الجنس يقتحم إعلانات الصيف بفضائيات عربية

الجنس يقتحم إعلانات الصيف بفضائيات عربية
غزة-دنيا الوطن

إعلانات مثيرة ذات دلالات جنسية صريحة لصالح شركات تروج لأدوية معينة، وأخرى لصالح حكومات تعرض هي الأخرى مشاهد لنساء شبه عاريات للترويج للسياحة.. تغزو الفضائيات العربية منذ مطلع الصيف الجاري؛ مما أثار استياء خبراء إعلاميين حذروا من أن تلك الإعلانات يمكن أن تقود إلى موجة من البرامج والإعلانات تتضمن تجاوزا أكبر، وتنحي جانبا القيم الأخلاقية والدينية.

وفوجئ المشاهدون العرب مؤخرا بما يشبه سباقًا بين عدد من الفضائيات العربية على بث إعلانات مثيرة عن حبوب "الفياجرا" المنشطة جنسيا، والتي اعتمدت بشكل أساسي على إيحاءات جنسية وصلت إلى حد خدش حياء المشاهدين.

ويركز إعلان "الفياجرا" على رجل يحاول تثبيت مسمار في حائط فيفشل، ويكرر المحاولة عدة مرات، ثم ينجح أخيرا في أن يضع المسمار في الحائط، وهنا يظهر تعليق صوتي يقول: "فياجرا.. الصلابة".

وفي إعلان آخر عن المنتج نفسه يتغير المشهد من محاولة تثبيت مسمار إلى محاولة إدخال شفاط في كوب عصير وينثني الشفاط عدة مرات، حتى ينجح في إدخاله بالكوب، ثم يتكرر الأمر نفسه مع محاولة تثبيت شمعة حتى تنجح المحاولة.

وتكرر الإعلان بصورة لافتة في عدد من القنوات الفضائية بينها قنوات إخبارية؛ لدرجة أثارت سخط الكثيرين من المشاهدين الذين يتعرضون لمواقف شديدة الحرج حين يتلقون استفسارات من أبنائهم الصغار حول مغزى الإعلان؛ فلا يقدرون على الإجابة.

الدكتور فتحي الشرقاوي -مدير مركز الرأي العام بجامعة عين شمس المصرية- استفزه الإعلان، فبادر إلى إجراء دراسة ميدانية حول تأثير إعلانات الفياجرا في الفضائيات، شملت عينة عشوائية من 50 طفلا بمصر، تراوحت أعمارهم بين 8 أعوام و15 عاما.

وكشفت الدراسة أن الغالبية العظمى من الأطفال فشلوا في إدراك حقيقة ما يهدف إليه الإعلان؛ مما يدفعهم إلى توجيه الأسئلة إلى أولياء أمورهم وأحيانا لأصدقاء لهم يمدونهم في بعض الحالات بمعلومات جنسية صريحة يمكن أن تشجع على الانحراف.

والحكومات أيضا

وإذا كانت شركات تصنيع وإنتاج "الفياجرا" تسعى للترويج لإنتاجها عبر حملات إعلانية في الفضائيات العربية باعتبارها الأكثر جذبا للمشاهدين العرب، فإن اللافت كان دخول الحكومات هذه اللعبة بشكل صريح من باب الترويج السياحي، تجاوز ما تم بثه من إعلانات مماثلة في الأعوام الماضية.

وكان أكثر هذه الإعلانات تضمنا لمشاهد جنسية مثيرة إعلانا موجها للسياح العرب الذين يقبلون على زيارة مصر، يتم خلاله استعراض فنانات وفتيات، إحداهن ترتدي المايوه البكيني والأخرى تكشف عن ساقيها، والثالثة راقصة تتمايل بجسدها الذي تركز عليه الكاميرا، ثم تظهر على الشاشة كلمة "ابتسامة مصر.. ما تتنسيش"؛ لتعطي انطباعا بأن هذه المشاهد في انتظار السائح العربي لدى زيارته لمصر.

