بعد سبعة عشر عاماً ولأول مرة نكشف عملية رام الله عام 2000
تاريخ النشر : 2017-10-25
بعد سبعة عشر عاماً ولأول مرة نكشف عملية رام الله عام 2000
عملية رام الله عام 2000


رام الله - دنيا الوطن
لم يغب ذاك اليوم من ذاكرة الفلسطيني في بداية الانتفاضة الفلسطينية، أُلقى بهم من نوافذ المبنى نزولًا إلى غضب الجماهير التي احتشدت أمام المركز، ففي ذاك الوقت أن يهان الفلسطيني ويقتل، فالمتوقع أن يكون الرد بالمثل.

عملية "اللنش" كما أطلقت عليها سلطات الاحتلال لم تمر دون أن تطال منفذيها، واليوم بعد سبعة عشر عاماً لا شيء يستدعي الخوف والحديث عن مجرياتها، مراسل "دنيا الوطن" حاول جاهداً البحث والتحقيق مع أحد شهودها ومنفذيها.

قضى سنوات الأسر بعد أن أخبر القاضي الإسرائيلي الذي نطق الحكم عليه بالسجين 40 عاماً، بأنه في العام القادم سيكون بين أهله، هذا ما دار بين أحد المنفذين والقاضي الإسرائيلي بعد أربع سنوات من الأسر لينطق حينها بالحكم، دُهش القاضي ومازال وجهه محمراً، والمنفذ حراً بين أهله، لا بل يقص علينا حيثيات تلك الأيام.

تمت ملاحقته لأكثر من أربعين يوماً في مدينة رام الله، لا خيار أمامه سوى الاعتقال أو الاستشهاد، ففكر جلياً بأمر العودة إلى غزة حيث أقربائه وأهله، لم يكن سهلاً أن يمر عبر حاجز بيت حانون/ إيرز ليدخل القطاع، لكنه دخل غزة من بين عشرة متهمين شاء القدر بأن يتنفس الحرية بعد مطاردته في غزة لستة أعوام، وليروي العملية التي كانت أيقونة الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وحول ذلك يقول الأسير المحرر رامي المصري من بيت حانون شمال قطاع غزة لـ "دنيا الوطن"، وأحد ابطال عملية رام الله عام 2000 "عُدت إلى غزة في عملية معقدة لا أستطيع الإفصاح عن تفاصيلها لخطورة الوصول إلى غزة وللحفاظ على سرية العملية، ومن أكثر ما حير الاحتلال هو أمر عودتي التي لم تعلم عنه شيئاً حتى اليوم، متخبطين بعد أن علموا بأن دخولي لغزة كان شبه طبيعي".

كانت الانتفاضة الفلسطينية في أوجها، الشهيد يسقط تلو الشهيد، عمليات الدهم والاعتقال لم تتوقف بحق الفلسطينيين، هي الأجواء التي كانت تسود مدينة رام الله عام 2000، ردة الفعل من قبل الفلسطيني أمر متوقع لاسيما بأن تمر جنازة شهداء سقطوا من أمام مركز شرطة رام الله، وبداخله الجنود الإسرائيليين واصفاً لنا الأجواء في مدينة رام الله.

وحول عملية اعتقال الجنود الإسرائيليين يقول: "جاءت معلومات بوجود جنود إسرائيليين على دوار البيرة، فتوجهت دورية وحاصرت المكان، وبالفعل كان هناك جنديان إسرائيليان في سيارة إسرائيلية، حيث تم أخذهم إلى مركز الشرطة".

وأضف، "كانت جنازة لأحدى الشهداء في المسجد المقابل للمركز، فالمشيعون كان غضبهم أكبر من أن تتم السيطرة عليهم، هاجموا المركز ليتم قتل الجنود الإسرائيليين إلى أن زاد الأمر عن حده، وزاد غضب الجماهير فما كان إلا أن يقتل الجنود الإسرائيليون، كردة فعل طبيعة على جرائم الاحتلال، لاسيما بأنهم شاركوا في قتل الفلسطيني وتعذيبه على مدخل مدينة البيرة".

مراسلنا حاول التحدث مع رامي عن عملية الاعتقال التي كانت أحد الأهداف الإسرائيلية في حينها قائلاً: "في الاجتياح الإسرائيلي لمدينة بيت حانون عام 2006 تم محاصرة المنزل الذي أتواجد فيه من قبل القوات الخاصة، وأطلقوا النداء بتسليم نفسي عدة مرات، ولم يكن هناك أي خيار للمقاومة، فوجود الأطفال والنساء استدعى تسليم نفسي"، مضيفاً "بعد اعتقالي في اليوم الأخير من الاجتياح بعد أن كنت متخفياً، حيث انسحب الجيش بعد أن عمم عبر اتصالاته بأن الهدف المنشود أصبح في قبضتنا".

وخلال الاعتقال جرت عملية التعذيب لرامي بوسائل نفسية أكثر ألماً من التعذيب الجسدي قائلاً: "استخدموا أصعب الوسائل النفسية والضغط خلال التحقيق وعمليات النقل إلى العزل الانفرادي والنقل من سجن لآخر، ورغم ذلك لم أعترف على التهم التي وجهت لي لكنهم حاكموني في إطار قانون يدعى (تامير) أي الحكم عليك بما تم الاعتراف عليك من قبل الأسرى".

وحاولوا عرض الصور والفيديو لي، لكن انكرت ذلك في كل مرة.

وحول العملية يقول رامي: "تعامل الاحتلال على أنها قضية رأي عام، وفي ديانتهم تطلب أقصى العقوبات بحق المنفذين، متسائلاً ماذا نقول بحق ما يجري لأبناء شعبنا من تعذيب وقتل ودمار من يريد معاقبة مجرمي الحرب الإسرائيلية".

وكان رامي قد أطلق سراحه في عملية التبادل التي عرفت بصفقة (وفاء الأحرار) عام 2011 قاضياً 6 أعوام من 40 عاماً.

ويطالب الأسير المحرر رامي المصري اليوم بضرورة الالتفاف حول قضية الأسرى ودعم إضرابهم المفتوح، مؤكداً على حقهم المشروع في مطالبهم.

يذكر، أن تحقيقاً إسرائيلياً كان قد أظهر عدة روايات وأحاديث منفصلة لذوي الجنديين القتيلين، وكذلك لصحفيين وشخصيات إسرائيلية من بينها رئيس جهاز الشاباك السابق آفي ديختر ورعنان غيسين المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء الأسبق آرئيل شارون.

ويقول الصحفي جدعون ليفي في شهادته على الحادثة "إن الشبان الفلسطينيين الذين رشقوا سيارة الجنود بالحجارة هبوا لمناداة المئات من الشبان الغاضبين في أرجاء رام الله، واتجهوا إلى مقر الشرطة الفلسطينية، حيث كان يحتجز الجنود، ووصل مدير المركز إلى المكان وشق طريقه من بين الشبان ودخل إلى المركز وأدخل الجنديين لغرفته، وقدم لأحدهما سيجارة وبدأ يتبادل الحديث معه".

ويقول التحقيق "إن مئات المتظاهرين اقتحموا مقر الشرطة الفلسطينية، وتمكنوا من الوصول إلى الغرفة التي كان بها الجنود، وبدأوا يضربونهم بالأيدي والأرجل"، ويقول ديختر في شهادته: "لقد ألقوا بالجنود من النافذة، وشارك بالعملية أفراد من الشرطة الفلسطينية، الذين بدورهم اعتقلوا فيما بعد".