الانقسام "السني الشيعي" يسيئ الى عالمية الإسلام والدور الحضاري للأمة

الانقسام "السني الشيعي" يسيئ الى عالمية الإسلام والدور الحضاري للأمة
بقلم:الشيخ هاشم منقارة



• يتفق السنة والشيعة على أركان الإسلام الأساسية إلا أن الخلافات تظهر عند التفاصيل

• ربما كان المراد من الانقلاب في تركيا اللحاق بمنظومة الفوضى التي تجري خصوصاً في سوريا والعراق وجعلها مرتعاً لداعش والموساد وامثالهما

• عظمة الإسلام لم تلغ خصوصيات الأمم والشعوب الإيجابية إنما أكدت عليها وساندتها واطلقت لها العنان لتعبر عن ذاتها ضمن منظومة هذا الدين الشامل بأبهى صورها الحضارية

• الدعوات للتنسيق مع الكيان الصهيوني الغاصب والعمل على إدخاله ضمن النسيج السياسي والإجتماعي في المنطقة يأتي ذلك في ظل شيطنة السنة والشيعة كل منهما للآخر

• لقد نجح الاستكبار على غير وعي من أمة تنقض غزلها بفتن كقطع الليل المظلم، بتشويه الاسلام والمسلمين بوصم دين وامة بالإرهاب مستخدما الصهيونية والتشدد وقد استحكمت الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة

يذكرنا الانقلاب الاخير في تركيا من ناحية المضمون بعام 1916 اتفاقية سايكس - بيكو ونهاية عهد الخلافة.

تم التوصل إلى اتفاقية سايكس - بيكو السرية بين فرنسا والمملكة المتحدة (بريطانيا) والتي كانت ترمي إلى تقسيم مناطق الخلافة العثمانية التي ازدادت ضعفاً خلال الحرب العالمية الأولى. دعمت الدولتان المستعمرتان صراع القوميات خصوصاً الثلاثي العربي التركي الفارسي .

وانتشرت في الإقليم التركي والعربي من الامبراطورية العثمانية السابقة العلمنة الالحادية بشقيها الرأسمالي والاشتراكي. وقضت جمهورية اتاتورك الجديدة على ما تبقى من الخلافة في عام 1924 فيما انشغل العالم العربي بقضايا الصراع على السلطة عبر المغامرات المختلفة.

"فتوى الأزهر" أصدر رئيس جامعة الأزهر الشيخ محمود شلتوت رحمه الله فتوى اعترف فيها بالمذهب الشيعي كمدرسة خامسة في الفقه الإسلامي. وبعد عقود من الاستعمار ومن ثم القومية والعلمانية اتحدت العديد من السلطات الدينية الشيعية والسنية في مواجهة هذه الأخطار المشتركة إلا أن هذا الانسجام تزعزع لأسباب عديدة.

الإمام السيد علي الخامنئي وفي موقف مسؤول "أكد أن الوحدة بين المسلمين تتصدر اليوم أهم أولويات العالم الإسلامي، وأوضح أن مجرد وقوف الشعوب المسلمة إلى جانب بعضها البعض يمنح العالم الإسلامي شخصيته والأمة الإسلامية عظمتها.

يتفق السنة والشيعة على أركان الإسلام الأساسية: الشهادة بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت. إلا أن الخلافات تظهر عند التفاصيل. والخلاف الأكبر هو فيما يتعلق بالسلطة.. الأمر الذي أدى إلى فصل المسلمين إلى طائفتي الشيعة والسنة في القرن السابع الميلادي ونشأت تبعاً لذلك مفاهيم مختلفة لحكم الشريعة وهويات طائفية منفصلة، تاريخياً نجد رجال السياسة خلف معظم المعارك الطائفية القاتلة عبر التاريخ على ندرتها. ومعظم المجموعات المتطرفة اليوم تلعب الدور الأساسي في الاقتتال الطائفي بدعم من دول الاستكبار.

من المؤسف ان يتم التعتيم على الصوت الاسلامي الجامع والرصين وتفتح الآفاق على مصاريعها الاعلامية خصوصاً لأصوات النشاز السنية الشيعية التي تمعن في احداث الفتن والتفرقة.

