مابين سُخرية وصدمة.. تعيين مُحجبة مديرة لمعمل "خمر وبيرة" في دمشق يثير الجدل
تاريخ النشر : 2018-07-12
مابين سُخرية وصدمة.. تعيين مُحجبة مديرة لمعمل "خمر وبيرة" في دمشق يثير الجدل
ريم حلله لي (ارشيفية)


رام الله - دنيا الوطن
عيّن وزير الصناعة السوري، أمس الأربعاء، سيدة محجبة لشغل منصب مديرة شركة بردى لصناعة البيرة في العاصمة دمشق، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية.

حيث أصدر وزير الصناعة محمد مازن يوسف، قرارًا كلف بموجبه السيدة "ريم حلله لي"، بمهام وأعمال مدير شركة بردى لصناعة البيرة، إضافة إلى عملها الأصلي.

ورغم أن حلله، اعتبرت أن تكليفها بهذه المهمة ثقة غالية منحها لها وزير الصناعة، وتأمل أن تجد السبل المناسبة لإعادة تشغيل المعمل، إلا أنها لم تعلم أن تعيينها سيخلق الكثير من الجدل.

ولم تتوقف "المفارقة"عند الجانب الشخصي للمديرة الجديدة لكونها ترتدي الحجاب الإسلامي، وما يعنيه الأمر من نظرة خاصة للبيرة كمشروب روحي يحوي نسبة معينة من الكحول، بل تجاوز ذلك إلى المعمل الذي تم إحراقه في 2012 وتدمير خطوط إنتاجه بالكامل ليخرج بعدها نهائيا من الخدمة، وذلك بعد مهاجمته على أيدي مجموعات متطرفة في منطقة قدسيا بريف دمشق الغربي، بذريعة "تحريم المشروبات الروحية".

وبدت حلله منسجمة تماماً مع منصبها الجديد في تعليقها على عبر صفحة "أخبار الصناعة السورية" الناشطة عبر (فيسبوك)، حيث عبرت عن أملها في أن تتمكن من صياغة (السبل المناسبة لإعادة تشغيل المعمل من خلال شراكة مع أحد المستثمرين من القطاع الخاص، والذين تقدم العديد منهم بعروض إلى المؤسسة العامة للصناعات الغذائية بهذا الشأن).

وبدأ الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي من مبدأ التناقض بين الحجاب وإدارة معمل كحول، حيث كتب أحد النشطاء: "هذا القرار جريء وعلماني بالتطبيق لأنه غير معيب لامرأة محجبة استلام منصب مدير معمل بيرة، فالعبرة ليست بالحجاب، وإنما بحسن إدارة المعمل وجودة المنتج، وإذا أساءت إدارة المعمل أو حرّمت على شخص خبير تذوق المنتج عندها فلتترك المنصب لغيرها".

وكتب أحد الصحفيين: "مع كامل احترامي للحجاب وللسيدة ريم لكن خطر ببالي سؤال.. هل ستستطيع أن تقول إن بيرة بردى أطيب بيرة في العالم وتحلف بأمها؟!".

أما المعارضة فكان لها رأي آخر ظهر جلياً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها، فكتبوا: "تعيين موظفة في وزارة الصناعة مديراً لمعمل البيرة وهي ترتدي الحجاب يعد من أكثر القرارات التي تثبت للعالم بأن سوريا هي دولة وليس فيها محاصصة، ولا كوتات لمذاهب في مناصب مع الحرص على التنوع… والدولة هي من يقرر، وعلى المسؤول أن يقوم بعمله بغض النظر عن رأيه الشخصي أو الاعتقادي، والمعيار يجب أن يكون دوما الكفاءة".

وتساءل آخرون عن "السر" الذي يدفع بوزير صناعة النظام، لاختيار "حلله لي" مديرة لمصنع البيرة، رغم أنها تشغل وظيفتين حالياً (معاون مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية ومديرة تجارية في المؤسسة)، فهل خلت البلاد من المؤهلين، أم إن البطالة انتهت كلياً من سوريا، وصار هناك فائض فرص عمل يسمح بأن تتولى امرأة واحدة 3 مناصب في آن معاً؟!

مع ردود الفعل الشعبية الواسعة التي استدرجتها القضية، أصدرت وزارة الصناعة السورية توضيحاً لملابسات القرار يغلب عليها طابع الانسحاب من الفهم الملتبس له، وأشارت خلاله إلى احتمال تغيير نشاط الشركة في إنتاج الكحوليات.

وقالت الوزارة في بيان: إشارة لما تم تداوله في بعض المواقع الإلكترونية بخصوص تكليف السيدة ريم حلله لي مديرة لشركة بيرة بردى، إضافة إلى عملها الأصلي كمعاون مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية ومديرة تجارية في المؤسسة، نبين، "أن "شركة بردى لصناعة البيرة تقع في منطقة ريف دمشق الهامة وهي شركة متوقفة منذ بداية عام 2012 كونها تعرضت لدمار كامل من قبل العصابات الإرهابية".

وأشار التوضيح إلى أن الشركة اليوم لديها أربع عمال فقط مكلفين بحراسة ما تبقى من موجودات في الشركة، ويتم استكمال الدراسات والإجراءات اللازمة لشركة بردى لصناعة البيرة لجهة تغيير نشاط الشركة من خلال دمجها مع الشركة العامة لتعبئة المياه، أو إعادة نشاط الشركة، وذلك من خلال المشاركة مع القطاع الخاص".

ونوهت الوزارة إلى أن قرار تعيين السيدة حلله لي "بهدف إلى ضغط النفقات والاستفادة من كوادر المؤسسات الصناعية والشركات العاملة بتسيير أمور الشركات المتوقفة وأسوة بما تم بالعديد من الشركات المتوقفة وعدم الحاجة لمدير متفرغ بتلك الشركات، وكون المومأ إليها مكلفة كمعاون لمدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية التابعة لها شركة بيرة بردى تم تكليفها كمدير للشركة، بهدف تسيير بعض الأمور الإدارية فيها مثل صرف رواتب العمال المذكورين أعلاه".

وختم توضيح الوزارة بالقول: "سيتم تكليف إدارة جديدة للشركة وتعيين عمالة مناسبة وفق الأنظمة والقوانين النافذة لذلك، حين البدء بإحدى المشاريع المذكورة أعلاه".