65 عاماً على استقالة "السياسي الداهية" من رئاسة وزراء بريطانيا
تاريخ النشر : 2020-04-05
65 عاماً على استقالة "السياسي الداهية" من رئاسة وزراء بريطانيا
ونستون تشرشل


"في السياسة ليس هناك عدو دائم أوصديق دائم هناك مصالح دائمة"، و"الشخص المتواضع هو الذي يمتلك الكثير ليتواضع به"، و"المسؤولية ثمن العظمة"، و"امبراطوريات المستقبل هي إمبراطوريات العقل"، و"سر الحقيقة ليس فعل ما نحب، بل أن نحب ما نفعل"، و"لديك أعداء؟ عظيم...هذا يعني أنك في أحد الأيام وقفت مدافعًا عن شيء ما"، و"إذا كنت خارج بلدك فلا تنتقد حكومتك".. هذه بعض مقولات رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل التي نشرتها "المصري اليوم"، والذي فضلا عن كونه داهية سياسية وبالأخص في فترة الحرب العالمية الثانية وربما من قبيل المفارقة، أنه حينما حصل على جائزة نوبل حصل عليها في الأدب كان ذلك في عام 1945، وكانت عن مجمل كتاباته التاريخية ففوق كونه ضابطا في الجيش البريطاني ومخططا استراتيجيًا وسياسيًا رفيعًا فقد كان كاتبًا ومفكرًا سياسيًا كبيرًا.

ولد السياسي الداهية وقائد الحرب المحترف والمفكر والمؤلف والمؤرخ الكبير، ونستون تشرشل، في 30 نوفمبر 1874 في قصر بلنهايم في محافظة أكسفوردشاير في إنجلترا، ويعتبر أحد أهم الزعماء في التاريخِ البريطاني والعالمي الحديثِ، وكان خطيبا مفوها استطاع رفع معنويات شعبه أثناء الحرب، حيث كانت خطاباته إلهامًا عظيمًا إلى قوات الحلفاء، وربما لا يعلم معظم من خرجوا في الثورات أو المنتصرين في الحروب الحديثة حينما يرسمون علامة النصر بأصبعي السبابة والوسطى إشارة للنصر على شكل (v) اختصارا لكلمة Victory نصر بالإنجليزية أن تشرشل هو من ابتكر هذه الإشارة.

عمل "تشرشل" ضابطًا في سلاح الفرسان ثم نـُقِل إلى مصر في 1898 والتحق بسرية عسكرية في مصر كانت تعمل في السودان، وشهد ثورة الدراويش وحرب البوير بين، وأُسر وهرب، وسياسيا كان أول انتخابات يخوضها في 1899 وقد خسرها وبعد سنة فاز.

بدأ حياته السياسية في حزب المحافظين، وانتُخب عضوًا في مجلس العموم، وفي 1904 انضم إلى حزب الأحرار، الذي نجح في الانتخابات العامة ثم عُيّن وزيرًا للتجارة ثم وزيرًا للداخلية ثم وزيرًا للبحرية ثم حارب ضابطًا في الجبهة الغربية بفرنسا ثم عُيّن وزيرًا للذخيرة ثم للحربية والطيران في 1919 ثم عاد إلى حزب المحافظين، وفي 1924 عُين وزيرًا للمالية وبين 1929و1939، بقى بلا منصب وزاري، فتفرغ للتأليف.

أصدر أهم مؤلفاته، وكانت أهم مرحلة في حياته السياسية في الحرب العالمية الثانية، فقد عُين عند اندلاع الحرب سنة 1939 وزيرًا للبحرية، وفي 10مايو 1940 أصبح رئيسًا للوزارة، وبعد أن عجزت بريطانيا عن صد الجيش الألماني في جزيرة كريت، ولما هاجم اليابانيون بيرل هاربر ودخلت الولايات المتحدة الحرب أسرع تشرشل للتحالف مع الرئيس الأمريكي روزفلت، واستمر التحالف ضد ألمانيا.

وفي نوفمبر 1943 حضر مؤتمر طهران مع روزفلت وستالين وفيه تقرر الهجوم على الألمان في أوروبا، وفي 8 مايو 1945 ربحت بريطانيا الحرب ضد ألمانيا، وفي 1945 قدم استقالته كرئيس للوزراء، وعاد مجددا إلى رئاسة الوزارة وبقى حتى 1955 مُنح تشرشل لقب "سير" كما حصل على جائزة نوبل عام 1953 (كاتبا ومؤلفا ومؤرخا لا محاربا)، وفي 1955 تقاعد وسلم الوزارة إلى أنطونى إيدن، لتقدمه في السن، إلى أن توفى  في 24 يناير 1956عن 91 عاما.

ويقول الدكتور وحيد عبدالمجيد، إن تشرتشل يعد من أهم الشخصيات التي صنعت تاريخ القرن العشرين في العالم وهو شخصية مركبة جدا لأنه جمع بين مهارات وقدرات كبيرة متنوعة لكن أهم ما تميز به قدرته على قراءة الواقع والنفاذ إلى أعماقه مما أعطاه القدرة الأدبية والفكرية أيضا حيث تعامل مع الواقع بنظرةعميقة منطلقا من قراءته للبشر وهذه الشخصيات نادرة في كل عصر، ولذلك فإن جمعه بين التفوق العسكري والسياسي والأدبي والفكري لم يكن مفارقة وكثيرامن قادة الحرب العالمية الثانية كانوا متميزين سياسيا وعسكريا لكنه اختلف عنهم في تميزه الأدبي وربطه للسياسة والفكر والشأن العسكري بالبشر، أما استقالته أو هزيمته الانتخابية فهذا ليس غريبا فعظماء غيره تعرضوا لهذا بعدما كانوا أبطالا قوميين مثل ديجول.