هذا وقد كان لغياب الضامن التلقائي لحقوق ومكتسبات الامة الأساسية اي المظلة الاسلامية الجامعة (الخلافة) كمرجعية اسلامية بجناحيها (السني – الشعي) مع سيادة العنف المفرط الحالي والفوضى العارمة دور في عودة الناس إلى التقوقع المذهبي في ما يبدو محاولة هروباً دائمة الى الامام.

الحرب السورية ادت غرضها الفتنوي او تكاد فقد تخطت وحشيتها وعدد ضحاياها في بضع سنوات كل التصورات الكارثية التي حذرنا منها باستمرار بعيداً عن المكاسب السياسية الضيقة وتضخمت فيها الأحقاد إلى مستويات غير مسبوقة، وتحولت إلى رمال متحركة تبتلع السنة والشيعة على السواء وتستنفذ فيها قدرات الامة المادية والبشرية اضف اليها الساحات الاخرى على سبيل العد لا الحصر"العراق،اليمن،ليبيا، ومن قبل الصومال والسودان.." ربما كان المراد من الانقلاب في تركيا اللحاق الأخيرة بمنظومة الفوضى إياها التي تجري خصوصاً في سوريا والعراق وجعلها مرتعاً لداعش والموساد وامثالهما، بما لها من تداعيات خطيرة ربما تفوق ما شهدناه حتى الان نظراً لحجم الدور التركي بما يمتلك من امكانات على الصعد المختلفة الاستراتيجية والجيوستراتيجية وبما تمثل العلمنة في تركيا من رمزية لا تقتصر على التاريخ بقدر ما هو مخطط لها من قبل الغرب ان تكون عليه في الزمن الحالي والمستقبلي، إن خطورة الحاق تركيا بمنظومة الفوضى المطلقة تأتي كضربة استباقية موجعة لفكرة دعم المطالبة بحوار إسلامي إسلامي لا سيما عربي إيراني تركي يبدو في المدى المنظور كإطار منفرد يكاد يمكن الاعتماد عليه لصياغة مشروع واستراتيجية موحدة لحفظ حقوق الأمة، بل ليمكننا السؤال كيف كان ليكون مسار انتقال قطار الفوضى الخلاقة بعد نجاحه في الواقع العربي لو قدر له أن يمر في تركيا هل كنا لنقول في إيران إُكلت يوم أُكل الثور الأبيض رغم دعوات التلاقي الإسلامية التي تطلقها طهران في أكثر من مناسبة دون أن تجد لها صدى أو آذان صاغية في كل من الرياض وأنقرة؟! مع ذلك تبقى دعوة التلاقي والحوار مستمرة لانتفاء البديل بل استحالته.

إن الظرف الحالي مع ما وصلت اليه الأمور من إنسداد لأفق الحل السياسي لا سيما للأزمة السورية فإن ما حدث في تركيا مؤخراً من انقلاب فاشل يدعونا للمطالبة بإستغلال الوضع والمطالبة بإجراء قراءة نقدية جدية إسلامية إسلامية لما وصلت اليه الأمور لا سيما في بعدها السني الشيعي تفضي إلى مصالحة حقيقية إذ لا يمكننا مطالبة طرف دون آخر بإجراء هذه القراءة النقدية في ظل النتائج الكارثية فكل الدول الإسلامية لا سيما المؤثرة منها تتحمل قسطها مما وصلت إليه الأمور، و عليه فخارطة الطريق بتوازي مساري الوحدة والمقاومة كما هي واضحة كسبيل وحيد للخروج من المأزق الحالي إلا أن المبادرة تبقى برسم الدول الثلاث الآنف ذكرها مجتمعة قبل غيرها نظراً لما تتمتع به من دور ومسؤوليات يتفق عليها الجميع.

