سيادة المطران عطا الله حنا يلتقي وفدا من الملتقى الثقافي الدولي : " المسيحيون في مشرقنا العربي ليسوا بضاعة مستوردة من الغرب "

رام الله - دنيا الوطن
 استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس مساء يوم امس وفدا من المشاركين في فعاليات الملتقى الثقافي الدولي والذي تقيمه اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم .

وقد استهل الوفد زيارته بجولة في كنيسة القيامة حيث قدم لهم سيادة المطران بعض التوضيحات والشروحات عن تاريخ هذه الكنيسة واهميتها وما تحتويه من مقامات ومزارات دينية .

ومن ثم استمع الوفد الى محاضرة من سيادة المطران الذي رحب بزيارتهم الى مدينة القدس مؤكدا بأن هذه المدينة المقدسة انما هي العاصمة الروحية والوطنية للشعب الفلسطيني .

وقال سيادته بأن مدينتنا المقدسة تتميز عن اي مدينة اخرى في هذا العالم بتاريخها العريق وقدسيتها واهميتها في الديانات التوحيدية الثلاث اضافة الى كونها حاضنة لاهم مقدساتنا وتراثنا الروحي والانساني .

ان هذه المدينة المقدسة مستهدفة في هويتها وتاريخها وتراثها ومقدساتها ومؤسساتها وانسانها حيث ان السلطات الاحتلالية تستهدف ابناء شعبنا الفلسطيني في كافة مفاصل حياتهم .

قال سيادته بأن مدينة القدس هي امانة في اعناقنا ويجب ان نحافظ عليها ولا يجوز لأي واحد منا ان يستسلم لما يرسم ويخطط لهذه المدينة المقدسة التي يراد تحويل الفلسطينيين فيها الى اقلية مهمشة كما يراد ايضا طمس معالمها العربية وتشويه وجهها وتزييف تاريخها وتحويلها الى مدينة صراعات دينية بدل من ان تكون مدينة سلام وتلاق ومحبة واخوة بين الاديان .

الفلسطينيون في مدينة القدس مستهدفون بوسائل معهودة وغير معهودة فهم يتعرضون للاستهداف والاضطهاد كما ان الحضور الفلسطيني في المدينة المقدسة يتعرض لسياسات عنصرية غير مسبوقة بهدف افراغ مدينة القدس من مكونها الفلسطيني وتمرير المشاريع الاحتلالية العنصرية في المدينة المقدسة .

الفلسطينيون المقدسيون صامدون في مدينتهم وباقون فيها وهم في الخطوط الايمانية دفاعا عنها ولن يتنازلوا عن مدينتهم تحت اي ظرف من الظروف كما انهم لن يتنازلوا ايضا عن انتماءهم لهذه المدينة المقدسة ودفاعهم عن قضية شعبهم الفلسطيني وهي اعدل قضية انسانية عرفها التاريخ الانساني الحديث .

ان الثقافة الفلسطينية في القدس مستهدفة فكل مؤسسة وطنية مقدسية تتحدث عن فلسطين وآلام شعبها وتتحدث عن القدس واوجاعها انما هي مستهدفة ومهددة بالاغلاق ، لا يريدون لنا ان نتحدث عن فلسطين وان نبرز الثقافة الفلسطينية وان نتحدث عن اهمية القدس بالنسبة الينا ، يريدوننا ان نشطب القدس من قاموسنا وان نتخلى عن حقنا في الدفاع عن قضية شعبنا وهذا لن يحدث على الاطلاق ، فنحن فلسطينيون ولن نتخلى عن اصالتنا التاريخية والانسانية والوطنية ولن نتخلى عن قضية شعبنا وحقنا في النضال من اجل الحرية مهما تآمروا علينا وخططوا لتهميشنا وتصفية قضيتنا .

تحدث سيادته عن الحضور المسيحي في فلسطين وقال : المسيحيون الفلسطينيون ليسوا بضاعة مستوردة من اي مكان في هذا العالم ، ونحن لسنا من مخلفات حملات الفرنجة او غيرها من الحملات التي تعرضت لها بلادنا ومنطقتنا ، نحن لم يؤتى بنا من اي مكان في هذا العالم ، بل هنا ولدنا وهنا نعيش وهنا سنموت وندفن في تربة هذه الارض المقدسة .

المسيحية انطلقت من ديارنا وهنالك من لم يقرأوا التاريخ جيدا وعندما يسمعون شيئا عن المسيحية يلتفتون الى الغرب وكأن المسيحية انطلقت ونشأت هناك ، ولذلك وجب علينا ان نذكر من يحتاجون الى تذكير بأن فلسطين هي مهد المسيحية ، والمسيح المخلص ولد في فلسطين وهو من حيث انسانيته ومكان ولادته هو فلسطيني والمسيحية انطلقت رسالتها الى العالم من هذه الديار ، نحن لم نستورد الانجيل من الغرب ولم يأتي الرسل والتلاميذ من الغرب بل كانت الانطلاقة من هنا ، هنا ارض التجسد والفداء والالام والقيامة ، هنا ارض العنصرة وانسكاب الروح القدس على التلاميذ ، هنا كتب الانجيل ومن هنا انطلقت رسالة المسيحية الى مشارق الارض ومغاربها ، انني اتمنى من المثقفين والكتاب العرب وغيرهم ان يصححوا بعض المفاهيم الخاطئة التي لا علاقة لها بالتاريخ وبالحقائق والوقائع ، اتمنى من المثقفين في كل مكان ان يساهموا في ابراز التاريخ الحقيقي الذي يسعى الاعداء لتشويه وطمس معالمه وعلينا ان نكتب تاريخا حقيقيا وان نواجه المزورين ومشوهي التاريخ بالحقائق والوقائع الصحيحة .

المسيحيون في منطقتنا وفي بلادنا هم ليسوا اقلية في اوطانهم فنحن لسنا اقليات بحاجة الى حماية من احد ونحن لا نتوقع ان تأتينا الحماية من الغرب ، فهاجس الغرب هو ان يحمي مصالحه لا مصالح المسيحيين وشعوب هذه المنطقة ، من يحمي هذه البلاد وهذه المنطقة هم ابنائها وهم مثقفوها ومبدعوها الذين يؤمنون بقيم الحياة ويرفضون التطرف والتخلف والكراهية بكافة اشكالها والوانها .

ما تتعرض له منطقتنا من ارهاب وعنف يسعى لتفكيك مجتمعاتنا وتدمير ثقافتنا يجب ان نتصدى له معا وسويا بالفكر والثقافة والقيم الروحية والانسانية ، فكل واحد منا يجب ان يتحمل مسؤوليته وان يقوم بدوره من اجل تكريس الثقافة الانسانية ثقافة المحبة والاخوة والسلام بعيدا عن التطرف والعنف والارهاب .

اولئك الذين يدمرون ويستهدفون مشرقنا العربي بالارهاب انما يقومون بما هو مطلوب منهم من اجل ان يتسنى للاحتلال تمرير مشاريعه في القدس وفي فلسطين .

يريدون تدمير كل ما هو حضاري وانساني في منطقتنا وان يفككوا مجتمعاتنا وان تتحول منطقتنا الى منطقة صراعات مذهبية ودينية وقبلية ، وذلك لكي لا يتفرغ العرب لقضيتهم الاولى وهي قضية فلسطين ، يريدون الهائنا بصراعات هامشية لكي ننسى قضيتنا الاهم والتي يراد تصفيتها وابتلاعها والعرب منهمكون بصراعاتهم وما يحدث في اوطانهم .

وتبقى القضية الفلسطينية هي قضيتنا جميعا وهي مفتاح السلام في منطقتنا وبدون حل هذه القضية لن يكون هنالك عدل وسلام في هذه البلاد ، لن يستسلم الفلسطينيون لسياسات الاحتلال الذي يسعى لابتلاع كل شيء .

ان قضية شعبنا هي قضية شعب مظلوم ويجب ان يزول عنه هذا الظلم التاريخي فشعبنا نكب عام 48 ونكس عام 67 وما اكثر النكبات والنكسات التي تعرض لها شعبنا .

نتمنى بأن تتوقف حالة الصراعات والعنف والارهاب القائمة في منطقتنا العربية ، فنحن نتمنى الخير لسوريا وللعراق واليمن وليبيا ولكافة اقطارنا العربية، فشهداء فلسطين هم شهداء الامة العربية كما ان شهداء الامة العربية هم شهدائنا ولذلك فإننا نسأله تعالى بأن يكون ما تمر به منطقتنا سحابة صيف وان تزول قريبا لكي تنعم شعوبنا العربية بالامن والسلام والاستقرار بعيدا عن الحروب وثقافة العنف والارهاب .