"أبل تي في " بمواجهة نتفليكس: من سيخرج من المعركة فائزاً؟
تاريخ النشر : 2020-09-23
"أبل تي في " بمواجهة نتفليكس: من سيخرج من المعركة فائزاً؟
صورة تعبيرية


عالم السينما تبدل إلى الأبد، وعالم التليفزيون تبدل منذ سنوات. التبدل فيما يتعلق بالتليفزيون بدأ مع يوتيوب، وشيئاً فشيئاً ظهرت مواقع تعتمد المبدأ نفسه لعرض البرامج على الإنترنت من دون إلزام المشاهد بتوقيت محدد. 

ولكن يوتيوب لم يكن كافياً، فكان لا بد من إنشاء شركات تقدم أعمالاً أصلية ضخمة تشبه أعمال التليفزيون التقليدية وإنما متوفرة وفق الطلب. 

من جهته عالم السينما ما زال بألف خير ولكن مشاهدة الأفلام في الصالات وفق المقاربات التقليدية كانت قبل جائحة كورونا تترنح بين الحياة والموت، وجاء الفيروس ليكون الضربة القاضية. 

الشركات التي تقدم أعمالاً أصلية من أفلام ومسلسلات عديدة ولكن بعضها مشهور في دول معينة أكثر من غيرها، فمثلاً في عالمنا العربي الغالبية الساحقة تشاهد نتفليكس وليس هولو أو أمازون. ومؤخراً برز لاعب جديد على الساحة واللاعب هذا هو شركة أبل. 

ففي عام ٢٠١٩ أطلقت الشركة «أبل تي في بلس» وهي منصة للأفلام والوثائقيات والمسلسلات الأصلية وغيرها. 

مما لا شك فيه أن أبل قامت بكل العمل المضني قبل إطلاق خدمتها إذ إنها ضمت إلى صفوفها أهم الكتاب والمخرجين والممثلين في هوليود مثل ستيفن سبيلبيرغ وأوبرا وينفري وجنفير إنيستون وريس ويذرسبون وأوكتافيا سبنسر وجي جي أبرامز وجيسون موموا وأم نايت شياملان وغيرهم. 

ولكن السؤال الذي يطرح هنا، ما الفرق بين «أبل» و«نتفليكس»؟ وهل يمكن لهذه الشركة أن تشكل خطراً على انتشار نتفليكس وتزاحمها على المشاهدين؟ فلنكتشف ذلك ونفند كل جوانب المعركة معاً. 

نظرة عامة: أبل vs نتفليكس 

بالإضافة إلى واقع أن نتفليكس هي خدمة المشاهدة وفق الطلب الأشهر في العالم فإن الشركة  باتت جزءاً من نمط الحياة  ورمزاً ثقافياً، حتى إن هناك معجما خاصا بنتفليكس أونلاين يفسر المصطلحات التي تستخدم لدى الحديث عن مشاهدة الأفلام والمسلسلات. 

نتفليكس تملك مجموعة ضخمة جداً من الأفلام والبرامج بعضها قديم وغير أصلي وبعضها حصري وأصلي كما أن استخدام المنصة والتنقل فيها سهل للغاية.  

أبل في الجانب الآخر لا تعرض سوى المحتوى الأصلي والحصري، وهذا فارق أساسي بين الخدمتين. ولكن أبل وضعت بالحسبان أن المشاهد قد يود مشاهدة أفلام أو مسلسلات قديمة فأتاحت إمكانية مشاهدتها وإنما من خلال خدمات فرعية بالإضافة الى خدمة أخرى تتيح للمستخدمين الاشتراك في القنوات التي يفضلونها من«إتش بي أو»  و«شوتايم» وغيرها، مع إمكانية الاشتراك في باقات خاصة بالرياضة أو الأخبار مباشرة من تطبيق «أبل تي في» دون الحاجة لتحميل تطبيقات هذه القنوات أو الخدمات. 

