القذافي يقاتل بشراسة من أجل موانئ النفط واتساع رقعة حرب المدن

القذافي يقاتل بشراسة من أجل موانئ النفط واتساع رقعة حرب المدن
غزة - دنيا الوطن
دخل نظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أمس حرب مدن مفتوحة، للمرة الأولى منذ اندلاع موجة الغضب الشعبية العارمة ضده الشهر الماضي، حيث سعى القذافي مستخدما سلاح الطيران والمدفعية الثقيلة بلا هوادة، لاسترداد موانئ نفطية مهمة ومخازن للسلاح في سبع مدن على الأقل ليس من بينها العاصمة طرابلس الغرب، التي يتحصن فيها مع كتائبه الأمنية وقواته العسكرية التي يقودها أبناؤه. وعوضا عن محاولة استرداد المنطقة الشرقية التي خرجت عن سيطرته تماما وتضم مدينة بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية، ركز نظام القذافي كل طاقته العسكرية على مدى الساعات الـ24 الماضية لاستعادة نفوذه الضائع على أبرز المدن التي تضم موانئ النفط وتمثل أهمية استراتيجية كبيرة للنظام في معركته للبقاء في السلطة وتشبث القذافي بحكم البلاد. وتقاتل قوات النظام الليبي بشراسة لاسترداد موانئ النفط في راس لانوف والزاوية والبريقة من قبضة المناوئين له، وسط معلومات عن إرسال القذافي عددا من الموفدين العسكريين إلى دول خارجية لإبرام صفقات سلاح عاجلة لتعويض النقص الذي تعانيه قواته العسكرية والأمنية. وإزاء انخفاض الإنتاج الليبي المعتاد من النفط، الذي وصل تقريبا إلى نصفه فقط بسبب الوضع الراهن، يقول معارضون للقذافي إنه سيحاول بكل الوسائل العسكرية استرداد الموانئ النفطية بشكل سريع، في ظل حاجته إلى كميات ضخمة من النقد الأجنبي.

وكان سيف الإسلام النجل الثاني للقذافي قد اعتبر أن محاولة السيطرة على مصفاة وميناء الزاوية بمثابة كارثة للاقتصاد الليبي، وشبهها بأنها تماثل محاولة الاستيلاء على ميناء روتردام في هولندا. وقال دبلوماسيون غربيون في طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، إن دخول مواقع إنتاج وتصدير النفط إلى ساحة المواجهات العنيفة بين القذافي والمناوئين له تشير إلى أن سيطرة القذافي التي ارتعشت منذ الشهر الماضي بدأت تتهاوى وأنه ربما يكون في طريقه لفقد السيطرة على البلاد بالكامل في غضون أسبوعين على الأكثر. وتحدث مسؤول منشق حديثا عن نظام القذافي وانضم إلى مناوئيه في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» عن ارتكاب طائرات سلاح الجو الليبي ما وصفه بالمجزرة الدموية ضد المطالبين بتخلي القذافي عن السلطة التي يترأسها منذ نحو 42 عاما. وقال المسؤول، الذي اكتفى بالإشارة إلى اسمه الأول، إن جثث القتلى كانت تملأ محيط ميناء الزاوية الذي يبعد نحو 15 كيلومترا فقط عن المدينة التي تحمل الاسم نفسه.

وقال طبيب بالمدينة إنه شاهد 13 شخصا على الأقل ممن قتلوا في القتال العنيف الذي شنته قوات القذافي بمدينة الزاوية الواقعة إلى الغرب من العاصمة طرابلس. وبينما زعمت قناة «الليبية» و«الجماهيرية» الفضائية في نبأ، لم تشر إلى مصدره، أن الزاوية باتت خاضعة لنظام القذافي، قال ناشطون في المدينة لـ«الشرق الأوسط» إن عمليات كر وفر ما زالت تدور رحاها بين الطرفين حتى مساء أمس.

لكن وفي اعتراف ضمني بعدم السيطرة الكاملة على المدينة، قال موسى إبراهيم، الناطق باسم الحكومة الليبية التي يترأسها الدكتور البغدادي المحمودي، إن حكومته تأمل في استعادة السيطرة على مدينة الزاوية «ربما الليلة (السابقة)».

بيد أنه عندما سئل عن صحة تقارير بثها التلفزيون الليبي الرسمي عن أن الزاوية، الواقعة على مسافة 50 كيلومترا من العاصمة طرابلس، أصبحت في أيدي القوات الحكومية، رد قائلا «إن ذلك لم يتحقق بصورة كاملة بعد». وشملت المعارك العنيفة أيضا منطقة المطار في مدينة راس لانوف الشرقية النفطية، بينما قال معارضون إنهم خاضوا معركة طاحنة ضد قوات مؤيدة للقذافي قبل أن ينجحوا في السيطرة على المنطقة. وبالإضافة إلى سلاح الطيران، عمدت قوات القذافي إلى استخدام المدفعية الثقيلة لضرب مواقع للمعارضين في مدينة راس لانوف، التي يوجد بها مرفأ نفط على الساحل الليبي ويبعد نحو 660 كيلومترا إلى الشرق من طرابلس. وقال متحدث باسم ثوار 17 فبراير (شباط) في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن الثوار سيطروا بالفعل على مطار راس لانوف، مشيرا إلى انضمام كثير من رجال الأمن من قبيلة الفرجان، وهي من كبرى قبائل الوسط، إلى الثوار. ولم يفقد القذافي المتحصن مع كتائبه الأمنية ووحدات من الجيش الليبي يقودها أولاده، بعد سيطرته على العاصمة الليبية طرابلس التي شهدت أمس اندلاع مظاهرات تندد بالقذافي وتطالب بإسقاط النظام.

وقال سكان في المدينة أمكن الاتصال بهم أمس لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الأمن الليبية المدعومة بمرتزقة أفارقة أطلقت النار على المصلين حتى أثناء صلاة الجمعة أمس، بينما أظهر شريط فيديو تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه صحة هذه المعلومات، حيث ظهر المصلون وهم يتعرضون لإطلاق نار أثناء أداء الصلاة في منطقة سكنية بقلب طرابلس الغرب.

وقال ناشط وصحافي في المدينة لـ«الشرق الوسط»، إن جميع المساجد محاصرة من قبل قوات القذافي وكتائبه الأمنية التي فرقت المظاهرات باستخدام الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع.

التعليقات