساعات المساء الأولى، ونحن نضطر لإغلاق النوافذ بإحكام كي نتحاشى استنشاق تلك الغازات".

وتابع "نخشى أن يكون لهذه الغازات آثاراً صحية تظهر فيما بعد. لن ننسى مشهد القذائف الفسفورية في الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008، وما تسببت به لاحقاً من ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض خطيرة كالسرطانات بأنواعها".

إرشادات طبية 

وكشف مدير مستشفى الصداقة التركي - الفلسطيني بغزة الدكتور مروان شفيق الهمص، عن وصول حالات اختناق لمستشفيات وزارة الصحة، السبت الماضي، بعد إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي قذائف دخانية.

وللتعامل مع القنابل الدخانية التي تنبعث منها غازات سامة من قبل الاحتلال، قال الهمص لـ "دنيا الوطن": "على المواطنين الابتعاد عن أماكن القصف والدخان، الاحتماء بغرف محكمة الإغلاق، ارتداء الكمامات أو قطع قماش مبللة بالماء، وإن وجدت الأقنعة العازلة والمضادة للغازات، فلا بأس من ارتدائها".

وتابع: "إذا اشتم أحد الغازات يجب نقله إلى مكان آمن وبعيد عن الغازات، وإعطائه هواءً نقياً أو أكسجين".

واستدرك الهمص "لكن إن ظهرت أعراض اختناق، فيجب فتح مجرى الهواء ونقل المصاب لأقرب مستشفى أو مركز طبي".

قذائف اليورانيوم المُنضب

وقال الخبير العسكري اللواء واصف عريقات: "مما لاشك فيه أن "إسرائيل" تستخدم الغازات السامة والخانقة بأشكالها المتعددة ضد الشعب الفلسطيني، والإحصائيات الرسمية للضحايا الكثر تؤكد ذلك".

وأضاف عريقات لـ "دنيا الوطن"، "هذه ليست هي المرة الأولى التي تستخدم فيها "إسرائيل" الأسلحة المحرمة دولياً، فقد استخدمت قذائف المدفعية المنثارية، التي تنفجر وتتشظى بالآلاف فوق الرؤوس، وهي استخدمت القذائف الفسفورية الحارقة، واستخدمت حتى قذائف اليورانيوم المُنضب التي تخترق كالسكين وتُذيب المواد الصلبة".

وتابع: "جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتبر الشعب الفلسطيني حقل تجارب لأسلحته المصنعة، وهم يقومون بتصوير فعاليتها من قتل وتدمير على أرض الواقع بلا أخلاق لتسويقها اقتصادياً".

ونوه عريقات إلى أن هذا دليل عجز الجيش الإسرائيلي في ميدان المواجهة العسكرية مع المقاومة الفلسطينية، وهم باعتقادي يقومون بذلك لترهيب الشعب الفلسطيني، والتأثير على معنوياته، ظناً منهم أن استهداف المدنيين، وإيقاع أكبر عدد من الخسائر في صفوفهم، سيُجبرهم على التمرد والاحتجاج ضد المقاومة.

ماذا وراء ذلك؟

ووافق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور أحمد رفيق عوض، اللواء واصف عريقات فيما طرح، حين قال: "الهدف من استخدام هذه الأسلحة المحرمة دولياً، يتمثل بالضغط على الحاضنة الشعبية، ومحاولة تفكيكها وتحويلها إلى عدوة أو غير متعاونة مع المقاومة أو إظهار المقاومة عاجزة عن الدفاع عن جمهورها".

وبيّن عوض في تصريحات خاصة لـ "دنيا الوطن"، أن "إسرائيل" فعلت ذلك في كل حروبها، أي هي تضرب الخاصرة الضعيفة دون اهتمام بالقانون الدولي.

ولفت إلى أن "إسرائيل" في حروبها مع الفلسطينيين، موضحاً أن الجبهة الداخلية لدينا شديدة التماسك خصوصاً أن "إسرائيل" تريدنا موتى أو مُستسلمين.

ونوه عوض إلى أن "إسرائيل" تعودت أن تستخدم الأسلحة المحرمة دولياً في عدوانها على الفلسطينيين كرصاص الدمدم، و"النابالم" و الفسفوري، وغير ذلك مما نعرف أو لا نعرف.

