أحد قادة القسام :نقوم بتطوير أجهزة اتصالاتنا اللاسلكية لتعميم التعليمات على الآلاف من عناصرنا في قطاع غزة

أحد قادة القسام :نقوم بتطوير أجهزة اتصالاتنا اللاسلكية لتعميم التعليمات على الآلاف من عناصرنا في قطاع غزة
غزة-دنيا الوطن-علي البطة-

في الطريق إلى موقع التدريب العسكري رن هاتف جوال "أبوحذيفة" احد قادة كتائب القسام في قطاع غزة ليخبره مهاتفه بتحليق مروحية أباتشي إسرائيلية على ارتفاع منخفض في سماء مدينة خان يونس، فيركن سيارته جانب الطريق ويترجل مسرعاً نحو اقرب منطقة مغطاة للاختفاء من المروحية التي يؤذن ظهورها المفاجئ بأخذ كل عناصر القسام وكوادر حماس أقصى درجات الحيطة والحذر؛ فلا اجتماع داخلي يتواصل، ولا تدريب عسكري يستمر.

فالجناح العسكري لحركة حماس، المعروف بـ"كتائب الشهيد عز الدين القسام" لم يوقف تطوير قدراته العسكرية والتسليحية، وبناء قدرات عناصره العسكرية والأمنية، فالعمل على تطوير القدرات وإعادة بناء الجهاز العسكري وفق أحدث الأساليب العسكرية فلم يتوقف لحظةً منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة. ولم يُشِعر تكليف الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقيادي في حماس إسماعيل هنية عناصر حماس بأي درجة من الاطمئنان لقوات الاحتلال، فمراقبتهم المتواصلة للحدود الشرقية والشمالية من قطاع غزة الذي تسيطر عليها قوات الاحتلال تخبرك أنهم على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي طارئ.

بعد اختفاء المروحية من أجواء المدينة واصلنا (مراسل صحيفة الحقيقة الدولية وأبو حذيفة ) "وهو لقب حركي لأحد قادة القسام الذي يفضل عدم الإفصاح عن اسمه لدواع أمنية" الطريق إلى موقع عسكري يقع إلى الغرب من المدينة التي كانت تضم نصف المستوطنات الصهيونية التي أخلتها إسرائيل قبل سبعة اشهر تقريبا، هناك ينتشر نحو ثلاثين مقاتلاً (مجاهداً) يتلقون تدريبات عسكرية وأمنية مكثفة على أيدي مدربين عسكريين وخبراء أمنيين.

وينتشر في مدن قطاع غزة عدد من مواقع التدريب العسكرية التي أنشأتها كتائب القسام عقب الانسحاب الإسرائيلي من غزة. ففي كل مدينة أقاموا من موقع إلى أربعة مواقع تقوم على مساحة تصل إلى نحو عشرين دونما من الأرض، تستوعب العشرات من مجاهدي القسام الذين يتلقون تدريبات عسكرية على أيدي الخبراء.

ويقول أبو حذيفة: " بعد انسحاب جيش الاحتلال والمستوطنين من قطاع غزة أقمنا مواقع التدريب العسكرية في كل المدن الفلسطينية لتدريب مجاهدينا وفق أسس التدريب العسكرية العلمية التي لم تكن متوفرة في زمن الاحتلال "، ويضيف أخضعنا معظم المجاهدين في دوراتنا التي أقمنا العشرات منها على مدار الأشهر السابقة، من أجل إعادة تأهليهم وبناء قدراتهم عسكريا وامنيا.

ويوضح ، تستمر الدورة العامة شهراً كاملاً ، فيما تمتد الدورة العسكرية المتخصصة لثلاثة اشهر ، يتلقى فيها المجاهدون تدريبات شاقة على المهارات القتالية التي تظهر نتائجها مع نهاية كل يوم تدريبي.

اللياقة البدنية وتدريب الرماية وإطلاق الصواريخ والزحف تحت الأسلاك الشائكة وتسلق المناطق المرتفعة وعمليات الاقتحام والتدخل السريع للإنقاذ وغيرها من التدريبات التي لم يسعف الوقت لمشاهداتها لم تكن معتمدة لدى القسام قبيل انسحاب قوات الاحتلال لصعوبة القيام بذلك مع وجود الاحتلال ، وهي اليوم مع انسحابه تجد طريقها إلى كل عناصر القسام .

وينفي أن يكون للتدريب المتواصل على مدار الساعة علاقة بضم كتائب القسام للسلطة الفلسطينية؛ فالقسام سيبقى جناحاً عسكرياً لحركة حماس التي تواصل مشوارها المقاوم الذي لم يتوقف بتشكيلها الحكومة الفلسطينية المقبلة، فالحركة ستشكل الحكومة وفق التفويض الشعبي لها في الانتخابات التشريعية الذي جاءها عبر مشوارها الطويل في المقاومة التي لن توقفها الحركة إطلاقا إلا بتحرير كامل التراب الفلسطيني.

