الاحتلال يستكمل وضع ثلاثة أبراج مراقبة في باب العامود
تاريخ النشر : 2018-03-05
الاحتلال يستكمل وضع ثلاثة أبراج مراقبة في باب العامود
توضيحية


رام الله - دنيا الوطن
انتهت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمس الأحد، من وضع ثلاثة أبراج للمراقبة في باب العامود، في تحد واضح من قبل حكومة الاحتلال لقرارات (يونسكو) بعدم المساس بالمدينة المقدسة المحفوظة بموجب القوانين والأعراف الدولية كمدينة عربية محتلة.

ويأتي وضع هذه الأبراج العسكرية بعد قرار الحكومة الإسرائيلية في حزيران/ يونيو الماضي، بتوصية من جلعاد أردان وزير الأمن الداخلي بأن حكومته ستعمل على تغيير الوضع بشكل كامل في منطقة باب العامود؛ من أجل إحباط العمليات الفردية المتصاعدة في تلك المنطقة، حسب قوله .

وفي هذا السياق، قال عدنان الحسيني وزير شؤون القدس ومحافظها المهندس: "إن هذه الانتهاكات الإسرائيلية في غاية الخطورة، إذ تعمل حكومة الاحتلال على عسكرة المدخل الرئيس للمدينة وتحويله الى ثكنة عسكرية ترهب فيها المواطنين والتجار، لفرض امر واقع جديد في هذه المنطقة".

وأضاف: "ليست المرة الاولى التي يقوم فيها الاحتلال بتغيير ملامح تاريخية وأثرية في مدينة القدس، فالعملية مستمرة والانتهاكات تتصاعد وخاصة الحفريات ، فهي ماضية منذ العام 1967 وحتى الآن في محيط المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة وداخلها ومنذ هبة الأقصى التي تركزت في باب العامود ، حيث اصبح يشكل هذا الأخير هاجسا امنيا للاحتلال".

وحذر الحسيني من خطورة هذه الممارسات على الوضع الامني الهش في المدينة المقدسة التي تعاني من الممارسات الإسرائيلية المتعددة والمختلفة.

وقال: "علينا ألا ننسى المنطقة الجنوبية الغربية من المسجد الاقصى المبارك -القصور الاموية- وحتى سلوان جنوباً ومنطقة العين، وجميع هذه المناطق أصبحت تنخرها وتخترقها الأنفاق وتغطيها بشكل كامل وتخترقها من خلال الحفريات التي تربط خارج المدينة المقدسة بداخله".

وأكد الحسيني، أن هذه الأبراج العسكرية في باب العامود والحفريات التي تمتد حتى مغارة "سليمان/ مغارة الكتان"، تعرض المباني الأثرية والتاريخية القديمة التي تعلوها للخطر.

وقال: "إن الحفريات والأنفاق من شمال المدينة في باب العامود الى جنوبها في ساحة البراق وباب المغاربة متشعبة ومتعددة لا يعرف مساراتها واعماقها وتفرعاتها غير الاحتلال، وهي تعرض الكثير من المباني القديمة والاثرية التي يعود تاريخها الى مئات السنين جميعها تتعرض للتصدع والتشققات وخطر الانهيار في اية لحظة".

وأضاف وزير ومحافظ القدس: "يواكب كل هذه الانتهاكات أعمال تزوير للتاريخ بتفاصيله المختلفة حيث يستغلونه في مواقف ومواقع مختلفة في عملية غسل عقول للسياح الذين يأتون للمدينة عبر شرح الرواية التوراتية المزعومة وتاريخ وجغرافية مكذوبة ومفتراة".

وأوضح الحسيني ان الاحتلال اليوم بصدد تغيير معالم أهم وأشهر أبواب البلدة القديمة وهو باب العامود الذي يعتبر من أجمل  أبواب المدينة الثمانية وأكثرها تفصيلاً وهيبة، من خلال وضع هذه البراج والأجسام الغريبة التي تشوه المنظر العام التاريخي وتمس بمكانته التاريخية، وتعطي انطباعا بأنها ليست أبواب المدينة التاريخية المقدسة ومدينة السلام وإنما بوابة حرب للجيش يحاصرها من كل اتجاه مما يؤدي إلى ضياع روحانية المدينة.

وأكد الحسني أن هذه الانتهاكات الخطير تأتي في ظل تغييب دور (يونسكو) منذ العام 1981 حتى الآن بالرغم من العديد من القرارات التي تشير الى ضرورة وقف هذه السياسات والتعديات الإسرائيلية وممارسات الاحتلال .

وقال ان الاحتلال منع جميع بعثات التحري والتحقيق التابعة لـ (يونسكو) من الدخول أو الوصول الى فلسطين والقدس، وحتى مكتب هذه المنظمة تم إبعاده إلى رام الله بدل أن يمارس دوره وعمله في القدس".

ودعا الحسيني المجتمع الدولي الى التحرك اذا كان يريد المحافظة على مدينة القدس إذ بلغت الامور حالة من الخطر الشديد لا يجوز السكوت عليها.

من جانبه قال جمال عمرو المختص بعمارة القدس المحاضر في جامعة بيرزيت: "إن وضع الأبراج الأمنية والعسكرية في باب العامود يستهدف تحقيق الشلل التام في واحد من اهم شرايين الحياة في المدينة المقدسة من الناحيتين التجارية والدينية ،فهو المدخل للأقصى والقيامة والمدخل الرئيس للاسواق التاريخية في القدس القديمة".