انفتاح غربي واستهداف المراهقين

وحذر الشرقاوي في تصريح لإسلام أون لاين.نت من أن تكون تلك الإعلانات التي تعتمد على الدلالات الرمزية الجنسية "بابا خلفيا للترويج والتمهيد لانفتاح جنسي أكثر على الفضائيات على الطريقة الغربية، يشمل سلسلة برامج وإعلانات -تدعو تحت ستار من البراءة- إلى الصداقة والتعارف بين الشباب والشابات، بما يقود إلى ممارسة علاقات جنسية محرمة شرعا، وهي كلها توجهات تهدم قيما أخلاقية تعد سياجا يحمي المجتمعات العربية والإسلامية".

ورأى مدير مركز قياس الرأي العام أن "الشركات والجهات التي تقف وراء هذا الإعلان تسعى بهذه الصورة الرمزية المكثفة لاستهداف فئات أخرى غير المحتاجين للفياجرا من كبار السن والمرضى مثل المراهقين، خاصة أن الفياجرا معروفة جيدا لمعظم البالغين ولا تحتاج لإعلانات تروج لها".

وحول وسائل حماية المجتمع من هذا الخطر، يقول الدكتور الشرقاوي: "أفضل وسيلة هي تحويل الأثر السلبي إلى قيمة إيجابية عن طريق شرح مخاطر الفياجرا على صغار السن ومرضى القلب وعلى قوة الإبصار، كما تشير تقارير علمية، لكن المشكلة أن هبوط المستوى الثقافي لبعض الآباء والأمهات ربما لا يسمح لهم بالرد الكافي على تساؤلات الأبناء بشأن الإعلان، وبالتالي ينفتح الباب أمام التأثير السلبي من أوساط أخرى على المراهقين والشباب".

واتفق الدكتور سامي عبد العزيز -أستاذ الإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة- مع الدكتور الشرقاوي، واعتبر أن "تورط بعض الفضائيات في بث مثل هذه الإعلانات المخالفة لقيم المجتمعات العربية سيكون سببا كافيا لتشويه الدور الذي تلعبه هذه الفضائيات، وتنفير المشاهدين".

وأضاف أن ذلك "ربما ينتهي بهروب الكثير منهم إلى فضائيات أكثر التزاما؛ لتجنب الرد على الاستفسارات المحرجة لأبنائهم حول مثل هذه الإعلانات، خاصة أن بعض المشاهدين كانوا يحرصون على أن يشاهدوا برامج هذه القنوات مع أطفالهم".

أما الدكتور محمود علم الدين -وكيل كلية الإعلام بجامعة القاهرة- فاعتبر أن الفضائيات ببثها مثل تلك الإعلانات المثيرة "تتساوى مع المواقع الإباحية التي اعتادت نشر إعلانات المنشطات الجنسية والأدوية من هذا النوع"، ورأى أنه "من غير اللائق أن يسمح القائمون على هذه الفضائيات بأن تنزل لمستوى المحطات الإباحية، وأن تضحي بمصداقيتها أمام المشاهدين من أجل الحصول على المال".

ورأى علم الدين أنه على الرغم من أن الفياجرا دواء مطروح للبيع في الصيدليات فإن "ذلك ليس مبررا كافيا، ويجب على هذه القنوات أن ترتقي بمستوى مشاهديها بعيدا عن الدخول في هذه المناطق الشائكة".

خارج المواثيق

وحول خضوع الفضائيات العربية لميثاق شرف إعلامي يمكن أن يتضمن ضوابط أخلاقية، قال المستشار حسام ذكي المتحدث باسم جامعة الدول العربية لإسلام أون لاين.نت: "حتى الآن لا يوجد ميثاق شرف يضبط أداء هذه الفضائيات سواء كانت خاصة أو حكومية... تعمل كل منها وفق أجندتها الخاصة، وحسب ما يحدده القائمون على تمويلها".

وأشار ذكي إلى أنه "لذلك قرر وزراء الإعلام العرب مناقشة هذه القضية، واتفقوا على بحثها خلال الاجتماع الطارئ لهم، والمقرر أن يعقد بالقاهرة في أكتوبر 2005".

التعليقات