تَقرُّب حماس وإيران.. علاقة استراتيجية أم أنها لا تتعدى لغة المصالح
تاريخ النشر : 2019-07-24
تَقرُّب حماس وإيران.. علاقة استراتيجية أم أنها لا تتعدى لغة المصالح
لقاء المرشد الإيراني بقيادة حركة حماس


خاص دنيا الوطن - هيثم نبهان
جدلٌ كبير أثارته زيارة وفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى إيران هذا الأسبوع، في ظل التحالفات الإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

وزار وفد رفيع المستوى من الحركة، برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي، صالح العاروري طهران، استمرت عدة أيام، حيث التقى خلالها العديد من المسؤولين الإيرانيين، أبرزهم المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، السيد على خامنئي.

وعلى خلفية هذه الزيارة، شنّ إعلاميون ومسؤلوون سعوديون هجوماً كبيراً على حماس، حيث اتهم أحدهم الحركة بأنها العدو الأول للفلسطينيين، وذلك في تصريحات عبر قناة سعودية رسمية.

ويتهم عدد من الفصائل الفلسطينية إيران، بأنها تلعب في الساحة الفلسطينية من خلال دعمها لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، فيما تشهد المنطقة حالياً تحالفاً بين عدة دول خليجية أبرزها السعودية والإمارات والبحرين والولايات المتحدة وإسرائيل، لمواجهة ما يصفونه تدخل طهران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.

وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح، محمد حوراني في تصريحات سابقة لـ"دنيا الوطن": إن الإدارة الأمريكية، تحاول استغلال قلق الدول العربية من إيران، وهذا قلق محق، لكن علينا أن نفهم كعرب أن قدرنا أن يكون لنا خصمان سياسيان، هو الاحتلال الإسرائيلي وإيران، لأن طهران عملياً تقوض السلم الأهلي في أكثر من دولة عربية عبر إنشاء "مليشيات" خاصة بها، وفق تعبيره.

في المقابل تسعى حركة حماس لبناء علاقة قوية مع إيران، نظراً للدعم الكبير الذي تقدمه الأخيرة من حيث المال والتسليح لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة، بالإضافة إلى سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.

ويأتي ذلك، في وقت، أكد فيه العاروري، أن حركته تقف في الخط الأمامي للدفاع عن إيران ضد أي اعتداء أمريكي أو إسرائيلي، موضحاً خلال لقائه خامنئي، أن جميع الأراضي المحتلة والمراكز الإسرائيلية الرئيسية والحساسة، تقع تحت مدى صواريخ المقاومة الفلسطينية، وفق وكالة أنباء (فارس) الإيرانية.

وأعرب نائب رئيس تحرير صحيفة (الأهرام)، أشرف أبو الهول، عن اعتقاده بأن مواقف حماس الأخيرة مع إيران تزيد الفجوة بينها والدول الخليجية، خاصةً بعد التصريحات التي أطلقها نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، صالح العاروري، أن حركته تقف في الصف الأول للدفاع عن الجمهورية الإسلامية.

وتابع في تصريحات لـ"دنيا الوطن": "هذا الكلام لم يكن مطلوباً من أي قيادي فلسطيني من حماس أو غيرها، والمفروض أن يقف الفلسطينيون بكل فصائلهم وشرائحهم ومذاهبهم مواقف الحياد من القضايا العربية وقضايا المنطقة، لأن المطلوب أن يتكاتف الجميع لصالح القضية الفلسطينية، وليس أن يتكاتفوا مع طرف دون الآخر".

وفيما يتعلق بتأثير العلاقة التي تربط إيران وحماس على علاقة الأخيرة بمصر، قال أبو الهول: إن "علاقة الطرفين براجماتية ولا تتعدى المصلحة، وهذا لن يؤثر كثيراً، لأن مصر تعي منذ البداية سياسة إيران، وتعي تماماً أن مسألة الانفصال عن الإخوان لا يمكن أن يكون كاملاً، بسبب انتماء بعض كوادر حماس لجماعة الإخوان".

