باب الأسباط.. سحر الهندسة يُحاكي تاريخ القدس
تاريخ النشر : 2018-03-17
باب الأسباط.. سحر الهندسة يُحاكي تاريخ القدس
توضيحية


رام الله - دنيا الوطن
 برز اسم "باب الأسباط" احد ابواب مدينة القدس بشكل لافت خلال معركة البوابات الالكترونية بالمسجد الأقصى في 14 تموز الماضي وهو الباب الوحيد المفتوح في الجدار الشرقي للبلدة القديمة لمدينة القدس منذ تأسيسه وحتى اليوم.

ويقول الدكتور يوسف النتشة مدير الاثار والسياحة في الاوقاف الاسلامية ان باب الاسباط ارتبط بمجموعة من الأساطير التي لا أساس لها وتتناقض مع المعطيات التاريخية. وهو يقع في الجدار الشرقي لسور البلدة القديمة، ويتوصل إليه عبر طريق صاعد من وادي قدرون "وادي جهنم" وهذه الطريق تفصل بين مقبرتين إسلاميتين، الجنوبية تعرف بمقبرة باب الرحمة، والشمالية باسم المقبرة اليوسفية، نسبة إلى يوسف بن شادي اي صلاح الدين الايوبي.

ويضيف ان باب الأسباط حظي بعدة تسميات لا يزال اغلبها متداولا حتى اليوم، منها إضافة إلى الاسم الحالي، باب ستنا مريم، باب القديس اسطفان، وباب الأسود. وهناك أسماء أخرى، مثل باب الغنم، وباب الغور (الأردن) وباب أريحا.

وبخصوص تسمية الأسباط، اشار الى ان الواقع يدل على مبادئ وتسامح المسلمين وعدم ميلهم للتعصب، فلم يتحرج المسلمون عبر تاريخهم الطويل في القدس من تسمية مجموعة من العمائر والأماكن على أسماء شخصيات وأنبياء من الديانة اليهودية أو المسيحية. ومن الأسماء المشهورة "باب الأسود السباع Lions Gate" ، ويعود هذا لوجود أربعة سباع بواقع اثنين إلى شمال واثنين الى جنوب عقد الباب. وهذه السباع في الواقع هي "رنك" اي شعار السلطان المملوكي بيبرس (1260-1277)، وهذا الشعار كان ينقش على ممتلكات الظاهر بيبرس من عمائر ونقود، وأدوات، كما كان جاريا في العصر المملوكي.

وقد نقلت هذه السباع من أنقاض الخان الذي اسسه الظاهر بيبرس في ظاهر القدس، إلى الجنوب الغربي من باب الخليل، حيث محطة سكة الحديد القديمة.

مؤسس باب الاسباط ...

ولباب الأسباط لوحة كتابية تأسيسية توجد على الواجهة الجنوبية الداخلية. وقد كتبت بخط الثلث العثماني وحالتها جيدة وان كان السطر الثاني يعاني من تآكل بعض الحروف. ونص الكتابة: "أمر بإنشاء هذا السور المبارك مولانا السلطان سليمان بن سلطان سليم خان.. خلد الله ملكه بتاريخ في سنة خمس وأربعين وتسعماية".

ويفسر أستاذ التاريخ في جامعة بيرزيت الدكتور نظمي الجعبة أن من مميزات باب الأسباط كونه يعدّ أقرب بوابة إلى خارج البلدة القديمة، وبالتالي يسهل الوصول إليه من خلال الحافلات والمركبات.

وأشار إلى أن أهل المدينة مرتبطون بباب الأسباط بسبب قربه من مقبرتي اليوسفية وباب الرحمة، وبالتالي حركتهم اليومية لها علاقة بين الصلاة وزيارة القبور.

ولفت الجعبة إلى أن باب الأسباط يشكل مقصدًا لأهالي الداخل الفلسطيني للصلاة في المسجد الأقصى؛ حيث يركنون حافلاتهم في منطقة قريبة من باب الأسباط، وبالتالي اشتهر هذا الباب.

وعلى مدار سنين طويلة يشكل باب الأسباط بوابة "المقابر" حيث تمر منه الجنازات باتجاه المسجد الأقصى المبارك للصلاة على الموتى ثم تخرج منه باتجاه مقبرتي اليوسفية وباب الرحمة.

ويقول الجعبة: "تاريخيا كانت بوابة الأسباط تخرج منها مسيرة النبي موسى، وكان يتجمهر غالبية سكان القدس والخليل ونابلس في داخل المسجد الأقصى المبارك ،ثم ينطلقون عبر البوابة باتجاه مدينة أريحا، بحيث كانت مربوطة بوجدان الشعب الفلسطيني وخاصة خلال فترة الحاج أمين الحسيني" مبينا ، أن باب الأسباط عاش تجربة مقاومة خاصة عام 67 حينما تحصن بعض الجنود على الباب، واستمرت المقاومة لآخر رمق، مضيفا أن له دلالة أيضا على اجتياح البلدة القديمة لقوات الاحتلال المجنزرة، حيث دخلت من الباب.

يذكر أن باب الأسباط بني في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، ورممه الحاكم العثماني سليمان القانوني عام 1817، ويُعدّ المدخل الوحيد للمسجد الأقصى من ناحية السور الشرقي؛ خاصة للمصلين والقادمين إلى القدس، حيث تتمركز القوات الاسرائيلية للسيّطرة على من يمر من وإلى المسجد الأقصى.