في تقرير لمركز معا: نفايات الأحياء في القدس...رائحة العنصرية الكريهة

رام الله - دنيا الوطن
ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي / معا، واقع تدني مستوى الخدمات المقدمة للأحياء العربية في القدس من قبل بلدية الاحتلال، بالرغم من التزام الأهالي بدفع الضرائب الباهظة المفروضة عليهم. لافتاً إلى أن الأحياء الواقعة خارج جدار الفصل العنصري وهي أحياء رأس خميس ورأس شحادة وضاحية السلام ومخيم شعفاط وكفر عقب وسميراميس والتي يزيد تعداد سكانها عن 100 ألف نسمة، هي الأكثر تضرراً والأقل حصولاً على خدمات "بلدية القدس"، حيث تفتقد إلى إنارة الشوارع والأرصفة والطرق المعبدة بالإضافة إلى إنتشار النفايات بمختلف أنواعها في الأزقة والشوارع. 
أشار التقرير المعد من قبل الصحفية هبة أصلان، إلى أنه وفق دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، يبلغ عدد الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية 301,000 نسمة من أصل 815,300 ألف نسمة (نحو 37% من إجمالي السكان في الشقين الغربي والشرقي القدس)، وبالرغم من خضوع المدينة للاحتلال وحصولها على الخدمات من "بلدية القدس"، لكن الفجوة في حجم الخدمات المقدمة واضحة ما بين شطري المدينة المحتلة؛ علماً أنه ووفقاً للقانون الدولي فإنه يتوجب على سلطات الاحتلال بما فيها البلدية الحفاظ على حقوق السكان ومنحهم فرصة العيش بكرامة وإيجاد حلول مناسبة للمشاكل التي يعانون منها. 
يلاحظ بالعين المجردة تعتبر النفايات المنزلية كنوع من انواع النفايات الصلبة، هي الأكثر انتشاراً في الأحياء العربية بمدينة القدس، وتتقاعس البلدية عن جمعها بشكل منتظم، ولا توجد أرقام واضحة تفصح عنها فيما يتعلق بعدد مرات الجمع أو عدد الشاحنات والحاويات المنتشرة في هذه الأحياء، لذلك لا يوجد حي أو زقاق واحد راضٍ عن هذه الخدمة، وبالتالي انتشار الأضرار البيئية التي تترتب عن تراكم النفايات في الحاويات وعلى امتداد الشوارع، والتي تتمثل بانبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات والقوارض، يضاف إليها مضار الدخان الناتج عن أضطرار الأهالي لحرق النفايات القريبة من منازلهم. 
في أحياء كفر عقب وسميراميس وحي زغير وحي المطار شمال القدس، وبحسب منير زغير رئيس لجنة أهالي كفر عقب، يقطن حوالي 60 ألف نسمة، 15 ألف منهم يقيمون في مساكن مرخصة، أما البقية فيسكنون بيوتاً غير مرخصة ومع ذلك يدفعون الضرائب وتحديدا ضريبة الأملاك المعروفة بـ "الأرنونا". هذه الإزدواجية ربما مردها إلى مخططات إسرائيلية مستقبلية للتخلي عن الأحياء خارج الجدار، في سياق حربها الديموغرافية في القدس حيث تسعى إسرائيل إلى جعل العرب أقلية ولا تتجاوز نسبتهم الـ 20% من مجمل عدد السكان. 
وقد حقق مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، إنجازاً مهمًا لانتزاع حق هذه الأحياء في الحصول على الخدمات، بعد أن رفعت قضية ضد بلدية الاحتلال باسم جميع أهالي المنطقة، وتمثل الإنجاز بتحسين مستوى الخدمات المقدمة بنسبة 30%. 
كما أكّد السيّد زغير، أن هناك أضراراً مختلفة ناتجة عن تراكم النفايات، الامر الذي أجبر الأهالي خلال الفترات السابقة على حرق النفايات، وقد أفادت تقارير المراكز الطبية في المنطقة الى دخول 90% من السكان للعيادات الطبية للعلاج من عدد من الأمراض منها السعال الحاد، الحساسية، التهابات الحلق، والالتهابات الجلدية، بالإضافة إلى وجود شكوك قوية بوفاة عدد من السكان بمرض السرطان نتيجة لاستنشاقهم المتواصل لهذه الغازات وهي مشكلة تتحمل البلدية نتائجها. 

