صديق الشارع والمواطنين بغزة.. وفاة "وسيم" تهز النشطاء والعائلة تكشف تفاصيل مؤلمة
تاريخ النشر : 2020-02-12
صديق الشارع والمواطنين بغزة.. وفاة "وسيم" تهز النشطاء والعائلة تكشف تفاصيل مؤلمة
الطفل وسيم البطران


خاص دنيا الوطن
لم تكن وفاته عادية، فقد كان صديقاً للجميع، وجه مألوف لا يكاد أحد في غزة لم يره، هناك من يمتعض منه، وهناك من يُشفق عليه، فهو صديقٌ للشارع فقط، فيه يعيش، فيه يمضي حياته، فيه يتعرف على الناس، وفيه يتسول.

ورغم أن آلافاً عرفوه، إلا أنهم لا يعرفون اسمه، سوى حين أعلنت دائرة المرور والشرطة بغزة، فجر أمس الأربعاء، وفاة الطفل وسيم وائل البطران (14 عاماً) سكان جباليا النزلة، بعدما صدمته سيارة داخل ميناء غزة.

تداول نشطاء المواقع صورة الطفل وسيم، فقد كان جزءاً من الصُور التي في هواتفهم، ونعاه الكثير فكتب الناشط صالح ساق الله: "أين وصل بنا الحال يا الله، الطفل وسيم البطران
ضحية جديدة في غزة".

وأضاف: "هذا الطفل تعرفه كل شوارع غزة والرمال والجندي المجهول، حيث كان الرصيف مأواه وبيته، يتنقل من رصيف لرصيف بملابس ممزقه وأمعاء خاوية من الجوع، وجسد منهك من جروح لنومه على الإسفلت، وقلة الرعاية والعلاج".

وتابع صالح: "مات دهساً في ميناء غزة، وانتقل للرفيق الأعلى
لعله يجد مكاناً أفضل من الأرض، انتقل إلى السماء بعد أن ضاقت به الأرض، وضاقت به الحياة وقسوتها".

وكتبت الإعلامية، يافا أبو عكر: "وسيم البطران في ذمة الله بحادث سير، وسيم كان يتخذ من النوم على الرصيف ملاذاً آمناً أمام أعين المارة، دون تلقي مساعدة، مات وسيم وريحكم".

وكشفت الناشطة أسماء السيد بعض تفاصيل حياته، فكتبت: "وسيم مات، هذا الطفل اسمه وسيم البطران، مُعاق حركيًا يعيش ظروفاً صعبة ومأساوية حيث لامأوى له، يقضي أغلب أوقاته قرب مستشفى الشفاء"

وأضافت أسماء: "وسيم يعيش بغزة التي تنعدم بها كل سُبل الكرامة والإنسانية، وسيم قتل أو توفي أمس بعد أن جاءت إحدى السيارات المسعورة مسرعة، لتقوم بدهسه على طريق ميناء غزة.

وسيم توفي على قارعة الطريق، بعدما أكل القهر والذل جسده في غزة المنكوبة، لم يتسابق عليه سوى الكاميرات لأجل المُتاجرة بصورة إنسانية، تحصد الإعجابات والتفاعل، ولم ينظر إليه أحد بعد أن كان الظلم سبباً في موته بطريقة حارقة للروح".

وتابعت أسماء: "كان يلتحف الطرقات من شدة التعب، و اتخذ وحشة الشارع ملاذًا ليأخد قسطًا من الراحة بعد التعب الذي يحصده طوال يومه، ويفتقر للعيش الكريم، وحُرم من أبسط حقوقه، وسيم مات قهرًا، وهناك العشرات كوسيم".

وكتب الناشط الحقوقي عامر بعلوشة: "هذا الطفل المكسور الساق والملقى بالشارع، مات، قتله حادث ما بمكان ما، غالباً ليس بيته".

تفاصيل أكثر ألماً

وكشف مُختار عائلة البطران، السيد خميس البطران، أن وسيم يعيش ظروفاً أسوأ مما يُشاهدها الناس، وقال البطران في حديثه لـ"دنيا الوطن": "تتكون العائلة من خمسة أولاد، وفتاة وحيدة، اثنان منهم يُعانون من إعاقات عقلية وجسدية، وسيم أحدهم، وآخر يُعاني من مشاكل في الأمعاء والقلب".

وأضاف البطران: "كما أن والد وسيم مُصاب في مسيرات العودة، برصاصة في قدمه، مما أفقده القدرة على الحركة، ولا يعمل، ويعتاشون على مخصصات الشؤون الاجتماعية فقط، وهي لا تسد شيئاً من احتياجاتهم".

ووصف البطران وضع العائلة المادي بـ"تحت خط الفقر" بكثير، في إشارة إلى سوء وضعهم.

تلك الظروف أدت إلى هروب وسيم إلى الشارع، لكن مُختار العائلة، أكد أنهم حاولوا منعه كثيراً من البقاء في الشارع والتسول، يقول: "قُمنا بحبسه وترهيبه لمنعه من التسول، ولكن دون فائدة، وله شقيق أكبر منه حاول كثيراً منعه من الخروج دون جدوى، كما حاول عمه أيضاً أكثر من مرة، وينجح بالهروب دائماً إلى الشارع".

ويرى البطران أن وسيم ضحية الأوضاع السياسية، وقال: "الوضع السياسي، أثر سلباً على الوضع الاجتماعي والاقتصادي لغزة، لو أن عائلته تمتلك نقوداً لوُضع وسيم في مؤسسة أو مدرسة تُناسب إعاقته، أو لو توفر عملاً لشقيقه الأكبر، لكان هناك مصدر دخل ثابت للعائلة، بدل أن ينتظروا مخصصات الشؤون كل أربعة أشهر".

يُذكر أن وزارة الشؤون الاجتماعية بغزة، تُطلق خططاً دورية لمعالجة ظاهرة التسول، مُعتبرة أن المتسولين ضحايا الاحتلال الذي يفرض الحصار والإغلاق للمعابر.