«أبل تي في» كتطبيق هو مجاني أما «أبل تي في بلس» فهي خدمة المشاهدة وفق الطلب لبرامج وأفلام ومسلسلات حصرية مقابل بدل مادي. و«أبل تي شانيلز» تتيح للمستخدمين الاشتراك مباشرة في القنوات التلفزيونية الأخرى. ولا يوجد تطبيق مستقل لكل من «أبل تي في بلس» و«أبل تي في شانيلز» بل يمكن الوصول إليهما مباشرة من خلال تطبيق «أبل تي في». 

التوافق مع الأجهزة الأخرى 

نتفليكس متوفرة على الغالبية الساحقة من المنصات والتلفزيونات الذكية والهواتف وهذا الأمر يوضح حجم انتشار وشعبية هذه المنصة عالمياً. كما أن الأجهزة التي تتوافق مع نتفليكس يمكن التوافق فيما بينها، أي إن الشخص يمكنه أن يبدأ بالمشاهدة عبر الهاتف، ثم يكملها عبر الكمبيوتر وينهيها على الجهاز اللوحي فقط من خلال الدخول إلى حسابه على نتفليكس. 

في الجانب الآخر الصورة مختلفة مع أبل فأبل تي في بلس متوافق مع أجهزة أبل وعدد قليل من التلفزيونات الذكية. صحيح أن أبل لها جمهورها العريض حول العالم ولكن حصر التوافق بأجهزتها مع خيارات معدودة أخرى سيشكل عقبة كبيرة في حال كانت الغاية منافسة نتفليكس. 

أبل تي في يعمل على أجهزة أبل سواء الهواتف أو الكمبيوترات أو الأجهزة اللوحية بالإضافة الى تلفزيونات سامسونغ، روكو، امازون فاير تي وتلفزيونات فيزيو وسوني الذكية، وطبعاً يمكن مشاهدة أبل تي من خلال الموقع مباشرة  بالإضافة الى بث المحتوى من خلال «أير بلاي ٢» على الأجهزة التي تتوافق مع أبل. الخيارات هذه محدودة والشركة تدرك ذلك وهناك توجه لكسر الحصر هذا وتوفر أبل تي في على أجهزة لشركات منافسة. الخطوة هذه دقيقة وحساسة وقد تؤثر على الشركة سلباً لناحية مبيعات الأجهزة الخاصة بأبل تي في وأي معدات أخرى. مخاطرة على ما يبدو أبل مستعدة لأخذها لأنها تنوي خوض المعركة حتى النهاية. 

الأسعار الاشتراك في «أبل تي في » تبلغ قيمته ٤،٩٩ دولار شهرياً ويمكن لستة أشخاص استخدام الاشتراك نفسه في الوقت عينه. أول ٧ أيام من الإشتراك مجانية ويمكن للشخص الاستمرار في حال أعجبته الخدمة أو الإلغاء في حال لم تعجبه. وعند قيام أي شخص بشراء هاتف جديد أو جهاز لوحي أو كمبيوتر أو تلفزيون أبل فهو سيحصل على اشتراك مجاني لمدة عام في أبل تي في بلس. حزمة مغرية مما لا شك فيه خصوصاً أن أسعار نتفليكس، حتى بعد تخفيضها بشكل كبير هي أضعاف أسعار أبل. 

 الخدمة الأساسية في نتفلكس والتي تسمح للشخص المشاهدة عبر الهاتف والكمبيوتر والأجهزة المحمولة تصل تكلفتها إلى ٧،٩٩ دولار وهي ليست عالية الجودة ولمستخدم واحد فقط. الاشترك الشهري قيمته ٩،٩٩ دولار ولشخصين فقط والبريميوم ١١،٩٩ دولار ويمكن لأربعة أشخاص استخدامه في الوقت عينه. 

