زوجات يشكين ابتعاد أزواجهن عنهن في رمضان :القُبلة الزوجية في نهار رمضان.. ما بين فتاو تجيزها وأخرى تحرمها

زوجات يشكين ابتعاد أزواجهن عنهن في رمضان :القُبلة الزوجية في نهار رمضان.. ما بين فتاو تجيزها وأخرى تحرمها
غزة-دنيا الوطن

لا شك أن المعاشرة الزوجية هي محل إجماع بين المسلمين على أنها واحدة من أغلظ المفطرات في نهار رمضان ولا يجادل أحد في النظرة الشرعية إلى ذلك.

ولكن إحدى المشاهدات لبرنامج "حجر الزاوية" الذي يقدمه الشبخ سلمان العودة على شاشة "أم بي سي" أثارت مجددا مسألة "التقبيل" في نهار رمضان، إذ لم يستطع الشيخ العودة أن يخفي ابتسامة عارمة حين سألته المشاهدة قائلة بصوت متقطع مرتبك "ما رأيك يا شيخ في قبلة بريئة في نهار رمضان"؟ ليقاطعها الشيخ مندهشاً متداركاً ابتسامته "بين زوجين"؟

فسارعت المتصلة إلى التأكيد، وحينها أجاب الشيخ العودة قائلا "لا بأس بقبلة بريئة في نهار رمضان"، وأضاف مبتسماً "حتى وإن كانت قبلة غير بريئة أيضاً".

فهل يصبح رمضان سببًا في كشف ما يضمره الزوج تجاه زوجته من مشاعر لا يفصح عنها؟ وهل يكون ابتعاد الزوج عن زوجته في ليل رمضان لأسباب غير التي يعلنها من زيادة التقوى والحرص على قيام الليل؟

نساء يروين تجاربهن مع "القبلات" خلال شهر رمضان، وجدل بين علماء الدين والمفتين، ما بين مجيز لها، ومفضل لإلقائها في "سلة سد الذرائع".

وتقول مريم علي في تحقيق أعده الزميل عبد الله الرشيد ونشرته صحيفة "الحياة" اللندنية الأحد 30-10-2005، "أذكر أن زواجنا تم قبل رمضان بعشرة أيام، وفي صباح اليوم الرابع من رمضان قبلني زوجي، وليته لم يقبلني، لأن المشهد لم ينته إلا وقد ضاع علينا صيام اليوم، وأنا حزينة جداً لأنني لم أجتهد في دفع القبلة البسيطة التي كلفتني الكثير، إذ يقرر الشرع أن كفارة المعاشرة الزوجية في نهار رمضان على كل من الزوجين على الترتيب: قضاء ذلك اليوم مع عتق رقبة، فمن لم يجد فليصم شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً".

من جانبها، تروي أسماء نوح "كان زوجي في العادة يودعني بحضن وقبلة إلا أنه في نهار رمضان يحرمني منهما وأكون بذلك حزينة.. كما أنه أخيراً أصبح يتجنبني ويمتنع تماماً عني في ليالي رمضان، وأنا استغرب من نواياه التي تدعوه إلى الابتعاد عني في رمضان، هل هي ورع وتقوى أم أن هناك أموراً أخرى لا أعلمها".

لكن ما الذي يدفع بعض الأزواج إلى رفضهم غير المعلن لشريكهم الآخر في نهار رمضان، ولا يستطيعون التعبير عن هذا الرفض إما لأسباب شعورية أو لا شعورية، وهم يتعللون بالصيام في رمضان للبعد عن الطرف الآخر، وكأن ما يبعدهم ليس ما في داخلهم من رفض أو نفور، ويعتبرون الصيام مجرد مبرر لهذا النفور والرفض.

فتاوى محيرة

لم تكن الفتاوى الفقهية في مسألة تقبيل الرجل لزوجته في نهار رمضان حاسمة وواضحة، بل تتجه مرة إلى الأصل وهو أنها "حلال"، وتميل في الغالب إلى الأخذ بمبدأ الحذر والسلامة فتقول بـ "التحريم".

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله "تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها في نهار رمضان جائز ولا حرج فيه، لأن النبي (ص) كان يقبل وهو صائم، ولكن إن خشي الصائم الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة، كره له ذلك".

أما عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان فيحذر الصائم من الإقدام على تقبيل زوجته، ويقول "النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم لأنه كان عليه الصلاة والسلام مالكًا لنفسه وعارفًا بأحكام صيامه عليه وما يؤثر فيه وما يفسده، أما غيره من الناس فإنهم لا ينبغي لهم الإقدام على القبلة لأن ذلك مدعاة لأن يحصل منهم ما يفسد الصوم مع جهلهم وضعف إيمانهم وعدم ضبطهم لأنفسهم، فالأحسن للمسلم أن يتجنب ما يثير شهوته وما يخشى منه إفساد صيامه أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان يفعل ذلك لأنه عليه الصلاة والسلام كان ضابطًا لنفسه وكان عليه الصلاة والسلام أتقى الناس لله وأخشاهم لله وهو أدرى بما يحفظ صيامه، فغير الرسول صلى الله عليه وسلم ممن لا يأمن نفسه ينبغي له أن يبتعد عن هذه الأمور في أثناء الصيام".

بينما ترى أستاذة الفقه في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر الدكتورة سعاد صالح أن الـ "قبلة بشهوة محرمة في نهار رمضان".

قبلة غير بريئة

لكن عميدة سابقة لكلية الشريعة في جامعة الأزهر الدكتورة آمنة نصير تحاول أن تسمو بالقبلة في نهار رمضان وتحصرها في معانيها الروحانية البريئة، قائلة "كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقبل السيدة عائشة رضي الله عنها في نهار رمضان، وهذا نوع من المودة والرحمة والحنان والسكن والسكينة وليست قبلة الغرائز، لأن الإسلام دين سمح يرعى المشاعر البشرية ولا يجرمها أبداً، طالما هي في الإطار الصحيح".

وتضيف "إذا كانت الزوجة تعودت أن تقبل زوجها قبل خروجه للعمل أو أنه قد تعود تقبيلها عند عودته، فليس في هذا شيء في نهار رمضان، بل نحن في حاجة لتنمية هذه المشاعر في البيت أمام الأطفال، لأن هذا يعطيهم الإحساس بالاستقرار والحب، أما المزايدة بتحريم ذلك فهو نوع من التسلط باسم الدين".

التعليقات