عالمية الإسلام تعني أن الإسلام لم يكن يوماً لقومية دون غيرها او مذهباً في زاروب هنا أو هناك فهو منذ اليوم الأول سواء وهو يخاطب العشيرة الأقربين، أو يخاطب قريشاً، أو يخاطب العرب أجمعين، أو يخاطب الناس كافة، إنما يخاطبهم بمبدأ واحد؛ ويطلب منهم الانتهاء إلى هدف واحد هو إخلاص العبودية لله، والخروج من العبودية للعباد، إلى العبودية لرب العباد بل إن هذه الحقيقة هي فحوى دعوة الأنبياء جميعاً.﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ لَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾.

الإسلام إعلان شامل ومستمر في الزمان والمكان من المبتدئ إلى المنتهى لتحرير الإنسانية، إن الله سبحانه هو رب العالمين وهذا الدين يريد الله منه أن يرد العالمين إليه؛ وأن ينتزعهم من العبودية للبشر لأحكام يشرعها لهم ناس من البشر .. إلى العبودية لخالق البشر، وهذه هي العبادة التي لا يمكن أن تكون إلا لله.

هذا هو المغيرة بن شعبة يقول لرستم قائد جيش الفرس في القادسية، وهو يسأله قبل المعركة: ما الذي جاء بكم ؟ فيجيبه: إنّ الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.، أكدت هذه الحقيقة آيات القرآن الكريم، كما بينتها الأحاديث النبوية والسلوك النبوي الشريف.

إن عظمة الإسلام لم تلغ خصوصيات الأمم والشعوب الإيجابية ولم تبيد ثقافاتهم إنما أكدت عليها وساندتها واطلقت لها العنان لتعبر عن ذاتها ضمن منظومة هذا الدين الشامل بأبهى صورها الحضارية وعليه ليس غريباً أن نرى علماء الإسلام من مختلف القوميات قد أبدعوا في المجالات المختلفة في كنفه الرحب عكس الفلسفة التي تدعيها ما اصطلح على تسميتها بالعولمة والتي تعمل على إبادة ثقافة الآخر لصالح اللون الغربي الأوحد بما يعبر عن ثقافة الأنا النرجسية والتي تعتبر في حقيقتها إفلاساً حضارياً وأحد أخطر الأمراض المزمنة بما لها من تداعيات كارثية على البشرية بعمومها وما تعيشه المنطقة العربية والإسلامية بل والعالم أجمع انما هو نتاج لهذه الثقافة الأحادية المتطرفة والتي يقف منها الاسلام باعتدالها موقفاً حاسماً يعبر عن اصالته الحقيقية في نصرته للعدالة المطلقة.

أما العولمة كما يريدها، ويروج لها دُعاتها لا تعدو أن تكون تعبيراً معاصراً عن نزعة تسلطية قديمة ، صاحبت كل قوة غاشمة على مدار التاريخ، إنها تضفي طلاءً من الذهب على الأغلال الحديدية، وتتوارى خلف أقنعة زائفة من العبارات الجذابة، والشعارات البراقة، كالعدالة، والديمقراطية، والحرية، والسلام العالمي، والتعايش السلمي، وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، فهي علقم قديم في آنية جديدة، لقد تاجر الاستعمار طويلاً بتلك السلع حيث اشترى الكثيرين لا سيما العرب والمسلمين منهم الخدع بباهظ الثمن، إن الاسلام يمثل حقيقة القيم الانسانية من العدالة والسلام والحرية والشورى ومكافحة الجريمة والارهاب ولا يتاجر بها أو يستغلها لغايات خبيثة كما فعل الغرب ويفعل على الدوام عبر المقاربات والمكاييل المزدوجة التي قوضت أُسس العدالة الإنسانية والقضية الفلسطينية خير شاهد في التاريخ المعاصر.