المميزات وواجهة المستخدم 

واحدة من أهم المميزات في نتفليكس هي أنها تفصل المحتوى على مقاس المستخدم من خلال خدمة التوصية التي تعرض خيارات تتناسب مع ذوق المشاهد استناداً لما قد شاهده سابقاً. 
ومن أسباب شهرة نتفليكس سهولة الاستخدام والتصميم البسيط غير المعقد وسهولة البحث سواء من خلال المخرج أو الممثل أو نوعية الأفلام، كما أن خدمة الترجمة متوفرة وإن كان المشاهدون العرب عليهم بالتحايل قليلاً كي يتمكنوا من الحصول على الترجمة لكل الأفلام والمسلسلات. 

تصميم أبل تي في الجديد جميل ومميز وأقل تعقيداً من التصميم السابق وهذا أمر جيد ويخدم الشركة. بشكل عام التطبيق يملك نفس مميزات نتفليكس سواء لناحية التوصيات وإن كانت تأتي تحت تسميات أخرى مثل «ماذا عليك أن تشاهد؟» أو «الخيارات التالية». وبما أن الهم الأول لأبل هو الترويج للأعمال الأصلية التي تنتجها وليس عرض أفلام أنتجتها شركات أخرى فإن كل الأعمال الأصلية موجودة على أبل تي في بلس ويمكن التنقل بينها من خلال البانرز الموزعة على الصفحة وفق نوعية البرنامج أو الفيلم. الأفلام التي تملك الشركة ترخيصاً لعرضها يمكن الوصول اليها من خلال خدمة فرعية. 

كما يمكن مشاهدة المضمون في كل منهما أونلاين أو من دون إنترنت ولكن التحميل عند أبل محدود إذ أنها تسمح بتحميل عدد قليل من الحلقات ولكن نتفليكس تسمح بتحميل ١٠٠ فيلم أو مسلسل على جهاز واحد. 

المضمون نتفليكس بنت سمعتها وهويتها على المسلسلات التي حققت شهرة واسعة جداً ولكن الأمر هذا لا ينسحب على الأفلام، فأفلام نتفليكس الأصلية لم تحقق النجاحات كما أن بعضها سيئ للغاية، حتى فيلم «ذا ايرشمن» الذي حصد العديد من الجوائز وضم نخبة النجوم لم يجد الصدى نفسه عن المشاهدين وبالتالي شعبيته الفعلية لم تكن كشعبيته عند النقاد. 

مقاربة أبل للمضمون الخاص بها هو حشد أكبر عدد ممكن من النجوم، وهذا أمر نجح في بعض الأحيان وفشل في أحيان أخرى.

مسلسلات أبل تي في لم تحقق الكثير من النجاحات ولكن ذلك تبدل مع «ذا مورنينغ شو» ثم «ديفندينغ جايكوب» و «سي»، وطبعاً برنامج أوبرا وينفري الخاص لأبل تي في ساعد على حصد المزيد من الشهرة للخدمة هذه. لناحية الأفلام الأمور لم تكن تبشر بالخير لأن الأفلام الأصلية الخاصة بأبل تي في لم تكن ممتعة ولم تحقق شهرة كبيرة ولكن الأمور يبدو أنها تسير على السكة الصحيحة حالياً ففيلم «غراي هاوند» لتوم هانكس يحقق نجاحاً كبيراً بالإضافة الى «ذا بانكر» و«بيستي بويز ستوري». 

لصالح من تميل الكفة؟ حالياً الكفة تميل لصالح نتفليكس رغم نقاط ضعفها التي تحاول أبل استغلالها. أبل قدمت عرضها الأقل ثمناً وعروضها المغرية واستغلت واقع أن نتفليكس تعاني من ضعف في إنتاج الأفلام، ولكن نتفليكس ما تزال الأكثر شهرة. وبما أنه لا مجال لمعرفة ما الذي يحمله المستقبل الأيام وحدها كفيلة بإعلان هوية المنتصر.