المطران حنا يجب ان نكون موحدين مسيحيين ومسلمين في مواجهتنا للتطرف والكراهية

المطران حنا يجب ان نكون موحدين مسيحيين ومسلمين في مواجهتنا للتطرف والكراهية
رام الله - دنيا الوطن
شارك سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس عصر يوم امس في ندوة عقدت في الازهر الشريف في العاصمة المصرية القاهرة وقد شارك سيادته في هذه الندوة من القدس عبر الفيديو كونفرنس بحضور ومشاركة حشد كبير من السادة العلماء ورجال الدين الاسلامي والمسيحي وعدد من المفكرين والمثقفين والاعلاميين المصريين والعرب .

وقد كان عنوان هذه الندوة " كيف يمكن لنا ان نعالج ونواجه مسألة التطرف والكراهية في مجتمعاتنا " .

سيادة المطران عطا الله حنا قال في كلمته من القدس والتي استغرقت 45 دقيقة بأن البشر كافة وان تعددت اديانهم ومذاهبهم وقومياتهم الا ان خالقهم واحد ، نحن جميعا نؤمن بأله واحد خالق للسماء والارض وهو الذي نسجد له ونصلي لكي يسبغ علينا بمراحمه ويفتح القلوب والعقول والضمائر لكي يكتشف انسان هذا العصر ، انه مخلوق لكي يكون اداة محبة وخير لا اداة كراهية وعنف وارهاب .

وقال سيادته بأننا نعتقد بأن عقد مثل هذه المؤتمرات والندوات هو امر ضروري وحيوي وليس من باب الترف الفكري او التنظير الكلامي وانما من باب الرغبة الصادقة في معالجة هذه الآفة التي تتغلغل في مجتمعاتنا وتعيث فسادا ودمارا وخرابا واستهدافا للاخوة والوحدة والتلاقي بين ابناء الامة العربية الواحدة .

في الوقت الذي فيه ندين الصهيونية وسياساتها العنصرية واستهدافها للشعب الفلسطيني وقمعها وظلمها وتشريدها لهذا الشعب فإننا ايضا ندين كافة المظاهر العنصرية بكافة مسمياتها والقابها واوصافها ونعتبرها الوجه الاخر للصهيونية وحليف حقيق لكل اعداء الامة الذين لا يريدون الخير لفلسطين ولكافة اقطارنا العربية .

إن الظاهرة الداعشية الدموية بدى واضحا انها تشكل خطرا فادحا على امتنا العربية وعلى حضارتنا وتاريخنا وهويتنا وتراثنا الروحي والانساني ، وعندما اقول داعش لا اقصد بذلك فقط هذه المجموعة التي تطلق على نفسها هذا الاسم بل اقصد بذلك كل التيارات المتطرفة الدموية الهمجية التي تتفنن في قتلها وذبحها للانسان دون اي وازع انساني او روحي او حضاري .

اقول ان داعش واخواتها من المنظمات الارهابية التي صنعها الاعداء لذبح مجتمعاتنا وتدمير ثقافتنا واستهداف بلداننا العربية اقول ان هذه الجماعات هي صناعة استعمارية بامتياز ، فالمستعمرون هم الذين يمولون ويغذون ويسلحون هذه المجموعات خدمة لاعدائنا وخدمة لاولئك الذين يريدون تصفية القضية الفلسطينية .

يؤسفني ويحزنني ان اقول اننا نرى في كثير من الاحيان الاعداء يخططون لتدميرنا وبعض العرب يمولون هذا التدمير بسخاء بدل من ان يستعمل هذا المال من اجل الرقي والبنيان والتطور ودعم صمود الشعب الفلسطيني القابع في ظل الاحتلال .

ان الظاهرة الداعشية الدموية تستهدفنا جميعا بدون استثناء وهي تستهدف كل ما هو حضاري وانساني في منطقتنا ، وللاسف الشديد فإن هذه الظاهرة وجدت من يحتضنها ولاقت بؤرا حاضنة لها في بعض اقطارنا العربية وذلك بسبب الجهل والفقر والتخلف والظلم وانعدام التوجيه الديني الصحيح في بعض الاماكن .

