مذكرات نجيب محفوظ.. "الخواف الكبير" عاشق الكرة والشيشة
تاريخ النشر : 2019-11-07
مذكرات نجيب محفوظ.. "الخواف الكبير" عاشق الكرة والشيشة
نجيب محفوظ


نعود بكم قبل أكثر من قرن كامل من الزمان إلى مذكرات نجيب محفوظ النادرة والتي لا يعرفها كثيرون.

عام 1970 كان نجيب محفوظ يبلغ من العمر 59 عاماً. ومع أنه لم يكن قد حصل على جائزة نوبل للآداب حينها، إلا أنه كان في قمة مجده إذ نشر الثلاثية وأولاد حارتنا، ميرامار، السمان والخريف وثرثرة فوق النيل وغيرهم.

كان نجيب محفوظ حينها هرم مصر الثقافي بلا منازع، فقرر صديق طفولته الدكتور أدهم رجب، رئيس قسم الطفيليات بكلية طب قصر العيني، أن ينشر مجموعة من القصاصات والمذكرات حول فترة صباه التي كانت - ولا تزال- شحيحة من حيث المعلومات عن طفولته.

وردّ محفوظ على تلك المذكرات والصفحات المجهولة بخط يده، بشكل أشبه بحكاوي القهاوي بين أصدقاء الطفولة.

نعيد معكم إحياء هذه المذكرات النادرة التي لا يعرف الكثير عنها، إحتفاء بقيمة الكاتب والانسان نجيب محفوظ كما نشرتها "روتانا":

نجيب محفوظ لاعب كرة

تقول المذكرات: "كان نجيب محفوظ لاعب كرة قدم من طراز نادر في أيام صباه في العباسية. ولو استمر لنافس على الأرجح حسين حجازي والتتش. أنا لم أرى في حياتي لاعباً في سرعة نجيب محفوظ".

ورد نجيب محفوظ قائلاً: "لم تكن والخطط في فن الكرة قد ظهرت بعد. لم نكن نعرف ما هي الخطة ( 3_4_3 )  او ( 4_2_4) .. كان الجري السريع هو ما يميز اللاعب… وهذه الشهادة من صديق عمري تعطيكم فكرة عن المستقبل الكروي الذي أضعته في سبيل الأدب!

ابن نكته

كان نجيب محفوظ صاحب دم خفيف أو "إبن نكتة" كما يقال بالمصري، إذ تقول المذكرات: "كان في رمضان يصحبنا الى مقهى الفيشاوى القديم في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات. وكانهناك شلة من الأولاد الذين يطلقون النكات ويسخرون من الناس، فكان نجيب يتصدى لهم بمقدرة غريبة على توليد الأفكار بنكت تجعلهم أضحوكة الجميع".

"كان صوته جهورياً وخارقاً في سرعة ابتداع الفكرة، حتى أنه كان يتصدى لعشرين شخصاً دفعة واحدة بالنكتة تلو النكتة حتى يسكتهم جميعاً. كان رجلاً جباراً في النكتة إلى حد أنه كان يضحك خصومه على أنفسهم!" تضيف المذكرات.

خواف كبير

يقول صديق طفوة نجيب محفوظ أنه "كان خوافاً كبيراً. أذكر أنه هرب من حي العباسية إلى الأزهر في أوائل الحرب العالمية الماضية خوفاً من القنابل. وكان أحياناً يقضي الليل في المخبأ. وذات ليلة كان في إحدى الحدائق فسقطت القنابل في المنطقة فركض هارباً وصاحت به والدته تحاول إقناعه بالعودة فأجابها (يا نينه … المدافع في الجنينه).

ومن بعدها غادر حي العباسية إلى حي الأزهر باعتبار أن طائرات هتلر لن تقدر على الإقتراب من الأزهر.

تعليق نجيب محفوظ: "أنا قلت لوالدتي (المدافع في الجنينة) فإذا بصديقي المرحوم فؤاد نويره ينسج منها بيتاً شعرياً ويقول (صرخ وقال يا نينه .. المدافع في الجنينه) ولحّنها أيضاً. وصار بعض أصدقائي يغيظونني ويعايرونني بها مدة طويلة!!".

إسمه ظلمه

إسم نجيب محفوظ جنى عليه فقد حرمه من البعثة الى فرنسا وأفلتت منه فرصة العمر. لكن الحمدلله أن ذلك حدث، فربما لو سافر الى بعثة الفلسفة تلك، لعاد متخصصاً أو أستاذا ف الفلسلفة…وربما كانت اهتماماته ستبتعد عن الأدب.

ويقول نجيب محفوظ في هذه الحادثة عن مذكراته: "ضاعت بعثتان لا بعثة واحدة، بعثة في الفلسفة وبعثة في اللغة الفرنسية والسبب هو إسمي. لقصة هي أن السراي كانت تضطهد الأقباط لأنها ترى أن أغلبيتهم يحصلون على البعثة. وقد اشتبهوا في اسمى ظنًا منهم أنني قبطي فتخطوني".

ويضيف: "لست حزيناً على بعثة الفلسفة ولكني كنت أتمنى لو أنني ذهبت الى فرنسا في بعثة اللغة الفرنسية. كنت سأتجه إلى ما اتجه اليه توفيق الحكيم في (زهرة العمر) و (عصفور من الشرق) .. ولكن الأقدار شاءت شيئاً آخر".

الشيشة وصالح عبد الحي

الدكتور أدهم رجب يحكي عن صديقه الذي عوّده "إدمان صوت صالح عبد الحي"، مشيراً إلى أنه كان مغرماً به إلى حد الهوس في أوائل الثلاثينيات و"كانت أجهزة الراديو في ذلك الوقت قليلة، فكانا نقضي جلساتنا المفضلة في كازينو السكاكيني الذي كان لديه جهاز الراديو بصوت واضح".

"وفي ذلك الكازينو كنا نلتقي في الليالي التي تذاع فيها أعمال صالح عبد الحي ويطلب نجيب الشيشية ويظل يستمع في سكون واندماج حتى تنتهى الوصلات الثلاث. وما ان تنتهي الأغاني، كنا نعود إلى بيوتنا".