وأردف: مصر تعي أن "حماس لديها علاقات تحاول ان تنميها أكثر مع إيران، فمصر عندما تتعامل مع حماس تتعامل معها حفاظاً على غزة وأهلها ولتخفيف الحصار والوضع في القطاع، وهي تعلم تماماً من هي حماس وطبيعة علاقتها مع إيران".  

ويقول د.علاء أبو عامر، المحلل والكاتب السياسي: إن علاقة حماس مع إسرائيل لا علاقة لها بــ (صفقة القرن)، وهي علاقة قديمة حماس استفادت منها، والأخرى استفادت بشكل أو بآخر.

وأضاف في تصريحات لـ"دنيا الوطن": أن حماس استفادت من إيران عسكرياً، إن كان مالياً أو تسليحاً، وإيران استفادت بشكل كبير وهذا لا تنكره، خاصة بعد أن شهدت العلاقة فتوراً أثناء الأزمة السورية، مشدداً على أن هناك تلاقياً في المصالح بين الطرفين.

وقال: "حماس الآن تشعر بعزلة، حيث قطر تقدم لها مساعدات، ولكن تبقى مشروطة بموافقة إسرائيل، والتي لها علاقة بالهدوء، ونحن "لا ننسى كلمة السفير العمادي في غزة "نبي هدوء"، مشدداً على أن قطر لا تستطيع أن تقدم أي قرش أو أي برميل وقود إلى قطاع غزة إلا بموافقة إسرائيلية.

وتابع أبو عامر: "حماس حاولت أن تقترب من السعودية والإمارات، ولكن هذه الدول رفضت ذلك، نظراً لموقف الدولتين من جماعة الإخوان المسلمين، واللتين تعتبرانها مصدر تخريب في المنطقة.

وأكد المحلل والكاتب السياسي، أنه بالنسبة لإيران، فإنه حتى لا يقول أحد بأنها تسعى إلى تشييع المنطقة، ويصبح الصراع سنياً شيعياً، فهي من خلال علاقتها مع حماس والإخوان، تثبت عكس ذلك، وهذا يعطيها نفوذاً في المنطقة.

وأشار إلى أن حماس تقدم خدمات لإيران، والمتعلق بأن تكون تحت الطلب في أي لحظة احتاجت استنزافاً أو حرباً مع إسرائيل، لأن المال الذي تقدمه إيران للفصائل ولحماس هو مال سياسي، و"لا أحد يعطي مالاً ومساعدات مقابل لا شيء".

ويرى وسام عفيفة، المحلل والكاتب السياسي، أن العلاقة بين حماس وإيران، تمتد على مدار سنوات طويلة، وهي مميزة ومرت بلحظات يعترف الطرفان بأهميتها خصوصاً فيما يتعلق بدعم المقاومة، مشيراً إلى أن حماس في أكثر من محطة، قالت: إن عناوين الدعم العسكري والتسليح تقودها الجمهورية الإسلامية وهي التي تقدمها.

وأضاف في تصريحات لـ"دنيا الوطن": أن إيران من جانبها ترى حماس حركة مقاومة يتعدى حضورها الإطار الوطني، باعتبارها تشكل أيقونة لحركات التحرر، والحركات الإسلامية في المنطقة، والعلاقة لا يمكن أن نضعها في إطار مصلحي.

وتابع عفيفة: بعد سنوات من الفتور في العلاقة، تم ترميمها وبدأت بشكل تصاعدي، والآن وصلت الى مرجلة مهمة، وعادت الى مستويات عالية، مشيراً إلى أن إيران تتفهم موقع ودور حركة حماس في المنطقة في فلسطين والمنطقة العربية، وحماس تتفهم أيضاً حضور ودور هذه الدولة الكبيرة في المنطقة والتحالف قائم على خطوط عامة تجاه إسرائيل.

وقال: "توصيف العلاقة بين حماس وإيران تتجاوز التوصيف المصلحي، لأنها قائمة على بعد أيدولوجي"، مشدداً على أن حماس تبني علاقتها مع الدول بناءً على مدى قرب هذه الدول بالقضية الفلسطينية، وخدمتها للمقاومة، حيث إنه كلما اقتربت هذه الدولة ودعمت المقاومة، كلما كانت حماس أقرب لها.