وأضاف: "من الناحية الثانية تحقيق هدف الانتصار المعنوي للمستوطنين على المقدسيين".

وتابع عمرو :"الهدف تهجير المقدسيين وابعادهم عن البلدة القديمة، وتحقيق الامن والامان للمستوطنين للعربدة على مدار الساعة في احد أهم ابواب المدينة المقدسة".

وأشار عمرو إلى أن الاحتلال يسعى نحو السيطرة على الباب وتشكيل الاغلبية اليهودية فيه كما حدث في بابي المغاربة والخليل، ليصبحوا هم المشهد الطاغي في المدينة امام المقدسيين وامام زوار المدينة وامام السياح الاجانب الذين يترددون على القدس.

ولفت عمرو الى ان الاحتلال يسعى بكل الوسائل لفرض رموز معمارية على المشهد العمراني التاريخي للبلدة القديمة والتي بقيت تشهد على عروبتها عبر التاريخ ليضفي عليه رموزا توراتية ومنها هذه الابراج والكاميرات وطريقة التبليط وتوزيع النخل وزرع الرموز الاحتلالية وكذلك القطار الخفيف الذي يكمل المشهد المغاير لمدينة عربية تاريخية.

وحذر عمرو من خطورة مثل هذه الابراج والتواجد العسكري المكثف في باب العامود وانعكاسات ذلك على المواطنين والتجار واصحاب المحال التجارية في الاسواق التاريخية في القدس العتيقة، وقال ان الاحتلال يخطط للسيطرة على هذه الاسواق التي لا تقدر بأي ثمن ،مشيراً الى ان التضييق وارهاب المواطنين سيؤدي الى عزوف المشترين وتكبيد التجار المزيد من الخسائر ،الامر الذي سيجبر الكثير منهم مع الوقت الى اغلاق محالهم التجارية وهجر المدينة المقدسة.

وقال: "إن مجمل هذه الممارسات في المدينة المقدسة ومحيطها تهدف بالاساس الى توجيه ضربة استباقية للعاصمة الفلسطينية وحسم امرها على المستويين السياسي والاقتصادي ضمن الرؤية الإسرائيلية الاميركية بشأن القدس عاصمة لإسرائيل".

ولفت الى ان البلدة القديمة تشكل جوهر الصراع منذ العام 1948، هذا الـ (١ كم) يمثل جوهر ولب الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي لانها تضم بين اسوارها المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الاقصى المبارك والمسيحية من خلال ام الكنائس كنيسة القيامة "، فضلاً عن الطبقات التاريخية الاثرية الـ 19 التي تثبت عروبة هذه المدينة منذ خمسة آلاف عام قبل دخول أي يهودي اليها .

وشدد عمرو على ضرورة الحفاظ على الوجود الفلسطيني واستمرار الحياة في هذا الباب الرئيس والمحور الاقتصادي المركزي الذي له رمزية خاصة بالوجدان الفلسطيني استمرار تدفق المقدسيين عبر باب العمود رغم المعيقات والمنغصات والتواجد العسكري المستمر من قبل الاحتلال .

وقال: "لقد عودنا المقدسيون انهم يستطيعون اجتياز كل معيقات الاحتلال كما حدث في 14 تموز/ يوليو الماضي في باب الاسباط وفي واقعة ابواب كنيسة القيامة قبل اسبوعين".

ولفت الى ان البناء الحالي لباب العامود يعود للفترة العثمانية بين عامي 1537 و1539، ويعلو الباب فتحة صغيرة للحراسة وتاج دُمر في زلزال ضرب القدس عام 1927 وأعادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وضعه لاحقا.

وسمي باب العامود بهذا الاسم لوجود عامود من الرخام الأسود ارتفاعه 14 مترا، ووضع في الساحة الداخلية للباب في الفترة الرومانية، وعن طريق هذا العامود كان يقياس بعد المسافات عن القدس، بواسطة حجارة "ملياريس"، ويعتقد أن هذا اللفظ هو أصل وحدة القياس "الميل" المستخدمة اليوم لقياس المسافات.

وقال: "إن لباب العامود تسميات أخرى كباب دمشق وباب نابلس، وتبلغ مساحة ساحته ومدرجاته والدكاكين المملوكية الموجودة في مدخله حوالي ثمانية دونمات ونصف الدونم، وعلى مدار قرون طويلة كان باب العامود هو الممر الرئيس لجميع القوافل التجارية والأفواج السياحية التي كانت تؤم القدس، بسبب اتساع مساحته وقربه من الأسواق وطريقه الممهدة، التي تؤدي لداخل أسوار القدس ويتفرع منها كل من الطريقين الرئيسيين للأسواق وللحيّين الإسلامي والمسيحي، وهما طريق باب خان الزيت وطريق الواد".

وأضاف: "على درجات باب العامود وفي ساحته ارتقى أكثر من 20 شهيداً، وحسب الاحتلال فقد تم تنفيذ أكثر من 32 عملية في منطقة باب العامود في العامين الأخيرين".

وأغلقت قوات الاحتلال باب العامود آخر مرة بشكل كامل في 14 تموز/ يوليو 2017 وحولته إلى منطقة عسكرية مغلقة خلال محاولتها فرض البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى.