بعد سنوات من المنع عمال "الداخل المحتل" حالهم أشبه بالباكي على الأطلال

بعد سنوات من المنع عمال "الداخل المحتل" حالهم أشبه بالباكي على الأطلال
خاص دنيا الوطن – احمد الشنباري
يصطف المئات من العمال الفلسطينيين على مدخل أحد مراكز الارتباط المدني الفلسطيني أو على معبر إيرز- بيت حانون شمال قطاع غزة؛ من أجل الحصول على تصريح عمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، علهم يجدون ما يؤمن لقمة عيش لعائلاتهم، هو مشهدٌ لصورة غابت عن قطاع غزة منذ ما يزيد عن عشر سنوات تقريباً.

واليوم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن الغزي، لاسيما ذاك العامل المستيقظ من ساعات الفجر الأولى، بل في ظل ظروف مأساوية من التنقل والمبيت، هي ذكريات لطالما نسمعها من العامل نفسه وهو يقص على أبنائه يوميات العمل داخل الأرض المحتلة، متباهياً بأيام كانت تدرُ عليهم من المال ما يعادله ذهباً.

مراسل "دنيا الوطن" تطرق إلى حال العمال، معرجاً على ظروف عيشهم وحياتهم في ذاك الوقت، واليوم في ظل ما يعانيه قطاع غزة من حصار وإغلاق زاد نسبة البطالة، يبقى حال العمال هو الأسوأ منذ عشر سنوات.

حسرة على الماضي 

فهذا  أبو أحمد عمل لأكثر من عشرين عاماً في مجال البناء، يقول لمراسلنا "لم  أفكر يوماً بأن الأمور ستصل إلى نهاية، ولم يكن يراودنا أنه سيتم الإغلاق في المستقبل، مضيفاً بنيت منزلاً واشتريت قطعة أرض من خلال العمل في الداخل، ومنوهاً إلى أن أبنائه الآن لايستطيعون فعل شيء ، ولو عاشوا ضعف أعمارهم مرتين.

العمل مقابل العلم:

أما أبو العبد (50 عاماً) دخل إلى العمل في الأراضي المحتلة وهو في الرابعة عشرة من عمره، يقول لـ " دنيا الوطن"، "تركت التعليم والدراسة منذ صغري، لم يكن والدى حريص على أن أتعلم، فقط كل همه أن أجلب المال، مشيراً إلى  أنه تزوج وبنى حياته من خلال العمل.

ويضيف "بالكاد الآن أستطيع الحصول على قوت يومي وعائلتي والسبب هو قلة العمل والشغل على حد وصفه.

فرصة ضائعة

وبين أبو احمد وأبو العبد يتحسر المواطن رجب على ذكريات وصفها بـ"الجميلة " مشيراً إلى أنها تجتاج قصيدة شعر لشاعر يرثيها ويمدحها في الوقت نفسه.

وحول العمل وطبيعته، يتحدث رجب " ما يسكن به أبنائي الآن هو من ناتج العمل داخل الأراضي المحتلة، رفضنا العمل في السلطة الفلسطينية مفضلين الداخل عنها , ليقلب كفاً على كف متحسراً على تلك الفرصة, واصفاً إياها بعدم الاهتمام والاكتراث من كثر العز والمال.

من جهته، قال المختص في الشأن الإسرائيلي شاكر شبات لمراسنا: "لم يكن سهلاً علي سوق العمل الإسرائيلي الاستغناء عن الأيدي العاملة الفلسطينية، والتي كانت تعمل في قطاعات الإنتاج، خاصه في مجال البناء والزراعة وأعمال النظافة، لكن بحجة الأعمال الأمنية مع بداية الانتفاضة فرضت إسرائيل حصاراً مشدداً علي القطاع، مستخدمةً أسلوب العقاب الجماعي لردع الفلسطينيين من الاستمرار في انتفاضتهم, مشيراً إلأى أنها لم تحقق ماسعت إليه فالانتفاضة استمرت لسنوات وزادت حدتها".

وأكد في الوقت ذاته أن "اسرائيل اتخذت هذا الإجراء وهو العقاب الجماعي بحق العمال الذين يعتاش من مدخولاتهم عشرات الآلاف من العائلات، دون النظر لمخاطر هذه الإجراءات علي الوضع الاقتصادي للسكان الغزيين, والالتفات لانعكاس هذا الإجراء علي وضع الاقتصاد الإسرائيلي، لكنها أرادت بذلك ان تؤلم السكان الفلسطينيين في لقمة عيشهم وعائلاتهم.

وعن البدائل التي خلقتها الحكومة الإسرائيلية قال شبات: "قامت الحكومة الإسرائيلية آنذاك باستبدال أيدٍ عاملة من الأردن ومن الضفة الغربية ومن دول أخري وهم لا يسدوا الحاجة  للأيدي العاملة الفلسطينية" .

وعن حال العمال الفلسطينيين اليوم من سكان غزه وفي ظل انعدام أسواق بديلة أدت الى ارتفاع نسبة البطالة، وتعرض العمال وعائلاتهم لأوضاع اقتصادية صعبة الأمر الذي جعلهم يعتاشون علي المساعدات من وكالة الغوث ودورات البطالة، التي لا تكفي لسد حاجة أسرهم ومتطلباتها، أوضح المختص في الشأن الإسرائيلي "أن نسبة كبيرة من العمال ونتيجة أوضاعهم الاقتصادية الصعبة وفقدان فرص إيجاد البديل لا يمانعوا من العودة لسوق العمل الإسرائيلي".