جدول يوضح بالأرقام التغير في حجم الخدمات المقدمة سابقا والنجاح الذي حققه مركز القدس للمساعدة القانونية
الموضوع في السابق المناقصة الجديدة
الموازنة العامة 2,300,000 شيكل 3,000,000
جمع النفايات الشهري 350 طن 840 طن
حجم نفايات الفرد اليومي 0.430 كغم / فرد/ يوم 0.800 كغم / فرد / يوم
أيام العمل في الأسبوع 4 أيام 6 أيام
جمع الخردوات غير موجود يوم بالأسبوع
شاحنة صغيرة للأزقة غير موجودة 3 أيام في الأسبوع
طبيعة التعاقد متعهد ثانيSubcontractor متعهد مباشر
تقديم تقارير شهرية لا يوجد يوجد
الحق في اللجوء للمحكمة -- يحق لمركز القدس اللجوء لنفس المحكمة في حالة عدم التزام البلديّة بهذه القرارات
المصدر: مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان

أما مخيم شعفاط، فربما الأمر هناك أكثر تعقيداً، حيث تحولت أزقة المخيم إلى مكاره صحية، في ظل عدم الاتفاق بشكل واضح حول المسؤول عن إدارة موضوع النفايات، هل هي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" أم "بلدية القدس"، فالأولى بقيت تقدم الخدمات للعدد الأصلي للسكان البالغ عددهم 3500 نسمة الذين اضطروا للانتقال والعيش داخل المخيم عام 1967 على مساحة 100 دونم، لكن اليوم توسعت أراضي المخيم لتبلغ 203 دونم يقطن عليها ما يزيد عن 23.000 نسمة، أما بلدية الاحتلال وبالرغم من اعتبار المخيم ضمن المناطق الخاضعة لإدارتها إلا أنها لا تقدم أي شيء يذكر من الخدمات. 
أما في الأحياء داخل المدينة المحتلة فلا يختلف الأمر كثيراً، وتتفاوت الخدمات المقدمة بين شارع وآخر، فمن بيت حنينا تقول السيدة هويدا سويلم والتي تسكن أحد الأحياء: " وضع حاويات النفايات في حارتنا مزرٍ، أبناء الحي يقومون بحرق النفايات باستمرار، في ظل تقصير واضح من مقاولي البلدية في عملية جمعها بشكل منتظم". 
وفي منطقة الطور، حيث الكثافة السكانية أصبحت عالية جدا بفعل الجدار وانتقال آلاف العائلات للسكن داخل حدود البلدية، فإن حجم النفايات الناتجة عن العقارات كبير جدا ولا توجد أرقام واضحة، لا لعدد شاحنات النفايات العاملة في الحي أو عدد عمال البلدية أو عدد الحاويات، وحتى الموجود منها تفيض منه النفايات وتتناثر في الشوارع بجانب البيوت. 
وفي أحد أحياء المنطقة، لا تتوقف السيدة رسمية عن تنظيف النفايات أمام منزلها والتي تصله عن طريق حاوية النفايات القريبة، وقد توجهت بدورها برسائل ومناشدات لمكتب رئيس "بلدية القدس" لكن الحال ومنذ أكثر من عامين لم يتغير، بل يزداد سوءاً. 

مخاطر كبيرة
وبحسب المراجع العلمية والمنظمات الصحية والبيئية، تتمثل مخاطر النفايات من ناحية بيئية بتشويه المنظر العام والتلوث البصري، وانبعاث الروائح الكريهة التي يتأثر بها الجهاز التنفسي للسكان، كما تؤثر على النظام الحيوي في منطقة التجمع النفايات عبر استجلاب القوارض والحشرات.  وتتفاقم الخطورة من الغازات السامة المنبعثة من حاويات النفايات وخاصة بعد عملية الحرق وبخاصة غاز الديوكسين وغازات الميثان وثاني أوكسيد الكربون؛ والغازان الأخيران يعتبران من غازات الدفيئة التي يؤثر ارتفاعها في زيادة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض على المدى البعيد. 

صحياً، تؤثر عمليات الحرق على الجهازين التنفسي والتناسلي كما تؤدي في أسوأ الحالات إلى تشوهات جينية وخلقية ناهيك عن إمكانية الإصابة بأمراض السرطان.