ولعل من أبرز مظاهر هذه العولمة والتي تبدو في مضمون مصطلحها الوجه الآخر للاستعمار والاستكبار فرض الهيمنة الغربية في مختلف المجالات، سياسة، واقتصاداً، وإعلاماً، وفكراً؛ توطئة للاستيلاء على ثروات الشعوب، وشل قدراتها الوطنية، ومسخ هويتها، وخصوصياتها الحضارية، وتحويل أسواقها المحلية إلى أسواق استهلاكية ، تفتح الأبواب على مصاريعها أمام الشركات الأجنبية لترويج منتجاتها ، وتراكم أرباحها، وقد رأينا من ذلك بدايات مؤسفة لا تخطئها العين، تمثلت في شيوع التقاليد والأزياء، وأنماط الحياة الغربية، ومزاحمتها لمثيلاتها الوطنية مع ما يجلبه هذا الوافد الغربي من مفاهيم بلاده وقيمها، ولعل هذا يوضح الصلة بين شيوع هذه المظاهر، وبين مظاهر التخنُّث ، وضعف التدين ، وانفراط عقد الأسرة وانتشار المخدِّرات والجريمة المنظمة.

ولقد وعى القوم دروس التاريخ فقدموا القوة الصلبة حيناً والناعمة بفتنها ومفاتنها احياناً في سبيل تحقيق غاياتهم الشريرة.

المشكل القائم حالياً لا يكمن في مبدأ العولمة خصوصاً بما يتعلق بالشق التقني والتكنولوجي أو حتى فكرة التواصل الانساني هذه الأخيرة التي اولاها الإسلام عنايته البالغة، وإنما يكمن في نوعية هذه العولمة وخصوصياتها، وبنائها، فعولمة القطب الواحد فيها خصوصيات القطب القوي الواحد كالاحتكار، وإرادة الهيمنة، وسلوكية الكيل بمكيالين، بعيداً عن روح المشاركة، والتنافس الحر الشريف، ومن خصوصيات القطب الواحد قانون تضخيم الأرباح ، ولو على حساب الأرواح وعدم خضوع هذا النظام للشرائع الإلهية .

ومما يجدر التنبيه إليه في هذا المقام ضرورة الفصل بين العالمية التي جاءت بها شريعة الإسلام، والتي تبنى على الوازع الديني، حيث الإسلام دين سماوي، وليس موضوعاً من الموضوعات البشرية، وما تحمله من رسالة حب ورحمة إلى العالم أجمع، وبين العولمة وما تعنيه من الهيمنة واستلاب الآخرين لحساب قوى الاحتكار العاتية، بل لحساب حفنة من المتضلعين في دماء الآخرين وأموالهم .

إن العالمية الإسلامية التي تحيل العالم إلى قرية كونية واحدة ، يتمتع الإنسان فيها بحق الاختيار ، ويسود فيها البر والقسط ، ويتفيأ الإنسان فيها ظلال العدل والرحمة، وتصان فيها حرمات المخالفين وحقوقهم، هذه العالمية يجب ألا تلتبس في ذهننا بالعولمة التي يدعو لها حملة المشروع الغربي، والتي تحيل العالم إلى غابة عالمية واحدة، يأكل القوي فيها الضعيف

إن الاتجاه إلى العالمية برسالة حضارية عادلة لا حرج فيه، ولا تثريب على دعاته، ولكن الحرج كل الحرج إنما يكمن في روح الهيمنة، والجشع، والأنانية، والابتزاز الذي تحمله هذه العولمة الجامحة، كما يدعو إليها أباطرة العولمة، وقراصنتها من غير ضابط من دين أو خلق ، فليس الحرج في التوجه إلى العالمية في ذاته ، والتعامل مع الكيان البشري كأمة واحدة، وإنما يكمن الحرج في المشروع الذي يحمله القائمون على هذا التوجه، عندما لا يرون في الآخرين إلا أحجاراً على رقعة الشطرنج، يعبثون بمقدراتهم ومصائرهم كما يشاءون الأمر الذي لا تقام به دنيا، ولا يصلح به دين، ولا يزداد به العالم إلا شقاءً فوق شقاء.

إننا - نحن المسلمين - نحمل مشروعاً حضارياً رائداً، لُحمته الربانية، وسُداه البر والقسط، نبذله إلى العالمين ما داموا لا يقاتلوننا في الدين، ولا يصادرون علينا حقنا في أن نبسط دعوتنا إلى الآخرين .

