تداعيات (كورونا) العاطفية .. الحب عن بعد في زمن الجائحة
تاريخ النشر : 2020-09-16
تداعيات (كورونا) العاطفية .. الحب عن بعد في زمن الجائحة
صورة تعبيرية


تأثير (كورونا) لم يطل فقط المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية بل أثر وبشكل كبير على العلاقات. 

المتزوجون والمتواجدون في مكان واحد وجدوا أنفسهم في مرحلة جديدة غير مألوفة خلال الحجر المنزلي. التواجد الإلزامي مع الشريك بالإضافة إلى الضغوطات النفسية والاقتصادية والمخاوف من كورونا جعلت نسب الطلاق حول العالم وفي عالمنا العربي ترتفع بشكل كبير، بحسب (الرجل). 

في المقابل هناك الفئة المتزوجة التي وجدت نفسها عالقة في بلد آخر ولا يمكنها العودة بسبب إغلاق المطارات وبالتالي كان عليها التعامل مع هذه الفترة بمقاربات جديدة. وطبعاً هناك الفئة التي ما تزال في مرحلة العشق والتي بدورها وجدت نفسها تعاني من "منع رؤية" إلزامي. 

العلاقات عن بعد ليست سهلة بشكل عام وهي يمكنها أن تكون كابوسا للبعض، في المقابل هناك فئة تناسبها تماماً العلاقات عن بعد لأنها تحتاج إلى مساحتها الخاصة وهكذا نوعية من العلاقات مثالية تماماً لها وبالتالي لم تتأثر بتداعيات كورونا العاطفية. الفئة الأخيرة لا تعنينا في موضوعنا هذا لأنها لم تجد صعوبة في المحافظة على علاقتها بالشريك، ما يعنينا هم الذين يعانون الأمرين حالياً ولا يعرفون المقاربة الأمثل للمحافظة على العلاقة عن بعد في زمن كورونا. 

تقبل واقع "إلى أجل غير مسمى"

رغم أن الغالبية الساحقة من الدول بدأت أو ستبدأ بفتح مطاراتها خلال الأيام المقبلة ولكن هناك الكثير من العوائق التي تحول دون سفر أي شخص من بلد لآخر منها إرتفاع نسبة إلتقاط العدوى خلال السفر، وطبعاً هناك الحجر المنزلي الإلزامي لمدة ١٤ يوماً بعد الوصول. 

في حال كان الشخص يعمل في بلد وشريكته تعيش في بلد آخر فحينها الإجازة التي سيحصل عليها لا تكفي لأنه كما قلنا هناك الحجر لمدة ١٤ يوماً وعليه المقاربة هذه لن تجدي نفعاً. 

أما في حال كان الشخص يملك رفاهية الحصول على إجازة طويلة فحينها السفر خيار وارد.

أما للفئة التي تعيش داخل البلد الواحد وإمكانية اللقاء معدومة بسبب مخاطر كورونا أو طبيعة اللقاءات تبدلت بشكل كبير بسبب ضرورة ارتداء الكمامات والمحافظة على التباعد الاجتماعي فإن تقبل الواقع هذا ضروري. 

لجميع الفئات تقبل واقع أن الأمور ستكون هكذا «لأجل غير مسمى» هام لأنه يخفف من مشاعر التوتر الناجمة عن عدم معرفة متى سينتهي كل هذا ومتى سيتمكن الشريك من اللقاء بشريكته. 

منع كورونا من الهيمنة على المحادثات 

صحيح أن العالم كله مشغول بكورونا وصحيح أن كل واحد منا مشغول بمتابعة كل ما يمكنه من أخبار ومعرفة ما يمكنه معرفته عن الفيروس وعن عدد الإصابات في بلده وفي بلدان أخرى ولكن لا يمكن للأحاديث بينك وبينها أن تتمحور حول الفيروس طوال الوقت. من البديهي أن يتم التطرق إلى الأمر ولكن يجب منع كورونا من الاستيلاء على الوقت المخصص لكما. 

وهذا أيضاً ينطبق على إرسال الأخبار لبعضكما البعض أو المعلومات التي يعثر على أي واحد منكما هنا وهناك. ولكن ما يجب الحديث عنه هو مشاعركما حيال ما يحدث. 

الجائحة تركت أثرها الكبير على الجميع وبالتالي هناك مشاعر القلق، والتوتر والخوف وهذه النوعية من المشاعر لا يجب كبتها وإلا أدت إلى مشاكل أنت والشريكة بغنى عنها. 

كبت المشاعر في العلاقات عن بعد مدمر وذلك لأن في هذه النوعية من العلاقات يسهل سوء تفسير ما يقال أو ما يبدر عن الشخص وحين يكون الشخص مدفوعاً بمشاعر سلبية فحينها الآخر سيفسر على أنها موجهة ضده. كورونا لا يجب أن يهيمن على المحادثات ولكنه يجب أن يكون يحتل حيزاً محدوداً منها خصوصاً الجزئية التي تتعلق بتأثيره النفسي على كل واحد منكما. 

