أقمار إسرائيل للتجسس.. والعرب للفيديو كليب

أقمار إسرائيل للتجسس.. والعرب للفيديو كليب
أقمار إسرائيل للتجسس.. والعرب للفيديو كليب

محمد جمال عرفة **



لماذا "أفق 6" هام؟

ولكن لماذا الاهتمام الصهيوني بأفق 6؟ الشهر الماضي نجحت إيران في تطوير صاروخ شهاب 3 الذي يحمل 3 رؤوس حربية دفعة واحدة بشكل يمكنه من تضليل الدفاعات الأرضية والصواريخ المضادة، والذي يصل مداه إلى 1700 كيلومتر، وقادر على بلوغ الأراضي الإسرائيلية وقواعد أمريكية في الشرق الأوسط؛ وهو ما يعني تهديدا مباشرا لتل أبيب ومصالح أمريكا يزيد خطره لو أنتجت قنبلة نووية.

ولأن إيران سترد بضرب تل أبيب بهذه الصواريخ في حالة قصف مفاعلاتها التي يهدد الصهاينة بضربها؛ فقد كان من الطبيعي أن ينتظر الإسرائيليون لحين تطوير صاروخ مضاد حقيقي؛ وهو ما نجحوا فيه في الأسبوع الأول من سبتمبر الحالي 2004 عبر إنتاج واختبار صاروخ "حيتس" بالتعاون مع أمريكا، ولكنهم في التجربة الثانية لاختبار قدرته على إسقاط سكود متطور مثل الصاروخ الإيراني شهاب 3 فشلوا فشلا ذريعا.

ولهذا كانت الخطط الصهيونية ترتكز على إطلاق هذا القمر تحديدا لمراقبة التجارب الإيرانية من جهة، ورصد مفاعلاتها ومنشآتها النووية الموزعة في عدة أماكن في إيران، وجاء فشل القمر ليثير غضب المسئولين العسكريين الذين يرون -على حد قول الخبير العسكري الصهيوني "أمير أورن"- أن فشل إطلاق قمر التجسس "أفق 6" قد يؤدي لتصعيد الأزمة بين إسرائيل وإيران، وقد يوقع بينهما صداما عسكريا على اعتبار أن الصهاينة لن يتمكنوا من كشف كل القدرات الإيرانية، وسيعتمدون مبدأ الشك.

فلدى الدولة الصهيونية تقديرات بأنه بين عامي 2005 و2007 ستحصل إيران على السلاح النووي؛ الأمر الذي يعني ضمنا منح غطاء قوي لسوريا وحزب الله اللبناني، ومن ثم أهمية وجود قمر تجسس أحدث يتابع القدرات النووية والتسليحية الإيرانية.

صحيح أن الأقمار الصناعية ليس لديها القدرة على كشف كل شيء؛ بل وفشلت في توفير المعلومات الكافية (عبر القمر الحالي "أفق 5" الذي يغطي بشكل خاص شمال أفريقيا والشرق الأوسط حتى باكستان وأفغانستان) حينما قام الرئيس العراقي السابق صدام حسين بإطلاق صواريخ سكود على إسرائيل في حرب الخليج الثانية عام 1991، لكن بغير استخدام أقمار التجسس لا يمكن متابعة النشاطات التي تقوم بها دولة مثل إيران للتزود بصواريخ قادرة على حمل رءوس نووية.

التفوق الصهيوني فضائيا بدأ عام 1959

وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن برنامج الفضاء الصهيوني بدأ عام 1959 مواكبا لبرنامج مصري مشابه في عهد حكومة رئيس الوزراء بن جوريون الذي كان يطمح لبرنامج فضاء ونووي معا طموح يضمن به التفوق على العرب؛ حيث أنشئت "اللجنة القومية لأبحاث الفضاء" لدراسة إمكانية إقامة برنامج فضاء إسرائيلي، وتلا ذلك إنشاء معهد بحوث الفضاء بجامعة تل أبيب.

