نابلس.. واستغلال الأزمة

نابلس.. واستغلال الأزمة
دينا عبدالله 

لا يختلف اثنان على بشاعة جريمة قتل المواطن أبو العز حلاوة في نابلس تحت التعذيب على ايدي أفراد من اجهزة الامن، والحقيقة أن الجزء الاكثر بشاعة في حادثة مقتل حلاوة هو ما سيترتب على الواقعة من الانجرار السهل خلف التصرفات الانتقامية والثأرية وتغييب القانون الذي نسعى منذ 20 عاما لتشييد دولته على بقايا دولتنا.

الوضع المتوتر في نابلس يتطلب من الحكومة الفلسطينية عاصفة حزم حقيقية تتخذ خلالها إجراءات سريعة وحازمة ،أولها عقوبات حقيقية على المتورطين في الاحداث الأخيرة، وليس آخرها مصالحة مجتمعية حقيقية تضم عائلات المتضررين بإشراف من الحكومة ودور كبير وحقيقي للفصائل والأحزاب والشخصيات الاعتبارية لتغليب السلم الأهلي والمصلحة العامة على كل مصلحة.

في حقيقة الامر لا يمكننا رغم حالة الاستياء والانفعالات الكبيرة تجاه تدهور الاوضاع في نابلس أن نفقد الثقة في أجهزة الامن وأهمية دورها و وجودها وهيبة بدلتها العسكرية، وكذلك لا يمكن أن نغفل عن دور الحكومة وخاصة الدكتور رامي الحمدالله الذي استطاع بحنكة سياسية غير متوقعة أن يصل إلى أفضل حالة متاحة في أعقد قضية داخلية فلسطينية وهي الانقسام الداخلي، ما يجعلنا نثق بقدرته على إدارة أزمة نابلس للخروج بأفضل الحلول ،لكن ذلك لن يتم دون جهود حقيقية مخلصة من أبناء المدينة.

وهنا تحديدا، لابد من نبذ كل الدعوات التي تسعى لإشعال الأوضاع الحالية في المدينة واستغلالها من أجل زيادة سوداوية الصورة والدعوة إلى مقاطعة الانتخابات البلدية التي تعد في صلب مصلحة المواطنين وحياتهم اليومية، خاصة في ضوء انفراد نابلس بمحاولات التوصل لقائمة موحدة للانتخابات في خطوة فريدة من نوعها، ما يثير علامات استفهام كبيرة على هذه الدعوات واصحابها في هذا الوقت وهذه الظروف بالذات.

نابلس المبادرة دوما إلى السلم الأهلي والمصلحة الوطنية كانت سباقة وفاجأتنا بمحاولات رائدة للتوافق على قائمة موحدة لانتخابات البلدية تضم الفصائل المتصارعة في باقي المدن ،فالمدينة المعروفة بوطنية رجالاتها ورقيهم حتى في الخلاف السياسي لن تنجر إلى مستنقع الفتنة والثأر، وستلفظ حتما كل دعاة الفتنة الذين يسعون للرقص على جثث الناس ودمائهم من أجل مصالحهم  الخاصة.