مسرح الحرية يختتم جولة عروض مسرحية "مروح عَ فلسطين"
تاريخ النشر : 2017-02-27
مسرح الحرية يختتم جولة عروض مسرحية "مروح عَ فلسطين"
الفرقة المسرحية


رام الله - دنيا الوطن
اختتم مسرح الحرية سلسلة عروض مسرحية "مروح ع فلسطين" بدعم من الصندوق الثقافي الفلسطيني التابع لوزارة الثقافة الفلسطينية، هذا العمل جاب مناطق مختلفة في الضفة الغربية في كل من "مخيم جنين، واليامون، وعرابة، والزبابدة، ومخيم بلاطة، وصيدا، وسلفيت، وأريحا، وبيت عنان، ورام الله، وبني نعيم، والخليل، ودورا، مخيم عايدة، ومخيم الدهيشة"، من 6 شباط ولغاية 23 شباط 2017.

ويأتي هذا العمل المسرحي التفاعلي في إطار كونه أداة للتغيير المجتمعي، تم إنشاؤه في العام 2016 من إنتاج مسرح الحرية، وإخراج ميكائيلا ميراندا، وأداء كل من: معتز ملحيس، ورنين عودة، وأمير أبو الرب، وأسامة العزة، وإيهاب تلاحمة، وشهد سمارة، بمشاركة موسيقية من نبيل الراعي وسامر ابو هنطش.

ففي حضرة المكان الذي لم يتعدى البقعة البيضاء على خشبة المسرح تنقل الجمهور بين أماكن مختلفة من فلسطين كالأغوار والمناطق المحاذية للجدار والمخيمات وصولا إلى تجمعات البدو، من خلال ستة ممثلين كانوا هم العنصر الأساسي والوحيد داخل هذا العمل المسرحي فلعب كل منهم دورا مختلفا باختلاف المكان، وقاموا بتوظيف الجسد لرسم لوحات مختلفة كتمثال الحرية في الولايات المتحدة الأمريكية، ورسم صورة التكسي والسلاح والساعة والعديد من الأغراض.

تروي المسرحية بانسيابية قصة الشاب الفلسطيني جاد والمولود في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يعود لأول مرة في حياته إلى زيارة موطنه الأصلي فلسطين، رغبة منه بمعرفة المزيد عن شعبه وهويته ليكتشف أن الواقع يختلف تماما عما يراه في وسائل الإعلام أو بما تلقاه في المجتمع الأمريكي خلال رحلة بحثه عن ريما صديقة أخته أمل والتي تسكن في حي الشجاعية في غزة.

عنوان المسرحية كان يحمل في طياته كل الحكايات والقصص التي دارت على خشبة المسرح فكان عنوانا موفقا يحمل النهاية التي حدثت لجاد، فالعنوان قدم فلسطين بأنها بيت وموطن جاد وهو الآن يعود لها وليس كضيف وسائح يزور المكان للمرة الأولى،فالمكان كان حاضرا بقوة كبيرة، ففلسطين هي المكان الذي تنقل فيه الممثلون، فالعمل سلك الطريق من تل أبيب، ثم الطريق إلى الضفة الغربية وصولا إلى مخيم جنين ثم طوباس ونابلس وأريحا والأغوار والجفتلك وبيت لحم ومخيم الدهيشة، فكل مكان روى حكايته بشخوصه وسكانه، فمن خلال هذه التنقلات تعرف الجمهور على المناطق الفلسطينية المختلفة بعاداتها ولهجتها وخصوصيتها وأوضاعها وما يعانيه كل مكان من معاناة على الحواجز من تفتيش وقتل وضرب واعتداء والرجوع دون عبور.

وكانت الموسيقى حاضرة بقوة في هذا العمل المسرحي فكانت تارة جزء من الحدث وتارة مكملة له بعود سامر أبو هنطش، وطبل نبيل الراعي، واللذان كانا جزءا من هذا العمل الفني.
في ختام العمل يقف جاد حائرا ليصل في النهاية إلى أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، ففلسطين تستحق التضحية والدماء من أجل البقاء والحياة الحرة الكريمة والحق في الوجود واستحقاقه رغما من الظلم والاحتلال، فجاد يرى في المشهد الأخير مخيم الدهيشة في بيت لحم الذي رأى فيه الشهداء شارعا طويلا يصل إلى حي الشجاعية، وهذه هي رسالة جاد الذي عاش في الولايات المتحدة الأمريكية ورسالة العمل لكل المغتربين عن أوطانهم بان يعودوا حتى ولو كانت الظروف صعبة وأليمة لكن الأرض والشعب يستحق.
العمل يحمل قيمة مضافة إلى كل هذا هي إبراز المفارقة الكبيرة بين الشعارات الأمريكية وبين الحقائق على الأرض والتي تحمل شعار الحرية المزيفة، وكيف هي نظرة الشعب الأمريكي للشعوب العربية وخاصة فلسطين.

أما المفارقة الأجمل التي عرضت على خشبة المسرح كانت المفارقة في حياة الشعب الفلسطيني الذي ينام على الضرب والقتل ورائحة الجو الملوث برائحة الدماء ليستيقظ مع أصوات آذان الفجر وصياح الديك ليمارس طقوس حياته اليومية كأن شيئا لم يكن.

مسرح الحرية اليوم من خلال هذا العمل الفني المسرحي الذي جاب مناطق مختلفة في الضفة الغربية خلال شهر شباط الحالي، بالإضافة إلى عرضه في البرتغال في العام 2016، يحاول توثيق الحياة الفلسطينية من خلال قصص حقيقية تم تجميعها من أماكن مختلفة في فلسطين لتثبيت وترسيخ المكان بأحداثه وشخوصه في ذاكرتنا كفلسطينيين نسكن المكان وقد نكون عنه غرباء أحيانا، ولتسليط الضوء على حياة نعيشها ولا نراها برغم أننا جزءا منها، ولنقل الواقع المعاش على الأرض للوقوف أمام الروايات المضادة للرواية الفلسطينية.

السكرتير العام لمسرح الحرية مصطفى شتا يرى أن في مسرحية "مروح ع فلسطين" لا يمكن تجاوز حيز المكان تلك البقعة البيضاء الملقاة على خشبة المسرح القاتمة،ب6 ممثلين (ممثلتان و4آخرون) من شباب تخذ قرار بممارسة دور مختلف بوظيفة نوعية هي ممثل على خشب، أقرب إلى مهنة النجارة من أي وظيفة أخرى، لعل تلك سخرية الحلقات المترابطة بين عالمين مختلفين, ويضيف شتا أن "مروح ع فلسطين" باللهجة العامية الفلسطينية، عمل فني قائم على ما صاغته ألسنة الناس من حياتهم اليومية ببؤسها وفرحها بمفاجأتها وتابتها، هذا العمل المبني على الحكاية المروية يأتي ليحتل مكانا بين الأعمال التي يمكن التعامل معها كأرشفة للحياة البسيطة في فلسطين بتحدياتها المختلفة كالاحتلال أو المجتمع، ويشير أن فريق العمل أبدع باستخدام كل المساحات الفنية ليعطي نقدا لواقع معاش، وبهذا يتمظهر الممثلون الممثلون بأدوار مختلفة ومتنوعة وفي أشكال متنوعة للحالة الإنسانية من الفرح إلى الحزن فالسخرية ومواجهة الأقدار بالتسليم لها، أو بالاستعداد للتحدي، وبهذا فقد وقع هذا المزج الإنساني العجيب على الجمهور المتلقي بتلك الانفعال.