وفي عام 1969 توجهت إسرائيل للولايات المتحدة بطلب لمساعدتها في إقامة محطة لرصد الأقمار الصناعية، ثم قامت بتوحيد مراكز البحوث في مجال الفضاء تحت قيادة واحدة من أجل البدء في تنفيذ برنامج موحد.

وظلت الحكومات الصهيونية المتعاقبة تشرف على البرنامج وترعاه، فيما توقف البرنامج المصري لأسباب عديدة، ولم تكن هناك برامج عربية أخرى طموحة، وبلغ التفوق الصهيوني في هذا المجال -بعد 18 سنة من بدء البرنامج- أنهم بحلول 1977 حققوا خطوات هامة في برنامجهم دفعت المنظمة الدولية لعلوم الفضاء لعقد اجتماعها في تل أبيب.

وكان لهزيمة الصهاينة في حرب أكتوبر 1973 دور في تسريع وزيادة الاهتمام بتكنولوجيا الأقمار الصناعية؛ حيث نجحوا عبر أقمار التجسس الأمريكية في اكتشاف ثغرة الدفرسوار بين الجيشين الثاني والثالث، فقرروا التحرك بسرعة أكبر للإمام للاعتماد على الذات في هذا المضمار.

ويشير موقع وزارة العلوم الإسرائيلية على الإنترنت إلى أن مشروع إطلاق أقمار أفق -أو أوفيك- بدأ منذ عام 1982، وأن المشروع تطلب أبحاثا وبنى تحتية وتأهيل مهندسين وفنيين، والاعتماد على الذات في إطلاق الأقمار، وبناء مركز سيطرة وتحكم ومحطة استيعاب أرضية.

ولكن تم إطلاق أول قمر صناعي من هذا النوع المستخدم في التجسس "أفق 1" (19 سبتمبر عام 1988)، ثم تبعه "أفق 2" (3 إبريل عام 1990)، ثم "أفق 3" (إبريل عام 1995)، ثم "أفق 5" (عام 2002)، وفشل إطلاق أفق 4 عام 1998، ثم أفق 6 عام 2004.

ويمكن القول بأن برنامج الفضاء الصهيوني ينقسم منذ بداية إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: وتضمنت التعاون مع دول أخرى لإنتاج وإطلاق الأقمار والصواريخ التي تستخدم في إطلاقها؛ وهو ما حدث مع القمرين الأول والثاني خصوصا مع الولايات المتحدة.

المرحلة الثانية: وتضمنت الاعتماد على الذات في إنتاج الأقمار والصواريخ التي تطلقها معا بعد الوصول إلى نوع من التقدم في هذا المجال، وهذه شهدت إطلاق القمر أفق -3.

المرحلة الثالثة: وهي المرحلة الحالية منذ عام 1998، وتميزت ليس فقط بإنتاج وتطوير أقمار وصواريخ أكثر تقنية وأكثر تطورا، ولكن بالسعي لإنتاج أنواع أخطر من هذه الأقمار التي تعمل في مجال اعتراض الصواريخ الباليستية عابرة القارات أو طويلة المدى؛ حتى إن الصهاينة سعوا للدخول مع الأمريكان في برنامج أبحاث الفضاء، وشاركوا في مبادرة الدفاع الإستراتيجية المعروفة باسم "حرب النجوم"؛ بل وشاركوا ألمانيا في إنتاج أقمار استشعار عن بعد.

أيضا سعى الصهاينة لتطوير الصواريخ التي تحمل هذه الأقمار -وضمنها الصواريخ الحربية- في سياق صراعهم مع العالم العربي والإسلامي؛ حيث أنتجوا الصاروخ المتطور "شافيت" عام 1986 لحمل الأقمار، وصاروخ " next" وغيرها.

وقد وجد الصهاينة في كل مرحلة من مراحل تطوير صواريخهم وأقمارهم حججًا ومبررات يتمكنون من خلالها من فرض وجودهم على برامج التعاون المشترك مع مشروعات الفضاء الدولية المتقدمة، تارة باسم حماية الدولة الصهيونية من خطر الإبادة على يد العرب، وتارة أخرى -كما حدث في 28 مايو 2002 خلال إطلاق "أفق 5"- باسم مشاركة الدول الأوربية والولايات المتحدة في حربها ضد "الإرهاب"، وأهمية أن تقوم إسرائيل بمراقبة الحركات الإسلامية ورصد اتصالاتها، بالإضافة إلى التعاون في تحديد هذه الحركات، أو أي حركات أخرى معادية لما تسمى بعملية السلام في المنطقة، ورصد استخدام الإرهابيين والدول المتهمة بالإرهاب لأسلحة متطورة.

