حصلت على 93% بالثانوية العامة.."سماح عبد النبي" فقدت البصر ولم تفقد البصيرة
تاريخ النشر : 2019-08-21
حصلت على 93% بالثانوية العامة.."سماح عبد النبي" فقدت البصر ولم تفقد البصيرة
صورة تعبيرية


رام الله - دنيا الوطن
بعزيمة وإصرار أذهلا من حولها، ورغم كل الصعوبات التي واجهتها في حياتها، وعلى مدار سنوات الدراسة، استطاعت سماح أن تثبت للجميع أنها على قدر التحدي والمسؤولية، وأنها لن تكون على هامش الحياة، ما دامت تمتلك إرادة وعزيمة تناطح الجبال، كيف تستسلم، وهى من أصحاب الهمم العالية.. إنها الطالبة سماح عبد النبي، التي قالت بملء جوارحها لا للمستحيل، متحدية بذلك إعاقتها البصرية ببصيرة يفتقدها الكثيرون، ولتحصد أعلى الدرجات في شهادة الثانوية العامة.

"عانيت من الإعاقة البصرية منذ الطفولة (ضعف شديد في الرؤية)، ما تسبب لي بصعوبات كبيرة في التعلم ومجاراة زميلاتي في المدرسة، إلى أن التحقت بمركز النور للمعاقين بصرياً، حتى الصف السادس الابتدائي، وعندها تم إلحاقي بمدارس أونروا في المخيم".

هكذا بدأت سماح حديثها لنا عن معاناتها والظروف التي مرت بها منذ طفولتها.

وواصلت سماح ابنة مخيم جباليا للاجئين، مسيرتها التعليمية في مدارس المخيم، قبل أن تحقق حلمها بالنجاح والتميز في الثانوية العامة من مدرسة شادية أبو غزالة الثانوية للبنات، بحصولها على معدل 93.3% في الفرع الأدبي.

المعاناة التي مرت بها سماح منذ طفولتها، صنعت منها فتاة من نوع آخر، فتاة استطاعت تحدي كل الظروف الصحية والنفسية التي عصفت بها على مدار سنوات دراستها، لتزداد عزيمة وإصراراً على تحقيق ذاتها، تضيف: لم أستسلم للواقع الذي مررت به، وقررت أن أتحدى نفسي ومن حولي، ولذلك كرّست حياتي لتحقيق هذا الإنجاز الذي أفتخر به الآن".

"الثانوية العامة كانت شيئاً مختلفاً عن باقي السنوات الدراسية، فمنذ البداية، كنت قلقة جداً، رغم إيماني بقدراتي الذاتية التي تعززت على مدار السنوات السابقة، خاصة وأن الظروف التي أمر بها وأسرتي صعبة جداً، فالمنزل مزدحم (16 فرداً) وكنت اغتنم وقت الفجر للمذاكرة ومراجعة دروسي"، قالت سماح.

الظروف المادية الصعبة، كانت حاضرة في الميدان أيضاً، "ورغم لجوء معظم طلبة الثانوية العامة للدروس الخصوصية، إلا أنني لم أتلقى درساً واحداً قط، بسبب الوضع المادي الصعب الذي تمر به أسرتي".

فرحة النجاح

رغم توقعاتي والجميع من حصولي على هذا المعدل إلا إنني بكيت كثيراً عندما تم الإعلان عن النتيجة 93.2%، فكانت فرحتي والعائلة لا توصف، وأكدت سماح أن نجاحها وتفوقها، كان دائماً بفضل حفظ كتاب الله ودعوات ورضى الوالدين.

من قال: "إن فاقد الشيء لا يُعطيه" بل هو أكثر من يعطيه

في حديثنا مع والدة سماح، قالت: " أنا لم أتمكن من الالتحاق بمقاعد الدراسة، ولكنني حرصت أشد الحرص على زرع حب العلم والتعلم في نفوس أبنائي، فلدي أربع أبناء، وكلهم من المتفوقين، و ابنتي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك، بأنها تمتلك إصراراً وعزيمة من حديد".

وفى ختام حديثنا مع سماح، عبرت عن شكرها لأسرة مدرستها وصديقاتها وأخوتها على جهودهم الحثيثة التي بذلوها معها طوال العام، هكذا تكون نتائج سنوات الجد والاجتهاد، ومن هنا نستخلص أن الإعاقة هي إعاقة الإرادة، وليست إعاقة البصر، فإعاقة الإرادة والعقل هي التي لا يمكن التغلب عليها في الحياة.