انا لست من المعتقدين بان الحملات العسكرية والامنية هي قادرة لوحدها على مواجهة هذا المد الظلامي الذي بدأ يتغلغل في مجتمعاتنا ، فهنالك حاجة لمعالجة ثقافية فكرية تربوية تعليمية، هنالك حاجة لاعادة النظر في بعض المناهج التعليمية وهنالك حاجة لتجديد الخطاب الديني بما يتلائم وهذه المرحلة العصيبة التي نمر بها وتجديد الخطاب الديني لا يعني على الاطلاق التنازل عن الثوابت والمبادىء .

هنالك حاجة ماسة ان تقوم وسائل الاعلام بدورها في افشال هذه المؤامرات والمخططات المشبوهة الهادفة الى تدمير مجتمعاتنا وتفكيك اقطارنا واستهداف حضارتنا وانسانيتنا .

هنالك وسائل اعلامية تروج للفتن وفي المقابل على وسائلنا الاعلامية الوطنية الرصينة ان تقوم بدورها في توعية مجتمعاتنا وتكريس ثقافة المحبة والاخوة والسلم الاهلي والوحدة الوطنية بين كافة مكونات امتنا وشعوبنا العربية .

المؤسسات الدينية يجب ان تقوم بدورها ونحن نتمنى من الازهر الشريف ان يستمر وان يواصل مبادراته ، ونحن منفتحون من اجل ان نتعاون معا وسويا لأننا نعتقد بأن عدونا واحد وانتماءنا واحد ورسالتنا الانسانية يجب ان تكون واحدة .

علينا ان نواجه هذا المد الظلامي بالوعي والحكمة والمسؤولية فنحن امام مفترق طرق وعلينا ان نكون حكماء وان نتحمل مسؤولياتنا الدينية والانسانية والوطنية .

لقد تعرض المسيحيون خلال السنوات الاخيرة الى استهداف مباشر من قبل هذه الجماعات فقد ترك الكثيرون منهم العراق وسوريا وغيرها من البلدان العربية ، واود ان اطرح امامكم هذا التساؤل: من هو المستفيد من افراغ منطقتنا العربية من المسيحيين ، من هو المستفيد من افراغ سوريا والعراق وغيرها من الاقطار العربية من مكون اساسي من مكوناتها ، من هو المستفيد من استهداف واضطهاد شعوبنا العربية بكافة مكوناتها وتشويه صورة الدين الذي لا يحلل ولا يبارك ذبح وقتل الابرياء .

علينا ان نقوم بمبادرات فاعلة وسريعة لحماية الوجود المسيحي في المنطقة العربية وهذه هي مسؤولية اسلامية اولا وقبل كل شيء ، ونحن لم نطلب في يوم من الايام حماية من الغرب والغرب عندما يتدخل لا يتدخل لحماية المسيحيين بل لحماية مصالحه .

من يحمي الحضور المسيحي في هذا المشرق هم اخوتنا المسلمون وانا اذكركم بالعهدة العمرية واذكركم بتاريخنا وتعايشنا المشترك ولقرون طويلة ، فلا يجوز لنا ان نستسلم لداعش ولاخواتها من المنظمات الارهابية التي لا تفهم الا لغة الذبح والقتل والانتقام والكراهية .

من ذبحوا الكاهن الفرنسي الذي كان داعية سلام وتضامن مع فلسطين وداعية حوار وتلاق بين الاديان هم ذاتهم الذين قتلوا الشيخ البوطي في سوريا وهم الذين ذبحوا الطفل السوري وهم الذين يذبحون ويدمرون ويقتلون في سوريا والعراق وفي غيرها من الاماكن دون اي وازع انساني او اخلاقي .

يريدون قتل صوت الاعتدال ويستهدفون كل من ينادي بالسلام والاخوة والمحبة والوحدة الوطنية ، انهم مجرموا القرن الواحد والعشرين الذين يخدمون بممارساتهم اعدائنا واعداء شعوبنا واعداء القضية الفلسطينية .

اننا ندق ناقوس الخطر فالقدس في خطر وفلسطين في خطر وما يحدث في محيطنا العربي يستهدف اولا وقبل كل شيء قضية فلسطين التي يراد تصفيتها وانهائها ويراد ايضا ابتلاع القدس ومقدساتها .

المسيحيون في فلسطين وفي سائر ارجاء منطقتنا العربية لن يتخلوا عن اصالتهم الايمانية وعن تراثهم الروحي وعن قيمهم الانسانية والاخلاقية ، ولن يتخلوا عن انتماءهم لهذا المشرق العربي.