حيلة قديمة لكنها لم تندثر للأسف، بل تطورت وأصبحت أكثر ملائمة للتطور التكنولوجي الهائل، فيكفي أن أحدهم يكتب منشوراً أو ينشر صورة مثيرة للجدل ثم يحذفها بعد ثوان، ويعود ليبرر: معلش الأكونت اتهكر، أو يستغل بعض اللجان الإلكترونية لدعمه أو للتظاهر بالهجوم عليه فيرد ويبرر ويدافع وينشغل لأمره الجميع، المهم أن يظل تحت دائرة الضوء لأطول وقت ممكن.
لكن تبقى الحيلة الأكثر فعالية الآن هي استعراض الممتلكات، والحرص على إظهار الثراء الفاحش إن جاز التعبير، وكأنه مظهر من مظاهر القوة والنجومية والنجاح في اعتقاد البعض، وفق تحليل أجراه موقع (في الفن).
حتى النرجسية ليست نوعاً واحداً، بل منها السلبي والإيجابي، فيوضح الدكتور إبراهيم مجدي حسين استشاري الطب النفسي، أن النرجسي الإيجابي هو الشخص الذي يكون قد حقق من النجاحات ما يستحق أن يجعله يشعر بذاته ويعتز بنفسه، فيكون قليل الكلام، كثير المهابة، أنيقا طوال الوقت، لديه كاريزما وهالة معينة حوله دائما، يشعر بالثقة بالنفس، وحب السلطة، والالتزام الصارم بالقوانين، والقدرة الشديدة على الإقناع، وعدم الندم على أي قرار، والانتصار في أغلب المعارك، وعدم المبالاة بالنقد.
وهذا النوع السلبي نراه لدى كثير من الفنانين، في محاولة منهم لعمل حالة من الصناعة السطحية للنجومية، بعيدا عن نجومية الفكر، لأن الأولى تصنع التريندات وتُشكّل عنصر جذب وتسليط قوي للضوء على الفنان، أما الثانية فلا يلتفت لها إلا القليل، وقلما يهتم الناس بفكر شخص معين أو مدى قيمته الفكرية والفلسفية، بقدر ما يستفزهم تصرفات شخص آخر، خاصة لو كانت خاطئة من وجهة نظرهم.
فمثلا قبل أشهر، وفي حوار له مع الإعلامي وائل الإبراشي ببرنامج (التاسعة)، سُئِل الفنان محمد رمضان عن سبب حرصه على استخدام نفس الطريقة المستفزة لزملائه ولكثير من الجمهور، حول أنه الأنجح والأقوى والأغنى ونمبر وان والأسطورة وغيره من الألقاب والصفات والتصريحات ومظاهر الاستعراض التي لا يتوقف عنها، أجاب رمضان بمنتهى المصداقية: "طريقة ناجحة وأثبتت نجاحها معايا ومع الجمهور أغيرها ليه، المفروض أغيرها لو فشلت إنما اللي حاصل العكس، فبالتالي كده أنا صح"، نعم هو صح، سواء اختلفنا أو اتفقنا حول كونها طريقة سليمة أم غير ذلك.. لكن حدث المطلوب تحقيقه في النهاية.
للإنصاف يقول البعض إن هذا الأمر نوع من حياة النجومية، فكلما زادت شهرتك وأموالك يكون من الطبيعي أن تملك أغلى الأشياء، ويكون ظهورك بها منطقيا ومتوقعا، فامتلاكك للطائرات الخاصة مثلا يكون مبررا ببحثك عن الخصوصية أو الإنجاز في الوقت وعدم الارتباط بمواعيد معينة للرحلات، فتسافر وتعود في المواعيد المناسبة لك بكل سهولة، وغيره من الأسباب التي تؤكد أنك نجم وغني ومشهور وبالتأكيد قوي، لكن حرصك على التقاط الصور ونشرها في كل المناسبات بهذا الشكل فما مبرره إن كان زائدا عن الحد؟!