فليس على دعاة الدين الحق والرسالة الخاتمة من حرج أن يطوفوا بدعوتهم في المشارق والمغارب، يوطِّئون للحق مهاداً، وينشرون له أعلاماً في إطار قاعدة

﴿ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ لكن كيف السبيل إلى ذلك والمسلمين يدعون الاخرين الى كلمة سواء ولا يطبقونها فيما بينهم. بل بأسهم بينهم شديد يستعينون بكل من عداهم على بعضهم البعض حتى ليمكننا القول أنه لم يعد احد في هذا العالم من صغير أو كبير إلا وبل يده في دمائنا نؤازره على بعضنا دون رادع أو وازع من دين وأخلاق وضمير ،اليس هذا ما يحدث في سوريا مثلاً، بل الأدهى والأمّر هي تلك الدعوات للتنسيق مع الكيان الصهيوني الغاصب والعمل على إدخاله ضمن النسيج السياسي والإجتماعي في المنطقة يأتي ذلك في ظل شيطنة السنة والشيعة كل منهما للآخر.

هل يعلم السنة والشيعة بما هم عليه الآن من بأس شديد فيما بينهم إنهم يخرقون سفينة الإسلام، التي تمخر بالإنسانية عباب هذه الفتن المتلاطمة؛ ويحولون بأفعالهم دون أن ترسو بالإنسانية على شاطئ النجاة والأمان الذي تنشده .

إن هذه العولمة في إطارها الجامح البعيد عن الوحدة الكلية للألوهية والكون والحياة والانسان لَتحمل في طياتها بذور إخفاقها وعوامل انهيارها؛ فإنه لا دوام لظلم، ولا بقاء لتعسف ولا جور، لقد حدثنا القرآن الكريم عن دول قامت، ثم زالت، وعن حضارات صالت، ثم انهارت، قال تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخلَقْ مِثْلُهَا فِي البِلادِ * وَثَمُودَ الَذِينَ جابُوا الصَّخرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَذِينَ طَغَوْا فِي البِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾

وقال تعالى:

﴿ وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ * وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جاءَهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ * فَكُلاًّ أَخذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾

إن النظام العالمي الجديد هو نظام بضع دول غربية وشرقية تتحد في ظله للتنافر وتستبد الانسانية على هذه الكرة الأرضية وما ما تبقى منها فهي دول تسمى" عالم ثالث جلها عربي وإسلامي" سابحة في هذا النظام الغريب العجيب، بعضها يعوم على السطح بصعوبة وعليه أن يثبت، وباستمرار حسن النية، والطاعة العمياء، والالتزام، ومع ذلك فهو دائما مخطئ ومطلوب منه أن يكفر عن ذنوبه، وبعضها الآخر غارق في القاع إلى أجل غير مسمى وأصبح كل ما يتماشى مع رغبات تلك الدول الكبرى ديمقراطية وعدلاً، وكل ما يحقق مصالحها هو حقوق إنسان، وحضارة بشرية، ولم يعد مستغربا أن تصدر لوائح تحدد فيها قيمة الإنسان لدى شعب، وما يقابلها لدى الشعوب الأخرى كأسعار العملات.

لقد نجح الاستكبار على غير وعي من امة تنقض غزلها بفتن كقطع الليل المظلم، بتشويه الاسلام والمسلمين بوصم دين وامة بالإرهاب مستخدما الصهيونية والتشدد وقد استحكمت الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة.

في إطار صراع تكالب الأمم على المنطقة الاسلامية فإن الانقسام الإسلامي الإسلامي تحت العناوين المذهبية والقومية والعرقية او حتى السياسية قد يؤدي الى استفحال الجور والعنف والتشدد، وسيادة القهر والظلم والفقر، وقد يظهر البغي والفساد.. وتكون الامة هي الضحية الاولى كما الانسانية وهنا لا يمكننا إلا أن نذكر بمأساة العصر ألا وهي الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين الذي يطيل أمده الانقسام الحاصل بين أبناء الصف الواحد، واختلافهم على الحق مقابل اجتماع اهل الباطل على البغي والعدوان.


*(الشيخ هاشم منقارة : رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الاسلامي عضو جبهة العمل الاسلامي واتحاد علماء بلاد الشام).