جامعة لبنانية عريقة تخوض معركة "حياة أو موت"
تاريخ النشر : 2020-05-09
جامعة لبنانية عريقة تخوض معركة "حياة أو موت"
أرشيفية


تواجه واحدة من أعرق الجامعات في العالم العربي أسوأ أزمة في تاريخها منذ أن ظهرت إلى الوجود، بخسائر مادية فادحة، وخفض العمالة والموظفين، ومعركة شاقة تخوضها للبقاء على قدميها رغم تراجع الإيرادات بفعل ضربات الانهيار الاقتصادي في لبنان وفيروس كورونا المستجد.

وعلى مر السنين، تخرجت في الجامعة الأمريكية ببيروت شخصيات بارزة في الطب والقانون والعلوم والفنون، وقادة سياسيون وعلماء، بمن فيهم رؤساء حكومات.

ونجت الجامعة من نيران أزمات كثيرة سابقة، بما في ذلك الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و1990 التي تعرض فيها عدد من الموظفين للقتل أو الخطف وبينهم رئيسان للجامعة، كما دمرت قنبلة إحدى قاعاتها الرئيسة.

رغم ذلك، فإن المشاكل التي تعصف بلبنان الآن ربما تكون أكبر تهديد للمؤسسة منذ أنشأها المبشرون البروتستانت عام 1866 بحسب ما أوردت "رويترز".

والجامعة واحدة من بين أفضل 200 جامعة في العالم، وفي حالة انهيارها ستفقد الأجيال القادمة في لبنان، وفي المنطقة، هذا التعليم العالي المعترف به دوليا.

وقال رئيس الجامعة فضلو خوري، إن التهديد الماثل "هو أحد أكبر التحديات في تاريخ الجامعة الأمريكية في بيروت... البلاد تنهار بشكل كارثي".

ومع ارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر، لا تملك أسر كثيرة حيلة لتدبير نفقات الطعام والإيجار، فضلا عن دفع عشرات الآلاف من الدولارات في شكل رسوم دراسية.

وأضاف خوري لـ"رويترز"، إن الدولة المثقلة بالديون، التي عجزت عن سداد ديونها بالعملات الأجنبية في مارس/ آذار، مدينة للمركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت، الذي يقصده المرضى من جميع أنحاء الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بمتأخرات تزيد قيمتها عن 150 مليون دولار.

ويستبعد مسؤولون حكوميون الاقتصاص من الودائع البنكية للجامعات غير الهادفة للربح مثل الجامعة الأمريكية في بيروت، لكن خوري لا يزال يشعر بالارتياب من أن تتعرض مؤسسته لضربة إذا وضعت خطة إنقاذ حكومية جزءا من العبء على كبار المودعين بما في ذلك الجامعات.

ومارست الجامعة، إلى جانب جامعات أخرى، ضغوطا على الدولة، وحصلت على تطمينات من الرئيس ووزير المالية بأن أي تدابير من هذا القبيل لن تؤثر عليهم.

لكنه لا يزال يعيش وسط غلالة من القلق في الوقت الذي لم يتم فيه بعد وضع اللمسات الأخيرة على خطط الحكومة لسد الثغرات الهائلة في الموارد المالية الوطنية.

ولم يتسن الاتصال بمسؤولين حكوميين للتعليق.

وقال خوري: "لدينا كل هذه الأموال التي تدين لنا (الدولة) بها، للمستشفى، وعليه فمن الصعب جدا الاعتماد على أصحاب النوايا الحسنة الذين ربما يمتلكون القدرة (على الوفاء) أو لا يمتلكونها".

وبعد نزيف الإيرادات، تتوقع الجامعة والمستشفى خسائر حقيقية بقيمة 30 مليون دولار هذا العام. وبالنسبة لعام 2020-2021 وحده، تتوقع تراجعا في الإيرادات بنسبة 60% من هذا العام، نزولا إلى 249 مليون دولار.

تعتمد التوقعات القاسية الخاصة بالإيرادات على افتراض "متفائل" بأن الليرة اللبنانية ستستقر عند معدل 3000 للدولار، لكن خوري قال إنها "لا تأخذ في الاعتبار احتمال حدوث اقتطاع من ودائع الجامعة الأمريكية في بيروت".

وقال وزير المالية غازي وزني إنه سيحدث تحول باتجاه سعر صرف مرن في "الفترة المقبلة".

وبين خوري أن "الجامعة الأمريكية في بيروت ستضطر في الوقت نفسه لتحديد سعر صرف خاص، مع الأخذ في الاعتبار الأشخاص الذين قالوا إن بإمكانهم أن يدفعوا بالدولار للمساعدة في تخفيف تأثير انهيار الليرة على الطلبة الأفقر".

وخسرت الجامعة بالفعل التبرعات والمنح الدراسية التي كانت تتوقعها قبل الجائحة.

وعلاوة على التخفيضات في المستحقات والأجور، تدرس الجامعة خيارات أخرى مثل إغلاق أقسام بأكملها ووقف الإنفاق.

وفي رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الطلاب والعائلات، وعد خوري بالعمل على حماية أسباب الرزق وجمع الأموال من خلال صندوق طوارئ.

لكنه أضاف في رسالته أنه "يتعين بلا شك تقديم التضحيات على كل المستويات... التغيير الجذري بالنسبة لنا ضرورة من أجل البقاء... إنقاذ الجامعة يجب أن يكون أولويتنا الوحيدة. وسوف ننقذها".