مسرح الحرية يعرض مسرحية "بيت بيوت" للدمى
تاريخ النشر : 2017-04-20
مسرح الحرية يعرض مسرحية "بيت بيوت" للدمى
جانب من المسرحية


رام الله - دنيا الوطن
عاد بنا اليوم طاقم بيت بيوت للدمى إلى الوراء كثيرا لنستذكر القصص الشعبية التي كنا نسمعها من جدتنا وأجدادنا وأمهاتنا، قصص تروي حكايات البيت القديم المليء بالضجيج والضحكات والصراخ واللعب، والمليء بالعائلة التي احتواتنا، قصص الحارات القديمة التي كانت تجمعنا في حلقات حول النار لنستمع لتلك القصص الشعبية الجميلة، ونستذكر وجوه من يروي لنا الحكايات تلك الوجوه التي لا تمل مما ترويه وترويه كل يوم،فكانت الألسنة تسترسل في روي القصص الشعبية للأبناء والأحفاد، الذين كانوا لا يستمتعوا بالقصة كقصة بقدر ما كانوا يستمتعون بالحب الذي كانت تروى به هذه الحكايات، فكنا نشعر بأن القصص تلك تمس شيئاً في قلب وذاكرة من يرويها لم نفهمه ولن نفهمه.  

على خشبة مسرح الحرية في مخيم جنين قدمت اليوم الخميس 20 نيسان مسرحية بيت بيوت للدمى، من كتابة محمد فروخ، وإخراج فيروز نسطاس من بيت لحم، وأداء طاقم بيت بيوت :"نتلي الهودلي، وحنين زهراوي، وصوفيا جاد الله، محمد فروخ"، خريجي معهد الحارة للفنون الأدائية.  

فكرة العرض جاءت كمحاولة لإحياء التراث الفلسطيني وفن الحكواتي والقصص الشعبية من خلال عرض مسرحية دمى تجمع بين ثلاث قصص شعبية فلسطينية فيها قيم وأخلاق أصبحت في طريقها للانقراض، في محاولة لغرسها في نفوس الأطفال وتعزيزها في عقول الشباب ونبش ذكريات وعواطف في قلوب كبار السن.  

محمد فروخ كاتب النص الشاب الذي يبلغ من العمر 20 عام،درس السينوغرافيا وإدارة خشبة المسرح، يقول فكرة العرض تكونت معنا سويا في بيت بيوت، حاولنا استذكار واستحضار القصص الشعبية التي ربينا عليها بشكل يومي من الأمهات والجدات، والتي أصبحت مفقودة في عالم تجتاحه وتغزوه التكنولوجيا وأدواتها، وحاولنا تعزيز عادة القراءة لدى الأطفال، ويضيف أن القيمة المضافة كانت للعرض من خلال قدرته على دمج هذه الفكرة بقصة الطفل الصغير سامي الذي يعاني من إعاقة جسدية تعيق حركته اليومية، وكيف يعاني من عزلة سببها المجتمع من حوله، على الرغم من أنه جزء لا يتجزأ منه.  

أما نتلي الهودلي خريجة السينوغرافيا ومحركة وصانعة الدمى في بيت بيوت، تتحدث عن الدور الذي لعبته،كان شخصية سامي الطفل الذي يعاني من إعاقة جسدية في البداية يتقبل إعاقته ولكن أصحابه لا تقبلوه ويشعرون بأنه يعيق حركتهم أثناء اللعب، وثم توجه في خياله إلى والدته المتوفاة والتي تنصحه باللجوء إلى الكتب والقصص التي كانت تقرأها له قبل وفاتها، في البداية يرفض، وبعد ذلك يقتنع ويذهب إلى المكتبة ليدخل من خلال الكتب إلى عالم الخيال والقصص الشعبية الفلسطينية القديمة ويستمتع بذلك كثيرا وينسى حزنه، فبهذه النصيحة ذهبية من أمه ذهب سامي لعالم الخيال ليتعرف على الشخصيات الشعبية الفلسطينية حديدون ونص نصيص وجبينة، وبعد محاولات عدة من هؤلاء الشخصيات لمساعدة سامي توصلوا للحل المناسب معاً.  

عرض الدمى هذا يحمل في شكله الخارجي شيء مستوحى من مسرح العربات في العصور الوسطى العربات المتنقلة بين المدن والقرى تعرض عروضها بشكل مستمر، ولهذا العرض لا يحتاج لمسرح وقاعة عرض مجهزة تماماً للعروض بل يمكن عرضه في الشارع وفي ساحات المدارس في القرى والمخيمات الفلسطينية، ويحمل أيضا داخل صندوقه أشكال مختلفة من الدمى دمى قفاز وماريونيت والطاولة ودمى العصا، يقوم بتصنيعه وتحريكها مجموعة من الشباب والشابات الخريجين من مجالات السينوغرافيا والدمى والملابس المسرحية.  

ومن هنا جائت فكرة أن يكون العرض غير موجه لفئة عمرية واحدة دون غيرها، فيمكن للأطفال والشباب وكبار السن أن سيتمتعوا معا بنفس القدر، سواء كان بقيمة القصص أو بتقنيات الدمى المختلفة، في محاولة لخلق جو أصبح مفقودا في الآونة الأخيرة وهو الجو الأسري الذي بدأ يندثر رويدا رويدا ويخسر معاركه المتوالية أمام التكنولوجيا، فلم يعد للعلاقات الاجتماعية المباشرة البعيدة عن "الفيسبوك" وشاكلته تلك الروح التي كانت تتمتع بها، كلٌ ينشغل بجهاز حديث وينسى التواصل الحقيقي مع الناس.

ومن الجدير بالذكر أن هذا العرض قدم في مهرجان إشارة الدولي للعرائس في الهند، ثم عرض في بيت جالا، ورام الله، وأريحا، وجنين، وسيكمل المشوار في بقية محافظات الضفة الغربية.