ومضى يقول: "الأمر الأساسي هنا أن "إسرائيل" تستخدم أقصى ما لديها لتحقيق استسلام الفلسطينيين وإخضاعهم وإيذائهم بأسرع وقت، لأن "إسرائيل" لا تحتمل الحروب الطويلة لأسبابٍ عديدة".

وأشار عوض، إلى أن عقلية الاحتلال تقوم على فكرة القوة الرادعة بالغة التأثير، ولهذا فإن استخدامها للأسلحة المحرمة الفتاكة سهل وسريع خصوصاً مع غياب الملاحقة الدولية. 

ودعا عوض إلى المتابعة والتوثيق وإعداد الملفات للمحاكمة المحلية والدولية، مضيفاً "يجب توثيق الحادثة ومكانها وزمانها وشخوصها وتأثيرها وخسائرها وكل ما يتعلق بها، فضلاً عن فضحها، والتشهير بها ومحاصرتها وتهديد المتسبب بها كي يرتدع".

ليس جديداً

ونوه مدير مكتب فضائية "فلسطين اليوم" في غزة الدكتور عامر خليل، إلى أن إطلاق الغازات السامة ليس جديداً في الاعتداءات التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، في أوقات مختلفة على الشعب الفلسطيني.

وقال خليل في تصريحات لـ "دنيا الوطن" :"هذا الأمر حدث عام 1948 عندما سمموا خزانات مياه بلدة الطيرة في الداخل المحتل، وحدث أيضاً عام 2014 عندما أطلقوا الفوسفور الأصفر شرق مدينة خان يونس وتحديداً في خزاعة وعبسان".

وشدد على أن هذا الأمر ليس جديداً ويتكرر في كل معركة، ويشير إلى عجز الاحتلال الإسرائيلي عن تحقيق أهدافه في ردع المقاومة - كما يقولون- وتحقيق الأمن والاستقرار للمستوطنين.

ولفت خليل إلى أن هذه جريمة حرب، يجب أن تنتقل للمحاكم الدولية، ويتم ملاحقة قادة جيش الاحتلال عليها.

جرائم حرب بامتياز

بدوره، أكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) المحامي صلاح عبد العاطي، صلاح عبد العاطي، أن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لقذائف تنبعث منها غازات سامة بعد انفجارها، هي جرائم حرب بامتياز.

وقال عبد العاطي في تصريحات لـ "دنيا الوطن": "نحن نتحدث عن استخدام أسلحة محرمة دولياً، تُحدِث إصابات بالغة في أوساط المدنيين، وتؤدي لاستشهاد أعداد كبيرة من المواطنين".

وأضاف "هذا يتطلب فتح تحقيق دولي جاد في جرائم الاحتلال واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وتعمد استهداف المدنيين، والأعيان المدنية، ويتطلب تدخلاً لوقف هذا العدوان، ومساءلة دولة الاحتلال على الجرائم التي تقترفها بحق المدنيين".

انتهاك فاضح

من ناحيته، أكد المتحدث باسم حركة حماس الدكتور عبد اللطيف القانوع، أن استخدام الاحتلال للأسلحة المحرمة دولياً، انتهاك فاضح لكل القوانين والأعراف الدولية.

وقال القانوع في تصريحات لـ "دنيا الوطن": "الاحتلال يمارس جرائم بشعة ضد الإنسانية، إضافةً لمجازر إبادة جماعية بحق المدنيين في غزة، وعليه يجب تقديم قادة الاحتلال للمحاكم الدولية".

وأضاف "جيش الاحتلال يتخبط، فيما المقاومة تواصل الرد على عدوانه بقوة وثبات".

وشدد على أن ما يقوم به الاحتلال في غزة، دليلاً واضحاً عن العجز والفشل.

ودعا القانوع، السلطة الفلسطينية أن تقوم بتفعيل دور الدبلوماسية والسفارات المنتشرة حول العالم، والضغط باتجاه تقديم قادة الاحتلال للمحاكم.

وتساءل المتحدث باسم حركة حماس: "ما فائدة أننا انضممنا لعضوية محكمة الجنايات الدولية، ولا ننقل لها ما يتعرض له شعبنا من إجرام؟!. يجب تفعيل عضويتنا، فهناك مئات الشواهد الصارخة على جرائم الاحتلال التي تستهدف المدنيين".