وعلى الرغم من إطلاق إسرائيل للقمر الصناعي الأول "أفق-1" فإنها استمرت في الاعتماد في مصادر معلوماتها على الأقمار الصناعية الأمريكية. وقد نجح "أفق-1" في المهمة الموكلة له، ولكن انتهت خدمته عام 1989 باحتراقه في الفضاء.

وعقب سقوط "أفق-1" أطلقوا "أفق-2" في إبريل 1990، إلا أنه لم يدُم طويلا؛ حيث احترق في الفضاء بعد 3 شهور من إطلاقه وسقط في يوليو 1990م؛ الأمر الذي حرم الصهاينة في الفترة بين عامي 1991 و1995م (اندلاع حرب الخليج الثانية) من معرفة شيء عن انطلاق صواريخ عراقية باتجاه إسرائيل، ودفعهم للانتقال لمرحلة الاعتماد على الذات بعدما فشلت الأقمار الصناعية الأمريكية أيضا في إيصال معلومات مبكرة لهم عن التهديد العراقي.

وقد احتفي الصهاينة بشدة بالقمر الصناعي للتجسس "أفق-3" الذي وفر الاكتفاء الذاتي للصهاينة في مجال المعلومات الاستخباراتية التي كانوا يحصلون عليها من خلال أقمار التجسس الأمريكية، وبالغوا بشدة في أهميته؛ حتى إنهم قالوا: إنه كان يرصد حركة الآلات العسكرية والصواريخ، والاتصالات السلكية واللاسلكية، ويعترض المكالمات الهاتفية ويسجلها، بل ويملك القدرة على قراءة أرقام السيارات في شوارع العاصمة العراقية بغداد، وقادر على تصوير الطاولة التي يفطر عليها أي زعيم عربي(!)

وفي عام 1998 تمت محاولة إطلاق "أفق 4"، إلا أنها باءت بالفشل، ولم يتم الإعلان عن أسباب فشل الإطلاق. إلا أن هذا دعا الصناعات العسكرية الإسرائيلية إلى العمل لتمديد وجود القمر الصناعي "أفق-3" في الفضاء، والذي كان من المفترض إنهاء مهمته عام 1998، وفعلا نجح الخبراء الإسرائيليون في تمديد وجوده في الفضاء لثلاث سنوات أخرى حتى عام 2001؛ حيث انتهى مخزون الغاز، وأصيبت المعدات بالعطل، وخلال الفترة من عام 2001 وحتى إطلاق القمر التجسسي "أفق-5" مايو 2002 اعتمدت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية على القمر الصناعي الإسرائيلي التابع للقطاع الخاص "إيروس".

وكان انطلاق "أفق 5" في مايو 2002 نقلة نوعية في الصناعات العسكرية الإسرائيلية لما يمتاز به من قدرات استخباراتية وتجسسية عالية تؤهله لكي يكون بداية لجيل جديد من أقمار التجسس؛ حتى إن إطلاق هذا القمر تحديدا كان بداية التحرك العربي الجاد لبحث مخاطر هذه الأقمار على العرب.

ففي 26 يونيو 2002 وبعد شهر واحد من إطلاق أفق-5 بحثت اللجنة الفنية التابعة للجامعة العربية المعنية بمتابعة النشاط الفضائي الإسرائيلي في اجتماعاتها بالقاهرة مخاطر النشاط الفضائي الإسرائيلي على الأمن القومي العربي، وقال مساعد الأمين العام بالجامعة للشئون السياسية محمد زكريا إسماعيل: "إن القمر الصناعي الإسرائيلي يركز نشاطه بصفة خاصة على الدول العربية المجاورة، وإنه يستطيع تصوير منطقة، مساحتها نصف متر مربع".