ويضيف نحن لن نتدخل أطلاقا في حل مشاكل الفوضى المنتشرة في الأراضي الفلسطينية لان هذا من مهام الأجهزة الأمنية الرسمية التي لن نتدخل في عملها مهما كان، ويواصل لكن نحن في كتائب القسام سنعمل على توفير الجو المناسب للإخوة في الأجهزة الأمنية للقيام بمهامهم لتحقيق الأمن للموطن والمواطن.

ويقول أبو حذيفة إننا في القسام لم نوقف جهادنا لحظةً واحدة، لكن نحن الآن في قطاع غزة نعمل على إعادة بناء الكتائب من جديد، نافياً غمز البعض من جانبهم بترك الجهاد والخلود إلى استراحة المحارب، ويشير إلى استعداداتهم المتواصلة في مجال تطوير القدرات العسكرية؛ فمن ناحية تعكف دائرة التصنيع العسكري في كتائب القسام على تطوير أسلحتها وخصوصا الصواريخ لتحسين قدرات القسام مستقبلا، فكنا في السابق –حسب أبو حذيفة- نهتم بتصنيع الصواريخ والعبوات الناسفة بكميات كبيرة لطبيعة المرحلة أما اليوم فالأمر تغير، ما دفعنا للاهتمام بالكيف على حساب الكم في التصنيع.

ولم يركن مقاتلو القسام إلى الراحة بعد فوز حركتهم –حماس- في الانتخابات، فهم منتشرون على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة التي تفصله عن إسرائيل، لمراقبة أية تحركات من قبل جيش الاحتلال تجاه مناطق قطاع غزة. ويقول ابوحذيفة: ما زال مرابطو كتائب القسام يحرسون الثغور على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة يرصدون كل تحرك لطائرات الاحتلال ودباباته باتجاه مناطق القطاع، وهي التحركات التي يتعامل معها جميع عناصر القسام بجدية تامة، ويضيف إذا حاول جيش الاحتلال تنفيذ تهديداته المتعلقة بإعادته احتلال شمال قطاع غزة لوقف إطلاق الصواريخ من هناك باتجاه المناطق الجنوبية من إسرائيل، فإننا في كتائب القسام سنتصدى لهم بكل قوة، وسيفاجئ جنود الاحتلال من طبيعة التصدي له إذا عادوا إلى المناطق الفلسطينية في غزة من جديد.

ويكشف أبو حذيفة عن تمكنهم من إعادة هيكلة كتائب القسام من جديد، فبعد انسحاب جيش الاحتلال من القطاع تطلب الأمر إعادة بناء القسام وفق أساليب العمل العسكري الحديث ليتواءم والمرحلة المقبلة التي تتطلب استعدادات كبيرة لمواجهتها.

ويوضح أنهم تمكنوا من إعادة بناء القسام على نمط الجيش النظامي وفق أنظمة الجيوش الحديثة، فهم أعادوا حسب قوله بناء قدرات المقاتلين عسكرياً وامنياً على أيدي خبراء تدريب عسكريين وأمنيين من قادة القسام ممن تلقوا تدريبات خاصة خارج الأراضي الفلسطينية.

ويشير إلى نجاح القسام في بناء دائرة مرافقة وحماية الشخصيات أنشأها القسام للقيام بحماية قيادات حماس خصوصا أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، مشدداً على أن لدى عناصر الدائرة القدرة على تأدية مهمتهم على الوجه الأفضل، مشيراً إلى أن قرار فرز عناصر للحماية جاء بعد تدهور الوضع الأمني في الأراضي الفلسطينية في الأشهر الأخيرة.

ولا يقتصر تطوير القسام قدراتها العسكرية وقدراتها البشرية فقط ، فإلى جانب هذين القطاعين ، تهتم كتائب القسام بتطوير أجهزة اتصالاتها الداخلية المشهورة باسم (سيناو "SENAO") وهو جهاز الاتصال الذي تعمم من خلاله قيادة القسام تعليماتها على الآلاف من عناصرها المنتشرين في قطاع غزة متأهبين بأسلحتهم بانتظار أي قرار يصلهم للتنفيذ من قيادتهم التي لم تستثن من قراراتها خيار مواصلة مقاومة جيش الاحتلال الإسرائيلي كما يؤكد أبو حذيفة .

على الرغم من قرار حركة حماس المشاركة في العملية السياسية عبر المشاركة في المجلس التشريعي وقبولها تشكيل الحكومة الفلسطينية المقبلة ، إلا أن هذا الأمر لم يغير من استراتيجية كتائب القسام شيء فالتغيير كان تكتيكيا من أجل إعادة البناء على أسس عسكرية علمية سليمة للكتائب التي لا تتنازع قياداتها الولاءات لقيادات الحركة السياسية التي تضع الخطوط العريضة لعمل القسام وتترك لقيادته التي يقف على رأسها القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف "42 عاما" الذي يتمتع بشخصية هادئة ومتزنة تؤهله لقيادة جهازه والابتعاد به عن الدخول في صراعات داخلية أو نزاعات خارجية كتلك التي اتهمته بها المخابرات الإسرائيلية قبل أيام عندما زعمت انشقاق الضيف وانضمامه لتنظيم القاعدة الذي لم يجد له طريقا في الأراضي الفلسطينية التي يدرك الجميع أنها لا تتسع لغير أبنائها.

التعليقات