اشتباك نابلس الأمني.. هل يشير لبدء أزمة بملف التنسيق الأمني أم حدث عابر
تاريخ النشر : 2019-06-12
اشتباك نابلس الأمني.. هل يشير لبدء أزمة بملف التنسيق الأمني أم حدث عابر
صورة أرشيفية


خاص دنيا الوطن- هيثم نبهان
تفاجأ المواطنون في الضفة الغربية، وتحديداً في مدينة نابلس صباح الثلاثاء، بحدث غير عادي، بعد اقتحام قوة إسرائيلية لمقر جهاز الأمن الوقائي، قبل أن يحدث تبادل لإطلاق النار، الأمر الذي أدّى إلى إصابة عنصرين من الجهاز.

وفي تفاصيل الحادث، يقول المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، اللواء عدنان الضميري: إن مركبة قريبة من مقر جهاز الأمن الوقائي في مدينة نابلس، حاول الضباط التعرف على من بداخلها، فقام المشتبهون بإطلاق النار على ضباط الأمن.

وأضاف الضميري في تصريحات لـ"دنيا الوطن": "ووقع الاشتباك بين المشتبه بهم، وأفراد الأمن، حيث استدعى جيش الاحتلال قوة كبيرة من عناصره، وحاصر المقر، وبدأ بإطلاق النار، الأمر الذي أدى لإصابة عنصرين بجراح طفيفة".

وتابع: "تدحرجت الأمور لأكثر من ساعتين تقريباً، وعناصر الأمن قاموا بدور كبير في حماية الأمن الفلسطيني، والدفاع عن نابلس، وأمنها وقوات الأمن كل ما قامت به هو الدفاع عن النفس".

وأكمل: "جيش الاحتلال انسحب من المنطقة، وانتهى الموضوع بعد ساعتين"، مشيراً إلى أن الاحتلال طلب من الفلسطينيين تشكيل لجنة تحقيق مشتركة إلا أن الجانب الفلسطيني، رفض ذلك.

ومنذ وفاة الرئيس ياسر عرفات، وتسلم الرئيس محمود عباس، رئاسة السلطة الفلسطينية، لم تشهد الضفة الغربية مثل هذه الحوادث، في ظل قوة التنسيق الأمني، بين قوات الأمن الفلسطينية، وإسرائيل.

ولكن الأشهر الأخيرة، شهدت توتراً كبيراً في العلاقة بين إسرائيل والسلطة، بعدما قررت حكومة الاحتلال اقتطاع مبالغ مالية كبيرة من أموال المقاصة الفلسطينية.

وقبل ذلك، اتخذ المجلسان الوطني والمركزي الفلسطينيان، قرارات تتعلق بوقف التنسيق الأمني، وتحديد العلاقة مع إسرائيل، وتعليق الاعتراف بها، تزامناً مع ارتفاع كبير في الاستيطان بالضفة الغربية والقدس، واعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها من تل أبيب.

ويقول الضميري: "واضح تماماً أن قوات الاحتلال، تحاول دائماً زيادة الضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية والقيادة، سواء باستهداف الأمن أو التضييق المالي والملاحقة السياسية، لكل ما هو فلسطيني". 

واستطرد: "لا نملك السلاح والعتاد والقوة العسكرية الموازية، والتي يمكن أن توازي ما يملك الاحتلال من ماكنة عسكرية مدمرة، لكننا نمتلك الحق والعزيمة في الدفاع عن أنفسنا، وعن شعبنا".

وقالت عضو (كنيست)، شيلي ياحيموفيتش: إن المواجهة بين الجيش الإسرائيلي، وعناصر الأمن الوقائي الفلسطيني في نابلس الليلة الماضية، هي حالة استثنائية خطيرة ومقلقة ولا تبشر بالخير.

ونقلت صحيفة (معاريف) عن ياحيموفيتش القول: "على الرغم من الخلاف مع السلطة في الوقت الحالي، يجب أن نتذكر أن تعاونها الأمني مع إسرائيل وثيق وممتاز، وينقذ حياة الإسرائيليين كل يوم".