واعتبر إسماعيل أن إطلاق إسرائيل لأقمار من هذا النوع يؤذن ببداية سباق تسلح جديد، ودخول المنطقة عصر حرب النجوم أسوة بالمشروع الأمريكي الذي ترتبط معه إسرائيل باتفاق تفاهم وقع عام 1998 بين الرئيس بل كلينتون ورئيس حكومة إسرائيل السابق بينامين نتنياهو، وحذر مساعد الأمين العام للجامعة من خطورة ذلك بسبب إمكان ربط أقمار التجسس بالبرنامج النووي الإسرائيلي، مع احتمال استخدام الصاروخ الحامل لقمر التجسس "شافيت" لحمل رؤوس نووية إلى مدى بعيد.

وأضاف أن مخاطر النشاط الفضائي الإسرائيلي، وخصوصا "أفق- 5" تكمن في التغلب على مراكز الإنذار المبكر والاستشعار عن بعد في الدول العربية، سواء بالتشويش أو المتابعة أو التصنت.

برامج العرب الفضائية.. فيديو كليب!

ومقابل هذا البرنامج الصهيوني المتقدم لم يكن هناك برنامج فضائي عربي قوي باستثناء البرنامج المصري الذي توقف في الستينيات، ثم استؤنف في نهاية التسعينيات، ولكن بهدف مختلف تماما وبرامج تتعلق بإنتاج قمر تجاري لأغراض إعلامية بحتة يروج محطات فضائية تلفزيونية، وتبعت مصر دول أخرى لأغراض تجارية أيضا لا عسكرية أو تكنولوجية وبنظام تسليم المفتاح.

وأصبحت الفضائيات التي تتنافس فيها الدول العربية الآن هي فضائيات الفيديو كليب والأغاني فقط التي تنشر العري والرذيلة؛ لدرجة أن شباب يسمون أنفسهم حركة المقاومة الإلكترونية على الإنترنت "حماسنا" سعوا -عبر حملة على الإنترنت- لمحاربة هذه القنوات التي قالوا: إنها 14 قناة غير أخلاقية وغنائية على قمر النايل سات وأقمار عربية أخرى، تعرض أكثر من 22 برنامجا ترفيهيا تنشر العري في أغاني الفيديو كليب، حسب قولهم!!

ومن أشهر هذه الأقمار العربية القمران المصريان "نايل سات-1" و"نايل سات-2"، وعرب سات؛ حيث أطلقت مصر قمرها الصناعي الأول في 28 إبريل 1998 الذي يحمل 12 قناة رقمية يمكن تحميلها بـ84 قناة تلفزيونية، إضافة إلى 400 محطة إذاعية، ثم أطلقت مصر قمرها الصناعي الثاني "نايل سات 2" الذي وفر 84 قناة فضائية أخرى في يوليه 2000، وبلغت تكاليف قمر (نايل سات – 2) وحده -وفق وزير الإعلام المصري- 140 مليون دولار (تكاليف قمر التجسس الصهيوني الواحد قرابة 25 مليون).

وقد فتح إطلاق هذه الأقمار الباب للحديث عن برنامج فضائي مصري لأغراض أخرى علمية وبحثية، حيث أكد وزير الدولة للإنتاج الحربي الدكتور سيد مشعل في نهاية 2002 أنه يجري إعداد دراسة بالتعاون بين الوزارة والهيئة العربية للتصنيع وهيئة الاستشعار عن بعد لتصنيع أقمار الاستشعار لمسافة 550 كيلومترا بتكلفة تتجاوز 80 مليون جنيه للقمر الواحد.

وقال الدكتور مشعل في حوار مع مجلة "المصور" الحكومية: "إنه يتم أيضا دراسة إنشاء وكالة فضاء مصرية ذات هيئة مستقلة باعتبارها خطوة على طريق إنتاج قمر صناعي مصري خلال 3 سنوات، ولكن لا تتوافر معلومات حول ما إذا كان قد تم البدء في هذه الأفكار أم تجمدت".

