نابلس التي نُحب : حنكة وزير الداخلية تحقن الدماء

نابلس التي نُحب : حنكة وزير الداخلية تحقن الدماء
كتب غازي مرتجى

تداعت كل الأسباب منطقية وعكسها لصالح وزير خارجية اسرائيل المتطرف ليبرمان , فمن جهة يستمر وجهاء الفلتان باجراءات البلطجة والعربدة ومن جهة أخرى تستمر آلة الحرب الاسرائيلية بمحاولات إضعاف السلطة وأجهزة أمنها بطرق شتّى .

أعلن ليبرمان مؤخراً أن خُطته هي التعامل المباشر مع الفلسطينيين في الضفة وتحدث عن إنشاء موقع الكتروني بقيمة 10 مليون دولار , وبالتأكيد فإن خطة ليبرمان تعتمد بالأساس على إجراءات قبلية تتضمن تعزيز الفلتان الأمني وإبعاد ثقة الناس بأجهزة الأمن .

لقد مثلّت الأجهزة الأمنية نقطة بيضاء في ثالوث التضييق على السلطة والشرعية الفلسطينية بدءاً من إسرائيل ثم أذنابها من المعربدين والبلطجية وآخرها المعارضة المرتبطة بأجندات خارجية , ورغم الأخطاء الفردية إلاّ أن نواة الدولة الفلسطينية يجب أن تبقى شاخصة وبلا خدش .

الطريقة التي قُتل بها المواطن أبو العز حلاوة طريقة غير إنسانية وحادثة لا تُغتفر لأجهزة أمنية نظامية تلتزم بالقانون كاملاً. لقد أعلن وزير الداخلية قبل الحادثة المذكورة عن ضمانات للمطلوبين لتسليم أنفسهم - ورد فعله القاسي الذي وصف قتل "حلاوة" بالشاذ كان تعبيرا ً عن غضبه مما حدث - وبلا شك سيتم معالجة الحادثة بطريقة تعزز من ثقة المواطن بالأجهزة دون الإبقاء على رهبة التعامل مع الأمن كما الوضع الحالي .
 
وكل حريص على الوطن يرفض قتل اثنين من المُجندين بطريقة كانت غير إنسانية ووقحة أيضاً فتشليح الجندي سلاحه بعد قتله هو جزء من التمثيل بالجثة وهذا سببه الرئيسي تهاون الأمن في المرة الأولى وقت قُتل ضابطين من المخابرات في المدينة ذاتها , لقد أثبت "الزعران" أنهم لا يخشون أجهزة الأمن وزادوا بعد المرة الأولى ببلطجتهم فقتلوا ومثلوا بجُنديين في البلدة القديمة بنابلس . كل ما سبق لن يُعطي الحق لأي فرد في أجهزة الأمن الانتقام بيده لأنه سيتحوّل فوراً الى مرادف لـ"البلطجي" بزي رسمي .

نابلس تلك المدينة التي نعشقها , والبلدة القديمة التي ما إن سرت بها إلاّ وعشقتها وسكانها .. تشتم فيها رائحة الأصالة والرجولة والوطنية مُجتمعة معاً .. لن تكون بأي حال من الأحوال مرتعاً للبلطجية والمتمردين فقد لفظتهم دون تردد – عائلة حلاوة تلك العائلة المناضلة التي قدمت الشهداء والجرحى لصالح وطن لا زال محتلاً نرفض وصمها بالبلطجة والتطاول عليها دون وجه حق.

في الحديث عن الأجهزة الأمنية فقد فوجيء المواطنون من متابعة رئيس الوزراء وزير الداخلية الدكتور رامي الحمدلله للأحداث فقد بانت وكأنه خريج كلية عسكرية وليس أكاديمي "متكتك" , تواجد الحمدلله الفوري في منطقة الأحداث بعد تطاول "الزعران" على رجُلي الشرطة وبياته في منطقة تجمع قوات الأمن في جنيد متابعاً للعملية الأمنية بشكلها الآني  أعطى ثقة لدى أفراد الأمن بأنّ دماءهم لن تذهب دون رد القانون وكذا للمواطن الآمن بأنه سيبقى آمناً  – لقد أثبت الحمدلله في تعامله مع كافة الأجهزة الأمنية أنّ اختيار التكنوقراط "الذكي – الوطني" إضافة قوية للأمن وإدارته – وفي واقعنا الفلسطيني فعندما تم تجربة "القواسمي" من غزة كوزير للداخلية في الحكومة العاشرة والذي استقال قبيل أحداث الانقسام كفر المواطنون بالأمن التكنوقراطي – لكن تعامل الحمدلله مع الأحداث المتوترة في نابلس بهذه الطريقة التي امتزجت بين الحنكة والذكاء والتنسيق المتواصل مع الأجهزة دليل حقيقي على إمكانية إدارة الدفّة الأمنية من قبل تكنوقراط يعلم الواقع السياسي والمُجتمعي بكافة تفاصيله .

لقد استغل بعض المتنطعون في الواقع السياسي الفلسطيني الحوادث الأمنية في نابلس للقذف بحق أجهزة الأمن وكذلك استغلّ البعض الحادثة الأخيرة لتصفية حسابات داخلية بين عشائرية سياسية واختلاف رؤى هي حسابات صغيرة وكان من الأنقى لهذه الحالات التزام الصمت في هذه الفترة الحساسة بدلاً من الاستغلال السيء للأوضاع المتوترة .

أثبت المواطنون ومن تفاعل مع الاحداث على الفيسبوك أنهم أصحاب ثقافة وطنية غاية في الالتزام بإعلانهم مساندة قرارات وزير الداخلية والأجهزة الأمنية ولم يُظهروا ثقافة الانتهازية التي أظهرها بعض صغار الساسة على الرغم من تضرر البعض من ممارسات فردية من الأمن أو معارضتهم الدائمة للنظام بشكل عام – لكن في هذه الحالة المتوترة فمنهم من التزم الصمت –تأييداً- أو أعلن تأييده المُطلق بشكل واضح .

بما يخص الانتخابات المحلية فقد أطلق مجموعة من "النابُلسيين" مبادرة قبل الأحداث الأخيرة تتضمن تشكيل مجلس انقاذ للبلدية بمشاورات داخلية مع كافة الفصائل والوجهاء في المدينة – هذه المبادرة يجب إعادة تفعيلها والبحث الجدّي فيها فإعلان تأجيل الانتخابات المحلية في نابلس له صدى سلبي ولن يكون في الصالح العام ..

الوطن على ثقة أن مدينة نابلس –عنقاء فلسطين- ستنفض الغبار عنها وستعود ببلدتها القديمة قريباً لحالتها الطبيعية , وكلنا ثقة في ذلك .