المقاربة هذه كفيلة بجعل الروابط أقوى وذلك لأن الشريك والشريكة باتا على قناعة تامة بأن الآخر موجود لدعمه ومساعدته لمواجهة الظروف الصعبة. 

تحديد كمية ومعدل التواصل 

من دون كورونا العلاقات عن بعد تواجه معضلة كبيرة وهي إما تواصل أكثر مما يجب أو أقل مما يجب.. ومع الفيروس في المعادلة فإن الأمور باتت مبهمة بشكل أكبر والسبب هو أن الحدود باتت مبهمة، مثلاً لو افترضنا أن الشريك والشريكة كانا لا يتواصلان خلال ساعات العمل قبل فيروس كورونا، فإنه حالياً ومع انتقال الجميع للعمل من المنازل فإن «المنع» المتفق عليه هذا لم يعد كذلك أو بات يسهل تجاهله. لذلك كي لا يجد أي من الشريكين نفسه في موقف يتطلب منه الطلب من الشريك محادثته لاحقاً بشكل متكرر، الأفضل تحديد كمية ومعدل التواصل والتوقيت الذي يناسب كلا من الطرفين. 

وعندما نقول تحديد كمية ومعدل التواصل لا نعني بذلك مثلاً تحديد مدة المكالمة الهاتفية أو المحادثة عبر الفيديو ما نعنيه هو معدل الرسائل النصية أو الصوتية أو الصور أو غيرها من الأمور التي يتم إرسالها. كما يفضل تحديد مواعيد لمحادثات الهاتف أو اللقاءات عبر الفيديو وذلك كي يكون كل واحد منكما بحالة تسمح له بالحديث براحة. 

التواصل المبتكر والتحرر من الشعور بالذنب 

إليكم الواقع الحالي، هناك فئة تمكنت من المضي قدماً بحياتها والبدء بالعودة الى روتينها اليومي، من دون أن تشعر بالذنب لأنها تستمتع بتفاصيل حياتها. ولكن هناك فئة ما تزال تشعر بالذنب في كل مرة تقوم بنشاط ما مسلٍ بينما هناك معاناة في كل دول العالم وذلك لأنها حساسة أكثر من غيرها. في حال كنت من الفئة الثانية عليك التخلص من هذه المشاعر لأنه يحق لك الإستمتاع بوقتك كما يحق لك أن تمضي ما تشاء من الوقت مع من تحب كما يحق لك الحديث عن مشاعرك وعن حجم إشتياقك لها. 

الشعور بأن ما تقوم به «عديم الجدوى» أو بأنه «لا قيمة له » مقارنة بما يحدث في العالم طبيعي جداً. الكل في مرحلة ما إختبر هذه المشاعر ولكن لا يمكنك أن تسمح لها بالسيطرة عليك وذلك لأنها ستجعلك تنفر من الشريكة. إليك الواقع، في كل مرة تقول لها بأنك تحبها وتشعر بأن ما تقوم به لا قيمة له وحتى سخيف، فإن عقلك ومع تكرار الأمر سيربط بينها وبين المشاعر السلبية هذه. وقد تصل إلى مرحلة مجرد سماعك لصوتها أو رؤيتها سيحفزان المشاعر السلبية هذه وذلك لأن عقلك ربط بينهما. 

 الحديث عن الأمر مفيد للغاية في هذه الحالة كما يمكنك أن تقوم بأمور عدة تساعدك على التخلص من هذه المشاعر السلبية كالتبرع ومساعدة الآخرين وتذكر أنها هي أيضاً قد تكون في الحلقة المفرغة نفسها من الشعور بالذنب. 

بعد التحرر من الذنب، حان الوقت للتواصل بطريقة مبدعة مسلية وتخفف من وطأة كورونا. ليس بالضرورة أن يكون التواصل محصوراً بالرسائل والمحادثات الهاتفية أو عبر الفيديو فقط، بل يمكنكما القيام بأمور مسلية كمشاهدة فيلم معاً من خلال مشاركة الشاشة، أو غيره من الأمور التي تعجبكما. 

خطط للمستقبل 

صحيح أن الأمور معلقة «لأجل غير مسمى» وأنت ملزم بعلاقة عن بعد  ولكن عليك وضع خطط للمستقبل. القيام بهذا الأمر يمنحكما الأمل بغد أفضل. 

ولكن لتجنب الإحباط لا تقم بتحديد موعد زمني لهذا الحدث أو ذاك بل خطط لكل ما تريد التخطيط له من دون تاريخ محدد. لا يمكنكما أن تحجزا أنفسكما ضمن مرحلة الجمود هذه لأن ذلك سيؤدي إلى إثارة جميع أنواع المشاعر السلبية كما أن المحادثات بعد فترة ستصبح نسخة طبق الأصل عن تلك التي سبقتها.