أيضا سعت السعودية لإنتاج أقمار صناعية عبر معهد بحوث الفضاء التابع لمدينة الملك فهد، وصنعت 4 أقمار صغيرة لأغراض تجارية أو أهداف محددة مثل تخصيص قمر لمراقبة الحجاج في منى؛ حيث قام صاروخ روسي في سبتمبر عام 2000 بإطلاق أول قمرين اصطناعيين هما "سعودي سات 1-أ" و"سعودي سات 1- ب"، ويستخدمان لأغراض علمية، ولا يستخدمان الوقود، بل تعمل أجهزتهما بالطاقة الشمسية بواسطة ألواح جاليوم أرسنيد ذات فعالية كبيرة في تحويل الأشعة الشمسية إلى تيار كهربائي، فضلا عن البطاريات، وعمرهما الافتراضي يتجاوز الـ10 سنوات.

ثم أعلنت الوكالة السعودية للأبحاث الفضائية التي تقوم بدور وكالة الفضاء في السعودية أن "فريقا سعوديا قام بتصميم وإنتاج" القمر الثالث "سعودي 3" الذي وضع في المدار بواسطة الصاروخ الروسي "بيبر 18 - 55" الذي حول من الاستخدام العسكري لحمل رؤوس نووية، إلى حمولات علمية وتجارية. وأنه سيستخدم لأغراض مدنية حصرا.

أيضا دخلت الجزائر هذا المجال من خلال التعاون مع إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في تصنيع 3 أقمار صغيرة (جيرسات 1، 2، 3)، وهي أقمار تجريبية صغيرة لا تعتبر برنامجا فضائيا حقيقيا.

وقبل إسقاط حكم الرئيس العراقي صدام حسين وافقت الحكومة العراقية برئاسة صدام عام 2000 على مشروع إنشاء قمر صناعي للاتصالات والبث التلفزيوني تقوم بإنشائه شركات أجنبية، وذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن مجلس الوزراء المجتمع برئاسة الرئيس صدام حسين "وافق على مشروع إنشاء قمر صناعي عراقي للاتصالات والبث الإذاعي والتلفزيوني".

الخبراء: البرامج الفضائية العربية متخلفة

ولا يختلف اثنان من الخبراء العرب على أن برامج الفضاء العربية "متخلفة"، ولا ترقى للبرامج العالمية والصهيونية؛ فالدكتور مسلم شلتوت أستاذ علوم الفضاء، نائب رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك يؤكد في تصريحات نشرتها صحيفة "المصري اليوم" منتصف سبتمبر 2004 أن كل البرامج الفضائية العربية متخلفة عن البرامج الصهيونية، وأن على العرب إذا أرادوا أن يمتلكوا إرادتهم أن يسعوا إلى إنتاج قمر لجمع المعلومات وصاروخ لإطلاقه، ولكنه يؤكد أن "القاعدة العلمية لدينا غير سليمة، ولا تصلح لتحقيق هذه الأمنية".

ويقول: إنه غير راض عن أي برنامج فضاء عربي، وإن الحكام العرب لم يراعوا منذ الخمسينيات بدء إسرائيل لبرنامجها الفضائي، وتركوا المجال للهوة كي تتسع بيننا وبينهم، ونحتاج الآن لعقود طويلة لتجاوزهم.

أيضا يرى الدكتور أحمد الحملي الخبير في الشئون الإسرائيلية أن البرامج العربية متخلفة للغاية، وأن الصهاينة يقومون حاليا بتطوير أقمار أحدث، وانتقلوا لمرحلة أقمار التشويش على الأقمار الأخرى تحسبا لإنتاج العرب أقمار في المستقبل.

ويؤكد أن العرب وإسرائيل في مجال أقمار التجسس الفضائية مثل شخصين في مضمار سباق، أحدهما في البداية، والآخر شارف على إنهاء السباق!

أقمار العرب وسيلة للتصنت عليهم!

ولأن كل الأقمار التي أطلقتها الدول العربية ولو لأغراض ترفيهية تلفزيونية -مثل عرب سات ونايل سات- أُنتجت بأيد غربية ونظام تسليم مفتاح؛ فقد تخوف بعض المحللين العرب من استخدامها -عبر مصمميها- للتجسس على العرب أنفسهم وبأموالهم عبر تقنيات فنية غير معروفة.