ويقول، عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح: "لم نعرف ماذا حصل وتفاصيل ذلك والروايات العربية لا تؤخذ بجدية، وما إذا كان ذلك له علاقة بأشخاص في الأمن الوقائي وليس الجهاز بنفسه".

وتابع في تصريحات لـ"دنيا الوطن": "منذ قيام السلطة وحتى الآن الأسباب التي أدت إلى الهجوم على مقرات أمنية كانت لملاحقة أشخاص، وليست أجهزة، وأكبر دليل على ذلك بقاء هذه الأجهزة حتى الآن".

وأضاف: في داخل هذه الأجهزة هناك من يريدون مقاومة الاحتلال، وهم موجودون، ولكن الحقيقة في هذا الحادث غير موجودة، مشيراً إلى أن سوء العلاقة قائمة بين السلطة وإسرائيل، ولكن الأولى لم تتخذ إجراءات تغضب إسرائيل بصورة كبيرة، والتنسيق الأمني قائم والخدمات الأمنية متواصلة، وملاحقة المقاومين لا زالت موجودة، كما قال.

بدوره، يقول المحلل والكاتب السياسي، محمد هواش: إنه يجب التأكد من أنه حدث منفصل عن أي خطط، أو أنه مرتبط بخطط معينة، موضحاً: "إذا كانت إسرائيل تفكر بممارسة مزيد من الضغوط على السلطة وتقليص صلاحياتها، فإن هذا الحادث جزء من ذلك لإضعافها وتقليل مكانتها وسط شعبها".

وأضاف: "الأمر الآخر أنه إذا كان حدثاً فردياً، وأن السيارة التي كانت تقف أمام مقر الوقائي، وعندما اكتشف أنها للأمن الوقائي، واستمر إطلاق النار، هذا يعني أن إسرائيل تريد أن تقول إن أمن إسرائيل مقدس لديها، ولا قيمة لأي اتفاقيات أو تفاهمات إذا تعرض أمن الإسرائيلي للخطر".

وتابع هواش في تصريحات لـ"دنيا الوطن": هذا الحدث يؤثر على العلاقة المتبقية بين السلطة وإسرائيل فيما يتعلق بالأمن، خاصة وأن التنسيق الأمني في الضفة الغربية أمر لا فكاكة منه قبل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي أو إنهاء السلطة الفلسطينية".

وأضاف: "في التاريخ لا يوجد سلطتان أمنيتان عسكريتان في منطقة جغرافية واحدة لا تنسق مع بعضهما بشكل انتقالي، حتى ينتقل الأمن بصورة أو بأخرى إلى أحدهما".

بدوره، يرجح د. ناجي البطة، المحلل والكاتب السياسي، أن يكون هذا الحادث فردياً أو بشكل مخطط، موضحاً: أنه يأتي في ظل عدم قدرة السلطة دفع رواتب الكم الهائل من أفراد الأجهزة الأمنية، وبالتالي فإن الموضوع متداخل.

وأضاف في تصريحات لـ"دنيا الوطن": أنه يمكن أن يكون مقدمة لعدم قدرة السلطة من الإيفاء بالتزاماتها أو وسيلة للضغط على الاحتلال من أجل إعادة دفع أموال المقاصة، كما قال.

ويستبعد البطة، أن يكون هناك تداعيات لهذا الحادث، بسبب أن السلطة ومع الأسف، ربطت نفسها بشكل غير مُطمئن، بأنه يمكن أن تنفرد بخدمة نفسها بنفسها، بعد ارتباطها وانجرافها مع التنسيق الأمني.

وقال: إن السلطة الفلسطينية، لا يمكن أن تعود إلى الخلف، وهي تحتاج إلى فترة طويلة جداً من الزمن، إن أرادت أن تتراجع عن الهرولة في موضوع التنسيق الأمني، حتى تستطيع أن توجد لنفسها صيغة مقبولة واقعياً في عدم الارتباط الكلي بإسرائيل، خاصة في موضوع الأموال، وفق تعبيره.