صرخة امرأة قبل 99 عام.. انتهت بحرب عرقية في شوارع أميركا
تاريخ النشر : 2020-06-09
صرخة امرأة قبل 99 عام.. انتهت بحرب عرقية في شوارع أميركا
صورة لقيام سيارات الحرس بنقل المصابين أثناء أعمال العنف بتلسا


مع نهاية الحرب العالمية الأولى، شهدت الولايات المتحدة الأميركية ارتفاعاً واضحاً لمستوى أعمال العنف العرقية، حيث عادت مجموعات ككو كلوكس كلان (Ku Klux Klan) للظهور مجدداً، وسجلت البلاد العديد من أعمال القتل والسحل، التي طالت ذوي الأصول الإفريقية.

تزامناً مع ذلك، كانت مدينة تلسا (Tulsa)، المصنفة كثاني أكبر مدن ولاية أوكلاهوما، إحدى أهم النقاط الساخنة بالولايات المتحدة، حيث عاشت على وقع العديد من أعمال العنف التي طالت ذوي الأصول الإفريقية. ويعود السبب في ذلك أساساً لوجود عدد كبير منهم بها. وبحسب مصادر تلك الفترة، قدر عدد السكان من ذوي الأصول الإفريقية في تلسا بأكثر من 10 آلاف تركزت النسبة الساحقة منهم بمنطقة حي غرينوود (Greenwood) بحسب تقرير "العربية".

يوم 30 أيار/مايو 1921، حل المراهق ذو الأصول الإفريقية، ديك رولند، بمبنى دريكسل، وركب المصعد. وبعد لحظات، فرّ من المكان على جناح السرعة، عقب دوي صراخ عاملة المصعد سارة بايج التي كانت من البيض، العاملون بالمبنى. وعلى إثر ذلك، حل رجال الشرطة على عين المكان، وتمكنوا من إلقاء القبض على رولند واقتادوه نحو مركز الأمن.

وفي اليوم التالي، تناقل السكان البيض لتلسا العديد من الإشاعات عن الحادثة وعبروا عن سخطهم مما حصل. كما عنونت إحدى الصحف المحلية، بشكل خاطئ، وتحدثت عن محاولة ديك رولند "الاعتداء جنسياً" على عاملة المصعد. وكرد فعل على ما حصل، تجمهر عدد كبير من البيض أمام محكمة المدينة وطالبوا رجال الشرطة بتسليمهم رولند. وأمام هذا الوضع، أقدم الأمنيون على تعزيز وجودهم قرب المحكمة.

ومع تزايد إمكانية اقتحام المحكمة، حل في حدود الساعة التاسعة مساء عشرات المسلحين من ذوي الأصول الإفريقية بالمكان وأعلنوا عن استعدادهم لمساعدة الشرطة في حراسة المحكمة. إلا أن المسؤولين الأمنيين رفضوا ذلك لتجنب مواجهات محتملة مع البيض.

وبعد نحو ساعة، عاد المسلحون مجدداً للمشاركة بحماية المحكمة بعد ظهور مزيد من الإشاعات حول استعداد البيض لاقتحام المكان. وهذه المرة اصطدموا بفرقة من البيض تجاوز تعدادها الألف عنصر، كان جلّهم مسلحين، لتندلع إثر ذلك مواجهات مسلحة أسفرت عن انسحاب المسلحين من ذوي الأصول الإفريقية وتراجعهم نحو حي غرينوود.

وطيلة الساعات التالية، عمد البيض المسلحون لمهاجمة العديد من ذوي الأصول الإفريقية بالمدينة وقتلوا بعضهم. إلى ذلك عززت الشرطة وجودها بالمدن المجاورة، حيث انتشرت إشاعات بالمنطقة حول استعداد ذوي الأصول الإفريقية للقيام بثورة مسلحة.

في مطلع حزيران/يونيو 1921، اجتاح آلاف البيض المسلحون والغاضبون حي غرينوود وعمدوا لمطاردة ذوي الأصول الإفريقية وأحرقوا منازلهم ومتاجرهم كما منعوا لساعات رجال الإطفاء من إخماد الحرائق. وبعد إعلان حالة الطوارئ من قبل حاكم الولاية جيمس روبرتسون، حلّت فرق من الحرس الوطني بلغ قوامها 6 آلاف عنصر بالمنطقة، وأجبرت البيض المسلحين على الانسحاب وأعادت الأمن للمنطقة.

ووفق تقارير الصليب الأحمر حينها، فقد أسفرت أعمال العنف عن مقتل 36 شخصاً، من بينهم 10 من البيض، وإصابة أكثر من 800 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، كما أحرق 1256 منزلاً، إضافة لمكتبة ومدرسة ومستشفى وكنيسة. ونهبت ممتلكات العديد من المتاجر، فتجاوزت بذلك قيمة الخسائر 3 ملايين دولار.

من جهة ثانية، فتح مسؤولو ولاية أوكلاهوما تحقيقاً آخر حول الحادثة أواخر التسعينيات. وعام 2001 صدر تقرير اللجنة المكلفة فتحدث عن ما بين 100 و300 قتيل وتشريد ما يزيد عن 8 آلاف شخص خلال 18 ساعة فقط من أعمال العنف بحي غرينوود.

وخلال الساعات التي تلت نهاية أعمال العنف بتلسا، أسقطت المحكمة كل التهم الموجهة ضد المراهق ديك رولند، فيما يخص قضية المصعد، وتحدث تقرير الشرطة عن تعثر الأخير بالمصعد وإمكانية دوسه دون قصد على قدم سارة بايج. ولاحقاً، غادر رولند، عقب إطلاق سراحه، مدينة تلسا للأبد ورفض العودة إليها ثانية.

صورة لأحد المنازل المخرّبة بتلسا

رجل من ذوي أصول أفريقية يقف أمام بقايا منزله بغرينوود

جانب من الدمار الذي لحق بتلسا

عدد من الحرائق بحي غرينوود

صورة لقيام سيارات الحرس بنقل المصابين أثناء أعمال العنف بتلسا

صورة لجيمس روبرتسون حاكم ولاية أوكلاهوما

جانب من الخراب بمدينة تلسا