ورغم النفي الغربي لإمكانية ذلك، ونفي الفرنسيين أيضا ما زعمه الصهاينة بشأن إمكانية استخدام الأقمار المصرية في التجسس على تل أبيب عبر أجهزة قد يحملها المصريون على هذه الأقمار؛ فقد نشر على لسان مسئولي استخبارات فرنسيين أن فرنسا تجسست على العرب عبر قمرهم عرب سات! حيث نشرت مجلة "لونوفيل أوبزرفاتور" الفرنسية عام 2001 على لسان مسئول سابق بالمخابرات الفرنسية أنباء حول حصول فرنسا على معلومات مهمة عن الدول العربية من خلال التنصت على أقمار عرب سات.

وقال الضابط السابق في الإدارة العامة للأمن الخارجي الفرنسي: إن أجهزة التنصت على الاتصالات التي تجرى بواسطة الأقمار الصناعية المختلفة والقمر العربي "عرب سات" سمحت لهم بالحصول على معلومات كثيرة، منها أزمة ليبيا في تشاد والاجتياح الإسرائيلي للبنان.

وجاء في هذا التقرير أن باريس زرعت حوالي 30 موقعا للتنصت في 3 قارات؛ منها موقع في أرخبيل جزر القمر، وهذه المواقع مزودة بلاقطات يمكن تغيير اتجاهها عدة مرات في اليوم، حسب ساعات النهار والليل والأهداف المرصودة، وبهذا فإن "آذان" باريس باتت تتجسس على معظم أجزاء الكرة الأرضية، وإن بعض تلك المراكز تعمل بالتعاون مع جهاز المخابرات الألماني.

‏ وقد نفى المهندس "سعد بن عبد العزيز البدنة" المدير العام للمؤسسة العربية للاتصالات الفضائية "عرب سات" هذه المزاعم الفرنسية في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة الخميس 12-4-2001، ووصف ما تردد من أنباء بهذا الشأن بأنه غير صحيح، ولا يحمل صفة المصداقية، مشيرا إلى أن الحكومات العربية -والقطاعات الإستراتيجية على وجه الخصوص- لديها شبكات اتصال أرضية متطورة ومشفرة ضد محاولات التنصت، وهو ما يحول دون التنصت عليها عن بعد.

واستبعد البدنة وجود "جهة موثوقة تتحدث في العلن عن إمكانياتها في الترميز والتشفير، وكيفية حمايتها لاتصالاتها المراد حمايتها، ولا عن قدراتها في فك التشفير"، وأكد أن كافة القطاعات الإستراتيجية في الدول العربية تملك شبكات خاصة مؤمنة ومشفرة، ولا يمكن أن تستخدم شبكات عامة مفتوحة لا تستطيع التحكم بها.

ونوّه البدنة إلى أن الاتصالات التي تحمل صفة السرية تكون مشفرة بأجهزة خاصة يتم تحديثها باستمرار، ويتم تغيير رموز تشفيرها بشكل دوري من قبل المستخدم الذي تقع عليه مسئولية التشفير، وليس على شركات الاتصالات بما فيها الأقمار الصناعية، إلا أنه اعترف "أنه يمكن نظريا أن تحاول أية جهة التنصت على الاتصالات التي لا تحمل صفة الإستراتيجية والتي تخص عامة المستخدمين وغير المشفرة!

لقد تحول العالم إلى غابة من أقمار التجسس، وهناك كثافة في عدد الأقمار الصناعية الغربية المحلقة في الفضاء، والبالغة زهاء 3 آلاف قمر صناعي، ودخل الصهاينة على الخط ببرامج فضاء، وأخرى نووية، وثالثة صاروخية، كلها متشابكة، وكل هذا الرقم الهائل للأقمار الصناعية يكشف أن هناك خططا استعمارية وعدوانية لا أول لها ولا أخر.. فأين أقمار العرب الإستراتيجية لا أقمار الفيديو كليب؟!

*اسلام اون لاين

التعليقات